كتب عبد الامير بيضون:
يدخل لبنان أيامه الأخيرة مع العام الجاري، وهو يعد العدّة لاستقبال الأعياد المباركة، في غياب أي أمل ناضج بقرب الخروج من النفق المظلم للأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والبيئية المتراكمة، من دون ان يعني ذلك اقفال أبواب الاتصالات والمشاورات بين الافرقاء المعنيين على خط الاستحقاق الرئاسي، مع التسليم بأن جلسة السادس عشر من الجاري لم تعد قائمة والأنظار تتطلع الى العام المقبل، وقد دخل لبنان يومه السادس والستين بعد الخمسماية من دون رئيس للجمهورية..
اتصال الحريري – فرنجية – جعجع
وجديد اليومين الماضيين تمثل في اتصال الرئيس الحريري بالنائب سليمان فرنجية يوم أمس مؤكداً على متابعة التشاور والمضي في المسار المشترك لانتخاب رئيس الجمهورية وتبادلا الرأي حول المستجدات وقبل هذا الاتصال كان اتصال هاتفي من قبل الدكتور سمير جعجع وعلى مدى ساعة، بالرئيس سعد الحريري حيث نقل عن «مصادر القوات» ان الحريري وجعجع «اتفقا على تنظيم أي خلاف بعيداً عن السجالات…» كما اتفقا على «تكثيف الاتصالات هذا الاسبوع..».
ووفق المصادر فإن «الاتصال كان من الناحية الشكلية ودياً، وتركز على التحرك المتعلق بالاستحقاق الرئاسي.. ولم يبدل في مواقف الطرفين من مبادرة التسوية الرئاسية..».
وقد ترك الاتصال الهاتفي بين الحريري وجعجع ارتياحاً لدى عديدين، لاسيما في قوى 14 آذار، التي رأت ان «التباين ببعض الملفات لا يعني فض التحالف بين الرجلين من أجل لبنان.. وان ما يجمع بين «المستقبل» و«القوات» أكبر كثيراً مما يباعد بينهما..».
السيسي والراعي: لانقاذ لبنان
وإذ واصل زيارته الرسمية والراعوية الى مصر، فقد جدد البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي مخاطبة «ضمائر الكتل السياسية والنيابية من أجل القيام بواجبها الوطني وتطبيق الدستور وانتخاب رئيس للجمهورية فوراً..» متمنياً عليهم ان «يجلسوا معاً ويتخذوا القرار المطلوب..».
وأمس استقبل الرئيس المصري عبد الفتاح السياسي البطريرك الراعي، وقال في كلمة ان «لبنان يستحق التضحية من أجله.. وان يتعالى الجميع عن حساباتهم الخاصة لانقاذه..».
الأمن بقاعاً وجنوباً الى الواجهة
وفي توقيت لافت، فقد عادت المسألة الأمنية، بقاعاً وجنوباً الى الواجهة من جديد.. حيث أقدم تنظيم «داعش» على قتل شخص من ال الحجيري ورماه الى جانب الطريق في حي الجوبات في عرسال.. وقد أفيد ان الجيش اللبناني استهدف بالمدفعية الثقيلة والصواريخ تحركات المسلحين في جرود عرسال وراس بعلبك والقاع.. وحقق اصابات مباشرة في صفوفهم..
وجنوباً، فقد أفيد أمس، عن ان دورية إسرائيلية مدرعة ضمت ثلاث سيارات مصفحة من نوع «هامر»، جالت على طول الخط الحدودي الممتد من محور العباسية، الوزاني، وادي العسل وصولاً حتى الطرف الغربي لمزارع شبعا المحتلة.. وخلال ذلك، أجرى فريق فني عسكري كشفا على أجهزة التجسس الالكترونية المركزة على السياج الشائك في نقطة العباسية..
