IMLebanon

لبنان: معارك كرّ وفرّ بين «حزب الله» و«جبهة النصرة» في جرود القلمون

لبنان: معارك كرّ وفرّ بين «حزب الله» و«جبهة النصرة» في جرود القلمون

مصدر أمني يبلغ {الشرق الأوسط} أن الحدود بحماية الجيش وأمن عرسال مستتب.. ونصر الله يتعهد بألا يدخل مقاتلوه المدينة

الحرب الإعلامية تسابق المعارك الميدانية بين «حزب الله» اللبناني من جهة، و«جبهة والنصرة» و«جيش الفتح» من جهة ثانية، في ظلّ ضخّ كل طرف منهما كمًّا من الأخبار والتقارير عن «الإنجازات» العسكرية التي يقول إنه يحققها على أرض المعركة المفتوحة بينهما في جبهة جرود القلمون السورية، منذ أكثر من شهر.

فلقد أعلنت وسائل إعلام «حزب الله» أمس، أن «مقاتلي الحزب سيطروا على مرتفعات سرج المملحة والعمانة وأرض المنيارة ورأس طلعة وادي الفختة الواقعة شرق وجنوب سهل الرهوة في جرود عرسال، التي تضم معسكرًا لجبهة النصرة. وتابعت أن «العشرات من مسلحي (النصرة) فرّوا باتجاه وادي الخيل». كذلك تحدث إعلام «حزب الله» عن «تقدم هؤلاء باتجاه جبل شعبة القلعة الاستراتيجي بعد السيطرة على حرف وادي الدب شرق وادي الخيل في جرود عرسال». وأوضح أن «16 مقاتلاً من إرهابيي من (جبهة النصرة) قتلوا إثر استهدافهم من قبل الجيش اللبناني بالقصف المدفعي وراجمات الصواريخ في وادي العويني جنوب شرقي بلدة عرسال». ولقد اعتاد «حزب الله» تقديم معلومات كهذه كمادة إعلامية قبل كلّ إطلالة تلفزيونية لأمينه العام حسن نصر الله، الذي ألقى خطابًا أمس في ذكرى تأسيس «كشّافة المهدي»، قال خلاله إنّ «معركة جرود عرسال انطلقت وستتواصل حتى تحقيق أهدافها».

في المقابل، أوضح ثائر القلموني، مدير مكتب القلمون الإعلامي، أن «المواجهات التي تدور الآن في جرود القلمون تشهد عمليات كر وفرّ». وشرح: «في أحيان كثيرة ينفذ المجاهدون عملية انسحاب تكتيكية من نقطة معينة، ويوهمون عناصر ميليشيا (حزب الله) بالانسحاب، وعندما يتقدم هؤلاء، يهاجمونهم ويثخنون فيهم، والدليل سقوط العشرات من تلك الميليشيا بين قتيل وجريح باعترافهم منذ بداية المعركة حتى الآن». وذكر القلموني أن «عدد (الشهداء المجاهدين) لا يتعدى أصابع اليد، ونحن نتحدى ميليشيا (حزب الله) وإعلامها أن يثبت عكس ذلك».

في هذا الوقت، يبقى الجيش اللبناني المنتشر على طول الحدود الشرقية متأهبًا لأي طارئ وفق مصدر أمني لـ«الشرق الأوسط»، إذ تحدث المصدر عن «مواجهات بين (حزب الله) ومقاتلي المعارضة السورية تدور على تلال ومرتفعات القلمون السورية القريبة من الحدود اللبنانية الشرقية». وتابع أن «مسرح هذه المعارك بعيد عن مواقع الجيش اللبناني ولا تقع تحت نظره، وهي لا تزال حتى الآن خارج الأراضي اللبنانية إلا إذا كان هناك بعض الاختراقات القليلة، لأن ما يحصل عمليات كرّ وفرّ».

وحول الوضع الأمني داخل مدينة عرسال، جزم المصدر الأمني بأن «الأمن مستتبّ وأن وحدات الجيش والأجهزة الأمنية الأخرى تفرض إجراءات أمنية مشددة داخل البلدة وفي محيطها، ولا إمكانية لتكرار سيناريو العام الماضي (عندما دخل مقاتلو «النصرة» و«داعش» إلى عرسال وقتلوا عددًا من ضباط وعناصر الجيش والمدنيين وخطفوا 29 عنصرًا من الجيش وقوى الأمن الداخلي)، لأن الجهوزية القتالية والعمل الاستخباري اختلف بشكل جذري عن ذي قبل».

وعمّا إذا كان ثمة تخوّف من وجود مسلحين أو إرهابيين بين النازحين السوريين داخل عرسال أو في المخيمات القريبة من البلد، شدّد المصدر الأمني على أن «الوضع تحت السيطرة… وهناك تعاون كبير من أهالي عرسال مع الجيش ووحداته المنتشرة على الأرض». مذكّرًا بأن «الجيش والقوى الأمنية تعمل على حفظ الأمن والاستقرار وتنفذ القرار السياسي المتخذ من الحكومة بهذا الشأن».

