Site icon IMLebanon

لبنان: جلسة مجلس الوزراء تؤشر إلى إنهاء مرحلة التعطيل

لبنان: جلسة مجلس الوزراء تؤشر إلى إنهاء مرحلة التعطيل

معادلة بري وسلام: دورة استثنائية للبرلمان مقابل تأمين النصاب والميثاقية للحكومة

صحيح أن جلسة مجلس الوزراء اللبناني التي انعقدت أمس برئاسة رئيس الحكومة تمام سلام، بدت شكلية أو صورية في الظاهر، لكنها في المضمون أعطت مؤشرًا على إنهاء مرحلة التعطيل، وإعادة عجلة العمل الحكومي إلى الدوران. بدليل أن اعتراض وزراء تكتل «التغيير والإصلاح» و«حزب الله» على بند دعم الصادرات الزراعية لم يوقف إقراره، رغم إصرار هؤلاء على إدراج التعيينات العسكرية والأمنية كبندٍ أول على أي جلسة للحكومة. لكن الأهم من كلّ هذا وذاك، أن الاتفاق غير المعلن بين رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة تمام سلام، الرامي إلى إصدار مرسوم حكومي بفتح دورة استثنائية لمجلس النواب، مقابل تأمين النصاب والميثاقية لجلسات الحكومة، أخذ طريقه إلى الترجمة، وأنه لولا هذا الاتفاق لم يكن مقدرًا للحكومة أن تجتمع مجددًا.

وبدا واضحًا أن الأجواء الضبابية التي سبقت الجلسة، جرى تبديدها في الداخل بحسب ما أعلن مصدر وزاري، الذي أكد لـ«الشرق الأوسط» أن «الجلسة انطلقت بهدوء وسادها نقاش وأخذ وردّ على مدى ثلاث ساعات حول آلية عمل مجلس الوزراء، لكن الجميع كان متفهمًا للمخاطر التي تحيط بلبنان، وضرورة تفادي تداعيات ما يحصل في المحيط». وأشار إلى أن «الشق الدستوري استحوذ على حيّزٍ مهم من النقاش، لكن الجميع بدا مقدرًا لمحاذير ترك البلاد في الفراغ».

أما وزير العدل اللواء أشرف ريفي، فأكد لـ«الشرق الأوسط» أن جلسة الأمس «كانت مفتاحًا لوقف التعطيل الذي أصاب الحكومة لأربعة أسابيع، وأعطت مؤشرًا على أن تمترس البعض حول مسائل شخصية يفاقم المشكلة في البلد، ولا يخرج أحد منها رابحا». وتوقف بارتياح عند «المداخلات التي قدمها بعض الوزراء لا سيما الوزيرين وائل أبو فاعور وأكرم شهيب، وتحذيرهما من المضي بسياسة المكابرة في ظلّ ما يجري قرب لبنان، وهو ما كان موضع تفهّم غالبية الوزراء». وشدد ريفي على أن «رئيس الحكومة تعمّد طرح بند واحد هو الأكثر إلحاحا، أي قضية دعم الصادرات الزراعية، فاعترض عليه وزيرا تكتل التغيير والإصلاح (جبران باسيل والياس بو صعب)، وساندهما وزيرا حزب الله (محمد فنيش وحسين الحاج حسن) ووزير حزب «الطاشناق» (أرتور ناظريان). وهنا طلب منهما الرئيس سلام أن يسجلوا اعتراضهم فحصل ذلك، لكن المرسوم أقرّ ووقع عليه باقي الوزراء». وبرأي وزير العدل فإن «المرحلة ليست لتسجيل المواقف والسقوف المرتفعة، بل مرحلة توحّد اللبنانيين، وأن يتخذوا موقفًا وطنيًا يجنب البلد مخاطر ما تشهده المنطقة، والخروج من مسرح الجدل البيزنطي». واعتبر ريفي أن «تمرير بند دعم الصادرات الزراعية، من دون انسحاب وزراء عون وحزب الله هو دليل على أن اتفاق الرئيس نبيه بري والرئيس تمام سلام، على عدم تعطيل الحكومة وتأمين ميثاقيتها ونصابها أخذ طريقه إلى التنفيذ».

