IMLebanon

تنافس وزاري على محاربة الفساد يهدد حكومة سلام

تنافس وزاري على محاربة الفساد يهدد حكومة سلام

جديد مسلسل الفساد الغذائي في لبنان .. «إشعاعات» في أدوات المطبخ

خرج السجال بين بعض وزراء الحكومة اللبنانية إلى العلن، على خلفية ملفات الفساد الغذائي التي افتتحها وزير الصحة وائل أبو فاعور وانضم إليها زميله في كتلة النائب وليد جنبلاط أكرم شهيب، ووزير المال علي حسن خليل المقرب من رئيس البرلمان نبيه بري، الذي كشف أمس عن «إشعاعات» في أدوات مطبخية يتم استيرادها، بعدما كان أبو فاعور أوحى بأن الكثير من القطاعات الغذائية «غير مطابق للشروط» وصولا إلى إهراءات القمح الرسمية ومخزون السكر.

وكان السجال انطلق مع خروج وزير الاقتصاد ألان حكيم المحسوب على حزب الكتائب، إلى الإعلام شاكيا تعدي أبو فاعور على صلاحيات وزارته، ما أدى إلى تراشق إعلامي تخللته بيانات ساخرة من الوزير أبو فاعور بحق وزارة الاقتصاد، الأمر الذي قد يهدد وحدة حكومة الرئيس تمام سلام التي تُعتبر المؤسسة الدستورية الوحيدة الفاعلة في البلد مع تعطل عمل مجلس النواب وفراغ سدة الرئاسة منذ مايو (أيار) الماضي.

وكان وزير الصحة وائل أبو فاعور أول من انطلق في حملة لضمان سلامة الغذاء، بعد خروجه عبر وسائل الإعلام للتشهير بعدد من المؤسسات الغذائية لحثّها على اعتماد المعايير العالمية بصناعة الغذاء وتخزينه. وقد لاقى أبو فاعور الكثير من الدعم الرسمي والشعبي، ونجح بإدخال ثقافة جديدة على السوق اللبنانية مع إقدام معظم المحال التي تبيع مواد غذائية على إعادة تنظيم آلية عملها ونوعية ما تقدمه.

وعارض قسم آخر من الرسميين واللبنانيين اعتماد الوزير المحسوب على الحزب «التقدمي الاشتراكي» سياسة «الظهور الإعلامي للتشهير بالمؤسسات بدل متابعة الموضوع بإطار الوزارات المختصة». وكان أبرز المنتقدين لأدائه وزير الاقتصاد ألان حكيم، المحسوب على حزب «الكتائب» الذي يتزعمه رئيس الجمهورية السابق أمين الجميل.

وأكد وزير الإعلام رمزي جريج أنه لا خلاف داخل الحكومة حول مكافحة الفساد باعتبار أن كل الأعضاء متوافقون على وجوب السير بها، لافتا إلى أن الاختلاف بوجهات النظر يكمن حول الأسلوب المتبع. وشدّد جريج في تصريح لـ«الشرق الأوسط» على أن جهود الوزير أبو فاعور ووزير المال علي حسن خليل تحظى بتأييد كامل أعضاء الحكومة والرأي العام، معربا عن أسفه لتحول الاختلاف بوجهات النظر بين وزيرين إلى سجال عبر وسائل الإعلام. وقال: «لكن وبالرغم مما هو حاصل، فإننا نستبعد كليا أن يؤدي هذا السجال لزعزعة الاستقرار الحكومي أو ضرب التضامن الوزاري».

وخصص الوزير حكيم مؤتمره الصحافي يوم أمس للرد على أبو فاعور، معتبرا أن زيارة الأخير ووزير الزراعة أكرم شهيب إلى مرفأ بيروت قبل أيام تحوّلت إلى «سيرك ومهرجان إعلامي»، مشدّدا على أنّ «محاربة الفساد لا تحصل بطريقة عشوائية وفردية بل تبدأ من المنبع، وبالملفات الحكومية المهمة»، موضحا أنّ «الوزير يهتم بالملفات المهمة وليس الثانوية، باعتبار أن هذا عمل الموظف وعلى الوزير الإشراف عليه».

