لبنان يلغي الاحتفالات بعيد الاستقلال بعد فشل البرلمان للمرة الـ15 في انتخاب رئيس
مصادر رئاسة الحكومة لـ («الشرق الأوسط») : لا احتفال بلا رئيس
بيروت: بولا أسطيح
فشل البرلمان اللبناني، يوم أمس الأربعاء، وللمرة الـ15 على التوالي منذ انتهاء ولاية رئيس الجمهورية الأسبق ميشال سليمان في مايو (أيار) الماضي، في انتخاب رئيس جديد للجمهورية، في جلسة هي الأولى بعد تمديد ولاية المجلس النيابي حتى عام 2017، قاطعها نواب الزعيم المسيحي النائب ميشال عون، و«حزب الله»، وآخرون محسوبون على قوى 8 آذار.
وفيما كانت القوى الداخلية تعوّل على خرق في الملف الرئاسي بالتزامن مع توقيع اتفاق حول ملف طهران النووي في 24 من الشهر الحالي، كما عبّر في وقت سابق رئيس الحكومة تمام سلام، خابت الآمال مع ترجيح خيار تمديد المفاوضات بين الدول الغربية وإيران، وهو ما سينعكس، بحسب مصادر قوى 8 آذار، تلقائيا تمديدا للأزمة الرئاسية اللبنانية.
وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط»: «كل المؤشرات توحي بأن لا رئيس في المدى المنظور، وقد باتت الأمور مرتبطة أكثر من أي وقت مضى بالتطورات الميدانية في المنطقة»، لافتة إلى أن «ملف الرئاسة يُبحث حاليا، شاء من شاء وأبى من أبى، بالتزامن مع إعادة النظر بالنظام القائم، فانتخاب رئيس قوي يعني أصلا تعديلا بنظام الطائف الذي قام طوال السنوات الماضية على الحد من صلاحيات الرئاسة الأولى».
وبعد أن تم في شهر أغسطس (آب) الماضي إلغاء الاحتفال المركزي بعيد الجيش بسبب شغور سدة الرئاسة، لن يشهد لبنان يوم السبت المقبل المصادف عيد الاستقلال أي احتفالات رسمية بالمناسبة للسبب عينه. وقالت مصادر رئاسة الحكومة لـ«الشرق الأوسط»: «لن تكون هناك أي احتفالات أو استقبالات رسمية، باعتبار أن الاحتفال المركزي كان يُقام طوال السنوات الماضية في القصر الجمهوري في بعبدا (شرق بيروت)، وغياب رئيس الجمهورية يعني تلقائيا أن لا احتفال بالذكرى العزيزة على قلوبنا». وأوضحت المصادر أن المناسبة لن تشهد كذلك أي عرض عسكري أو مظاهر احتفالية أخرى.
وأعلن رئيس المجلس النيابي نبيه بري يوم أمس إرجاء جلسة انتخاب رئيس للجمهورية إلى 10 ديسمبر (كانون الأول) المقبل بعد عدم اكتمال النصاب المطلوب، بسبب مقاطعة نواب تكتل «التغيير والإصلاح» و«حزب الله» المستمر لكل الجلسات للضغط باتجاه التوافق على عون رئيسا، خاصة بعد إعلان أمين عام «حزب الله» السيد حسن نصر الله قبل نحو 10 أيام تبني ترشيحه.
وكان البرلمان اللبناني أخفق في انتخاب رئيس جديد طوال المرحلة الماضية كنتيجة حتمية لتوازن الرعب القائم بين طرفي الصراع في لبنان، حيث يمتلك فريق 8 آذار 57 نائبا وفريق 14 آذار 54 نائبا، في حين أن هناك كتلة وسطية مؤلفة من 17 نائبا. وبما أن الدستور اللبناني ينص على وجوب حصول المرشح على 65 صوتا على الأقل في دورات الاقتراع الثانية وما بعد، فإن اشتراط حضور ثلثي أعضاء البرلمان لتأمين النصاب القانوني لانعقاد جلسة لانتخاب الرئيس جعل الطرفين قادرين على التعطيل، من دون قدرة أي منهما على تأمين أصوات 65 نائبا لصالحه.
وتحدث بري أمام النواب الذين التقاهم أمس عن أنّه «لا يزال يرى أن هناك مؤشرات إيجابية في موضوع الاستحقاق الرئاسي»، لافتا إلى أن لديه «معطيات ملموسة» من خلال اللقاءات التي أجراها ويجريها.
وأكد بري أيضا «الاستمرار في سعيه للحوار بين (حزب الله) وتيار المستقبل؛ لأن ذلك ينعكس إيجابا على الوضع العام»، معتبر أن هناك «3 مظلات لحماية لبنان هي: الوحدة الداخلية التي يجب أن نحافظ عليها ونعززها، والجيش اللبناني وما يقوم به من دور مهم وأساسي لحماية الاستقرار والسلم الأهلي، والمقاومة وما حققته وتحققه من إنجازات على المستوى الوطني».
وسأل رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، ومرشح قوى 14 آذار للرئاسة، عن سبب عدم مشاركة نواب «حزب الله» بالجلسة لانتخاب عون رئيسا بعدما أعلن نصر الله في إطلالته الأخيرة أن مرشحهم هو رئيس تكتل «التغيير والإصلاح»؟ معتبرا في مؤتمر صحافي عقده في دارته في معراب (جبل لبنان) أن هناك «حلا من اثنين لانتخاب رئيس، فإما أن يغير عون رأيه أو أن يحدث شيء ما على المستوى الإقليمي يجعل (حزب الله) يغير موقفه».
بدوره، نبّه وزير الاتصالات والمرشح لرئاسة الجمهورية، بطرس حرب، في مؤتمر صحافي بعد رفع جلسة مجلس النواب، إلى أن «البلد بدأ يدخل مرحلة نزاع وإسقاط وتدمير لنظامه الديمقراطي والأصول المتعبة»، لافتا إلى أن «هذا ما ينعكس على كل المؤسسات وعلى مجلس النواب، بحيث اضطررنا إلى تفادي الفراغ فذهبنا في اتجاه التمديد، ونحن مدركون أننا نناقض المبادئ الدستورية».