كتب عبد الامير بيضون:
يدخل لبنان اليوم يومه الخمسماية من دون رئيس للجمهورية.. و«الحوار الوطني» الذي تستضيفه إحدى قاعات مجلس النواب، ينتهي اليوم في جلسة واحدة قبل ظهر اليوم، دون المسائية لاتاحة المجال أمام انعقاد جلسة مجلس الوزراء لم تبت نهائياً والافرقاء المعنيون منشغلون عن الهدف الأساس بالاتفاق على انجاز الاستحقاق الرئاسي، وانهاء الشغور الذي طال، في البحث عن «مواصفات» الرئيس العتيد، حيث لكل فريق صورة تختلف عن تصور الآخر.. فيمضي لبنان في حضن الفراغ.. حيث تغيب الجلسات الحوارية التي ملأت المشهد السياسي في بحر الاسبوع الجاري عن واجهة المتابعة في الاسبوع المقبل، بفعل سفر رئيس مجلس النواب نبيه بري الى الخارج في زيارتين رسميتين: الاولى الى رومانيا والثانية الى جنيف للمشاركة في مؤتمر «الاتحاد البرلماني الدولي الحادي والثلاثين».
5 جرحى للجيش
غير ان ذلك لم يحل دون استمرار التعديات على الجيش اللبناني، حيث سقط أمس خمسة عناصر من المؤسسة العسكرية جرحى جراء سقوط قذيفة مدفعية على مركز الجيش في جرود رأس بعلبك، ورد الجيش على موقع المسلحين الارهابيين مصدر القذيفة..
حراك شعبي واعتصام اليوم
وبالتوازي، فقد عاد «الجدل البيزنطي» حول مسألتي «التعيينات» و«الترقيات» في المؤسسة العسكرية الى الواجهة، بنداً خلافياً، لا يظهر في المعطيات أي جديد يساعد على تجاوز هذه المسألة كما يقتضيه الدستور والقوانين المعنية.. هذا في وقت عاد «الحراك الشعبي» الى الساحة من جديد، وصل فجر أمس الى دارة الرئيس تمام سلام في المصيطبة.. وتواصل نهاراً في اعتصام أمام قصر العدل من قبل مجموعة «بدنا نحاسب» التي دعت الى المشاركة في اعتصام اليوم في ساحة رياض الصلح، بعدما كان عناصر منها التقوا القاضيين سمير حمود وعلي ابراهيم مطالبين القضاء بـ«فتح ملفات».. وما أثير في جلسة لجنة الاشغال الأخيرة حول أزمة الكهرباء.. ومعلنين رفضهم خصخصة قطاع الكهرباء.
الحوار يضيع بين «المواصفات»
وكانت طاولة الحوار الوطني، قد عقدت جلستها قبل ظهر أمس، وغاب عنها رئيس «تكتل التغيير والاصلاح» (الجنرال السابق) النائب ميشال عون، الذي مثله النائب ابراهيم كنعان.. حيث ركزت مداخلات المشاركين في الحوار أمس حول «مواصفات الرئيس، العتيد للجمهورية.. وظهرت تباينات واضحة، من شأنها ان تصعب من مهمة انجاز الاستحقاق الرئاسي» على ما قالت مصادر حوارية لـ«الشرق»..
وتحدثت المصادر عن «تمايز كبير في مواقف أفرقاء 8 و14 آذار، حول هذه المواصفات.. حيث ركزت قوى 8 آذار، على مواصفات تنطبق على الجنرال عون في حين ركزت مواقف 14 آذار، على «صفات رئيس لا يكون مرتهناً الى الخارج..».
.. وبين الأولويات
ووفق المعلومات، فإن مواقف أفرقاء 14 آذار، ركزت على أولوية انتخاب رئيس الجمهورية، رافضة البحث في أي موضوع آخر.. على ان يعقب ذلك، البحث في «البنود الأخرى..». وقد شدد أفرقاء 8 آذار على أولوية البحث عن قانون انتخابات نيابية على أساس النسبية، يليه الانتقال الى مرحلة جديدة تتمثل بانتخاب الرئيس..».
