كتب عبد الامير بيضون:
لبنان من دون رئيس للجمهورية لليوم التاسع بعد الخمسماية.. والافرقاء المعنيون، في غالبيتهم الساحقة، اداروا الظهر لهذا الاستحقاق – وكأن «الشغور بات أمراً لا مفر منه في غياب الضوء الأخضر الخارجي والتوافقات الخارجية – الدولية والاقليمية والعربية..» – مكتفين بالحديث عن الرئاسة دون اجراءات عملانية، في وقت بات الافرقاء كافة على قناعة بأن لبنان بات «أمام أزمة سياسية مفتوحة والأمور في وتيرة تصاعدية..» و«أهل البيت» باتوا لا يترددون في وصف «حكومة المصلحة الوطنية» المعطلة عن سابق اصرار وتصميم، بأنها «في موت سريري» وقد باتت مادة سجال يومي.. مع الاشارة الى ان الجميع متفقون على ان «الاستقالة غير ممكنة» وبأن رئيس الحكومة تمام سلام، الذي لم يقاطع السراي الحكومي، لم يحزم أمر الدعوة الى جلسة للحكومة جرى الحديث عنها طويلاً، «انطلاقاً من موقفه المرتبط باستحالة عقد جلسة للحكومة بغياب أحد المكونات الرئيسية..» في اشارة واضحة لما صدر عن (الجنرال) النائب ميشال عون قبل أيام واعلانه عدم حضور وزراء «التغيير والاصلاح» الجلسات قبل تعيين قائد الجيش ومجلس عسكري جديد». هذا في وقت جزم وزير الزراعة اكرم شهيب ان الاسبوع المقبل ستكون هناك جلسة لمجلس الوزراء للشروع في حل مشكلة النفايات..» التي تراوح محلها..
الفاتيكان يدعو المسيحيين الى «موقف شجاع»
كشفت اوساط مطلعة ان موقف الفاتيكان من الازمة الرئاسية اللبنانية تجسد بدعوة المسيحيين الى موقف جريء وشجاع. وتابعت هذه الاوساط: «عندما تسأل الدول المعنية بالملف اللبناني عن مصير الرئاسة تجيب بأن المسيحيين غير متفقين في ما بينهم، وتقول ليتفقوا أولاً والجميع سيسير بما يريدون، كما ان اتفاقهم سيسمح بكشف من يعطل الانتخابات الرئاسية».
ذكرى استشهاد اللواء الحسن
كل ذلك، لم يحل دون احياء المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي، أمس الذكرى الثالثة لاستشهاد اللواء وسام الحسن ووضع الاكاليل على النصب التذكاري للشهيد الحسن في مقر المديرية العامة في الاشرفية. كذلك وفي المناسبة عينها فقد اقيم احتفال في «الاونيسكو» حضره حشد من السياسيين والمسؤولين والوزراء والنواب والأمنيين وآل الفقيد، حيث القيت كلمات استحضرت انجازات الشهيد وشعبة المعلومات في عهده. وقد أكد المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء ابراهيم بصبوص في كلمته «ان قوى الأمن ستبقى مؤسسة همها الوطن والمواطن من دون أي تمييز..» لافتاً الى «ان الوطن يمر في ظروف لعلها الأسوأ في تاريخه..» ومنبها من «ان التهديدات لاتزال ماثلة أمامنا، ونهيب بالحراك ان يحكموا العقل..».
ثم كانت كلمة لوزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق، الذي قدم جردة دقيقة ومفصلة بانجازات اللواء الشهيد وشعبة المعلومات التي كان يرأسها وكشف الخلايا الارهابية». وقال: «اللواء الحسن أنت الأول في كشف شبكات الارهاب والتجسس». ليخلص مؤكداً اننا «لن نستسلم ولو بقي واحد منا..» محذراً من أنه «جاء دور الاغتيال المعنوي للدولة ورموزها..» منتقداً بعض اداء «الحراك»..
هذا في وقت تتابعت المواجهات بين الجيش اللبناني والمسلحين في جرود راس بعلبك والقاع، حيث تصدت مدفعية الجيش للمسلحين الذين سقط منهم خمسة قتلى..
بروجردي في بيروت املاً زيارة القصر الجمهوري
إلى ذلك، لم تحجب زيارة رئيس لجنة الأمن القومي والعلاقات الخارجية في مجلس الشورى الايراني علاء الدين بروجردي المفاجئة لبيروت ولقاؤه الرئيس تمام سلام ووزير الخارجية جبران باسيل والأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصر الله.. وقادة الفصائل الفلسطينية في لبنان في مقر السفارة الايرانية في بئر حسن التطورات المتلاحقة خارجيا وداخلياً.
ووفق المعلومات التي تسربت عن الزيارة فإن جوهر لقاءات بروجردي تمحورت حول الوضع في لبنان.. مؤكداً أمام الرئيس سلام والوزير باسيل «دعم وتأييد ومؤازرة أي حوار او تقارب بين التيارات السياسية الفاعلة والمؤثرة في لبنان، وجوهر هذا التفاهم هو انتخاب رئيس جديد للجمهورية اللبنانية..» آملاً «في الزيارة المقبلة ان تتاح لنا الفرصة لزيارة القصر الجمهوري».
الحكومة في موت سريري لكن..
