IMLebanon

حزب الله ينقل معركة القلمون إلى شمال لبنان

مراقبون: نصر الله ليس سيد نفسه ومكلّف بتهجير السنة من عرسال

حزب الله ينقل معركة القلمون إلى شمال لبنان

لندن: رجينا يوسف

لاقت معركة جرود القلمون زخما إعلاميا كبيرا، وتضاربت الأنباء بشأنها. حيث لعب إعلام الطرفين، النظام السوري وحزب الله اللبناني من جهّة، وإعلام المعارضة من جهّة ثانية، دورّا في رسم وقائعها؛ ففي الوقت الذي أعلن النظام السوري وحليفه اللبناني عن انتصارات في المعركة، نفى الطرف الآخر هذه الأنباء متحدثّا عن إنجازات كبيرة حقّقتها المعارضة ولا سيّما “جيش الفتح” الذي يقودها.

ويبدو أن التكهنات التي تحدثت عن إمكانية إنتقال المعركة إلى جرود عرسال أصبحت واقعًا أمس، عندما قام حزب الله وفي عملية هي الأولى من نوعها منذ انطلاق معركة القلمون في سوريا بعملية في جرود عرسال من جهة نحلة، قتل خلالها أفراد كامل مجموعة إرهابية على حسبما أعلنت وسائل الإعلام التابعة للحزب.

ويلقي هذا التطور الضوء على تغيّر في مجريات المعركة، ما قد يشير لتحوّلها إلى الاراضي اللبنانية وتحديدًا إلى منطقة جرود عرسال. وهذا ما بدأ يتحدث عنه الإعلام اللبناني، خصوصا بعد خطاب الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله يوم الأحد الماضي، الذي دعا فيه إلى مواجهة من سماهم “الجماعات التكفيرية” في عرسال ذات الأغلبية السنية.

ويرى بعض المحللين أن إيران ضغطت على حزب الله، وفي موضوع الحرب أو التدخل في سوريا لم يكن الحزب بقيادة نصرالله سيّد نفسه، على الرغم من تصريحات نصر الله التي يحاول من خلالها إظهار العكس. كما اعتبر مراقبون أنّ إيران هي صاحبة القرار الفعلي بالتدخل العسكري الإقليمي في سوريا، وهذا ما يبرر انخراط الميليشيات الأفغانية من الهزارة، وعصائب أهل الحق وأبو الفضل العباس العراقية، في هذه المعركة التي تعتبر اليوم حيّزا صغيرا من ملعب إقليمي كبير جدا، يشمل العراق وسوريا واليمن ولبنان.

وفي هذا السياق، يؤكد مطلعون أن حزب الله يشكل في هذه الحرب قاعدة أساسية كبيرة، فالدور الموكل إليه أكبر بكثير من لبنان ومن الأمن اللبناني وحتى من الحكومة اللبنانية.

وتعقيبا على ذلك، تشير التحليلات إلى أن معركة الحزب في عرسال جزء من معركة النظام السوري، الذي يحاول جاهدا المحافظة على وجوده؛ وكون الحكم حكم أقلية دينية فعلى الأقل سيحكم المناطق التي تسيطر عليها الأقلية الحاكمة، وهذا ما يتداول تسميته في الإعلام الغربي ب(ـuseful Syria) أي “سوريا المفيدة”. وهذا ما يبرر أن النظام ومن وراءه لم يهتموا لسقوط العديد من المناطق السورية مثل الرقة ودير الزور والحسكة والقامشلي بل وباعتقاد محللين، سلّموها لتنظيم “داعش” كما سلّموا عين العرب للأكراد. و”سوريا المفيدة” بنظر النظام تضم العاصمة دمشق والمناطق العلوية في الساحل، التي يركز عليها النظام مدعوما بقوى شيعية ممثلة بحزب الله اللبناني وعمقه اللبناني مع غطاء مسيحي وفق الشعار المتداول، “تحالف الأقليات” ضدّ “داعش” أو ضد السنية السياسية، الذي أمن تغطيته العماد ميشال عون.

ويذكر أن مشروع حلف الأقليات كان مفترضا أن يمتد من محافظة السويدة الدرزية في جنوب سوريا إلى محافظة اللاذقية العلوية بشمال سوريا مرورا بطرطوس العلوية وعبر حمص بما فيها وادي النصارى ومنطقة سلمية المعقل الاسماعيلي بغرب محافظة حماه، ويشكل لبنان سندا جغرافيا سياسيا لهذا المشروع؛ ولكن تساؤلات كثيرة تطرح حول ضمان إمكانية النصر، خصوصا وأن القوات السورية غير قادرة اليوم على الدفاع عن هذه المناطق وحتى في مناطق وجودها لم تعد تستطيع الدفاع عنها، ودليل على ذلك سقوط جسر الشغور وهي آخر مدينة سنية كبرى تصل بين حلب والمناطق العلوية، وفقا للتقارير.

ويرى محللون سياسيون أن حرب القلمون التي يخوضها النظام وحزب الله من أجل إلحاق الهزيمة بالتكفيريين، باعتبارها حرب كر وفر، ليست حربا نظامية، فلا غطاء جويا للفصائل الإسلامية، وبالتالي ليست حربا كلاسيكية ما معناه أن “لا حرب أجندات” وسيطرة دائمة، فحزب الله قادر على الاحتلال؛ ولكنّه غير قادر على الاحتفاظ بالأرض، كما لم تستطع إسرائيل من قبله أن تحتفظ بجنوب لبنان.

ويتساءل مراقبون عن وجود “داعش” ومن تقاتل، ويخلصون إلى أن هذا التنظيم المتطرف قاتل الثورة السورية أكثر من مقاتلته لقوات النظام السوري، بل أكثر من ذلك “داعش” حلّ في كثير من الأماكن أزمات النظام.

أما عن سبب نقل المعركة من جرود القلمون إلى عرسال، فيرجع المحللون السبب إلى محاولة النظام بمساعدة حزب الله الذي أوكل بتنفيذ المهمة، ربط عرسال بوادي النصارى وبجبال العلويين ليشكل لبنان بذلك عمقا أكثر فأكثر للنظام السوري؛ ولكن هذا لن يتحقّق من دون تهجير السنة من شمال البقاع، بحسب اعتقادات وتحليلات المراقبين.

وفي خطاب نصر الله الأخير، رأى محللون أنّ سياسته التي يتّبعها تزيد الاستقطاب الطائفي وترمي السنة أكثر فأكثر في أحضان جماعات متطرفة، ولا بدّ له أن يوقف هذه المسألة إن كان حقا لا يريد الفتنة، ومصلحته في لبنان تكمن بعودة صوت الاعتدال السني ليكون الأقوى داخل الساحة السنية.