خرقت زيارة رئيس الحكومة الى اليرزة المناخ السياسي الملبد بخلافات التعيينات والامني العابق بروائح المعارك الحدودية والاقتصادي المترنح على حافة انتظار عودة العمل التشريعي لاقرار قوانين اذا لم تدخل حيز التنفيذ فانها ستصيب القطاع المصرفي عبر امتناع مصارف الخارج عن تسلم الحوالات والشيكات الصادرة من بيروت واليها وتحديدا قانون مكافحة تبييض الاموال. وكرست الزيارة الفريدة من نوعها والتي تحمل ابعادا ودلالات واسعة في شكلها وتوقيتها ومضمونها، قرار الحكومة دعم الجيش اللبناني في عرسال وأقرنت القول بالفعل، بعيدا من محاولات توظيفها في السياسة، على غرار دعوة رئيس الحكومة من وزارة الدفاع الى ابعاد المؤسسة العسكرية عن التجاذبات السياسية.
نحو عين التينة
واللافت أن زيارة رئيس الحكومة الى اليرزة استتبعت بأخرى مباشرة لوزير الدفاع سمير مقبل الى عين التينة، لم يكشف النقاب عن مضمونها غير انها على ما يبدو غير بعيدة عن مشاريع الحلول الجاري العمل عليها سريعا في ما يتصل بالتعيينات الامنية التي تقف حجر عثرة في طريق العمل الحكومي، الذي تجند لازالته رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس اللقاء الديموقراطي النائب وليد جنبلاط ووزراء المستقبل واللقاء التشاوري، وسط تضارب في الطروحات بين مؤيد للحسم السريع على قاعدة رفض الخضوع للابتزاز وداع للتروي والتعقل بعيدا من التحدي، ومصغيا الى نصائح ديبلوماسية بالتريث في انتظار جلاء صورة المفاوضات النووية التي تتجه نحو خواتيمها السعيدة بالتوقيع نهاية حزيران الجاري وفق ما المح امس مبعوث وكالة الطاقة الذرية الايراني الى مفاوضات فيينا رضا نجفي قائلا «ان التوصل لاتفاق نهائي مع القوى العالمية ممكن بحلول نهاية حزيران». اذ ان التوقيع يفترض ان يؤسس لمرحلة التسويات السياسية لازمات المنطقة وليس لبنان بعيدا منها.
ووصف مصدر ديبلوماسي مطلع الوضع اللبناني بالقول « لا تفجير في الميدان ولا اقتراب في السياسة»، بما يؤشر الى ان الستاتيكو المتحكم بالوضع اللبناني برمته، سيبقى على حاله حتى جلاء المشهد الاقليمي.ويتقاطع التوصيف الديبلوماسي مع موقف نقله بعض زوار عين التينة عن الرئيس بري بأن من الافضل انتظار التسويات على البارد عوض ملء الوقت الضائع بالحماوة والسخونة السياسية والامنية.
رغبة بري
وقالت مصادر عين التينة ان زيارة نائب رئيس الحكومة وزير الدفاع الى الرئيس بري تندرج في اطار المساعي التي يبذلها الاخير لتحريك المياه الراكدة على المستويين الرئاسي والعسكري. وانه لا يترك مناسبة الا ويستثمرها من اجل الوصول الى تفاهمات حول الملفات العالقة وفي مقدمها ملف التعيينات العسكرية عله ومن خلال تحقيق خرق ما في الجدار القائم بين الفرقاء يمكن الولوج الى ايجاد مخرج يمنع المضي في التعطيل الذي ينسحب على المؤسسات الدستورية كافة. اضافت ان بري شدد على وجوب التفهم والتفاهم كاطار لانطلاق الى المعالجة وتمنى تجاوب الفرقاء المعنيين مع ما يبذل لتقريب وجهات النظر لان التمترس وراء شعارات وطروحات لا يفيد، خصوصا في ظل المتغيرات على مستوى المنطقة وتحديدا في الدول المجاورة.
