Site icon IMLebanon

الحريري من واشنطن: النموذج اللبناني رصيد للمنطقة والعالم

أعلن رئيس الحكومة سعد الحريري أن «لبنان تمكن من خلال إرساء التوافق بين الأفرقاء السياسيين كافة من الحفاظ على الإستقرار وسط منطقة تشهد الكثير من الفوضى، مؤكدا «ان الهدف هو تقوية المؤسسات والجيش اللبناني والقوى الامنية لكي تبسط سيطرتها على كامل الاراضي اللبنانية»، مشددا على ان الاقتتال ليس ما يريده شباب لبنان بل الاستقرار وسنضع خطة نهوض اقتصادية».

واصل الرئيس الحريري زيارته الرسمية للعاصمة الأميركية، حيث شارك في حفل الإستقبال الذي أقامته القائمة بأعمال سفارة لبنان في واشنطن كارلا جزار في مبنى السفارة على شرفه والوفد المرافق، في حضور حشد من ابناء الجالية اللبنانية.

بعد النشيد الوطني، ألقت جزار كلمة رحبت فيها بالرئيس الحريري والوفد المرافق مشددة على اهمية الزيارة.

أهمية لبنان في المنطقة

ثم تحدث الحريري فقال: «من المهم لنا المجيء الى واشنطن ولقاء المسؤولين فيها لشرح اهمية لبنان في المنطقة وما نقوم به لإرساء الاستقرار فيه. ان لبنان يعيش الآن وسط منطقة تشهد الكثير من الفوضى وقد تمكنا من الحفاظ على الاستقرار فيه من خلال ارساء التوافق بين الافرقاء السياسيين كافة ووضعنا مصلحة لبنان اولا وحرصنا على ان يسري هذا التوافق على كل اوجه الحكم. وهدفنا الاول هو تقوية المؤسسات والجيش اللبناني والقوى الامنية لكي تبسط سيطرتها على كامل الاراضي اللبنانية وهذا من المفروض ان يحصل وسيحصل باذن الله، وانا اؤكد ان رئيس الجمهورية العماد ميشال عون مصر على هذا الموضوع اكثر من اي شخص آخر».

أضاف: «إن الايام التي مرت كانت صعبة بالمفهوم السياسي ولكن الاهم هو اننا توافقنا منذ ان شكلنا هذه الحكومة على ان نكمل المسيرة لمصلحة البلد. قد تحصل خلافات وآراء متباينة حيال ما يحصل في البلد عند جميع الافرقاء السياسيين لكن الاهم هو ان يستطيع البلد ان يحمي نفسه وان يتمكن الجيش اللبناني من القيام بواجباته لحماية اللبنانيين والمخيمات والحدود اللبنانية. إتكالنا على الله وعلى حكمة كل الأفرقاء السياسيين لكي لا ندخل البلد في متاهات سياسية وانا متأكد من ان هذا الامر لن يحصل.»

وتابع: لقد تحدثنا خلال هذه الزيارة بكل وضوح عن مصلحة لبنان التي هي الحفاظ على الاستقرار وتقوية الجيش اللبناني وتنمية الاقتصاد وكيفية التوافق على مساعدة اللاجئين السوريين ولكن الاهم هو مساعدة الاقتصاد الوطني اللبناني لأنه في نهاية المطاف اذا لم ينهض الاقتصاد سيكون هناك مشكل في البلد».

وختم قائلا: «تحدثنا في كل الامور وسنكمل اجتماعاتنا وقد اتينا الى هنا برفقة وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة والكثير من المستشارين. واود ان اشكر ايمانكم بوطنكم لبنان، هذا البلد الذي عانى الكثير ولكننا اليوم نشهد حالا من الاستقرار وهذا الاستقرار سيكمل بجهودكم وجهودنا جميعا خصوصا بجهود الرئيس عون».

«المستقبل»: وكان الحريري قد استقبل في مقر اقامته في فندق «فور سيزنز»، وفدا من تيار المستقبل في واشنطن وفي عدد من الولايات الاميركية. وفي مستهل اللقاء، ألقى مسؤول التيار في واشنطن احمد البزري كلمة ترحيبية، ثم تحدث الحريري فشدد على اهمية «الاستقرار الذي ينعم به لبنان في منطقة تسودها الحروب والفوضى خصوصا ان اللبنانيين عاشوا مثل هذه الحالة من قبل».

وقال: «ان القتل والاقتتال ليس ما يريده الشباب لبلدهم بل ما يريدونه هو فرص العمل والاستقرار والامان وان تقوم الحكومة بواجباتها وتؤمن الكهرباء والمياه والتعليم والتأمين الصحي وغيره. طريقنا طويل والتحديات كبيرة ولكننا الآن نضع نصب اعيننا وضع خطة اقتصادية للنهوض بالبلد والبنى التحتية سنعرضها على البنك الدولي والجهات الواهبة وكل الدول الصديقة».

محاضرة في  معهد كارنيغي للسلام

ولبى رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري قبل ظهرأمس دعوة معهد كارنيغي للسلام العالمي، وألقى محاضرة حضرها عدد من اعضاء الوفد اللبناني المرافق ومدير المعهد وليم بيرنز وحشد من المفكرين والباحثين، وأدارتها مديرة برنامج الشرق الاوسط في المعهد ميشال دان.

