كتب عبد الامير بيضون:
يدخل لبنان اليوم يومه السادس والعشرين بعد الخمسماية من دون رئيس للجمهورية..
وإذ تجاوز رئيس الحكومة تمام سلام «التجاذبات السياسية.. وانجز على مسؤوليته الشخصية» مسألة رواتب القوى العسكرية والأمنية».. فإن الأنظار تتجه الى جلسة الحوار الوطني المقررة في مجلس النواب لاستكمال البحث في «مواصفات رئيس الجمهورية..» وسط معطيات لا تشي بأجواء ايجابية ومسهلة، كما والى اجتماع هيئة مكتب مجلس النواب لاستكمال وضع جدول أعمال «تشريع الضرورة»، هذا في وقت استمرت أزمة النفايات تراوح في مكانها وسط تجاذبات غير مسبوقة.. وانتظار ما يمكن ان تسفر عنه اليوم الاستشارات على هامش جلسة الحوار، خصوصاً ما يتعلق بأزمة الشويفات، على ما كان أعلن النائب طلال ارسلان..
جريمة المعاملتين والافراج عن الرواتب
وبعد ساعات على جريمة المعاملتين التي أودت باثنين من الجيش اللبناني هما الرقيب أول مارون خوري والجندي ميشال رحباوي على يد عصابة متهمة بتجارة الممنوعات وادارة الدعارة مقابل مقتل ستة من أفراد العصابة من بينهم المطلوب مهدي حسين زعيتر والمطلوب احمد علي عمار.. جاء الفرج من السراي الحكومي، حيث تجاوز رئيس الحكومة تمام سلام التجاذبات السياسية مسألة رواتب القوى العسكرية والأمنية بعد ستة أيام على التأخير، ودعا وزير المال علي حسن خليل الى «تحويل الرواتب بعدما تسلم منه كتائباً طالباً توجيهاته في موضوع صرف معاشات العسكريين على ان يوقع المرسوم في أول جلسة للحكومة وفق التسوية التي تم التوصل اليها..
«هذه البشرى» زفها نائب رئيس الحكومة وزير الدفاع سمير مقبل بعد لقائه الرئيس سلام في السراي الحكومي أمس.. لافتاً الى أنه «من غير المقبول ان يجري التداول بها بهذه الطريقة.. واليوم (أمس) تنتهي العملية وتدفع رواتب العسكريين والفضل الأكبر يعود لرئيس الحكومة..» ليخلص متمنياً «عدم تدخل السياسيين والاعلام في قضية الجيش..
الخليل في اليرزة: لطي صفحة الاشكالات
وبعد ايجاد الصيغة القانونية لحل أزمة رواتب العكسريين، زار وزير المال علي حسن خليل اليرزة، حيث التقى كلا من وزير الدفاع وقائد الجيش العماد جان قهوجي..
وعقب اللقاء شدد الوزير خليل على أنه «لا يجب ان نقف عند تحمل مسؤولياتنا في اطار اتخاذ القرار في مجلس الوزراء..» متمنياً «ان نطوي صفحة الاشكالات المتعلقة برواتب الموظفين وان نصل الى نهاية سريعة لملف النفايات..».
وكشف أنه «بذل جهد استثنائي من الوزير مقبل مع الرئيس سلام ومن قائد الجيش في تواصله مع رئيسي مجلس النواب والحكومة ووصلنا الى هذه الصيغة القانونية والاستثنائية التي يجب ان لا تعتمد كقاعدة..».
حرب في السراي: لبنان ليس في أولويات العالم
إلى ذلك، وبعد عودته من الولايات المتحدة، حرص وزير الاتصالات بطرس حرب على ان ينقل «الجو الدولي» لرئيس الحكومة تمام سلام، والتقاه في السراي الحكومي أمس.. وبعد اللقاء قال حرب: «وضعت رئيس الحكومة في أجواء المباحثات التي أجريتها على هامش الزيارة، وخلاصتها ان الجو الدولي يعتبر ان لبنان يعني اللبنانيين فقط ويخطىء اللبنانيون كثيراً اذا ما اعتقدوا ان العالم مهتم بشؤونهم.. والخلاصة من ذلك ان «ما حك جلدك متل ظفرك» واذا لم يحل اللبنانيون مشكلتهم فلا أحد سيحلها لهم.. والعالم مشغول بمشكلات كبيرة جداً والدول الصديقة أيضاً، ولبنان ليس في أولوياتها..
ولفت حرب الى أنه الرئيس سلام سيتحمل مسؤولية شخصية في حل رواتب العسكريين.. أما في موضوع النفايات فقال حرب: «إما ان تحل هذه القضية خلال الساعات الثماني والأربعين المقبلة وإما سيكون لنا كحكومة، خصوصاً الرئيس سلام موقف من هذا الموضوع، وليتحمل كل شخص مسؤولياته..».
وكان الرئيس سلام عرض مع القائم بالأعمال في السفارة الاميركية في لبنان داني هول «الأوضاع والتطورات الراهنة في لبنان والمنطقة».