وكشف نائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري، «ان المتحاورين انطلقوا اليوم (أمس) من النقطة التي انتهى اليها اجتماع هيئة الحوار في جولتها المسائية، وان كل واحد أعطى وجهة نظره بالنسبة الى المواصفات، وهي متقاربة مع بعض التمايز.. ولم نتطرق الى الأسماء..».
جلسة الحكومة اليوم..
إلى ذلك، وإذ من المقرر ان تنتهي جلسات الحوار قبل ظهر اليوم، خلافاً لما كان مقرراً لاتاحة المجال أمام انعقاد جلسة لمجلس الوزراء تقر ملف النفايات، فإن مصادر وزارية أعربت لـ«الشرق» عن مخاوف من امكانية تعثر انعقاد هذه الجلسة، ان كانت ستتطرق الى موضوع «التعيينات والترقيات العسكرية..».
الترقيات والتعيينات بين السراي والدفاع
وفي هذا، استقبل الرئيس سلام في السراي الحكومي أمس، وزير الشباب والرياضة عبد المطلب حناوي، المحسوب على الرئيس ميشال سليمان، وكان بحث «في موضوع الحوار وما يدور من مواصفات لرئيس الجمهورية وغيرها..» على ما قال حناوي الذي أشار الى ان البحث تناول أيضاً موضوع النفايات والترقيات العسكرية..» التي تشغل بال الجميع حالياً في ظل التعثر الحكومي وربط الارضاء بعمل مجلس الوزراء..».
وأشار حناوي الى أن هناك موضوعين: الترقيات والتعيين والمادة 41 من قانون الدفاع تنص على ان الترقيات تتم من قبل وزير الدفاع بناء لاقتراح من قائد الجيش، إنما التعيين يتم في مجلس الوزراء، وهنا الفرق». ولفت حناوي الى أنه «اذا حصلت الترقيات داخل مجلس الوزراء فهي مسألة مخالفة للدستور..»، داعياً السياسيين الى ان «يرفعوا أيديهم عن هذه المؤسسة وهي تسير بسلام». وفي السياق زار وزير الدفاع سمير مقبل، صباح أمس، قائد الجيش العماد جان قهوجي، حيث أطلع منه على الأوضاع كما «استفسر منه عن العقبات والاحتياطات اللازمة لاستمرارية تأمين جهوزية الجيش وصموده..». كما تطرق البحث الى ما يثار حول التعيينات والترقيات وملء الشواغر وفق القوانين المرعية الاجراء، «وكانت وجهات النظر متطابقة لجهة الحفاظ على هذه المؤسسة وابعادها عن التجاذبات السياسية..».
السفير الفرنسي: لبنان يواجه تحديات جمة
وكان مقبل استقبل في مكتبه في الوزارة السفير الفرنسي ايمانويل بون يرافقه الملحق العسكري في السفارة، حيث جرى التداول في الأوضاع الراهنة، وتركز بصورة خاصة حول العلاقات الثنائية بين لبنان وفرنسا في مجال التعاون العسكري ودعم الجيش وتسليحه، لاسيما من خلال الهبة السعودية..».
ولفت السفير الفرنسي الى «ان لبنان يواجه تحديات جمة.. ولا يمكن له ان يواجه هذه التحديات بمفرده.. ونحن ملتزمون كل الالتزام بمساعدته..».
مواقف تستبعد الاتفاق الرئاسي
وبالعودة الى المواقف من مسألة الحوار، فقد أشار النائب مروان حماده الى ان «مواصفات الرئيس ستطول وستتوه، ولا مجال في الوقت الحاضر للاتفاق على رئيس ولا مجال أيضاً الدخول في تفاصيل القوانين الانتخابية وغيرها من الأمور التي تحاول 8 آذار جر 14 آذار اليها..».
الحجار
أما عضو كتلة «المستقبل» النائب محمد الحجار، فلفت الى ان «حزب الله يصر على معارضة انتخاب الرئيس قبل حصوله على الضوء الأخضر من ايران، وطالما هذه الحالة مستمرة، ستبقى المشكلة موجودة.. وأكد الحجار أن «إصرار العماد عون على ان يكون وحده المرشح لرئاسة الجمهورية لا يعطي المسيحيين حقهم، فنحن نرى ان الدولة تتحلل، والناس يرون ان الوضع الاقتصادي والاجتماعي يتدهور كثيراً».
