IMLebanon

لبنان: «حزب الله» يحسم خياره الرئاسي بمعادلة «ميشال عون أو الفراغ»

لبنان: «حزب الله» يحسم خياره الرئاسي بمعادلة «ميشال عون أو الفراغ»

فتفت يؤكد لـ «الشرق الأوسط» استحالة وصول العماد إلى قصر بعبدا إلا بـ«انقلاب»

عمّق «حزب الله» أمس هوّة الشرخ بين القوى السياسية اللبنانية المتصارعة على حلبة الملف الرئاسي اللبناني، بإعلان نائب الأمين العام لـ«حزب الله» الشيخ نعيم قاسم، أن «أمام فريق (14 آذار) خيارين، إما انتخاب رئيس تكتل (التغيير والإصلاح) العماد ميشال عون رئيسًا للجمهورية أو استمرار الفراغ إلى أجلٍ غير مسمى».

هذه المعادلة تشبه إلى حدًّ بعيد المعادلة التي رسمها مساعد وزير الخارجية الأميركية الأسبق لشؤون الشرق الأوسط ريتشارد مورفي، عشية انتهاء ولاية الرئيس اللبناني الأسبق أمين الجميل في عام 1988. عندما قال: «مخايل الضاهر أو الفوضى» (في إشارة إلى طرح الإدارة الأميركية للنائب اللبناني الأسبق مخايل الضاهر رئيسًا للبنان وإما الفوضى)، فكان الخيار الثاني عندما دخل لبنان في فوضى كبرى وفراغ رئاسي دام نحو 14 شهرًا قبل أن يفضي اتفاق الطائف في عام 1989 إلى انتخاب الرئيس الراحل رينيه معوض رئيسًا للبلاد.

هذا الموقف المفاجئ شكّل التفافًا على الحوار القائم على مسارين متوازيين، الأول بين «حزب الله» وتيار «المستقبل»، والثاني بين حزب «القوات اللبنانية» و«التيار الوطني الحر»، كما قطع الطريق على القنوات التي يعمل كلّ من رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس «اللقاء الديمقراطي» النائب وليد جنبلاط، على فتحها أمام أي حلّ يفضي إلى الاتفاق على مرشح توافقي لرئاسة الجمهورية ينهي الفراغ المستمر في الموقع الرسمي الأول في البلاد منذ سنة و15 يومًا.

موقف قاسم، لم يرَ فيه عضو كتلة «المستقبل» النائب أحمد فتفت جديدًا، سوى علانيته. ويعتبر في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «أهمية هذا الكلام اليوم، يكمن في اعتراف حزب الله علنًا بأنه هو المسؤول عن الفراغ الرئاسي وعن شلّ المؤسسات الشرعية وضرب مصالح اللبنانيين». وقال: «بات واضحًا أن الفراغ ليس بيد حزب الله إنما هو بيد طهران ومرتبط بالملف النووي الإيراني، لكن مغزى هذا الكلام وهذا الوضوح اليوم، إنما يريد حزب الله أن يقول إن الورقة لا تزال بيدي وأنا من يقرر، ومعنى ذلك أن عون بات ألعوبة بيد حزب الله».

وأوضح فتفت أن «هذا الكلام لن يوصل إلى نتيجة، إنه مجرّد تحدٍ واستفزاز، وإذا كان البعض يبحث عن مخرج ويحاول تسويق ميشال عون كمرشح توافقي أو مقبول، يأتي موقف نعيم قاسم ليجزم بأن عون هو مرشح حزب الله». واستطرد فتفت قائلاً: «هذه رسالة مرفوضة وأصبح لدينا سبب إضافي لرفض وصول عون إلى رئاسة الجمهورية وقطع الطريق على انتقال الأخير قصر بعبدا، إلا إذا قرر حزب الله تنفيذ انقلاب وتعيينه رئيسًا بالقوة هذا أمر آخر، وربما أعطى عون إشارة عن ذلك عندما قال لجمهوره قبل أيام قد نحتاج إليكم قريبًا لتقترعوا بأقدامكم».

هذا الرفض انسحب على كتلة نواب «القوات اللبنانية»، بتأكيد أحد أعضائها النائب شانت جنجنيان، أن «اللبنانيين يرفضون منطق الفرض والإملاء لأنهم ليسوا بإمرة أحد مهما بلغت قوته وسطوته». ورأى في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «كل من تراوده هذه الأفكار عليه أن يتذكر أننا في بلد ديمقراطي عمره أكثر من 2000 سنة، ولا يقبل أن يأتي من يغيّر ميزته وصبغته الديمقراطية». وقال: «نحن لدينا قواعدنا وشعبيتنا التي منها نستمدّ شرعيتنا، وعلى صاحب هذا الكلام إذا كان حريصًا على رئاسة الجمهورية أن يأمر نوابه بالنزول والمشاركة في جلسة انتخاب رئيس للجمهورية». واعتبر جنجنيان أنه «يمكن للشيخ نعيم قاسم أن يطبق هذا الخيار داخل حزبه ولدى مناصريه، لكن يستحيل فرضه على الديمقراطية والتعددية في لبنان»، واصفًا هذا الكلام بـ«الديكتاتوري»، ومذكرًا بأن «الديكتاتوريات آخذة إلى الأفول في المنطقة، فكيف تعيش في لبنان الذي نشأ على الديمقراطية؟ نحن لن نكون رهينة ما يقرره حزب الله وأجندته الإقليمية».

وكان قاسم أعلن في كلمة ألقاها في حفل إطلاق الخطط الثانوية لعام 2015 – 2016 لاتحاد بلديات بعلبك (البقاع اللبناني) أمس، أن «أمام الفريق الآخر (14 آذار) خيارين، إما انتخاب رئيس تكتل (التغيير والإصلاح) العماد ميشال عون رئيسًا للجمهورية أو استمرار الفراغ إلى أجلٍ غير مسمى». وقال: «إن المنطقة اليوم في حالة مراوحة من الآن ولفترة من الزمن، أقلها سنة، ولا يبدو أنه توجد حلول لأزمات المنطقة، والواقع الموجود هو مزيد من التوتر والاستنزاف، وبالتالي لا يوجد غلبة لأحد على الآخر». ورأى أن «لبنان لا يستقيم وضعه إلا بالوفاق وخاصة في القضايا الرئيسية»، داعيا إلى «التلاقي والتفاهم على القضايا الأساسية لحلها».