لم يسمح تمسّك وزيري «التيار الوطني الحر» بمطلب انجاز التعيينات العسكرية واعادة طرحها على طاولة مجلس الوزراء، للحكومة بمقاربة اي من المشاكل الحياتية الملحة التي تخص المواطن مباشرة. فلا قضية النفايات المتراكمة في الطرق بحثت ولا الهبات والقروض الدولية للبنان، ولم يتمكن المجلس من فتح اعتماد يؤمن لموظفي القطاع العام رواتبهم، وخرجت الجلسة بصفر لقرارات.
في المقابل، دار نقاش عقيم، اعترض فيه فريق «التيار» على خطوة تأجيل التسريح مؤكدا انها غير قانونية، كما ذكّر انه مغبون وتم تجاوز حجمه خلال تشكيل الحكومة، وتحدث عن ضرورة تأمين المشاركة الحقيقة..
من جهته، أطلق رئيس الحكومة تمام سلام دعوة بدت اشبه بصرخة في واد حيث قال «نحن مدعوون الى تجاوز خلافاتنا والخروج من هذا الواقع واتخاذ القرارات المطلوبة في الأمور الحيوية والملحة»، معتبرا ان «حل ازمة النفايات يستدعي اجراءات وطنية يشارك فيها الجميع»، ومشيرا الى أن هذا الموضوع سيبقى مستعصيا ما دام المناخ السياسي العام في البلاد على ما هو»، مضيفا «النتائج السلبية للشغور الرئاسي باتت تظهر أكثر فأكثر من خلال شل عمل مجلس النواب والشلل الذي يتسلل الى مجلس الوزراء». الواقع التعطيلي دفع وزير الاتصالات بطرس حرب الى اعلان اعتكافه «عن حضور جلسات المجلس من الآن فصاعدا إلا إذا حصل توجه جدي لكي يعود مجلس الوزراء سلطة قادرة على اتخاذ القرارات»، في وقت رأى وزير الدفاع سمير مقبل نفسه مضطرا، ازاء الشلل القائم، الى إطلاع الرأي العام على الضرر الذي سيطاول الجيش اللبناني، وما يحتاج اليه من اعتمادات لتأمين دفع رواتب ومستلزمات التغذية للعسكريين الذين يدافعون عن لبنان في مواجهة كل التحديات الامنية».
جلسة عادية ولكن
عقد مجلس الوزراء جلسة عادية عند العاشرة والنصف قبل ظهر امس في السراي الحكومي، برئاسة رئيس مجلس الوزراء تمام سلام وفي حضور الوزراء الذين غاب منهم الوزراء: غازي زعيتر ووائل أبو فاعور وارتيور نظريان.
على أثر الجلسة التي استمرت لأكثر من ثلاث ساعات، قال وزير الاعلام رمزي جريج: «افتتح سلام الجلسة كالعادة بدعوة القوى السياسية الى إنجاز الإستحقاق الرئاسي، مشيرا الى أن الشغور في موقع رئاسة الجمهورية بات يلحق أضرارا كبيرة بالبلاد.
وقال الرئيس سلام: ما زلنا للأسف نعيش في دوامة التعطيل، الأمر الذي ينعكس عجزا في القدرة على اتخاذ القرارات في شأن الأمور الضاغطة، وأبرزها في الوقت الراهن موضوع النفايات والموضوع المالي المتعلق بالهبات والقروض التي يتعين إقرارها وكذلك بالرواتب وسندات الخزينة.
مشكلة النفايات
أضاف سلام: ما زلنا نسعى لإيجاد حلول لمشكلة النفايات التي صار لها، وللأسف، لون طائفي ومذهبي ومناطقي. إن هذا الموضوع موضوع وطني بامتياز، ولن يجد حلا إلا بإجراءات وطنية يشارك فيها الجميع، وليس عبر تجاهله أو عدم إعطائه الأهمية التي يستحق أو استغلاله سياسيا.