في اليرزة
ومن غرفة العمليات حيث استمع الى شرح مفصل حول مناطق انتشار الوحدات العسكرية على الحدود الشرقية وخصوصاً في منطقة عرسال ومحيطها، أشاد سلام بأداء الجيش اللبناني وكفاءته وبحكمة قيادته في التعامل مع المخاطر التي تواجهها البلاد، مؤكداً دعم الحكومة «الواضح والصريح» للجيش. واذ أعلن ان «الجيش ميدانيأ يعرف كيف يتحرك ويعرف كيف يحمي الوطن، ويستخدم كل قدراته لتحصين الحدود»، قال «نسعى في الحكومة لنوفر له كل التسليح المطلوب، خصوصاً السلاح الحديث الذي يساعده على حماية هذه الحدود»، مشيرا الى ان «هناك مناخ داخل المؤسسة العسكرية، وطني ووحدوي لا يعرف لا طائفة ولا مذهب ولا فئة، يعرف فقط مهمة وطنية يقوم بها، وهذه من أقوى الأسلحة التي يتحلى بها الجيش اللبناني، ويعود ذلك الى قيادة حكيمة قادرة على حفظ المؤسسة على الرغم من كل الصراع السياسي في البلد والتجاذبات القائمة».
مواقف طائفية
وفي وقت تتواصل الجهود على خط الحلول الحكومية، رصدت مصادر مراقبة ملامح مواقف تنحو الى الطائفية والمذهبية ان من زاوية رفض المس بصلاحيات رئيس الحكومة عبر فرض جدول اعمال جلسة مجلس الوزراء او انتقاد التلكؤ عن المعالجات حينما يتصل الاشكال السياسي بحقوق المسيحيين، داعية الى الاقلاع عن هذا المسار في ظل فورة الغليان المذهبي التي تلهب المنطقة.
إعلان نصرالله
«الى أين»؟: على صعيد آخر، ترك اعلان الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله بدء المعركة مع «داعش» بعد «جبهة النصرة» حتى القضاء على اي تكفيري على الحدود الشرقية، انطباعات سلبية في أوساط قوى 14 آذار، التي توقفت عند مضي الحزب قدما في ضرب هيبة الدولة اللبنانية، غير آبه بعدم موافقة شريحة كبيرة من اللبنانيين على انخراطه عسكريا في الحرب السورية. وسألت عبر «المركزية»، «الى أين يذهب الحزب في سوريا بعد حجة حماية القرى الحدودية ثم المقامات الدينية، فالقصير ثم القلمون وما بينهما وكيف ستكون نتائج استباحته الاراضي السورية على السيادة اللبنانية، وما الذي سيمنع الفصائل السورية المسلحة من خرق الاراضي اللبنانية، بعدما ذهب حزب الله الى سوريا لمحاربتها وهل سيضم الاراضي التي حررها الى لبنان؟ وتابعت «كيف سيعود «الحزب» الى الداخل اللبناني بعد انتهاء معاركه في سوريا، فهل يقر بهزيمته ان هزم واذا انتصر، كيف سيصرف انتصاره لبنانيا»؟ ودعته الى اعادة حساباته خاصة في ظل الانتصارات التي بدأت تحققها المعارضة في الميدان، والى وقفة ضمير رأفة بالشعب اللبناني»، مؤكدة ان «أفضل ما يمكن ان نفعله اليوم في ظل البراكين المتأججة في المنطقة، هو العودة الى سياسة النأي بالنفس، وانعاش اعلان بعبدا».
جنبلاط وأحداث ريف دمشق
من جهة ثانية، استدعت التطورات الدموية التي شهدها ريف ادلب أمس وذهب ضحيتها 20 درزيا برصاص عناصر من «جبهة النصرة» في بلدة قلب اللوزة في جبل السماق، تدخّلا سريعا من رئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» النائب وليد جنبلاط، الذي أعلن ان اجتماعا طارئا للمجلس المذهبي سيعقد اليوم الجمعة لمناقشة أحداث ادلب»، مشيرا عبر «تويتر» الى ان «كل كلام آخر تحريضي لا ينفع»، ومذكرا ان «سياسة (الرئيس) بشار الأسد اوصلت سوريا الى هذه الفوضى»، رافضا ومحذرا من «التحريض الاسرائيلي حول العرب الدروز في سوريا».
نيات عون وجعجع
في المقلب الحواري، تابع وفدا القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر جولتهما على الحلفاء لتسليم بين «اعلان النيات» ، فزار امين سر تكتل التغيير والاصلاح النائب ابراهيم كنعان رئيس حزب الطاشناق النائب اغوب بقرادونيان في حين يزور وفد قواتي الرئيس ميشال سليمان الذي يرأس «لقاء الجمهورية « في الذكرى الثالثة لصدور اعلان بعبدا، للغاية نفسها على ان يوسع الفريقان لاحقا مروحة الجولة في اتجاه سائر القوى السياسية لاضفاء الطابع الوطني على الحوار المسيحي.