الحوار: الكتائب تقاطع
وإذ تتجه الأنظار الى جلسة الحوار اليوم، وإذ كرر حزب الكتائب بعد اجتماع مكتبه السياسي أمس، موقفه بالمقاطعة كما في الجلسة السابقة فقد استبعد عضو كتلة «المستقبل» النائب احمد فتفت «أي تغيير في المقاربات على طاولة الحوار..» لافتاً الى «اننا نراوح مكاننا لأن رئاسة الجمهورية مرتبطة بقرار اقليمي واضح وباتت ورقة بيد ايران في المنطقة ولا نريد ان نفرط بها بسهولة نتيجة ما يجري من مفاوضات اقليمية ودولية حول سوريا والعراق وكل المنطقة».
وحول أزمة النفايات قال فتفت: «ان موضوع مطمر سرار قد حسم وهناك توافق بأنه لن يكون الوحيد في لبنان لتتحقق الشراكة الوطنية الحقيقية وليبت الموضوع نهائياً، لذا يجب ايجاد مطامر أخرى في البقاع والجنوب لحل قسم من المشاكل..».
وفي السياق أفادت مصادر وزارية ان ملف النفايات سيحتل حيزاً واسعاً من المناقشات.. وان النائب ارسلان سيقدم «مداخلة مهمة» يحدد فيها موقفه من فتح مكب «الكوستا برافا»، بعد تحويله الى «مطمر صحي»..
تشريع الضرورة.. والميثاقية
على الصعيد التشريعي، وإذ الرئيس بري أمام زواره والمتصلين به، تمسكه بـ«تشريع الضرورة» ولو تغيب فريق او فريقان، فقد أكد نائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري أنه «سيشارك في الجلسة التشريعية التي يحدد الرئيس بري موعدها، حتى ولو كنت المسيحي الوحيد الذي سيحضر..» ولم يستبعد «الاتفاق في اجتماع هيئة مكتب المجلس اليوم على تحديد جدول أعمال الجلسة..» ومن جانبه شدد عضو كتلة «التحرير والتنمية» النائب ياسين جابر على «ضرورة انعقاد الجلسة التشريعية». لافتاً الى أنه «من غير الطبيعي ان تكون هناك دولة لا ينعقد فيها مجلس الوزراء على الرغم من الظروف الصعبة..».
وحول قانون استعادة الجنسية (الذي تقدم به نواب «القوات» و«التيار الحر») سأل جابر «أليس على الطرف الذي يريد ان يمرر القانون ان يتواصل مع الكتل النيابية لينال الموافقة ويؤمن أكثرية لهذا القانون».
وفي موضوع قانون الانتخاب لفت جابر الى ان «هناك 17 اقتراح قانون وغيره، وهناك طاولة حوار غداً (اليوم) وهيئة مكتب، وعلينا ان نتذكر أنه اذا فشلنا في تدارك الامور فسنندم كثيراً في لبنان..».
رعد: ليكن التشريع مفتوحاً
من جانبه، وإذ نبه رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد الى «خطورة التسبب بالفوضى في المؤسسة العسكرية نتيجة عدم تأمين الاعتمادات لرواتبهم». فقد كانت مفاجأته في الاعلان عن أنه «ليس لدى «حزب الله» أي قناعة بتشريع الضرورة، فالتشريع يجب ان يكون تشريعاً مفتوحاً.. ونحن إن قبلنا بتشريع الضرورة في هذه المرحلة، فذلك حتى لا نخدش المساكنة التي تجمع بيننا وبين شركائنا..».
بدوره عضو الكتلة النائب نواف الموسوي قال في مناسبة مرور اسبوع على استشهاد أحد أعضائه في دبعال الجنوبية «اننا على ثقة بأن مدخل الحل كان ولن يكون إلا بانتخاب رئيس للجمهورية، ولكن ليس أي رئيس للجمهورية، واننا نريد رئيساً صاحب قرار مستقل ووطني ونحن جربنا شخص الجنرال ميشال عون فوجدناه مدخلاً لحل الأزمة..».
كاغ في عين التينة: الحاجة الى التشريع
في سياق مختلف فقد كانت لمنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان سيغريد كاغ جملة مواقف حيث أكدت بعد زيارتها عين التينة ولقائها الرئيس بري، الحاجة الى المساءلة واتخاذ القرارات في لبنان..
ورأت كاغ «ان الدور الذي يقوم به الرئيس بري في تسهيل وقيادة الحوار يبقى في نظرنا مهم للغاية وللمجتمع الدولي..».
وأكدت كاغ الالتزام في الشراكة مع لبنان.. ولكن هناك حاجة أيضاً للمساءلة واتخاذ القرارات، كما بحثنا عدم اجتماع المجلس النيابي الذي يؤثر سلباً على العديد من القرارات التي يجب ان تؤخذ، ليس في مسألة قروض البنك الدولي فحسب بل في قرارات أخرى أيضاً..