اعرب وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق عن اعتقاده «اننا اصبحنا في آخر النفق، الضوء اصبح قريباً جداً، سواء في لبنان ام في المنطقة المحيطة بنا»، معتبراً ان «الفراغ الرئاسي يرشح الحكومة للشلل النصفي».
تحدث المشنوق، في خلال احتفال في «الموفنبيك – بيروت»، تم فيه اطلاق ست من هيئات ادارة الانتخابات الوطنية في المنطقة العربية، «المنظمة العربية للادارات الانتخابية» كأول منظمة مهنية في المنطقة تعنى بتعزيز التعاون الاقليمي في مجال ادارة الانتخابات، لتعزيز التطور المهني وتبادل الخبرات حول كافة جوانب ادارة الانتخابات من اجل ضمان النزاهة والشفافية.
وقع وثيقة تأسيس المنظمة ممثلون عن الادارات الانتخابية المؤسسة، وهي: الاردن، العراق، فلسطين، لبنان، ليبيا، اليمن، في حضور المشنوق، المنسق المقيم للامم المتحدة والممثل المقيم لبرنامج الامم المتحدة الانمائي روس ماونتن، بالاضافة الى لفيف من ممثلي هيئات ادارة الانتخابات في الدول الاعضاء والدول الاخرى ومسؤولين حكوميين وسفراء الدول العربية والاجنبية في لبنان، والمنظمات الدولية المعنية بتقديم الدعم والمساعدات الفنية في مجال الانتخابات بما في ذلك وكالات الامم المتحدة وجامعة الدول العربية.
وعرف مفوض ورئيس الادارة الانتخابية صفاء جاسم بالمنظمة العربية للادارات الانتخابية وهدف هذه الخطوة. وشرح نائب رئيس البعثة في السفارة السويدية في لبنان وسوريا مايكل ستاف كيفية الدعم الدولي لتفعيل التعاون الاقليمي بين الادارات الانتخابية. اما ماونتن فتحدث عن دور الامم المتحدة في «دعم وانشاء المنظمات العربية للادارات الانتخابية».
والقى المشنوق كلمة اعتبر فيها ان: «هذا الاجتماع فرصة للبنان»، وقال: «إن للقائنا رمزيته اللافتة ودلالاته المتعلقة بالزمان والمكان والمضمون. فهو فرصة لوضع شؤون وشجون منطقتنا العربية على حدة وأخذ استراحة التفكير من المشاكل والأزمات التي تعاني منها هذه المنطقة، والحريق الطائفي والمذهبي الذي يداهمنا، والصراعات القبلية والعشائرية والعائلية التي تحاصرنا من أجل التأمل والمناقشة بين الخبراء حول الوسائل والخطوات التي يجب اتخاذها من أجل تطوير عمل وأداء مؤسساتنا الرسمية المعنية بإدارة الانتخابات والإشراف على حسن سير العملية الانتخابية(…)».
التحديات السياسية
واشار الى انه «على الرغم من ذلك، ليس خافيا على أحد حجم التحديات السياسية والأمنية والإقتصادية والإجتماعية التي يواجهها لبنان والأخطار المحدقة ببلدنا وبميثاق العيش المشترك وبمؤسساتنا الدستورية. منذ العام 2005 ولبنان يصمد بوجه التحديات والتعقيدات المحلية والإقليمية والدولية، بدءا بإغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، ومرورا بالعدوان الإسرائيلي على لبنان عام 2006، ولاحقا أحداث السابع من أيار عام 2008، وصولا إلى الحرب في سوريا وتداعياتها على لبنان، وانخراط فريق لبناني وازن فيها».
وقال: «لقد نجح لبنان حتى الآن بتخفيف التداعيات الأمنية للحرب السورية عليه، حتى الآن مرة اخرى، وذلك من خلال ما نسميه في لبنان «الحفاظ على التوازن السياسي». التوازن السياسي هنا ترجمته عمليا، اضعاف العملية الديموقراطية التي هي في العالم الحديث آلية لادارة التوازنات السياسية والاجتماعية المتغيرة وليس الحفاظ عليها وتثبيتها».
اضاف: «نحن لا نزال نعاني كما تعلمون جميعا منذ اكثر من عام من الفراغ الرئاسي في لبنان، ما شكل تداعيات على عمل وإنتاجية المؤسسات الدستورية اللبنانية، وجعل الحكومة الحالية المؤسسة الدستورية الوحيدة التي لا تزال تعمل، هي مرشحة اليوم للشلل الموقت أو النصفي. بالطبع لقد انعكس هذا الفراغ الرئاسي والشلل المؤسساتي في لبنان على معظم المؤسسات الرسمية وبالأخص على إقتصادنا الوطني، وعلى البنية التحتية ونوعية الخدمات العامة. وقد كنا مرغمين وللمرة الثانية منذ العام 2013 على تأجيل موعد الانتخابات التشريعية في لبنان بسبب التحديات الأمنية والسياسية التي تعصف ببلدنا.
