IMLebanon

جعجع الى قطر : الحوار مضيعة للوقت وسنقاطع

اعلن رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، أن «القوات اللبنانية» لن تشارك في الحوار المزمع عقده في التاسع من الجاري، باعتبار أنه «سيكون مثل الذي سبقوه، وبالتالي مضيعة للوقت»، لافتاً الى «أننا مستعدون لاعادة النظر في موقفنا شرط أن ينحصر جدول أعمال جلسة الحوار بانتخاب رئيس واذا شارك «حزب الله» في جلسات الانتخابات الرئاسية».

وأكد أن «الذهاب الى الحوار الآن يحرف الأنظار والاهتمام عن الخطوة الأساسية المفصلية الوحيدة، التي ممكن أن تشكل لنا باب فرج وخلاصا بالوقت الحاضر، والتي هي انتخاب رئيس». وأعلن «ثورة جمهورية كاملة على كل شيء إسمه فساد بمعزل عن فريقي 8 و 14 آذار»، لافتاً الى انه «لن تنقضي الأمور معنا بعدم المشاركة بأي حكومة سوف تتشكل كالعادة، على أسس غير واضحة وبتقاسم مغانم، بل سوف نكون رأس حربة بمعارضة هكذا حكومات». وإذ انتقد الوضع الحالي، رأى أن «الحكومة الحالية يجب أن ترحل، لكن شرط مجيء حكومة مكانها، لا عاجزة ولا فاشلة ولا فاسدة. وحتى يكون لدينا إمكانية تغيير هذه الحكومة بواحدة أفضل منها، نحتاج الى رئيس جمهورية، وأن ينتخب المجلس النيابي رئيسا جديدا، ولكن شرط أن لا نتراجع عن معركة الفساد، التي نخوضها الآن».

مواقف جعجع

هذه المواقف أطلقها، جعجع في الخطاب الذي ألقاه عقب الاحتفال بقداس شهداء القوات اللبنانية في معراب تحت شعار «ما بينعسوا الحراس»، الذي ترأسه الأب الياس العنداري ممثلا البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي. واستهل جعجع كلمته بالقول: «لا لم ينته. لبنان لم ينته، ولن ينتهي ولا ينتهي. مررنا بالكثير، ومر علينا كثر: حثيون وفرس ورومان ومماليك، وإمبراطوريات، وسلالات، وانتدابات، واحتلالات ووصايات. كلهم ذهبوا، وبقي لبنان. مر علينا ظلم كثير وقهر كبير، مر علينا فقر وتعتير، مر علينا مجاعة رهيبة، وصارت الناس تموت من الجوع على جوانب الطرقات. مات ثلث لبنان، وهاجر ثلثه الثاني، وبقي لبنان. مهما تكدست النفايات وكثر السماسرة واستشرى الفساد وانتشرت الروائح الكريهة، لن نعرف يأسا، وسنبقى، سنبقى، سنبقى! سنبقى حراس حلم الناس، وما بينعسوا الحراس، ستبقى العزيمة فينا، وما بيتعبوا الحراس!».

أضاف «لا ينبغي أن يفكر أحد بالهجرة، بل يجب أن نفكر بتهجير من هم السبب. لقد فشلوا أن يهجرونا خلال الحرب، وفشلوا أن يهجرونا في السياسة، وفشلوا أن يهجرونا بالمجاعة، وفشلوا أن يهجرونا بالوصاية، وفشلوا أن يهجرونا بالفقر، وفشلوا أن يهجرونا بالقمع والاعتقالات، وفشلوا أن يهجرونا بالاغتيالات، وفشروا أن يهجرونا بالزبالة والقرف والصفقات».

وتابع ان «اليأس هو جزء من المؤامرة، لذا يجب أن نكون ضد اليأس لأنه يجب أن نسقط المؤامرة. ولإسقاط المؤامرة يجب أن نتذكر دوما لبناننا».