وأكد رئيس الحكومة أن هذا الموضوع سيبقى مستعصيا ما دام المناخ السياسي العام في البلاد على ما هو، مضيفا ان النتائج السلبية للشغور الرئاسي باتت تظهر أكثر فأكثر من خلال شل عمل مجلس النواب والشلل الذي يتسلل الى مجلس الوزراء. وإننا مدعوون الى تجاوز خلافاتنا والخروج من هذا الواقع واتخاذ القرارات المطلوبة في الأمور الحيوية والملحة.
بعد هذا العرض، أبدى الوزراء رأيهم في مجمل المواضيع التي تناولها الرئيس، وجرت مناقشات مستفيضة حول المواضيع كافة، ولم ينته مجلس الوزراء الى اتخاذ أي قرارات».
موضوع التعيينات
وسئل: هل ناقشتم موضوع التعيينات الأمنية؟
أجاب «حصل نقاش حول التعيينات وأبدى أحد الأفرقاء تحفظه عن قانونية هذه التعيينات، واعتبر فريق آخر أن هذه التعيينات في ظل عدم اتخاذ مجلس الوزراء أي قرار بصدد تعيين القادة الأمنيين كان بإمكان وزير الدفاع أن يؤجل تسريح الضباط».
وسئل: هل علقت جلسات مجلس الوزراء أم سيجتمع الأسبوع المقبل؟
أجاب «لم تعلق الجلسات وإنما هذه الجلسة إنتهت دون قرارات، وسيتخذ دولة الرئيس الذي ينحصر به الحق بدعوة مجلس الوزراء للإجتماع وينحصر به ايضا القرار الذي يراه مناسبا، واعتقد انه سيدعو الى جلسة، وربما الوزراء الذين يعطلون اتخاذ القرارات سيصيبهم نوع من صحوة الضمير».
وسئل: هل هناك من مبادرة للتسوية من خارج مجلس الوزراء؟
أجاب: «مجلس الوزراء، كما قال الوزير بطرس حرب، ليس ناديا للنقاش بل هو مكان لإتخاذ القرارات من أجل تسيير شؤون البلاد والعباد، ومن هنا، وطالما سيبقى مجلس الوزراء مكانا للمناقشات السياسية وابداء كل فريق وجهة نظره، سيحول ذلك دون اتخاذ القرارات في المواضيع المتعلقة بالشأن الحياتي للناس. نأمل أن يكون عمل مجلس الوزراء منصبا على تأمين القضايا الملحة التي تلبي حاجات الناس».
الجلسة الاسوأ
واذ اعتبرت اوساط وزارية الجلسة الاسوأ حتى اليوم، واصفة النقاشات التي دارت خلالها بالعقيمة، أفادت ان سلام حاول طرح مسألة فتح اعتمادات لدفع رواتب موظفي القطاع العام، كما طرح اعطاء وزارة البيئة سلفة لرفع النفايات من الشوارع، لكن وزيري التيار رفضا البحث في اي موضوع قبل اعادة طرح التعيينات العسكرية وانجازها.الى ذلك، أكدت الاوساط ان الشعارات التي رفعت خلال تظاهرة التيار الوطني الحر أمس حضرت خلال المحادثات حيث رد «المستقبل» مستنكرا، واعتبرها الوزير بطرس حرب لا تخدم المسيحيين. فكان ان رد الوزير الياس بوصعب موضحا ان ما رفع عمل فردي ليست ادارة «التيار» مسؤولة عنه. أما الوزير نبيل دوفريج فعرف عن نفسه كمسيحي لاتيني عضو في «تيار المستقبل» وفي «داعش ! من جهته، عرض فريق «الكتائب» للقضايا الملحة رافضا تعطيل الحكومة، داعيا الى جلسات مفتوحة لبحث قضية النفايات وشؤون المواطنين. وأثار وزير الاقتصاد الان حكيم مسألة دفع لبنان جزاء قيمته 150 الف دولار في موضوع التحكيم في منع احدى الشركات من استخدام مطار بيروت بعد الحصول على اذن.