بداية رحب بيرنز بالحريري، وتحدث عن دور المعهد ونشاطاته وعن الاوضاع في الشرق الاوسط وما يشهده من أعمال عنف وتطرف، مثنيا على «الدور الذي يضطلع به الرئيس الحريري في إرساء الاستقرار في لبنان ومحاربة التطرف وتأكيد دور الاعتدال في لبنان والمنطقة وما يقوم به اللبنانيون للنهوض ببلدهم من جديد».

لبنان رصيد ثمين للمنطقة والعالم

ثم تحدث الحريري، فقال: «وصف البابا الراحل يوحنا بولس الثاني لبنان بأنه رسالة الى المنطقة والعالم». وأنا هنا أضيف: لبنان رصيد ثمين للمنطقة وللعالم.

في منطقة محفوفة بالعنف الديني والطائفي وفي عالم أصبح فيه التعايش بين الإسلام والمسيحية يصور على نحو متزايد بأنه مستحيل، يقدم لبنان نموذجا للتعايش والحوار والحل السياسي. وفي منطقة لا توفر فيها الأنظمة الاستبدادية أي بديل سوى القمع والحرب الأهلية، فإن نظام لبنان الديموقراطي – غير المثالي ولكن الديموقراطي- يقدم نموذجا أيضا.وفي منطقة أصبح فيها اليأس القاعدة، وحيث الآفاق الاقتصادية والاجتماعية قاتمة، يقدم لبنان نموذجا للمرونة والإبداع والمبادرة.

اضاف: «وفي منطقة يهددها التطرف والإرهاب، يشكل لبنان نموذجا لمجتمع يرتكز على الاعتدال ويمنع التطرف، ولجيش وقوى أمن تكافح الإرهاب بفاعلية وتحقق النجاح تلو النجاح في هذه المعركة. وفي عالم لا يقدر على استيعاب اللاجئين بالآلاف، فإن لبنان الذي يبلغ عدد سكانه 4 ملايين نسمة، لديه ما يقارب مليون ونصف مليون نازح سوري، إضافة إلى نحو نصف مليون لاجئ فلسطيني على أراضيه، أي بمعدل واحد مقابل اثنين. وفي ذلك يقدم لبنان خدمة للعالم».

وتابع: «لجميع الأسباب المذكورة أعلاه وأكثر، يشكل لبنان رصيدا ثمينا للمنطقة والعالم. واجه هذا الرصيد ولا يزال العديد من التهديدات. نتعامل نحن اللبنانيين مع بعض منها بمفردنا، وللتعامل مع بعضها لا بد من مساهمة المجتمع الدولي. اسمحوا لي أولا أن نناقش ما نقوم به نحن اللبنانيين من أجل تحقيق الاستقرار. لبنان يخرج من عشر سنوات من المأزق السياسي الذي قسم البلاد وأدى إلى تقاعس اقتصادي وتآكل ثقة المستثمرين».

وقال: «واجهنا قبل أقل من عام تحديات التوتر السياسي والشلل في اتخاذ القرار وانخفاض تدفقات رؤوس الأموال والنمو البطيء والآثار السلبية للصراع السوري وما أنتج من أزمة النازحين السوريين.منذ ذلك، انتخبنا رئيسا ووضعنا حدا للشغور في السلطة دام 3 سنوات. وشكلنا حكومة وحدة وطنية وأقررنا قانونا انتخابيا جديدا. باختصار، أعيدت الحياة السياسية إلى طبيعتها.ومن المقرر اجراء الانتخابات في أيار المقبل، الامر الذي يمنح حكومتنا الحالية 10 أشهر. وعلى الرغم من هذه الفترة القصيرة، فإنني أخطط لمواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية مع التركيز على أربعة أهداف:

1- تحريك النمو الاقتصادي الشامل.

2- الحفاظ على الاستقرار المالي.

3- تخفيف تأثير النازحين السوريين.

4- تنفيذ برنامج استثمار رأسمالي».

وتابع: «ستساعد هذه الأهداف على خلق دورة تحسن الأوضاع الاقتصادية. من أجل تحفيز النمو، نعول على الاستقرار السياسي المستعاد لتشجيع نشاط القطاع الخاص. نطور نموذجا جديدا للنمو وننوع مصادر النمو: تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، النظام البيئي للشركات الناشئة، قطاع النفط والغاز. نبني قدرات تصنيع في المناطق الصناعية والمناطق الاقتصادية الخاصة ونعمل على تعزيز مشاركة القطاع الخاص واعتماد قانون الشراكة بين القطاع العام والخاص وتطوير أسواق رأس المال. ونقدم حزمة حوافز للقطاع الخاص».

وأكد أنه «للحفاظ على استقرار المالية العامة، أقررنا موازنة عامة هذه السنة لأول مرة منذ 12 عاما، ونعمل الآن على إقرار موازنة عام 2018. كما أقررنا سلسلة رتب ورواتب محايدة، حيث لا يتم تمويل أي نفقات إضافية من خلال الدين، كما أقررنا إصلاحات إدارية نحن في حاجة إليها». وقال:»نعمل على تحسين تحصيل الضرائب، ونهدف إلى استقرار نسبة الدين الى الناتج المحلي الإجمالي على المدى القصير. غير أن الاستقرار المالي يواجه أيضا ضغوط زيادة الإنفاق على الجيش والأجهزة الأمنية، والتي هي في طليعة مكافحة الإرهاب. هنا يأتي الجزء الذي يحتاج فيه المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياته وحمل العبء معنا.