ولم تختلف مقاربة ريفي للجلسة عن قراءة زميله وزير الأشغال العامة غازي زعيتر (من فريق بري الوزاري)، الذي أكد أن «تعطيل مجلس النواب ومن ثمّ شلّ الحكومة أمر غير مقبول». ورأى زعيتر في تصريح لـ«الشرق الأوسط» بعد انتهاء الجلسة، أن «الوضع الصحيح هو أن يعقد مجلس النواب جلسات تشريعية، ويسنّ القوانين العالقة أمامه، وأن يجتمع مجلس الوزراء ويتخذ القرارات التي تهمّ حياة الناس». وأعلن أنه وزميله الوزير علي حسن خليل وقعا على مشروع مرسوم لفتح دورة استثنائية لمجلس النواب. ولم يوافق زعيتر على مقولة أن الرئيس نبيه بري أجرى مقايضة مع الرئيس تمام سلام، على إصدار مرسوم الدعوة إلى فتح دورة استثنائية للبرلمان: «لأن الرئيس بري لا يقبل بمنطق المقايضة، بل بأن تعمل المؤسسات بشكل طبيعي». لكنه أقرّ بـ«وجود اتفاق بين بري وسلام لفتح دورة استثنائية وأن يستأنف مجلس الوزراء عمله بشكل طبيعي». وقال: «إذا لم نذهب إلى التشريع وإقرار القوانين الضرورية، فإن البلاد ذاهبة إلى انهيار اقتصادي كبير، خصوصا أن البنك الدولي والهيئات الدولية والمؤسسات المانحة، أنذرت لبنان، بأنه إذا لم يسارع إلى إقرار القوانين اللازمة لصرف القروض والهبات على المشاريع الحيوية، سيجري تحويلها إلى دولٍ أخرى». وأكد زعيتر أن «هناك التزامات للبنان أمام المؤسسات الدولية لا يمكن تجاوزها وإلا فكل اللبنانيين سيدفعون ثمنها».

وكان وزير الإعلام رمزي جريج أذاع المبررات الرسمية بعد انتهاء الجلسة، فأشار إلى أن «رئيس الحكومة طالب في مستهلّ الجلسة، بضرورة انتخاب رئيس للجمهورية في أسرع وقت، لأن استمرار شغور هذا المركز يؤثر سلبا على عمل سائر المؤسسات الدستورية ويلحق ضررا كبيرا بلبنان. كما عرض موضوع عدم انعقاد المجلس خلال ثلاثة أسابيع متتالية، أراد خلالها الإفساح في المجال للمزيد من التشاور للمساعدة على مواجهة جميع الأمور والاستحقاقات». ونقل جريج عن سلام تحذيره من أن «التعطيل يقود لبنان إلى الفشل، وهو تمنى على جميع الوزراء أن يدركوا أهمية المنحى الإيجابي الذي يمكن أن يقود إلى تسهيل العمل في مجلس الوزراء، وذكّر الوزراء بالمقاربة التي اعتمدها في اتخاذ مقررات المجلس، وأنه لا يزال يعطي الأولوية للتوافق، لكن التوافق يجب ألا يؤدي إلى التعطيل الذي لا يحقق شيئا». وقال جريج: «بعد المناقشة المستفيضة تمنى دولة الرئيس على المجلس بت موضوع طلب وزير الزراعة دعم الصادرات اللبنانية من زراعية وصناعية. وبنتيجة المناقشة، قرر مجلس الوزراء الموافقة على تخصيص مبلغ 21 مليار دولار أميركي لدعم فرق كلفة تصدير المنتجات الزراعية والصناعية إلى الدول العربية، خلال مدة سبعة أشهر، تدفع شهريا وفقا لآلية تضعها مؤسسة إيدال بالتنسيق مع وزير الزراعة».