كتب عبد الامير بيضون:
طغت المجزرة الدموية التي ارتكبت في قرية «قلب لوزة» في جبل السماق في ريف ادلب، وذهب ضحيتها 40 شهيداً من المشايخ والشباب من طائفة «الموحدين الدروز» برصاص مسلحي «النصرة» على ما عداها من تطورات محلية، وتواصلت معها ردات الفعل المستنكرة والمدينة… واستدعت اجتماعاً طارئاً لـ«المجلس المذهبي الدرزي» بعد ظهر أمس، بدعوة من رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط، لمناقشة جدول أعمال من بند واحد هو «تطورات ما بعد الحادثة الأليمة منعاً لاذكاء نار الفتنة بين السويداء (جبل العرب) ومحيطها…».
وسبقت الجلسة مواقف أظهرت تباينات حادة بين «أركان الطائفة السياسيين»، تمثلت بمواقف سبقت انعقاد المجلس، من رئيس «الحزب الديموقراطي اللبناني» النائب طلال ارسلان، ورئيس حزب «التوحيد» (الوزير السابق) وئام وهاب… في مقابل موقف مختلف للنائب وليد جنبلاط، الذي شدّد من مقر «المجلس المذهبي» على ان الحادث كان فردياً…» مؤكداً ان «أي هيجان في لبنان او سوريا يعرض دروز سوريا، من دون فائدة» داعياً الى معالجة «الأمور بهدوء…» لافتاً الى ان «المعالجة السياسية تستدعي الاتصال بالقوى الاقليمية…» ليخلص الى «ان الحل لا يكون ممكناً بوجود بشار الاسد…».
وكان «المجلس المذهبي» عقد اجتماعه بعد ظهر أمس، بحضور النائب وليد جنبلاط وشيخ عقل الطائفة نعيم حسن، ومقاطعة طلال ارسلان وفيصل الداود ووئام وهاب، الذي أوفد مجموعة من شبابه «حزب التوحيد» واعتصموا أمام المجلس حاملين شعارات منددة بالجريمة وتحرض على «الدم مقابل الدم».
الحكومة ستستمر… اعتكاف لا استقالة
إلى ذلك وفي وقت تستمر المساعي على غير خط لتأمين انعقاد جلسة مجلس الوزراء فلم تغب «المشهدية الحكومية» عن التداول والاتصالات والخلاصة الأولية هي ان «الحكومة ستستمر…» وان وزراء «التغيير والاصلاح» لن يصلوا الى حد الاستقالة، ولن يكون هناك «تعطيل كامل»، وان إمكانية تعديل آلية العمل، التي سبق لوزير الاتصالات بطرس حرب ان أعلن عن أنه سيطرحها مع رئيس الحكومة باتت في ملعب هذا الأخير…
وفي هذا، رأى عضو كتلة «المستقبل» النائب عاصم عراجي «ان الحكومة ستستمر لأن لا أحد يتحمل ان تسقط في ظل الفراغ الرئاسي والتشريع المعطل في مجلس النواب، وإلا سندخل في منعطف خطير بالبلد يلامس السلم الأهلي…» وإذ كشف عن ان «هناك عملية اتصالات لتطويق أية انتكاسة للحكومة». فقد أكد أنه «لن يكون هناك تعطيل كامل للحكومة… وان الاعتكاف لا الاستقالة هي الحد الأقصى الذي يمكن ان يذهب اليه وزراء «التيار الحر…» مع الاشارة الى ان هذا «الاعتكاف سيؤدي الى بلبلة» متوقعاً ألا يجاري وزراء «حزب الله» حلفاءهم في «التيار»…
تعديل آلية العمل الحكومي
من جانبه أكد عضو «التنمية والتحرير» النائب ياسين جابر «المشاركة في العمل الحكومي ورفض تعطيله في هذه المرحلة تحت أي عذر كان…».
وعن امكان تعديل آلية العمل الحكومي لفت جابر الى «ان الكرة في ملعب رئيس الحكومة الذي يعود له تعديل الآلية المعتمدة…».
وفي السياق، فقد اختتم وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل زيارته الى كندا في احتفال اقامته الجالية اللبنانية في تورنتو… وفي كلمة له بالمناسبة قال باسيل: «نحن شعب سلام ودعاة سلام، وهذا لا يعني ان نهرب من الحرب اذا فرضت علينا… واليوم يفرض علينا الارهاب التكفيري والدولي… وكل يوم «داعش» تحاول ان تخترق حدودنا وأرضنا، ولكننا «ننظف» أرضنا منها كي تبقى أرضنا نظيفة، فنحن لا نحتمل بؤر إرهاب وتكفير وفساد… وأرضنا سلام ومحبة وتعدد وانفتاح ومكان لبناء الشراكة الوطنية الفعلية على أساس المناصفة من دون الغاء او تحجيم للآخر، او تكبير أحد على حساب أحد…».
عسيري يتصل بعون وجعجع مهنئاً
إلى هذا، فقد كان لافتاً الاتصال الذي أجراه السفير السعودي في لبنان على عواض عسيري برئيس «تكتل التغيير والاصلاح» (الجنرال السابق) النائب ميشال عون وبرئيس «القوات اللبنانية» سمير جعجع مهنئاً ببيان «اعلان النيات». وهو اتصال رأت فيه مصادر متابعة «اشارة بالغة الدلالة باتجاه تحفيز الافرقاء اللبنانيين على تبديل اصطفافاتهم والعمل من أجل وحدة الصف والاتجاه…» وتأكيداً من قبل المملكة على تأييدها كل خطوة من شأنها ان تعزز الوحدة الوطنية وتنهي الانقسامات…
وكان عسيري التقى في عين التينة أمس الرئيس نبيه بري و«عرض من التطورات».
