IMLebanon

جنبلاط يخرق الجمود في ملف المخطوفين.. وترقب استئناف المفاوضات

جنبلاط يخرق الجمود في ملف المخطوفين.. وترقب استئناف المفاوضات

القضاء العسكري يصدر مذكرة وجاهية بتوقيف طليقة «البغدادي».. ويطلق سراح زوجة «الشيشاني»

بيروت: نذير رضا

ساهم دخول رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط على ملف العسكريين اللبنانيين المختطفين، في فتح نافذة في جدار العثرات التي حالت دون الإفراج عنهم، إذ جدد أمس، موقفه الداعي إلى مقايضتهم بموقوفين متشددين لدى السلطات اللبنانية، واستتبع ذلك بحراك على خط إيكال «هيئة العلماء المسلمين في لبنان» بتولي التفاوض مع الخاطفين.

وبموازاة ذلك، شهد الملف حراكا قضائيا تمثل في إخلاء سبيل الموقوفة علا العقيلي زوجة القيادي في تنظيم داعش أبو علي الشيشاني وتسليمها إلى الأمن العام اللبناني، بصفتها أجنبية دخلت الأراضي اللبنانية بطريقة غير شرعية، وهو الجهاز الأمني الرسمي الموكل تحديد قانونية وجودها على الأراضي اللبنانية، تمهيدا لاتخاذ الإجراء القانوني بحقها.

وبدا المشهد أمس «إيجابيا» بحسب ما وصفته مصادر بارزة مواكبة للملف، على قاعدة أن الإفراج عن العقيلي «سيُستتبع بخطوات أخرى تحرك الجمود الحاصل». وأوضحت المصادر لـ«الشرق الأوسط» أن الأيام القليلة المقبلة «ستحمل حلولا هامة»، مشيرة إلى احتمال «الإفراج عن نساء وأطفال» زعيمين متشددين، موقوفين لدى الأجهزة اللبنانية الرسمية «تمهيدا لبدء المفاوضات مع الخاطفين لإطلاق العسكريين اللبنانيين» المحتجزين لدى تنظيمي «جبهة النصرة» و«داعش» في تلال القلمون الحدودية مع سوريا، رغم أن القضاء اللبناني أصدر أمس مذكرة توقيف وجاهية في حق الزوجة السابقة لزعيم تنظيم «داعش» أبو بكر البغدادي التي كانت اعتقلت قبل نحو 3 أسابيع، بتهمة انتمائها إلى «تنظيم إرهابي».

وتحرك النائب جنبلاط أمس، لكسر الجمود في الملف الذي تضاعف بعد إعلان الوسيط القطري انسحابه من الوساطة، وإعدام «جبهة النصرة» للعسكري علي البزال، وإغلاق الجيش اللبناني مداخل جرود عرسال من البلدة، بعد معارك معه. وأكد جنبلاط أن «موقفه من قضية العسكريين الرهائن واضح كموقف رئيس مجلس النواب نبيه بري «المتمثل بالمقايضة دون قيد أو شرط»، موضحا في تصريح بعد زيارة قصيرة إلى أهالي العسكريين المعتصمين في ساحة رياض الصلح، أنه «يؤيد تكليف هيئه العلماء المسلمين بالتفاوض مع الخاطفين من أجل المقايضة»، مشيرا إلى أن «الهيئة ستزوره عصرا للتباحث في هذا الشأن».

ونقل عضو لجنة متابعة قضية العسكريين المخطوفين عمر حيدر عن جنبلاط تأكيده على المبادرة «وهي المقايضة دون شروط عبر وزير الصحة (المكلف من جنبلاط) وائل أبو فاعور»، مشيرا في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إلى أن جنبلاط «يسعى للحصول على تفويض رسمي من الحكومة للوزير أبو فاعور بمتابعة الملف والتفاوض والمقايضة»، مشددا على أن ذلك «هو مطلبنا الأساسي، لأن أبو فاعور يتحرك على خط التهدئة منذ وقت طويل، وقد ساهم حراكه في حقن الدماء».

وبالتزامن، بدا أن العقبات المتمثلة بقرار الحكومة بشأن المقايضة، بدأت تتذلل، إذ أكد رئيس هيئة العلماء المسلمين الشيخ سالم الرافعي، بعد لقائه وزير الداخلية نهاد المشنوق ومدير عام الأمن العام اللواء عباس إبراهيم: «إننا فهمنا أن الدولة مستعدة للتفاوض». كما أكد «إننا لم نتحدث مع المسلحين بعد والدولة لم تفوضنا بعد»، مشترطا تفويضا رسميا من الدولة بالتواصل مع الخاطفين «كي لا نتهم بدعمهم».

