البرلمان اللبناني يفشل للمرة الـ16 في انتخاب رئيس.. وتعويل على حوار عون ـ جعجع
الشغور الرئاسي أتم يومه الـ200.. و«بازار» الأسماء يستقر على 4 مرشحين
بيروت: بولا أسطيح
فشل البرلمان اللبناني وللمرة الـ16 على التوالي في انتخاب رئيس، مع إتمام الشغور الرئاسي يومه الـ200، وسط خشية من الاعتياد القسري على تسيير أعمال الدولة بغياب رأس البلاد ومحاولة القادة المسيحيين تحريك المياه الراكدة بالتزامن مع مسعى فرنسي يعتمد على «انفتاح إيراني» بمحاولة لمّ شمل الأطراف على مرشح رئاسي مقبول من الجميع.
ونجح رئيس حزب «القوات» سمير جعجع في إحداث خرق معيّن من خلال الإعراب عن استعداده لزيارة رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» العماد ميشال عون في مقر إقامته في منطقة الرابية شرق بيروت، وتلقف الأخير المبادرة مؤكدا أن أبوابه مفتوحة لحوار مع جعجع أو غيره.
ونقل رئيس المجلس العام الماروني وديع الخازن، الذي قاد الحراك بين الرابية ومعراب (مقر إقامة جعجع)، عن عون بعد لقاء جمعهما يوم أمس الأربعاء أن «أبواب الرابية مفتوحة للدكتور جعجع للتحاور للوصول إلى قواسم مشتركة تخفف الضغط الحاصل في البلد لوجود حلول يمكن أن توصلنا إلى نتيجة في إنهاء ملف رئاسة الجمهورية».
وكان عون حدّد في وقت سابق شروطا للدخول في مفاوضات في الموضوع الرئاسي، معتبرا أن «المشكلة ليست لدينا في انتخاب شخص لرئاسة الجمهورية بل في بقاء جمهورية، وعلى هذا الأساس مستعد لمفاوضة أي كان، وإلا باق في المعركة».
وردّ جعجع في مؤتمر صحافي عقده يوم أمس على عون، لافتا إلى أنّه يؤيد ما طرحه بشأن الوضع السياسي في لبنان، من ناحية المشكلة بانتخاب جمهورية وليس انتخاب رئيس، مؤكدا استعداده للذهاب إلى الرابية «شرط أن يكون هناك اقتراح جدي لرئاسة الجمهورية». وشدّد جعجع على أن «الجمهورية التي نريدها هي تطبيق اتفاق الطائف، وهي عملية تراكمية تأخذ وقتها ولا نربطها بلحظة معينة». وقال «200 يوم إلى الآن من دون رئيس جمهورية، ونريد أن نعرف السبب، فلا يمكن ربط بناء الجمهورية بوجود العماد عون رئيسا، والمسألة تتعلق بالموارنة بشكل أساسي». وإذ جدّد جعجع عدم تمسكه بترشيحه للرئاسة، اشترط ألا يقابل ذلك بـ«فرض الفريق الآخر علينا خيارا واحدا». وأشار ماريو عون، القيادي في «التيار الوطني الحر» الذي يرأسه عون، إلى أنّه وحتى الساعة لا شيء «عمليا» في موضوع حوار جعجع – عون، لافتا إلى أن الأمور لا تزال بإطار «الحديث بالنوايا». وجدّد التأكيد على انفتاح الرابية على عقد أي اجتماع حواري مع أي طرف لبناني «على قاعدة ألا تكون هناك شروط مسبقة».
وقال عون لـ«الشرق الأوسط»: «المشكلة لا تكمن اليوم في الانتخابات الرئاسية، بل بالجمهورية التي نعيش فيها والتي تحولت لدولة فساد ودوس على القوانين.. وهي جمهورية إذا استمرت هكذا لا نريدها». وأضاف «نحن لا ندفع باتجاه تغيير النظام، بل لانتخاب رئيس قوي قادر على فتح الملفات الإصلاحية التي تقودنا تلقائيا إلى إصلاح الجمهورية». وأشار عون إلى أن كل «المبعوثين الدوليين الذين يزورون لبنان «يسعون لانتخاب رئيس وفاقي، لا طعم ولا لون له، وهو ما نرفضه تماما كما نرفض أي تدخل أجنبي في شؤوننا».