موسى
وفي المقابل، رأى عضو كتلة «التنمية والتحرير» النائب ميشال موسى، «ان هناك نية لدى الجميع في الوصول الى صيغة تسوية تلائم المواضيع القانونية والدستورية لاعادة تفعيل المؤسسات الدستورية في الدولة». وأكد رداً على سؤال «ان طاولة الحوار ليست كالمؤتمر التأسيسي، إنما المطلوب منها خلق مناخ مناسب لاعادة تفعيل عمل المؤسسات».
فضل الله
أما عضو كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب حسن فضل الله، فرأى «ان المدخل الطبيعي للتغيير في لبنان هو إقرار قانون انتخاب عادل قائم على أساس النسبية ينتج سلطة جديدة تكون معبرة عن تطلعات اللبنانيين وتعمل على اصلاح وضع مؤسسات الدولة وتكافح الفساد..».
اعتصام لـ«بدنا نحاسب».. والحراك المدني
في سياق آخر، فإن الأنظار تتجه وبالتقاطع مع جلسة مجلس الوزراء المقررة بعد ظهر اليوم، الى ساحة رياض الصلح، حيث دعت حملة «بدنا نحاسب»، «جميع المواطنين الى المشاركة في اعتصام عند الخامسة من بعد ظهر اليوم، في ساحة رياض الصلح للانطلاق بعدها نحو الساحات والتجمع مع باقي مجموعات الحراك.. وكانت «بدنا نحاسب» تجمعت أمس أمام قصر العدل حاملين يافطات ضد الفساد، جرى خلالها لقاء بين المدعي العام التمييزي القاضي سمير حمود، والنائب العام المالي علي ابراهيم والمعتصمين». وأشارت الناشطة نعمت بدر الدين الى «ان زمن السكوت عن الفساد والمفسدين قد ولّى..». وقالت: «لن نقبل بتخصيص قطاع الكهرباء..». وبالتوازي جرى حراك شعبي ضد معمل سبلين والجيه وسوكلين وكانت مجموعة من «الحراكيين» من مجموعة «طلعت ريحتكم» فاجأت الجميع حيث توجهت فجر أمس الى دارة الرئيس سلام في المصيطبة، حاملة شعارات ضد الفساد، ودعته الى عقد جلسة لمجلس الوزراء لبت الملفات العالقة..
جنبلاط «وعد بعدم التصريح فأخلّ» … ولا تقدم ملموسا في حوار ساحة النجمة
جلسة «المواصفات السابعة» لم تستقر على رأي … وكل فريق على موقفه
«الترقيات» لم تناقش و«السلة الواحدة المتكاملة» سيدة الموقف
مجلس النواب – هالة الحسيني
لم تحمل جلسة الحوار امس في جولتيها السادسة والسابعة اي شيء جديد، بل لا تقدم ملموسا في سياق التسويات التي بقيت بعيدة عن مناقشات طاولة الحوار التي تناولت فقط مواصفات رئيس الجمهورية المقبل، فأدلى كل فريق بوجهة نظره في هذا الاطار وكان الاتفاق على ان يكون جامعا لجميع اللبنانيين، وان يعي خطورة الاوضاع القائمة في المنطقة، ويحترم الدستور.
هذا في النقاط المشتركة، اما في الاختلاف فبات واضحا ان فريق الثامن من اذار يطالب برئيس قوي له حيثية شعبية ويحفظ التوازنات فيما فريق الرابع عشر من اذار طالب برئيس يحترم الدستور والطائف ويكون توافقيا.
