نصر الله أشرف شخصيا على مفاوضات تحرير أسير «حزب الله».. وقيادة «الحر» تنفي علمها بالصفقة
الحزب يرفض تكليفه التفاوض لصالح أهالي العسكريين اللبنانيين
كشف مقربون من حزب الله لـ«الشرق الأوسط»، أمس، أن صفقة المقايضة التي أفضت إلى تحرير مقاتل من الحزب مقابل ضابطين في الجيش السوري الحر: «تولاها شخص واحد من الحزب كان على تنسيق مباشر مع أمينه العام السيد حسن نصر الله»، بينما انحصرت الوساطة «بشخص سوري واحد ينقل الشروط المتبادلة بين المكلف من الحزب، وقيادي في الجيش السوري الحر في القلمون»، في حين كانت قيادة «الحر» المركزية بعيدة عن التفاصيل.
وحرّكت الصفقة ملف العسكريين اللبنانيين الـ27 المختطفين لدى تنظيمي «جبهة النصرة» و«داعش» في القلمون، إذ طالب بعض الأهالي حزب الله بتولي التفاوض عوضا عن الحكومة اللبنانية، وهو ما أدى إلى انقسام بالرأي بين الأهالي الذين رفض قسم منهم هذا الطرح «كون أولادنا هم أولاد الدولة اللبنانية، وليسوا عناصر في حزب الله»، كما قال عضو لجنة متابعة قضية العسكريين المخطوفين، الشيخ عمر حيدر، لـ«الشرق الأوسط»، مشددا على أننا «بأكملنا تحت سقف القانون»، وأن الملف «مطلوب من الدولة اللبنانية حصرا».
وحسم مقربون من حزب الله الجدل حول طبيعة الصفقة، إذ أكد الخبير الاستراتيجي المقرب من الحزب، الدكتور أمين حطيط، لـ«الشرق الأوسط»، أن وسيطا واحدا، هو «شخص سوري مقيم في لبنان تولى التفاوض»، مشيرا إلى أنه «على علاقة بالجيش السوري الحر، لكنه ليس عضوا فيه، وليس عسكريا يقاتل في صفوفه».
وبدأت جهود الوساطة بعد 3 أيام من تسريب حزب الله خبر في وسائل الإعلام، بأسر ضابطين في الجيش السوري الحر في القلمون. عندها، قال حطيط: «اتصل هذا الشخص بأصدقاء لحزب الله، وأبدى رغبة الجيش الحر بالتفاوض عليهما والتبادل مع أسير حزب الله لديهم». نقل أصدقاء الحزب الخبر إليه، فرحب حزب الله بالفكرة: «مشترطا أن تكون المحادثات بين شخص من الحزب وهذا الوسيط مباشرة»، مما أدى إلى خروج أصدقاء الحزب من العملية فورا.
وأوضح حطيط إن المفاوضات «استمرت 3 أسابيع، تدرجت خلالها شروط الجيش السوري الحر من سقف مرتفع في المفاوضات، إلى مبادلة الشخصين بأسير الحزب»، مشيرا إلى أن شروطهم في البداية «كانت سياسية وأمنية، كما طالبوا بمبالغ مالية وشروط أخرى في الميدان، مثل فتح خطوط إمداد وغيرها إلى مناطق يتواجدون فيها، لكن الحزب أصرّ على أن تكون القاعدة المتبعة في التفاوض، هي قاعدة الميدان بالميدان»، بمعنى أن أسير حزب الله كان يقاتل في الميدان، بينما كان أسيرا الحر يقاتلان في الميدان أيضا، ولا طائل من توسعة الشروط خارج الميدان، وأضاف: «عندها، بدأ الحر بخفض سقف شروطه، وعندما أصر على شروط محددة، أبلغ مندوب الحزب الوسيط بأنه لا يمكن التغيير بشروطنا، ونعتبر أن الأسير شهيدا، مثلما قال والده في وقت سابق». وأشار حطيط إلى أن الجيش الحر «وافق أخيرا على شروط الحزب نظرا لأهمية الضابطين، وحاجة الجيش الحر في القلمون لإنجاز، وتمت العملية بسرية تامة».
وكان حزب الله، أعلن في بيان أنه «بعد مفاوضات استمرت لأسابيع مع الجهات الخاطفة، تم تحرير الأخ الأسير عماد عياد، مقابل إطلاق سراح أسيرين كانا لدى حزب الله من المسلحين».