وإذ تتجه الأنظار الى مطلع الاسبوع المقبل، مع عودة رئيس مجلس النواب نبيه بري من الخارج، حيث تنتظره استحقاقات انتخاب أعضاء هيئة مكتب مجلس النواب في عشرين الجاري، وموعد انتخاب رئيس الجمهورية في 21 منه.. كما جلسات الحوار الثنائي والجماعي فإن الوضع الحكومي احتل مركز الصدارة في المتابعات، خصوصاً، وان وزراء، من أقرب المقربين لرئيس الحكومة تمام سلام، باتوا يرون «ان الوطن في حال حرجة والحكومة في موت سريري..» على ما قال وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس، الذي جزم «بأن الاستقالة غير ممكنة من الناحية التقنية كما ان كل الاحتمالات مقفلة..»
وإذ رجح درباس «لجوء الرئيس سلام الى الامتناع عن توجيه الدعوات لعقد جلسة للحكومة انطلاقاً من تمسكه بموقفه المرتبط باستحالة عقد جلسة للحكومة بغياب أحد المكونات الرئيسية..» فإنه في المقابل لفت «الى احتمال عقد جلسة خاصة بملف النفايات بمن حضر..».
شهيب وملف النفايات
أما وزير الزراعة أكرم شهيب فانتقد في حفل عشاء اقامته جمعية «معا» للعمل الاجتماعي في الشويفات، «سياسة التعطيل الذي بات يهدد البلد واستقراره..» كاشفاً أنه «في الاسبوع المقبل ستكون هناك جلسة في مجلس الوزراء، وذلك للشروع في البدء لحل مشكلة النفايات على الرغم من التعطيل والعمل الدؤوب لحل مشكلة النفايات..».
العماد عون لا يريد تسهيل الأمور
من جانبه لفت عضو كتلة «المستقبل» النائب عمار حوري الى «ان الصورة الحكومية غير مريحة.. وربما نقطة الالتقاء الآنية هي معالجة ملف النفايات الذي نأمل ان تتم في القريب العاجل..» لكن السؤال ما بعد معالجة أزمة النفايات الى أين ستتجه الملفات الأخرى..»؟! موضحاً «ان العماد عون لا يريد تسهيل الأمور وهو يريد أخذ الامور الى مزيد من التعقيد والبلد يدفع الثمن..» لافتاً الى ان لقاء الحريري – جنبلاط في السعودية «هو نقطة من محطات التواصل».
زيارة جنبلاط للسعودية ايجابية
وفي السياق نفسه، فقل نقل عضو «اللقاء الديموقراطي» النائب نعمة طعمة، ان زيارة جنبلاط الى السعودية «كانت ناجحة وممتازة واتسمت بالايجابية والود المتبادل». وان جنبلاط عاد من الرياض «مرتاحاً لما سمعه من حرص على كل ما يعود بالاستقرار والأمان والخير للبنان». مؤكداً ان لقاء جنبلاط والرئيس الحريري «كان بدوره ممتازاً وايجابياً وعرض للواقع الداخلي الراهن ولكل ما يساعد في تفعيل العمل الحكومي وتدعيم الاستقرار واستمرار الحوار..».
بزي: التزام مطلق بالحوار
وفي الاطار الحواري فقد أكد عضو التنمية والتحرير النائب علي بزي ممثلاً الرئيس بري في المؤتمر السادس عشر لـ«الجامعة اللبنانية الثقافية في العالم» في قصر الاونيسكو – «ان المشاكل التي تمر بها المنطقة لا تعنينا.. بل كل ما يهمنا هو وحدة وطننا وأرضنا وأهلنا، وان نكون صوتاً واحداً بوجه الفتن».
ولفت بزي الى ان «الحوار هو أحد أهم مظاهر الحياة الديموقراطية.. وركيزة أساسية في الحياة السياسية..» داعياً «الجميع ألا يقطع خيط الحوار»، مشيراً الى ان «التحديات صعبة»، وان انتخاب رئيس للجمهورية هو الكفيل بعودة الحياة الدستورية والتشريعية.. ونحن نؤكد التزامنا المطلق بالحوار وثقافة التحاور لأن الحوار هو خشبة الخلاص للبنان..».
خوري: لعون الكلمة الفصل
وفي المقابل، فقد حذر النائب وليد خوري من «ان البلاد أمام أزمة سياسية مفتوحة والأمور في وتيرة تصاعدية تترجم شللاً بعدما أجهضت كل احتمالات الحلول في الفترة الاخيرة».
وعن تحميل البعض «التيار الوطني الحر» مسؤولية التصعيد بعد رفض مقترحاته في التعيينات الأمنية أشار خوري الى «ان التيار لم يطالب بشخص بل بقيادات عسكرية انطلاقاً من مبدأ رفض التمديد..» ليخلص الى القول ان «المخرج الواقعي هو الاعتراف بأن التيار قوة سياسية فاعلة وليس تكملة عدد، وتعود له كلمة الفصل في أمور عدة..»؟!
الحراك أمام المحكمة العسكرية
أمنياً: أطلق قاضي التحقيق العسكري الأول رياض ابو غيدا سراح ثلاثة موقوفين من «الحراك المدني» في مقابل كفالة مالية رمزية مقدارها 100 الف ليرة لبنانية، وأبقى رهن التحقيق وارف سليمان وبيار حشاش، وذلك في قرار أصدره بعدما راجع في مكتبه أفلام الشغب في تظاهرات وسط بيروت.
وقد قوبل قرار ابو غيدا «بعاصفة غضب» خارج المحكمة العسكرية من قبل ناشطي الحراك الذين صعدوا خطواتهم احتجاجاً على استمرار توقيف حشاش وسليمان، فافترشوا الارض وقطعوا الطريق بمستوعبات النفايات، ومن ثم اعادوا فتحها بعد تدخل عدد من ناشطي الحراك «تسهيلاً لأمور المواطنين».