لبنان: عون يستبق طاولة بري الحوارية بمظاهرة لمناصريه وسط بيروت
قيادي في تياره لـ {الشرق الأوسط} يقر بمشاركة حزب الله «في وقت لاحق»
استبق النائب ميشال عون، رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» في لبنان، الحوار الذي دعا إليه رئيس المجلس النيابي نبيه برّي يوم الأربعاء المقبل لمحاولة حل الأزمات المتفاقمة، بحشد المئات من مناصريه يوم أمس الجمعة في ساحة الشهداء، بوسط العاصمة بيروت، للدفع باتجاه إجراء انتخابات نيابية تنتج مجلسًا نيابيًا جديدًا ينتخب بدوره رئيسا للبلاد، معلنا بذلك الانتخابات النيابية أولوية على تلك الرئاسية، وهو ما تعارضه تمامًا «قوى 14 آذار».
المتظاهرون الذين تجمهروا حول تمثال الشهداء رفعوا لافتات كتب عليها «لبيك يا جنرال» و«الشعب يريد أن ينتخب وإلا سوف ينتحب» و«الحل بانتخاب عون رئيسا»، كما لوحوا بالأعلام البرتقالية وبالشارات الحزبية. وبعكس التحركات والاعتصامات السابقة التي دعا إليها «التيار العوني» في الشهرين الماضيين والتي لم تكن موفقة من حيث الإعداد والتخطيط، سعى إلى تنظيم مظاهرة يوم أمس من خلال الحشد لها وإطلاق الدعوات والنداءات المتكررة لوجوب المشاركة فيها لـ«تحرير صوت 4 ملايين لبناني»، من خلال فرض إجراء انتخابات نيابية.
جدير بالذكر أن المجلس النيابي الحالي المنتخب في عام 2009 مدد لنفسه مرتين على التوالي، الأولى في عام 2013 بسبب الخلاف على قانون جديد تجري على أساسه الانتخابات، والثانية في عام 2014 متحججا بـ«ظروف أمنية قاهرة». ولقد قاطع نواب عون جلستي التمديد وطعنوا بالقانون الذي صدر عن البرلمان إلا أنهم لم يقدموا استقالاتهم. ولكن، في المقابل، يأخذ معارضو عون عليه «عدم انسجامه» مع المواقف التي يطلقها، فهو يرفض التمديد لمجلس النواب لكنه لا يسحب نوابه منه، كما ينظم مظاهرات ضد الفساد والحكومة التي هو جزء منها.
ولفت أمس، ورغم عدم دعوة أي من حلفاء عون جماهيرهم علنًا للمشاركة بالمظاهرة العونية، توافد بعض أنصار حزب الله إلى ساحة الشهداء بـ«صفة فردية» كما قال أحدهم لـ«الشرق الأوسط»، لافتا إلى أنّه لم يشارك باعتبار أنّه حليف للعماد عون، «بل لأنني أؤمن بفكر الجنرال السياسي، فهو الوحيد الصادق والمتمسك بمبادئه بعكس معظم الطبقة السياسية الحاكمة». وأضاف الشاب العشريني: «نحن لا نرى حلا للأزمة إلا بإجراء انتخابات نيابية بأسرع وقت ممكن بعدما تمت مصادرة حقنا بالاقتراع طوال السنوات الماضية بتماديهم بالتمديد لأنفسهم».
من ناحية أخرى، رفض منظمو الحراك المدني الذي تشهده البلاد منذ فترة على خلفية تفاقم أزمة النفايات، انضمام جمهور تيار عون لهم في المظاهرة الحاشدة التي نظموها قبل أسبوع لاعتبارهم أن «كل الطبقة السياسية فاسدة دون استثناء» وهو ما أثار غضب عون وأنصاره الذين يصرون على وجوب «عدم شمل كل السياسيين بشعارات الفساد التي يرفعها الناشطون وعلى وجوب توجيه أصابع الاتهام إلى الفاسدين الفعليين».