بالمقابل، اعتبر النائب في حزب «القوات» أنطوان زهرا، أنه «من السابق لأوانه الكلام عن لقاء عون – جعجع، فعلى الرغم من وجود نوايا إيجابية، فإن عون اشترط الحوار حول الجمهورية التي برأيه لا تقوم إلا برئاسته»، مشددا على أنّه «وقبل أن يوحي عون بتجاوز ترشيحه الأحادي للحديث بترشيحات أخرى، فسيكون من الصعب التلاقي حول طاولة حوار».
وقال زهرا لـ«الشرق الأوسط» إن عون يسعى «وبغلاف من الإيجابية لتسويق فكرة التفاوض حول نظام جديد»، لافتا إلى أن «المبعوثين الدوليين ينقلون تساهلا إيرانيا بالموضوع الرئاسي، ننتظر أن يُترجم عمليا.. وبالتالي من المبكر التعويل على إيجابيات».
بدورها، كشفت مصادر في قوى 8 آذار معنية بالملف الرئاسي، لـ«الشرق الأوسط»، أن بازار الأسماء مستقر حاليا على 4 مرشحين، هم عون يليه الوزير السابق جان عبيد، فحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، ورئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية. وأشارت المصادر إلى أنه «وبخلاف ما يعتقد البعض فإن ورقة عون لم تُحرق كما حصل بورقتي جعجع وقائد الجيش جان قهوجي».
وأرجأ رئيس مجلس النواب نبيه بري يوم أمس جلسة انتخاب رئيس للجمهورية، للمرة الـ16 على التوالي، إلى 7 يناير (كانون الثاني) المقبل، بعد اقتصار الحضور على 56 نائبا من مجمل 128، مع إصرار معظم قوى 8 آذار على عدم المشاركة في الجلسات حتى التوافق على اسم الرئيس المقبل.
وكانت مصادر دبلوماسية في باريس كشفت في وقت سابق لـ«الشرق الأوسط» أن مدير شؤون الشرق الأدنى وشمال أفريقيا في الخارجية الفرنسية جان فرنسوا جيرو كرر على مسامع المسؤولين والسياسيين اللبنانيين الذين التقاهم خلال زيارته الأخيرة إلى بيروت رسالة، مفادها وجوب الاستفادة من «الانفتاح الإيراني» لتحقيق انفراج داخلي في لبنان ومحاولة لم شمل الأطراف على مرشح رئاسي مقبول من الجميع. وقالت المصادر إنه وإذا كانت باريس تصر على أنه «لا مرشح لديها وليس لديها فيتو على أحد»، فإنها في المقابل ترسم «ملامح» المرشح الذي يمكن أن يحصل إجماع على شخصه الذي سيكون «فلتة الشوط» في نهاية المطاف.
ورأى سفير المملكة العربية السعودية لدى لبنان علي عوض عسيري أن انتخاب رئيس للجمهورية هو «مسؤولية وطنية»، معتبرا أن «ثمة طرقا عديدة يمكن أن تفضي إلى إنجاز هذا الاستحقاق، لكن أشدها نجاعة هو حصول توافق بين القيادات المسيحية على اسم مرشح لرئاسة الجمهورية وعرضه على البرلمان». واعتبر عسيري، بعد لقاء جمعه بوفد من الرابطة المارونية، أن «لبنان في أمس الحاجة إلى حوار بين مكوناته، وداخل كل مكون»، لافتا إلى أن «من شأن أي حوار بين القيادات المسيحية أن يؤدي إلى تقريب وجهات النظر بين مختلف الأطراف المسيحية وبلورة الأفكار التي تحقق المصلحة المسيحية والوطنية ضمن ميثاق يضمن تنفيذ ما يتم الاتفاق عليه وتجنب إحياء الخلافات السابقة».