أقامت الرابطة المارونية عشاءها السنوي في صالة السفراء في كازينو لبنان برعاية البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي وحضوره الى وزير العمل سجعان قزي ممثلا الرئيس امين الجميل ورئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل، الوزير السابق ناظم الخوري ممثلا الرئيس ميشال سليمان، الرئيس حسين الحسيني، النائب ابراهيم كنعان ممثلا رئيس تكتل «الاصلاح والتغيير» النائب العماد ميشال عون، وزير الثقافة ريمون عريجي ممثلا رئيس تيار «المردة» النائب سليمان فرنجية، وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس، السفير البابوي غابريال كاتشيا، سفير فرنسا إيمانويل بون، سفير روسيا ألكسندر زاسبيكين، القائم بأعمال سفارة الولايات المتحدة الاميركية ريتشارد جونز، الوزير السابق جو سركيس ممثلا رئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع الى شخصيات وفاعليات.
أبي اللمع
وألقى رئيس الرابطة الامير سمير ابي اللمع كلمة شكر فيها للراعي رعايته وحضوره، مشيرا الى ان «صرح بكركي الذي اعطي مجد لبنان كان ولا يزال خليقا بهذا الوصف مضطلعا بالادوار التاريخية في الاستحقاقات المصيرية منذ اعلان دولة لبنان الكبير وحتى تاريخه فكانت بكركي القطب الجاذب والجامع والحاضن لكل النشاطات الوطنية وعرابة الحلول الكبرى ومرجعا رئيسيا لبت كل شأن خطير يتصل بواقع الوطن ومستقبله».
وقال: «الموارنة كانوا علة وجود لبنان الوطن، وما كانوا يوما عالة عليه. هم كانوا دعاة الاستقلال وبناته، وما سعوا يوما للاستقلال عنه. كان لبنان وما زال ماثلا في ادبياتهم الكنسية وفي صلواتهم، وهو يسري في وجدانهم سريان الدم في العروق. الموارنة رغم خلافاتهم وصراعاتهم التاريخية، لم يحنوا الجبين لغاز او مستعمر، ولا استكانوا الظلم، وما عبدوا الا الحرية، بعد ربهم ذي الجلال، فحبروا وثائق الاستقلال بدمائهم، وجددوا اصباغها من خزين اوردتهم، في المصير من المنعطفات».
أضاف: «ان انتماء الموارنة للبنان والى العروبة البيضاء، كما يسميها البطريرك صفير الى جانب اخوتهم في الوطن، هو فعل ايمان صريح بوحدة وطنهم والتزام مطلق للعيش الواحد بين ابنائه وايمان راسخ بان تركيبته المختلفة – المؤتلفة هي مصدر غنى، وستظل النموذج الامثل لحوار الحضارات والاديان والنظرة الروحية للكون والاحترام العميق وها هي دماء الابرياء في لبنان وسوريا وفلسطين وبلاد الرافدين وارض الكنانة تستصرخ الضمائر وتستحثنا جميعا مسلمين ومسيحيين للوقوف في وجه الذين خلت قلوبهم من الرحمة فاستولدوا عقلا شريرا امتهن ثقافة التدمير لنقل العالم من حالة البحث عما يقارب بين الضعاف وما يعلي مداميك التسامح والحق في الاختلاف الى حالة الفصل بالنواجذ والمخالب والسيوف المسلولة والمصائد المختلفة».
جبهة موحدة
وتابع: «كم نحن اليوم بحاجة الى جبهة موحدة يكون لبنان منطلقها لانه الاكثر شعورا باهمية ثبات الحوار الاسلامي – المسيحي في وجه ما يتهدده وان استمرار هذا الحوار هو امانة في اعناقنا لان لا معنى للبنان – الوطن ولبنان الرسالة من دونه. ومن اجل كل لبنان كلمة نطلقها الى الموارنة والمسيحيين في زمن الازمات المعقدة والجدال المحتدم، والتجاذب الحاد وفيها ان المشتركات التي تجمعهم عديدة وان اتفاقكم على الموضوعات الجوهرية التي تتصل بحضوركم في لبنان هو انتصار لكل الوطن بمسيحييه ومسلميه، فيبقى لبنان كما نريده منطلقا خصبا للفكر، ومعقلا حصينا للحرية، ومرجعا وطنيا كبيرا يتشبه به كل نضال».
ودعا «اهل السلطة والرأي إلى ان ينتجوا بالممارسة الدستورية الواعية، واقعا جديدا يساعد على قيام الدولة وردم الهوة الاجتماعية المستعملة وتقريب المسافات بين الشعب وان الرابطة المارونية التي تحتضن بيئتها التنظيمية الجميع استطاعت عزل العديد من الخلافات السياسية واندفعت الى وضع هذه المشتركات حيز التنفيذ وفي مقدمها الدعوة للعودة الى الدولة والانخراط في اجهزتها وادارتها والعمل على وقف النزف الديموغرافي والحفاظ على هوية الارض وصون الكيان».
واعتبر ان «ما قامت وتقوم به عبر مسارها التاريخي لا ينبثق ابدا من نزعة طائفية او مذهبية وهي الداعية للعبور الى الدولة المدنية فهي حريصة على الثوابت الميثاقية التي تبناها الجميع، وعلى التنوع الذي يبقى ضمانة الوحدة الصلبة المتماسكة والشاهد على الدور الرسولي الذي ينبغي على لبنان الاضطلاع به».