واذا كانت التسوية المنتظرة وهي ترقية العمداء الى رتبة لواء بمن فيهم العميد شامل روكز لم تناقش بل لم تبحث على طاولة الحوار فإن ما تم التطرق اليه هو السلة الواحدة المتكاملة والتي طرحها ممثل «التيار الوطني الحر» مشيرا الى ان انتخاب الرئيس يجب ان يسبقه ايضا وضع قانون جديد للانتخابات النيابية خصوصا ان النسبية يوافق عليها اغلبية اللبنانيين، وقد وافقه فريق الثامن من اذار فيما باقي المتحاورين اعتبروا ان الاولوية هي لانتخاب رئيس للجمهورية ومن بعد ذلك تتم مناقشة كل المسائل الخلافية، اذ ان رئاسة الجمهورية هي الباب لحل كل المشكلات وعودة المؤسسات لممارسة عملها بل تعزيزها ايضا.
اما النائب سامي الجميل فاعتبر في مداخلته «ان انقسام اللبنانيين والوضع المتأزم في لبنان والمنطقة يجعلان من اي مرشح تحد مرفوضا كما ان انقسام المسيحيين يمنعهم من فرض مرشح على باقي اللبنانيين.
مشددا على «اهمية وجود رئيس يحترم ويقبل الاخر ويواكب عمل مجلس الوزراء وان يكون مقبولا وطنيا ويلتزم مقدمة الدستور ويسعى الى التوافق وايجاد الحلول للمشاكل العالقة».
وتقول مصادر مطلعة «ان هناك من يحاول ربط تسوية الترقيات العسكرية بالسلة المتكاملة اي العودة الى نقطة الصفر، فيما بند رئاسة الجمهورية سيبقى الاولوية للبحث، علما ان البعض في جلسة الحوار طرح موضوع قانون الانتخابات النيابية».
وفي هذا الاطار اكد الرئيس نجيب ميقاتي بعد الجلسة «ان على رئيس الجمهورية ان يعي التحديات القائمة وان يكون مارونيا ولكن لبنانيا في الصميم ويحترم ميثاق الطائف ويحافظ على التوازنات في الساحة»، فيما النائب ابراهيم كنعان رأى انه «من المفروض ايجاد قانون انتخابي جديد اذ ان اغلبية موجودة تريد النسبية».
بدوره النائب علي فياض لفت الى وجود بعض نقاط التوافق وبعض نقاط الاختلاف، معتبرا اننا بحاجة الى مزيد من الوقت.
وقال الوزير بطرس حرب «حددنا في الجلسة مواصفات الرئيس ولم ندخل في التعيينات قائلا: السعي الان هو لتحديد الرد على السؤال هل الاولوية لانتخاب الرئيس ام السلة المتكاملة.
اما النائب وليد جنبلاط فرفض الحديث وقال: اعتمدت منذ البداية بألا اصرح خلال جلسات الحوار وما زلت معتمدا ذلك».
هذا واستؤنفت الجولة السابعة عند السادسة مساء امس في حضور جميع المشاركين بعدما غاب النائب العماد ميشال عون ومثله النائب ابراهيم كنعان فيما غادرهما في منتصفها قبل الـظهر النائب ميشال المر لاسباب شخصية كما تخلل الجولتين مشاورات جانبية ومن بينها لقاء بين الرئيس بري والنائب كنعان صباحا.
الى 26 الجاري
وعند الساعة التاسعة الا ربعاً رفعت الجلسة الى السادس والعشرين من الجاري بسبب ارتباط الرئيس بري بمواعيد خارج البلاد وبسبب مشاركته في مؤتمر الاتحاد البرلماني العربي، كما ان العشرين من الجاري تبدأ الدورة العادية الثانية للمجلس وسيجري انتخاب اعضاء ورؤساء ومقرري اللجان النيابية.
وكانت الجولة السابعة تابعت البحث بمواصفات رئيس الجمهورية وطرح الرئيس بري موضوع السلة المتكاملة اي انتخاب رئيس الجمهورية ووضع قانون جديد للانتخابات وتعزيز دور المؤسسات ووضع آلية لعمل مجلس الوزراء، وقد اكد النائب وليد جنبلاط لدى خروجه من الجلسة اننا لن نستطيع ان ننتخب رئيساً من دون سلة متكاملة لافتاً الى انه قدم ورقته المتضمنة مواصفات شخص الرئيس.
يذكر ان بعض المتحاورين قدموا تصورهم لمواصفات الرئيس وينتظر ان يقدمها البعض الاخر في الجلسة المقبلة.