مقبل والشلل
ثم تحدث نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الوطني سمير مقبل، وقال: «في ظل شلل عمل مجلس الوزراء وعدم تمكنه جلسة تلو أخرى من اتخاذ قرارات، انا مضطر الى إطلاع الرأي العام على الضرر الذي سيطاول المؤسسة الوطنية، الجيش اللبناني، حول ما تحتاج اليه من اعتمادات لتأمين دفع رواتب ومستلزمات التغذية للعسكريين الذين يدافعون عن لبنان في مواجهة كل التحديات الامنية، وهم متأهبون في جميع المواقع للدفاع عن لبنان».
حرب والسفسطة
كذلك أدلى وزير الاتصالات بطرس حرب بتصريح قال فيه: «كررت اليوم الموقف الذي سبق أن أعلنته في جلسة سابقة، أن مجلس الوزراء لا يمكن أن يتحول الى ناد لنقاش السفسطة السياسية. مجلس الوزراء هو سلطة تنفيذية عليه ان يتحمل مسؤولياته في حل مشاكل البلد والناس، والقضايا المطروحة اليوم هي قضايا خطيرة، هناك موضوع النفايات والرواتب والأجور والقروض التي تسقط ويخسرها لبنان، وكذلك الديون المترتبة على لبنان، والتي يجب سدادها وإلا سيعتبر دولة فاشلة عن القيام بالتزاماتها، وهذه أضرار كبيرة جدا. وأنا شخصيا لا يمكن أن أقبل كوزير في هذه الحكومة أن أكون شاهدا على إسقاط دور الدولة وعدم القيام بواجباتها.
لذلك أعلنت وأبلغت اليوم رسميا مجلس الوزراء أنني قررت أن أعتكف عن حضور جلسات مجلس الوزراء من الآن فصاعدا إلا إذا حصل توجه جدي لكي يعود مجلس الوزراء سلطة قادرة على اتخاذ القرارات، لكن ان نبقى كما هي الحال عليه ونسمع بعضنا البعض وكل واحد يحاول التفتيش عن مبررات جديدة للموقف السياسي المتمسك به أنا لست جزءا من هذا الشيء ولست شاهدا على هذا الأمر، وسأقاطع كل جلسة لن يتجه مجلس الوزراء الى اتخاذ قرارات فيها».
حكومة معطلة
من جهته، دعا وزير المال علي حسن خليل الى «ضرورة ان يكون هناك نقل للاعتماد لدفع الرواتب»، في وقت قال وزير العدل اشرف ريفي «جلسة الحكومة رفعت في انتظار مساعٍ سياسية خارج مجلس الوزراء لحلحلة الامور، وسلام خرج من الجلسة غير مسرور ومنزعج، اما وزيرة الهجرين اليس شبطيني، فاشارت الى ان الحكومة معطلة «يمكن الموظف يموت من الجوع»، مضيفة «لم يتخذ اي قرار وهي جلسة «حكي وعتاب».
وقبيل الجلسة، عقد اجتماع ضم وزير الخارجية جبران باسيل ووزير التربية الياس بو صعب ووزير الثقافة روني عريجي. في وقت، أكد وزير البيئة محمد المشنوق أنه تم الانتهاء من مناقصات النفايات. من جهته، قال ريفي ان رئيس تكتل التغيير والاصلاح النائب ميشال عون سيبقى يقاتل قائد الجيش جان قهوجي حتى يوصله الى رئاسة الجمهورية.
بدوره، قال وزير الداخلية نهاد المشنوق :»اذا استمروا بالحملة على قهوجي فسيتم التمديد له مرة ثالثة».
هذا واعتبر وزير الشباب والرياضة عبد المطلب حناوي أن موضوع التمديد 3 سنوات للعسكريين هرطقة دستورية وتخل بميزانية الجيش.