كلمة الراعي
وفي الختام ألقى الراعي كلمة جدد فيها دعوة السياسيين إلى «تلقف المبادرة الجدية لانتخاب رئيس للجمهورية»، مؤكدا ان «لا يمكن ان يأتي رئيس تحد»، وقال: «من الواجب انتخاب رئيس للجمهورية من اجل قيام الدولة ومؤسساتها واخراج شعبنا من حالة الفقر والتسول والهجرة ومس كراماتهم بما نحن بلغنا اليه من انحطاط في حياتنا وكرامتنا الوطنية ، وعندما تسلم مؤسسات الدولة بوجود الرئيس تعود الحياة الاقتصادية ويعود اللبنانيون الى البحبوحة والى استعادة كرامتهم وهذا هو الاساس الذي نحمله جميعا».
أضاف: «لا بد في هذا العشاء الاخير للجنة التنفيذية الحالية في الرابطة المارونية لمناسبة انتهاء ولايتها من ان يعطي نفحة ودعما وانطلاقة معا من اجل ان يعطى لبنان رئيسا للجمهورية وان نعود فنستعيد جمال وطننا الذي عمره من بعد اعلانه 95 سنة، ونحن سنستعد معا للاحتفال بعامه المئة بعد خمس سنوات ولذلك ينبغي على جميع اللبنانيين العمل جاهدين من اجل الاعداد لهذا الاحتفال بعد خمس سنوات».
وتطرق الى التسوية الرئاسية المطروحة لانهاء الفراغ الرئاسي فقال: «نحن أمام مبادرة جدية بالنسبة لانتخاب رئيس للجمهورية وهي لم تأت صدفة ولم تهبط من السماء صدفة بل لها تحضيراتها البعيدة والقريبة يطلب من كل اللبنانيين ان يلتقطوا هذه الفرصة من اجل تفاهم وتشاور وصولا الى انتخاب رئيس مدعوم من الجميع، لاننا كلنا نعرف انه لا يمكن ان يأتي للبنان رئيس تحد، ولا يمكن ان يحكم لبنان رئيس مهما كان قويا وقديرا اذا لم يكن مدعوما من الشعب اللبناني ومن كل المقومات السياسية، فنحن في لبنان بحاجة الى هذه الرؤية والمسؤولية وينبغي ان نذهب الى الامور ببساطة ولكن بجرأة وشجاعة وان نبتعد عن التساؤلات البعيدة، فهذه ليست بطولة بل البطولة ان نجلس معا على طاولة ونطرح الاسلئة بعضنا على بعض بوضوح وبساطة ونتلقى الاجوبة وعندما نتشاور بهكذا نستطيع ان نصل الى انتخاب رئيس للجمهورية يحتاج اليه لبنان في ما هو يعيشه من صعوبات وتحديات».
وختم الراعي: «علينا اليوم ان نتلقف هذه المبادرة الجدية والوصول الى ما ينبغي ان نصل اليه من قرار موحد شامل لكل المكونات السياسية في لبنان ونحن سبق لنا وكررنا وطالبنا مرارا بضرورة الاسراع بانتخاب رئيس للجمهورية لكن لم يأت اي فريق بمبادرة فعلية، اما الان فيوجد مبادرة فعلية تعالوا نلتقي حولها فالبطولة هي في ايجاد الحلول وليس في عرقلتها».
قداس الاحد
ترأس البطريرك الماروني الكاردينال مار بشاره بطرس الراعي قداس الاحد في كنيسة السيدة في الصرح البطريركي في بكركي، والقى الراعي عظة بعنوان «إسمه يوحنا»(لو 1: 63)، قال فيها:لبنان فيقدم نموذجا، على هذا الصعيد، يجب المحافظة عليه وتعزيزه وتطويره، في الحياة العامة والاجتماعية والمؤسسات الخاصة، لاسيما في مؤسسات الدولة. إن الذين يتعاطون الشأن السياسي في لبنان مدعوون لتحمل مسؤولية هذا النموذج وقيمته بالنسبة إلى العالم العربي، وهو نموذج يجد ضمانته في المحافظة على المؤسسات الدستورية، وعلى رأسها رئاسة الجمهورية. واليوم، بعد سنة وسبعة أشهر، عجزت خلالها الكتل السياسية والنيابية عن القيام بدورها الوطني في انتخاب رئيس للجمهورية بقرار من الداخل، تأتي مبادرة جدية من الخارج، لا من شخص فرد».
وتابع: «فإنا نكرر توجيه الدعوة إلى الكتل إياها للتلاقي من أجل درس جدي لهذه المبادرة والتحاور والتشاور بشأنها وجها لوجه، بروح من المسؤولية الوطنية الرفيعة، بغية الوصول إلى انتخاب رئيس للجمهورية بقرار وطني موحد وشامل بحيث لا يفرض فرض، وليعلم الجميع أن البلاد لا تستطيع تحمل أي تأخير في تعطيل عمل المؤسسات الدستورية، والدولة مهددة اقتصاديا ونقديا واجتماعيا وامنيا».