ولفت حكيم إلى أنّ «ملف سلامة الغذاء هو مسؤولية قانونية، مهنية، فنية وحكومية، وليست فردية»، وقال: «نحن نعمل على تعزيز الجودة والنوعية بإطار وزارة الاقتصاد، لتحسين وتعزيز الأمن الغذائي وليس ضرب الأمن الغذائي». وتساءل حكيم: «لمصلحة من يضرب الاقتصاد اللبناني يوميا بقطاع المطاعم والخبز والقمح والأفران، لماذا تؤخذ العينات بعلب بلاستيك، من يستفيد من ضرب قطاع الخبز؟» وشدّد حكيم على أن «ما يجري لا يمكن أن يستمر، ولا يمكن أن نقبل باستمرار الاستعراض الإعلامي»، معتبرا أن «اختصار الإدارة الرسمية معيب وبمثابة صفعة للبنانيين».

ويأخذ عدد من الوزراء وأصحاب المؤسسات التجارية على أبو فاعور أنّه وبتظهير كل تفاصيل موضوع الأمن الغذائي عبر الوسائل الإعلام، يضرب الاقتصاد اللبناني وقطاع السياحة، فهم يشددون على وجوب التصدي للخروقات في هذا المجال بإطار الوزارات المعنية.

وقد تحول السجال عنيفا بين الوزيرين في اليومين الماضيين بعد تبادلهما البيانات النارية وآخرها بيان «تهكم» من وزارة الاقتصاد، صدر عن مكتب أبو فاعور، جاء فيه: «يبدو أننا أخطأنا في افتراض مهام غير واقعية لوزارة الاقتصاد، كمثل سلامة الاقتصاد وصحة المواطن فاقتضى الاعتذار». وأضاف البيان: «وبناء عليه نقترح تغيير اسم الوزارة من وزارة الاقتصاد الوطني إلى وزارة الاختصار الورقي والاقتصاد في المهام، التي كما فهمنا من بيانها لا تتعدى حدود توقيع البيانات الجمركية، أي أنها وزارة الأعمال الورقية بامتياز».

ويعقد مجلس الوزراء يوم الخميس المقبل جلسة حكومية من المتوقع أن تشهد سجالات حادة مع تحديد ملف النفايات بندا أول على جدول الأعمال، وهو ملف خلافي بامتياز بين وزراء «الكتائب» و«التقدمي الاشتراكي» اللذين يمتلك كل منهما نظرة مختلفة لكيفية وجوب معالجة النفايات، ما يهدد بالتالي بإشكال جديد يهدد بدوره الجسد الحكومي الضعيف.

واعتمدت الحكومة الحالية ومنذ انتهاء ولاية رئيس الجمهورية السابق ميشال سليمان سياسة «الإجماع الوزاري» لتمرير أي قرار حكومي، ما عطلّ الكثير من الملفات الأساسية باعتبار أن رفض وزير واحد السير بملف معين يحوله إلى أدراج الانتظار.

ولم تقتصر المهمة الجديدة التي تولاها عدد من الوزراء بمحاربة الفساد على أبو فاعور وحكيم، إذ دخل وزير المال علي حسن خليل المحسوب على كتلة «التنمية والتحرير» التي يتزعمها رئيس مجلس النواب نبيه بري أخيرا على الخط من بوابة مرفأ بيروت، وهو كشف يوم أمس في مؤتمر صحافي عن «ضبط مواد صناعية تحتوي على إشعاعات خطرة»، مشيرا إلى أنه «تسميم بطيء للبنانيين، وقد جرى وضع اليد على جزء منه».

وقال خليل: «من غير المسموح أن يكون لبنان مكبا للنفايات السامة والإشعاعات، تأخرنا بالإعلان عن ذلك حتى صدور نتائج الفحوصات»، مشيرا إلى أن «استسهال شراء بضاعة رخيصة لن يمر، ونحن أمام جريمة موصوفة وعملية قتل غير مباشرة».

وأعلن أن «الملف سيحال إلى التحقيق، والشركات المستوردة ستتعرض للمحاسبة وسيتم فتح ملفات هذه الشركات وغيرها لمعرفة أنه تم استيراد هذه المواد سابقا».

وأمل خليل بـ«إقفال السجالات بين الوزارات وتشكيل جبهة داخلية لمواجهة استهداف مصالح وحياة الناس»، داعيا لـ«الالتزام بالاتفاقيات والمعاهدات» مشددا على أنّه «لا محسوبيات ولا محميات سياسية في المرفأ أو المطار بعد اليوم، وإن كان ثمة محميات سنكسرها».