وقال حطيط إن الصفقة «تحققت بسرية مطلقة وتكتم محكم»، مشيرا إلى أن الشخص المكلف من الحزب: «كان ينسق مباشرة مع الأمين العام للحزب»، بينما كان الوسيط «ينسق بين المكلف من الحزب وقيادي في الحر بالقلمون»، مشددا على أن هذه العملية «وخلافا لما قيل في بعض وسائل الإعلام، هي العملية الأولى بين الحزب ومقاتلي المعارضة السورية».
السرية نفسها، انسحبت على قيادات الجيش السوري الحر، إذ نفت مصادر قيادية في هيئة الأركان التابعة للجيش السوري الحر، علمها بتفاصيل العملية، مؤكدة لـ«الشرق الأوسط»، أن العملية «انحصرت في نطاق القلمون»، وإن شددت على أن الصفقة «من مصلحة الطرفين»، رجحت في الوقت نفسه أن يكون أحد طرفي الصفقة «تعرض لضغوط ميدانية أجبرته على الموافقة»، وعما إذا كان قائد تجمع القلمون، العميد عبد الله الرفاعي، الذي أفرجت السلطات اللبنانية عنه الأسبوع الماضي جزءا من هذه الصفقة، أكدت المصادر أن «هذه القضية منفصلة، ولا علاقة لملفه بملف صفقة التبادل بين حزب الله والحر».
وتحرك أهالي العسكريين اللبنانيين المخطوفين لدى «النصرة» و«داعش» إثر الإعلان عن صفقة حزب الله، إذ أعربوا عن صدمتهم وخيبة أملهم، متوعدين بالتصعيد بدءا من صباح غد الجمعة. وشدد الأهالي على ضرورة أن «تأخذ الدولة اللبنانية قرارا واضحا بحل قضية أبنائنا وإعادتهم بأي شكل من الأشكال»، إذ إن «حزب الله ليس أقوى من الدولة لكي يأتي بأسيره»، مطالبين بتدخل نصر الله لـ«إعادة العسكريين كما أعاد الأسير عماد عياد».
لكن الحزب ينأى بنفسه عن تكليف مشابه، وقالت مصادر مطلعة على موقف حزب الله لـ«الشرق الأوسط»، إن «ظروف أسير حزب الله مختلفة عن ظروف الأسرى اللبنانيين، نظرا لأن عياد احتجز في داخل الأراضي السورية، بينما احتجز العسكريون اللبنانيون داخل الأراضي اللبنانية، مما يجعل جهود الإفراج عنهم من مسؤولية الدولة اللبنانية»، فضلا عن أن «الجهة الخاطفة ليست نفسها، فعياد كان لدى الجيش السوري الحر، بينما العسكريون اللبنانيون موجودين لدى «النصرة» و«داعش».
ولم يحظَ موقف بعض أهالي المخطوفين أساسا، بإجماع أهالي العسكريين الذين انقسموا حوله بين مؤيد ومعارض، وقال الشيخ عمر حيدر لـ«الشرق الأوسط»، إن التصعيد سيكون الجمعة «إذا فشلت الحكومة بتقديم شيء ملموس» بعد اجتماعها اليوم، وضمت بند المخطوفين إلى بنود جلستها، وقال إن الحكومة «قدمت ما يمكن تقديمه وهو الموافقة على البند الثالث من شروط النصرة» القاضي بالإفراج عن 5 موقوفين من سجن رومية و50 معتقلة لدى النظام السوري مقابل كل عسكري لبناني مخطوف لديها، وأكد أن «الكرة الآن في ملعب الخاطفين، بانتظار قوائمهم بالأسماء التي ترغب في الإفراج عنها».
سياسيا، انتقدت الأمانة العامة لقوى 14 آذار صفقة التبادل بين حزب الله والجيش الحر، معتبرة أن «هذه الصفقة تبين وجها إضافيا للانتقاص من سلطة الدولة التي يختارها الحزب ليتغطى بها حين يعجز عن تحقيق هدف، ويتخطاها وينفرد حين يتمكن، فيطلق من يسمهم تكفيريين وإرهابيين ويقايض عليهم، وبرغم أنه شريك في الحكومة، يتجاوز خلية الأزمة المعنية في صدد عنصره المعتقل ويمنع الدولة عن أي مقايضة ممكنة»، وأكدت الأمانة العامة أن «جريمة خطف العسكريين هي نتيجة مباشرة لقتال حزب الله في سوريا، فهو مسؤول عن هذه الأزمة ومسؤول عن فرز الأسرى بين (أبناء دولة)، لا يستحقون الحرية و(حزبيين) يستحقون الحماية».