قهوجي عند بري
على صعيد آخر، فقد استحوذت الحملة على قائد الجيش العماد جان قهوجي باهتمامات عدد من المسؤولين، فبعد زيارة رئيس الحكومة الى اليرزة (أول من أمس) فقد استقبل رئيس مجلس النواب نبيه بري في عين التينة بعد ظهر أمس، العماد قهوجي في حضور وزير المال علي حسن خليل والمستشار احمد بعلبكي و«جرى عرض للوضع وشؤون المؤسسة العسكرية…»
وأكدت مصادر لـ«الشرق» ان الرئيس بري شجب الحملة التي تتعرض لها المؤسسة العسكرية والعماد قهوجي… داعياً الى «ابقاء هذه المؤسسة خارج المناكفات والحسابات والخلافات، ولبنان يواجه جملة تحديات هي من أخطر ما واجهه…». وشدد بري على «ان التمديد للعماد قهوجي خيار وحيد اذا لم يحصل التعيين»
وفي هذا، رأى عضو كتلة «المستقبل» النائب جان اوغاسبيان، ان «استهداف قائد الجيش العماد قهوجي، يعني استهداف مؤسسة الجيش التي تعد مثالاً يحتذى به في لبنان والمنطقة…» لافتاً الى «ان البعض يضع القيادة في قفص الاتهام لأن لديه مصالح شخصية…». وقال: «العماد قهوجي والمؤسسة العسكرية جزء كامل ولا يمكننا ان نفصلهما عن بعض…».
المخابرات تقبض على «نسر عرسال»
أمنياً، وفي اطار عملياته العسكرية في القلمون، سيطر «حزب الله» على جبل شميس الحصان وجبل صدر العروس في منطقة الجراجير، اضافة الى قرية شعاب النصوب وقرنة ابو حرب وقرنة سمعان، وفق ما أعلنت قناة «المنار».
من جهتها تمكنت عناصر مديرية المخابرات في الجيش من القاء القبض صباح أمس على أحمد عبد الأطرش والملقب بـ«نسر عرسال» عند أطراف البلدة، وهو ينتمي الى «جبهة النصرة» ومتورط في سيارة مفخخة في الهرمل وشارك في اعتداءات ضد الجيش اللبناني في عرسال أبرزها تلك التي استشهد فيها الرائد بيار مشعلاني…
ادانات واستنكارات
«وبالعودة الى تداعيات مجزرة «قلب لوزة» فلقد كان لافتاً «ان النائب طلال ارسلان استبق اجتماع «المجلس المذهبي» بمؤتمر صحافي في عقده في دارته في عاليه، استنكر فيه الجريمة، متسائلاً: لماذا حصلت هذه الجريمة، في هذا الوقت بالذات وما هو الهدف منها…» مؤكداً ان «إسرائيل والجماعات التكفيرية وجهان لعملة واحدة» ومشدداً على ان «كل تحريض مذهبي او طائفي من خلفية مذهبية او طائفية هو تحريض لسفك دماء الدروز والمسلمين…». وقال: «من يعتدي على جبل العرب سوف تكون مقبرته في جبل العرب والدروز ليسوا مختلفين مع أحد في السويداء…
من جهته دعا شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز نعيم حسن «الى الوقوف أمام المسؤوليات التاريخية لقطع جميع السبل على إسرائيل المستفيدة الأولى من تفتيت المنطقة».
جعجع في كليمنصو للتعزية
وكانت لافتة زيارة رئيس «القوات اللبنانية» سمير جعجع ترافقه زوجته النائب ستريدا جعجع (مساء أول من أمس) دارة جنبلاط في كليمنصو، وجرى عرض «الأوضاع السياسية العامة في لبنان والمنطقة لاسيما مجزرة «قلب لوزة» مؤكدين «رفض هذه الأعمال الارهابية والحرص على الاستقرار والعيش المشترك سواء في سوريا او في لبنان».
وفي السياق نفسه، وبعد لقائه متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الارثوذكس المطران الياس عودة، عزّى نائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري الطائفة الدرزية «بضحايا المجزرة…» لافتاً الى ان «الجميع يحاول ادخال الجميع في مواضيع الارهاب التي هي خطر على كل لبنان وكل المنطقة». متمنياً «ان تبقى بعيدة عن أراضينا».
بدوره وفي كلمة في «المؤتمر الثلاثين «لحزب الكتائب، ادان الرئيس أمين الجميل باسمه الشخصي وباسم حزب الكتائب جريمة «قلب لوزة» النكراء…».
وقد صدرت ادانات للمجزرة من كل من الرئيس فؤاد السنيورة الذي أكد «ان الجريمة تخدم أهداف النظام» ومن النائب جان اوغاسبيان، ونائب رئيس المجلس الشيعي الأعلى الشيخ عبد الامير قبلان الذي «استنكر بشدة المجزرة» ورأى ان «الارهاب التكفيري يتماهى في مجزرته وكل سلوكه العدواني مع المشروع الصهيوني…» مطالباً «اللبنانيين بوعي الأخطار التي تتهدد وطنهم بفعل الارهاب التكفيري والارهاب الصهيوني اللذين يشكلان وجهان لعملة واحدة…».