ونقل الرافعي عن المشنوق تأكيده أنه لا ترحيل لأي أخت أو أخ سوري وهذا الأمر ممنوع في القانون اللبناني. وناشد المسلحين في جرود عرسال أن يعطوا لهيئة العلماء تعهدا بألا يقتلوا أي عسكري بعد اليوم، على أن تبقى المفاوضات سائرة مهما طال الوقت حتى ينتهي هذا الملف على خير. وأشار إلى أن «الهيئة حريصة على حياة العسكريين كما تحرص على إخراج الشباب من سجن رومية»، معتبرا أن «السجناء مظلومون والعسكريين المخطوفين مظلومون أيضا وإطلاقهم حق ولا يجوز قتلهم».

ودعا الرافعي إلى عودة المفاوضات إلى مسارها الأول، قائلا: «لسنا حريصين على أن يكون لنا دور في هذا المفاوضات، لكننا استجبنا إلى مطالبة أهالي العسكريين». وشدد على أن «اعتقال النساء وقتل العسكريين خطأ»، لافتا إلى أن «سجى الدليمي لا تزال في المحكمة العسكرية وعلا العقيلي في الأمن العام وقضيتها بسيطة بحاجة إلى بعض الوقت لكي تخرج».

وكانت «هيئة العلماء المسلمين» تقدمت بمبادرة تطالب بالإفراج الفوري عن النساء والأطفال، مقابل الدخول في وساطة مع الخاطفين لوقف عمليات القتل.

وباتت العقيلي، الموقوفة الثانية لدى الأمن العام اللبناني، بعد إصدار القضاء اللبناني إخلاء سبيل لها، وذلك إضافة إلى القيادي في الجيش السوري الحر في القلمون العقيد المنشق عبد الله الرفاعي. وكان الأمن العام تسلم الرفاعي بعد إحالته إليه من القضاء اللبناني، وقالت مديريته في بيان سابق إن مصيره «مرتبط بمجرى المفاوضات الهادفة إلى إطلاق العسكريين المخطوفين»، علما بأن مدير عام الأمن العام يعتبر من أبرز المكلفين من الحكومة اللبنانية لمتابعة قضية العسكريين الموقوفين.

والعقيلي، هي زوجة أنس شركس (أبو علي الشيشاني)، افرج عنها بعد أن تبين أن «ليست لديها أي نشاطات مشبوهة». وكانت العقيلي أوقفت مع ولديها، وهما ولدا الشيشاني، في منطقة أخرى شمالية أثناء وجودهم في منزل مع أهلها اللاجئين من سوريا. وأودع الأولاد كلهم في مركز عناية بالأطفال.

وفي سياق متصل بالموقوفتين لدى السلطات اللبنانية، اللتين كان تنظيما «النصرة» و«داعش» اشترطا الإفراج عنهما للبدء بالمفاوضات على إطلاق سراح العسكريين، أصدر القضاء العسكري اللبناني مذكرة توقيف وجاهية في حق طليقة زعيم «داعش» التي كانت اعتقلت قبل نحو 3 أسابيع، بتهمة انتمائها إلى «تنظيم إرهابي». وذكرت الوكالة الوطنية للإعلام الرسمية اللبنانية أن «مذكرة التوقيف الوجاهية في حق سجى حميد إبراهيم الدليمي والدتها أمل (عراقية)، صدرت عن قاضي التحقيق العسكري نجاة أبو شقرا التي أصدرت أيضا مذكرة غيابية في حق زوج سجى المدعو كمال محمد خلف (فلسطيني)».

وكانت الدليمي أوقفت لدى مرورها على حاجز أمني في شمال لبنان مع أولادها الـ3. بينهم ابنة البغدادي. وكان وزير الداخلية نهاد المشنوق أوضح الأسبوع الماضي أن الدليمي «تزوجت 3 مرات: المرة الأولى من شخص عراقي من حاشية النظام السابق ولها منه ولدان. ومنذ 6 سنوات، تزوجت أبو بكر البغدادي لمدة 3 أشهر وأنجبت منه فتاة. وهي الآن متزوجة بفلسطيني وهي حامل منه».

وتقول السلطات اللبنانية إن توقيف الدليمي جاء على خلفية الاشتباه باتصالات تقوم بها وارتباطات لها مع «مجموعات تكفيرية».

وبعد توقيف المرأتين، أقدمت جبهة النصرة التي تحتجز مع تنظيم داعش مجموعة من الجنود وعناصر الأمن اللبنانيين على قتل أحد المحتجزين لديها في سوريا، ما أثار غضبا وتوترا في البلاد.

وخطف العسكريون إثر معركة وقعت في منطقة عرسال اللبنانية الحدودية مع سوريا بين الجيش اللبناني ومسلحين قدموا من سوريا ومن مخيمات للاجئين داخل البلدة في مطلع أغسطس (آب) الماضي. وقتل الخاطفون 4 منهم حتى الآن، ولا يزالون يحتجزون 26 شخصا.