وكانت وحدات الجيش اللبناني المرابطة على الحدود الشرقية قد استهدفت أمس براجمات الصواريخ والقذائف المدفعية الثقيلة، تجمّعات للمسلحين، وأحبطت محاولة تسلل باتجاه الأراضي اللبنانية، وأجبرت المسلحين على التراجع. وهو ما أكده المصدر الأمني الذي قال لـ«الشرق الأوسط»: «إن هذه العمليات تقع في صلب مهمة الجيش في حماية الحدود اللبنانية بشكل كامل»، مشيرًا إلى أن «الأسلحة التي تسلمها الجيش في إطار الهبة السعودية والمساعدات الأميركية أيضا ساعدت في تبدل المعادلة الميدانية على الأرض لصالح القوى الشرعية اللبنانية».

أما رئيس بلدية عرسال علي الحجيري، فعبر عن ارتياحه وكل أهالي عرسال لـ«الإجراءات التي يتخذها الجيش في حماية البلدة والأهالي». وإذ لمح إلى أن «المعارك التي تجري في الجرود مقلقة نسبيًا»، قال لـ«الشرق الأوسط»: «نحن كنا وسنبقى تحت سقف القانون وفي حماية الجيش اللبناني الذي يتولى أمن منطقتنا». وأعرب عن أمله في «إزالة كل أجواء التشنج التي سادت في البقاع الشمالي بعد الإعلان عن تشكيل ألوية عسكرية للقتال في عرسال وجرودها، خصوصًا بعد قرار الحكومة تفويض الجيش لحفظ الأمن والاستقرار في عرسال ومحيطها». ثم أضاف: «صحيح أن ما يحصل من معارك في الجرود مقلق ونخشى انعكاساته، لكن الأمور داخل البلدة مضبوطة، وما دام الجيش يتعهد بحماية عرسال فإن الأمور تتجه نحو الأفضل». وعمّا يحكى عن إمكانية وجود مسلحين داخل مخيمات النازحين السوريين الموجودة داخل عرسال، أكد الحجيري أن «الجيش هو من يتعاطى مع النازحين، وهناك شيء من المرونة في تعاطيه مع النازحين، ومنذ أيام تولى الجيش بنفسه توزيع المواد والحصص الغذائية على النازحين في مخيماتهم، وإذا كان هناك من خوف، فيكون في إمكان دس بعض العناصر من (سرايا المقاومة) (التابعة لحزب الله) لافتعال إشكال وتوريط النازحين، لكن في المبدأ لا وجود لمسلحين في المخيمات ونحن على ثقة بأن الجيش يتحمّل مسؤولياته».

أما بالنسبة لكلمة نصر الله أمس في ذكرى تأسيس «كشافة المهدي»، فأعلن فيها أن «معركة جرود عرسال التي بدأت، ستستمر حتى تحقيق أهدافها والقضاء على الإرهابيين الذين يشكلون تهديدًا مباشرًا لأمن منطقة البقاع وكل لبنان». وتابع: «في الأسابيع القليلة الماضية هناك ملف طرح بقوة اسمه بلدة عرسال وجرودها واحتلال هذه المنطقة من قبل الإرهابيين، والاستحقاق الذي يواجه اللبنانيين عموما وأهل البقاع والهرمل خصوصًا»، ثم قال إنه «في موضوع بلدة عرسال أؤكد أنه لم نكن نفكّر ولم نكن نخطط ولم يقل أحد منا إننا نريد أن ندخل إلى بلدة عرسال، بل كنا دائما نقول إن هذه البلدة محتلة وإن مسؤولية تحريرها هي مسؤولية الدولة والجيش اللبناني».

ودعا نصر الله «كل من يستخدم هذه الورقة للتجييش الطائفي أن يكف عن ذلك»، موضحًا أن «المسألة فيما يعني بلدة عرسال خرجت من النقاش السياسي وأصبحت في عهدة قيادة الجيش اللبناني… وفي موضوع جرود عرسال، ما عجل الأمور في القلمون هو اعتداء المسلحين على مراكز الجيش السوري والمقاومة في القلمون. نحن لسنا غزاة بل محررون ومقاومون، وقد نجحنا في تحرير عشرات الكيلومترات من الأراضي المحتلة». وعن موضوع التجييش وتشكيل ألوية مقاتلة في البقاع، قال نصر الله: «في الأساس قلنا إذا تخلت الدولة عن مسؤوليتها، فإن أهل بعلبك والهرمل لن يتخلوا عن مسؤوليتهم، وفعلا عبرت العشائر عن استعدادها للوقوف والتضحية». وختم: «لا نحتاج في هذه المرحلة إلى مقاتلين، بل إلى الدعم والتضامن».