الرفاق الشهداء

وقال مخاطبا اصحاب المناسبة: «رفاقي الشهداء، مثلما كنتم أبطالا في الحرب، سنكون أبطالا في السلم، ومثلما واجهتم الجيوش والجحافل الغازية، هكذا سنواجه جيوش عدم الكفاءة وقلة المسؤولية وجحافل الفساد الطاغية. ويل لشعب حكوماته عاجزة فاشلة فاسدة. فالوضع الحالي لم يعد يطاق، الحكومة الحالية يجب أن ترحل، لكن شرط مجيء حكومة مكانها، لا عاجزة ولا فاشلة ولا فاسدة. وحتى يكون لدينا إمكانية تغيير هذه الحكومة بواحدة أفضل منها، نحتاج الى رئيس جمهورية»، معتبرا أن «الخطوة الأولى والوحيدة التي بإمكانها إخراجنا من الوضع الذي نحن فيه الآن، هي انتخاب رئيس جديد للجمهورية، يشكل حكومة جديدة فور انتخابه، ولو نسبيا على قدر طموحاتنا. من بعدها تنظم هذه الحكومة انتخابات نيابية على أساس قانون جديد للانتخابات ليصبح الناس قادرين على محاسبة من انتخبوهم. أقصر وأوضح وأسهل طريق للخروج من الوضع الحالي، من دون تعقيدات ولا مطبات، ولا تعديلات دستورية مستحيلة، هو أن ينتخب المجلس النيابي رئيسا جديدا، ولكن شرط أن لا نتراجع أبدا كشعب لبناني عن معركة الفساد، التي نخوضها الآن. يعني انه لا ينبغي ان نضغط فقط حتى ينتخب المجلس رئيسا جديدا، ولكن ليكون أيضا هذا الرئيس مختلفا وقادرا على البدء بعملية الإصلاح المطلوبة».

كلنا باقون

ورأى أنه «إذا بقينا مصممين كما نحن الآن، وكلنا باقون، وإذا أبقينا عيوننا مفتحة كما الآن، وسوف نتركها مفتوحة، لا أتخيل ان هناك إمكانية كي يتسلل أحد من الجيل الفاسد الى كرسي رئاسة الجمهورية، ولو من خلال انتخابات من المجلس الحالي، بينما إذا أوقفنا حملتنا وعدنا الى بيوتنا ونمنا وكأن شيئا لم يكن، لن نحصل على الرئيس الذي نريده، لا من خلال هذا المجلس ولا بغيره»، مؤكدا «نريد رئيسا، من دون رئيس يمكننا ان نتظاهر بقدر ما تشاؤون، ولكن لن نصل لأي نتيجة. نريد رئيسا لأنه من دون رئيس ستبقى الحكومة الحالية. نريد رئيسا لأنه من دون رئيس دورة الحياة السياسية ستظل معطلة».

وذكر اللبنانيين أنه «مثلما ساهم اتحادنا وتصميمنا ونضالنا بخروج جيش الأسد من لبنان عام 2005 من بعد 30 سنة احتلال، هكذا الآن اتحادنا وتصميمنا ونضالنا سيمكنوننا من تحقيق الخطوة الأولى على طريق الإصلاح، الضغط على المجلس النيابي حتى ينتخب رئيسا، وليس أي رئيس، رئيس من دون نفايات، وقادر أن يخلصنا من الزبالة. وبمناسبة الكلام عن رئيس، نسمع من وقت لآخر البعض يقولون: هل يا ترى ميشال سليمان سيكون آخر رئيس مسيحيي في لبنان وفي هذا الشرق؟ فمن يفترض هكذا افتراض، ولو عن حسن نية، يكون في الحقيقة لا يعرف شيئا لا بالسياسة ولا بالتاريخ ولا بالجغرافيا ولا بلبنان. ما يجعلني أقول هذا الكلام هو اتفاق الطائف والدستور اللبناني، والواقع في لبنان»، معتبرا أن «محاولات التخويف المقنعة ولت أيامها، وكذلك محاولات التخويف غير المقنعة. طالما لبنان موجود ويوجد فيه جمهورية، وهذه الجمهورية لديها دستور، طالما حقوق جميع اللبنانيين محفوظة من دون منة من أحد. طالما لبنان موجود، رح تضل أجراسنا تدق، ورح يضل في رئيس مسيحي بالشرق».

ويل لأمة مقسمة

وحذر «ويل لأمة مقسمة الى أجزاء، وكل جزء يحسب نفسه فيها أمة»، معتبرا أن «أسباب الشلل والفساد والضياع والواقع المزري، الذي وصلنا اليه ليست فقط السياسيين الفاسدين وطريقة تشكيل الحكومات، ولكن أيضا وجود سلطة خارج السلطة ودويلة الى جانب الدولة. فوجود سلطة خارج السلطة ودويلة الى جانب الدولة، يعطل الحياة السياسية الطبيعية في لبنان ويمنع المساءلة والمحاسبة. بالفعل هذا أحد أهم أسباب كل الواقع المتردي الذي نعيشه. منطق الدولة يتعطل حين لا يعود وحده هو السائد. وجود الدولة يتعطل حين القرار لا يعود كله لها، وفعالية الدولة ككل تتدنى كثيرا حين يصبح هناك تشويش على منطقها وافتئات على وجودها»، لافتا «نحن ممتنون لكل الذين يتنطحون لحمايتنا، ولكن بالحقيقة نحن لا نحتاج الى حماية. وحين نحتاج الى حماية، فالجيش اللبناني يحمينا. وحين لا يعود الجيش قادرا لا سمح الله، لسبب من الأسباب، نحن نعرف كيف نحمي أنفسنا. لا يحاول أحد تخويفنا بالخطر. نحن وقت الخطر قوات!».