بقايا من فرادة
وتابع: «لكننا على رغم كل ذلك لا نزال نملك بقايا من فرادة وتميز لبنان في محيطه العربي كوطن مفترض للتنوع والحريات والإعتدال والعيش المشترك، فقد بقي لدينا مساحات مشتركة لا بأس بها للحوار والتلاقي لتخفيف الاحتقان المذهبي والطائفي، ولو على قاعدة مجالس طائفية، وما الحوار بين تيار «المستقبل» و»حزب الله» وورقة «إعلان النوايا» بين «التيار الوطني الحر» وحزب «القوات اللبنانية» وغير ذلك من الحوارات التي تأخذ شكل تعطيل توافقي للديمقراطية. هناك عوامل محددة نعمل عليها لكي نمنع استبدال عمل المؤسسات، بمؤسسات حوارات المذاهب أو السياسات هنا وهناك. رغم كل شيء لا يزال هناك الكثير من الحرية في الاعلام والاستقلال في القضاء ولا تزال البنية التحتية للادارة رغم كل ما يقال عنها بخير».
وتحدث المشنوق عن تجربته «منذ اكثر من سنة من ولايتي في وزارة الداخلية وبوزارات اخرى، وجدت بنية تحتية جدية تعمل فقط من اجل الدولة وللدولة فقط لا غير. أما الامر الثاني الذي اؤكد عليه ان هناك صراعا قديما ونقاشا دائما بقدرة القطاع الخاص على التحرك وحريته بالتصرف وابداعه، استطيع ان اقول له ان بعد تجربتي ان في الادارة اناس لا يقلون كفاءة ولا استقامة ولا نزاهة ولا يقلون ابتكارا عن القطاع الخاص على عكس كل ما يشاع.
اضاف: «سأقول هنا من موقع المحلل السياسي وليس من موقعي الوزاري ويقال انني صاحب خبرة طويلة في التحليل انا اعتقد اننا اصبحنا في آخر النفق، الضوء اصبح قريبا جدا، سواء في لبنان ام في المنطقة المحيطة بنا، ولكن الاهم قبل كل شيء ان الناس جلسوا وقرروا التفكير بعقلهم ووضعوا سلاحهم وعضلاتهم جانبا بعدما تبين ان السلاح في كل مكان لم يتمكن من حسم اي موقف لا في العراق ولا في سوريا ولا في ليبيا ولا في اليمن. نسمع كل يوم عن تلة وقلعة وطريق وشارع ولا مرة سنرى ان ايا من الاسلحة الموجودة والتي تستعمل استطاع ان يبني نظاما مواليا له ايا كان النظام وايا كان من بيده السلاح».
وتابع المشنوق: «إن الغاية المرجوة من تطوير وتعزيز المؤسسات والإدارات المعنية بالإنتخابات هي تعزيز ثقة المواطنين بالنتائج المترتبة عن العملية الانتخابية. فتطوير أداء الإدارات المولجة تنظيم الانتخابات يساعد على تعزيز شرعية الأنظمة السياسية ويساعد على تحقيق تطلعات الشعوب ويرسخ لثقافة الديمقراطية والحريات وترسيخ ثقافة الديمقراطية. وأنا ازعم ان أحد المكونات العميقة للازمات التي نمر بها وتمر بها المنطقة، هو التآكل المستمر لثقافة الديمقراطية بشكل عام وثقافة القبول والاعتراف بنتائج الانتخابات بشكل خاص».
واردف: «إن أحد أسباب تأجيل الانتخابات التشريعية في لبنان وأحد أسباب الفراغ الرئاسي في لبنان هو إصرار قوى سياسية على تحديد نتائج الانتخابات قبل حصولها إما بحسم النتائج سلفا من باب التوافق واما من خلال تفصيل قانون للانتخابات يحسم معظم نتائجها عبر تقسيمات سياسية تستفيد منها تنظيمات أو جهات دون غيرها. وقد شهدنا تداعيات الانقضاض على نتائج الانتخابات في العراق على مسار العملية السياسية في هذا البلد الشقيق وسقوطه في حريق الحرب المذهبية.
وقال: «أما في سوريا، فقد واجه النظام الشعب بأبشع أدوات العنف والتهجير والبراميل عندما انتفض الشعب السوري مطالبا بتغيير معادلة التسلط مقابل الاستقرار، فكان ما كان من خيار تدمير سوريا على أن يعطى الشعب حريته. ولكن كلنا امل بأن حرية السوريين كل السوريين ستنتصر(…)».
وختم: «نظرا لأهمية تطوير الإدارات الانتخابية، أولينا في وزارة الداخلية والبلديات أهمية خاصة لموضوع إطلاق المنظمة العربية للادارات الانتخابية وشارك ممثلون عن الوزارة في النشاطات التحضيرية التي عملت على تطوير هذه الفكرة ووضعت خطوات عملية لوضع فكرة المنظمة موضع التنفيذ. هذا اول الطريق ولكن بالتأكيد هذا اساس لمرحلة في العالم العربي تكون قاعدتها بيروت بعد استرداد صحتها الديمقراطية وتكون كل نتائج ما يجري في العالم العربي بين الدول التي تشهد حروبا واشتباكات الآن للعودة الى طاولة المفاوضات عندما نذهب الى طاولة مفاوضات لا يمكن ان يكون العنوان الرئيسي الا الانتخابات واي نتيجة لاي مفاوضات تعني الانتخابات وتعني مزيدا من الديمقراطية ولو بالتدريج بسبب عشرات السنوات التي مرت على الشعوب الشقيقة من دون اجراء اي انتخابات جدية(…)».