وحسب ما لوحظ، قاطع عدد لا بأس به من مناصري التيار وناشطيه القدامى مظاهرة يوم أمس احتجاجا على «عرض عون التوافق على صهره وزير الخارجية جبران باسيل رئيسا للتيار»، بحسب أقوالهم. وكان هذا الإجراء الذي اتخذه عون قد خلّف آثارا سلبية كبيرة داخل تياره هدد بانقسامه نظرا لتمسك المعارضين بوجوب تطبيق الشعارات التي ينادون بها على الصعيد الوطني داخل تيارهم أولاً، وأبرزها إتمام الانتخابات واحترام حرية الرأي والتعبير.
وردّ أحد هؤلاء المعارضين، الذي فضّل عدم الكشف عن هويته، مشاركته في مظاهرة يوم أمس لـ«وجوب عدم إخلاء الساحة للمتمولين وأقارب العماد عون»، مشددا على أن «هناك مناضلين هم من أسسوا التيار وساهموا بوصوله إلى ما هو عليه، وبالتالي هم لن يخلوا الساحة لسواهم ممن هبطوا بالمظلة على مواقعهم الحالية». وتابع لـ«الشرق الأوسط»: «المسار الإصلاحي طويل إن كان داخل التيار أو خارجه على الصعيد الوطني، ونحن جاهزون لخوض غمار المعركتين».
هذا، ويأتي تصعيد عون في الشارع قبل أيام معدودة من انعقاد طاولة الحوار التي دعا إليها الرئيس بري يوم الأربعاء المقبل وإعلان معظم الأفرقاء تجاوبهم مع الدعوة ومن بينهم عون. وفي حين اعتبر نواب في «قوى 14 آذار» المناوئة لحزب الله وعون أنّه كان على عون أن يعطي فرصة لهذه الطاولة قبل اللجوء إلى الشارع، ردّ القيادي في تيار عون النائب السابق سليم عون استباق طاولة الحوار بالنزول إلى الشارع إلى كون «ما نريد قوله على الطاولة هو نفسه ما قاله ويقوله شارعنا»، مشددا على أن هناك «مسارًا واضحا للحل سيطرحه العماد عون على طاولة الحوار وقد أكدت عليه الجماهير التي احتشدت في ساحة الشهداء يوم أمس». وقال سليم عون لـ«الشرق الأوسط»: «إزالة كل هذه الأوساخ المحيطة بنا لا يمكن أن تتم إلا بالعودة إلى الشعب من خلال إقرار قانون جديد للانتخابات يعتمد النسبية لتكوين سلطة جديدة ونظيفة من خلال مجلس نيابي شرعي ينتخب رئيسا شرعيا يشرف على تشكيل حكومة بمهمة إنقاذية». وأوضح أنّه «وفي حال اعتماد السيناريو السابق ذكره نكون قد وضعنا العربة وراء الحصان لكننا جاهزون أيضا لوضعها أمامه إذا ارتأوا أن تكون الانتخابات الرئاسية أولا، لكن شرطنا أن تتم هذه الانتخابات مباشرة من الشعب». واستطرد «نحن لن نكرر الخطيئة الكبرى التي اقترفناها في عام 2006 بالموافقة على انتخاب ميشال سليمان رئيسًا.. نحن نفضل أن تعلق مشانقنا على استعادة هذه التجربة». وختم النائب السابق كلامه بالقول إن حزب الله «سيكون جاهزا لمناصرة التيار الوطني الحر في الشارع حين يحين الوقت اللازم في مرحلة لاحقة»، لافتا إلى أن التحرك العوني يمر بمراحل كانت إحدى محطاتها يوم أمس. وشبّه هذا الحراك بـ«كرة الثلج التي ستكبر في حال عدم الاستجابة لمطالبنا». وأضاف: «عندها سيكون لنا كلام آخر».
على صعيد ثان حثّ المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء إبراهيم بصبوص عناصر القوى الأمنية على «التحلي بالانضباط حتى أقصى الحدود»، مؤكدا أن «استعمال القوة المفرطة وإطلاق الرصاص ممنوعان منعا باتا مهما كانت الأسباب، لأن المتظاهرين إخوة وأصدقاء لكم، وواجب عليكم حمايتهم مهما تعرضتم له». وأشار بصبوص خلال جولة تفقدية له على عناصر قوى الأمن الداخلي إلى أن «الأخطاء التي ارتكبها بعضكم، كان سببها الضغط الهائل الذي تعرضتم له»، مشددا على وجوب عدم تكرارها مستقبلا.