لن نلبي الحوار

وتطرق الى الحوار المزمع عقده في التاسع من الجاري بدعوة من رئيس مجلس النواب نبيه بري، فقال: «كم من الجرائم ترتكب باسمك أيها الحوار. الحوار كلمة حلوة من المفترض ان تتحكم بحياة كل واحد منا، كما بعلاقة البشر ببعضهم، كما بعلاقة المجتمعات ببعضها. ولكن حتى هذه الكلمة الحلوة، مصرون نحن في لبنان على تشويهها. أريد أن أتوقف مطولا عند دعوة الحوار التي أطلقها الصديق الرئيس نبيه بري الأسبوع الماضي، في ذكرى غالية على قلوبنا جميعا، ذكرى غياب الإمام موسى الصدر، إمام الهوية اللبنانية، إمام التسامح والعقل، إمام الوفاق الوطني الفعلي، إمام الفقراء وهموم الناس وإمام الاعتدال بامتياز كبير. الرئيس بري شخصيا له عندنا، وعندي أنا شخصيا، معزة خاصة، لذا أريد أن أقول بداية: تقديرنا للرئيس بري شيء، ورأينا بالدعوة الى الحوار شيء آخر مختلف تماما. أولا: منذ سنة 2006 حتى هذه اللحظة، كم عقدت جلسات حوار في لبنان: ربما أكثر من 50 جلسة، غير جلسات الحوار الثنائية بين الأطراف كافة، يعني مئات ومئات الساعات من جلسات الحوار».

نتيجة ما سبق

وإذ سأل «هل بإمكان أحد أن يقول لي ما كانت نتيجة كل ساعات الحوار التي صارت؟، أوضح: «أنا سأقول لكم: كل جلسات الحوار التي حصلت لم تستطع أن تجنبنا أزمة النفايات. كل جلسات الحوار التي حصلت لم تتمكن من ترك حكومة انتقالية تتصرف بالحد الأدنى الأدنى كحكومة انتقالية. كل جلسات الحوار التي حصلت لم تجعلنا نحترم بالحد الأدنى المواعيد الدستورية وننتخب رئيس جمهورية، وبالأمس مرت الجلسة الـ28 من دون ان ننتخب رئيسا بعد. كل جلسات الحوار التي حصلت لم تمكننا من اقناع البعض باحترام حدود لبنان الدولية وعدم القتال في سوريا. كل جلسات الحوار التي حصلت لم تمكننا من القاء القبض على بعض المجرمين والسارقين في البقاع. كل جلسات الحوار التي حصلت لم تسحب قطعة سلاح واحدة لا من داخل المخيمات ولا من خارجها. كل جلسات الحوار التي حصلت لم توصلنا حتى الى قانون انتخابات جديد ولا الى انتخابات نيابية، ودفعتنا غصبا عنا للقبول بالتمديد للمجلس النيابي خوفا من الفراغ الدستوري الكامل. من جهة ثانية، كم جرى من حوار في إطار الحكومة الحالية، فقط من أجل الاتفاق على صيغة للعمل الحكومي، ومنذ أشهر وأشهر الى الآن من دون أي نتيجة. مين جرب المجرب كان عقلو مخرب».

