Site icon IMLebanon

طروحات عون لحل أزمة الرئاسة اللبنانية تسقط لفقدان الصفة الدستورية

طروحات عون لحل أزمة الرئاسة اللبنانية تسقط لفقدان الصفة الدستورية

يطالب باستطلاع رأي يحدد «المزاج» المسيحي وتراتبية تمثيل الزعماء المسيحيين

بيروت: بولا أسطيح

تتهاوى الطروحات التي وضعها رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» العماد ميشال عون على الطاولة لحل أزمة الرئاسة، التي أتمت يومها الـ400، الواحدة تلو الأخرى بغياب أي توافق وطني أو حتى مسيحي حولها يؤمن اعتمادها، مع إصرار نواب عون وحزب الله على مقاطعة جلسات انتخاب الرئيس واشتراطهم الاتفاق على اسم الرئيس العتيد قبل النزول لتأمين النصاب القانوني لعملية الانتخاب في مجلس النواب.

وكان عون قد طرح في مايو (أيار) الماضي سلسلة مخارج لحل الأزمة، ونص المخرج الأول على إجراء انتخابات شعبية، على مرحلتين؛ مسيحية ووطنية، وهو ما رفضه معظم القوى السياسية، معتبرة أنّه يضرب عرض الحائط بالمواد الدستورية والنظام البرلماني. ويتحدث المخرج الثاني عن اللجوء إلى استفتاء شعبي يتبناه المجلس النيابي تصويتًا. ويدعو عون في ما قال إنّه مخرج ثالث إلى حصر الانتخابات الرئاسية بالقادة المسيحيين الأربعة (عون، ورئيس «القوات اللبنانية» سمير جعجع، ورئيس حزب الكتائب أمين الجميل، ورئيس تيار المردة سليمان فرنجية). أما المخرج الرابع، الذي يصفه بـ«الحل الأمثل»، فهو الذهاب إلى الانتخابات النيابية أولاً، لينتخب المجلس النيابي الجديد بعدها رئيسا للجمهورية.

وبعد سقوط معظم هذه الطروحات في الفترة الماضية، يدفع عون حاليا باتجاه إجراء استطلاع رأي يحدد «المزاج» المسيحي وتراتبية تمثيل الزعماء المسيحيين، ليفرض نتائج هذا الاستطلاع في عملية انتقاء المرشحين للرئاسة الذين يصر على وجوب كونهم من «الأقوياء وأصحاب التمثيل الشعبي».

وبعد حصوله على موافقة رئيس حزب «القوات» سمير جعجع على السير بهذا الاستطلاع نتيجة مباشرة للتقارب الحاصل بين الزعيمين على خلفية توقيع «ورقة إعلان نيات» وهي أشبه بورقة تفاهم بين الطرفين، أعلن أمس رئيس تيار «المردة» النائب سليمان فرنجية موافقته على إجراء استطلاع كهذا، لكنّه وجّه إليه، ضربة قاضية بإعلانه أنّه وفريق «8 آذار» متمسكون بترشيح عون للرئاسة مهما كانت النتائج التي سيفرزها. وأكد فرنجية بعد لقائه النائب في تكتل عون، إبراهيم كنعان، أنه يوافق على الاستطلاع الرئاسي المسيحي «شرط أن يكون شفافا، وأن يكون وطنيا، وليس فقط مسيحيا، لأن موقع الرئاسة مسيحي ووطني».

من جهته، شدّد كنعان على وجوب أن يحظى الاستطلاع بموافقة كل الأحزاب المعنية، «لهذا نقوم بالتواصل مع الجميع، كما يجب أن نتفق على الآلية، حيث يكون الاستطلاع عبر أكثر من شركة لأننا نريد رئيسًا يستكمل حلقة التوازن في البلد كما يجب، ويكون قادرا على الحكم، وأن يضطلع بمهمات الرئاسة كما يجب».

وشرح النائب في حزب «القوات» أنطوان زهرا خلفية موافقة جعجع على السير بالاقتراح العوني، لافتا إلى أنّه «سيساعد على تحديد القوى المسيحية الحية وموازين القوى الحالية، باعتبار أن كل الأطراف حول العالم تقوم بهذا النوع من الاستطلاعات لتبيان تطور آراء الناس واتجاهاتهم السياسية».

وقال زهرا لـ«الشرق الأوسط»: «لا شك أن الاستطلاع لن يكون بديلا عن النصوص الدستورية التي تحدد آلية انتخاب الرئيس، كما أن نتائجه لن تكون ملزمة لا للأخصام ولا للحلفاء». وأقر بعدم جدوى الاستطلاع في حل الأزمة الرئاسية، «لكننا لم ندخر جهدا لتحقيق الهدف المرجو، وسنواصل هذه السياسة ولن نستسلم».

ويقف حزب «الكتائب» وحيدا في صفوف الأحزاب المسيحية التي لا تؤيد إجراء استطلاع رأي، وقد عبّر رئيس الحزب ورئيس الجمهورية السابق أمين الجميل عن موقفهم من الطرح العوني، مشددا على أن «الاستفتاء على رئاسة الجمهورية خروج على الأصول الدستورية».

ويضع تيار «المستقبل» سلسلة المخارج التي يطرحها عون لحل الأزمة الرئاسية في إطار «تضييع الوقت»، وهو ما أشار إليه النائب في التيار جمال الجراح، مشددا على أن «عملية الاستفتاء غير دستورية، ولن تقدم أو تؤخر بوضع حد للشغور الرئاسي، خاصة أن نتائجها لن تكون ملزمة». وقال الجراح لـ«الشرق الأوسط»: «ليست الإشكالية بتحديد الأقوى مسيحيا، فالنتيجة معروفة، المهم بالنسبة لنا انتخاب رئيس حسب الأصول الدستورية، وبالتحديد من خلال توجه النواب إلى البرلمان ليختاروا رئيسا من دون قيد أو شرط».

ووضع الجراح طرح إجراء استطلاع رأي في إطار «السعي لكسب مزيد من الوقت للتعطيل، باعتبار أن ملف الرئاسة أصبح رهينة بيد إيران التي تستخدمه ورقة في مفاوضاتها مع الغرب حول ملفها النووي».

وعلى الرغم من كل الأصداء السلبية التي ترافق جولة موفدي عون على القيادات اللبنانية لتسويق طرح إجراء استطلاع رأي، فإن هؤلاء بدأوا يبحثون في الجانب التقني للموضوع. وأوضح ربيع الهبر، مدير عام شركة «ستاتيستيكس ليبانون» أنّه رسم «الإطار التقني» لهذه المهمة، رافضا الخوض في تفاصيلها. وقال الهبر لـ«الشرق الأوسط»: «ما نحن بصدده أصغر من استفتاء وأكبر من استطلاع، وهو سيشمل جميع المسيحيين الذين سيتم استطلاع رأيهم من خلال عينات محددة».

وأشار الهبر إلى أن نتائج هذا الاستطلاع ستكون بمثابة «مرآة لرغبة المسيحيين وتأكيد لتوجهاتهم السياسية التي أفرزتها الانتخابات النيابية»، مشددا على أن «السير بهذا الطرح عمل مشروع، ومن حق أي فريق القيام به، باعتباره لا يتعارض مع القوانين المرعية الإجراء، كما أن نتائجه غير ملزمة»