مضيعة للوقت

ورأى ان «كل شيء يدل أن الحوار الحالي سيكون مثل الذي سبقوه، وبالتالي مضيعة للوقت. ولهذا السبب لن نذهب الى هذا الحوار. فيا إخوان البلد يغرق بالنفايات، ومنذ شهرين الى الآن لا أحد يحاول إيجاد الحل، لنذهب نحن كي نتناقش بجنس الملائكة من جديد؟ مرتا مرتا تهتمين بحوارات كثيرة والمطلوب واحد في الوقت الحاضر: النزول الى المجلس النيابي وانتخاب رئيس للجمهورية. فالذهاب الى الحوار الآن يحرف الأنظار والاهتمام عن الخطوة الأساسية المفصلية الوحيدة، التي ممكن أن تشكل لنا باب فرج وخلاصا بالوقت الحاضر والتي هي انتخاب رئيس»، مستطردا «قد يقول البعض اذهبوا الى الحوار علكم هناك تتفقون على رئيس. هذا افتراض مستحيل، لأن مواقف الأطراف جميعها معروفة ومعلنة وواضحة من انتخابات رئاسة الجمهورية، وبالتالي كيف بإمكاننا التوصل الى نتيجة مختلفة؟ قد يقول البعض الآخر: الكلام يبقى أفضل من عدم الكلام. هذا صحيح. الكلام دائما أفضل، ولكن كلنا نتكلم مع بعض كل الوقت، وبماذا نفع الكلام؟ وبالخلاصة: الحوار الذي دعي إليه سيكون حوار مضيعة للوقت وصرف للأنظار عن مشاكلنا الحقيقية، من مشكلة النفايات لمشكلة انتخابات رئاسة الجمهورية وما بينهما. نقول دائما الحقيقة مهما كانت صعبة، هكذا تعلمنا في هذه المدرسة، هذا ما نقوم به الآن، وهكذا سنستمر الى أبد الآبدين آمين».

البكاء على الأطلال

وحذر «ويل لأمة يقل فيها الفعل ويكثر فيها النحيب والبكاء على الأطلال»، مستذكرا «منذ أن بدأت الثورات والاضطهادات في المنطقة، كثر يتكلمون عن وضع المسيحيين في الشرق وعما يحصل لهم، وماذا سيحل بهم، وما هو مستقبلهم. يحصل الكثير من الضياع والتضييع في هذا المجال، بعضه عن حسن نية، والبعض الآخر عن سوء نية. ولا شك أن بعض مسيحيي المنطقة، خصوصا في العراق، وضعهم صعب جدا انطلاقا من جغرافية وجودهم، ومن مجموعة اعتبارات موضوعية أخرى، ولكن هذا الواقع لا ينبغي ان يكون حجة لننعى مسيحية الشرق وننتحب عليهم.

أولا: المسيحيون جزء لا يتجزأ من هذا الشرق- سكان أصليون وليسوا جاليات- وبالتالي ينتهون من هذا الشرق حين ينتهي الشرق

ثانيا: منذ القديم وحتى اليوم، مرت عليهم حروب كثيرة ومصائب كبيرة، أكبر بكثير من كل شيء يحصل في إيامنا الحاضرة، وتخطوها، وبالتأكيد الآن سيتخطون أيضا المآسي والأزمات التي يمرون بها.

ثالثا: الأزمة الآن لا تطاول المسيحيين فقط، بل تطاول كل الناس في هذا الشرق. رابعا: المواجهة الحالية في دول الشرق ليست بين المسيحيين والمسلمين، هي في الواقع مواجهة بين الديكتاتورية والديموقراطية، بين التطرف والإعتدال، بين منطق الدولة والمنطق الآخر. والمسيحيون في هكذا مواجهة لا يمكنهم البقاء على الهامش أو أن يعتبروا أنفسهم غير معنيين لأنهم أبناء حقيقيون لهذا الشرق. المسيحيون لا يمكنهم البقاء في هذا الشرق إلا إذا كان ديموقراطيا معتدلا، يحكمه منطق الدولة».

مواجهة الديكتاتورية

وشدد على أنه «في المواجهة الحالية، لا يمكن للمسيحيين إلا أن يكونوا مع الديموقراطية بمواجهة الديكتاتورية، ولا يمكنهم إلا أن يخوضوا المواجهة ضد التطرف والقيام بكل ما يلزم لدعم الاعتدال، ولا يمكنهم إلا ان يكونوا مع منطق الدولة ضد المنطق الآخر. فالمسيحيون أقليات بالعدد في هذا الشرق، لكن بإمكانهم أن يكونوا أكثريات بالفعل والتأثير. مصير المسيحيين في هذا الشرق مرتبط بتصرف المسيحيين أنفسهم، مهما كانت التحديات التي تواجههم، إن كان إسمها بشار الأسد أو داعش أو غيره. وأنا متأكد، كما تصرفوا كل الوقت في التاريخ، سوف يقررون مصيرهم بإيديهم هذه المرة أيضا، ويلعبون الدور الطليعي الذي يلعبونه طيلة عمرهم، ويساهمون بتحويل الشرق لواحة للثقافة والحضارة والعلم مثلما كان بمراحل عديدة من تاريخه، وسيكونون أول المتربعين في هذه الواحة: حراس عا أحلام الناس، وما بيتعبوا الحراس».