قباني: المبادرة الرئاسية تأجلت
وبالعودة الى الاستحقاق الرئاسي والمبادرة التي أطلقها الرئيس سعد الحريري وما صاحبها خلال الأيام الماضية من تأويلات واستنتاجات، فقد أكد عضو كتلة «المستقبل» النائب محمد قباني ان «المبادرة الرئاسية تأجلت الى ما بعد الأعياد ولم تلغَ..» ولفت الى أنه «لو استمر الدفع في المبادرة الأخيرة لكان من الممكن ان ينتخب النائب سليمان فرنجية رئيسا للجمهورية في السادس عشر من الحالي..».
وأشار قباني الى ان «الاعتراضات التي واجهت المبادرة من فريقي الثامن والرابع عشر من آذار، هي التي عطلتها..».
وإذ اعتبر ان «قانون الانتخابات الجديد قد يكون أهم من رئاسة الجمهورية على المدى البعيد..» فقد كشف ان اللقاء الذي تم بين الحريري وفرنجية بحث في قانون الانتخاب وتم الاتفاق على ان يكون عادلاً ومنصفا للبنانيين كافة..»
ورأى ان «من حق جعجع ان يتفاجأ بسرعة مجريات لقاء الحريري – فرنجية إلا ان الخلل كان قد بدأ منذ طرح مشروع اللقاء الارثوذكسي..» مسجلاً لفرنجية أنه «لم يشارك في ذلك».
فنيش: لتفعيل الحوار
من جهته، وإذ مضى «حزب الله» في سياسة التكتم والابتعاد المباشر عن المبادرة الرئاسية.. فقد دعا وزير الدولة لشؤون مجلس النواب محمد فنيش، خلال رعايته حفل تخريج طالبات ثانوية صور الرسمية للبنات، الى «تفعيل الحوار بين مختلف القوى السياسية مهما بلغ حجم الانقسام، سواء كان ثنائياً او على المستوى الوطني العام، من أجل ان تبقى الخلافات السياسية تحت سقف حماية الوطن، وحفظ استقراره وسد كل المنافذ التي يمكن ان يستغلها التكفيريون الارهابيون واعداء هذا الوطن، ومن أجل الحلول لأزمتنا السياسية، واعادة احياء المؤسسات والاتفاق على قواعد سليمة وصحيحة لشراكة وطنية ولتعاون الجميع، لأن نظامنا السياسي لا يسمح لأي فئة ان تملي قرارها او ان تمارس الغلبة..».
الجميل: نظامنا السياسي هو المشكلة
إلى ذلك، وفي توقيت لافت في مدلولاته.. وخلال حفل «قسم يمين» للمنتسبين الجدد لحزب «الكتائب» في جبيل أمس حضره الرئيس ميشال سليمان والرئيس أمين الجميل وغاب عنه الافرقاء السياسيون فقد كان لرئيس «الكتائب» النائب سامي الجميل جملة مواقف، حيث أكد في خلاصة ما قدم من معطيات، أنه «حان الوقت للاعتراف ان نظامنا السياسي هو المشكلة، والتطلع للمستقبل عبر تطوير نظامنا السياسي..».
ودعا الجميل في كلمته كل مرشح للرئاسة ان «يقدم مشروعه» واذا رأينا ان مشروعه يلتقي مع مشروعنا فأهلاً به..».
وأشار الى ان «حلمنا للبنان يختصر بالمناضلة من أجل دولة قانون، دولة سيدة أي لا سلاح خارج اطار الدولة اللبنانية، دولة لديها جيش وقوى أمنية قوية تحمي لبنان، دولة حيادية تحمي نفسها من صراعات الآخرين ولا تجر نفسها الى مأساة الآخرين.. دولة لا مركزية..».
ورأى الجميل ان «هذه الحياة التي نحلم بها تصطدم بنظام سياسي فاشل أدى الى حرب أهلية وانقسام الشعب وتعطيل المؤسسات وان نعيش من دون رئيس ومن دون حكومة ومن دون مجلس نيابي» ليخلص الى القول مؤكداً أنه «حان الوقت للاعتراف ان نظامنا السياسي هو المشكلة، والتطلع الى المستقبل عبر تطوير هذا النظام..».
ولفت الجميل الى ان «جزءاً كبيراً من السياسيين والاحزاب يأخذون أوامرهم من الخارج.. وهذه قلة احترام..» مشدداً على أنه «مخطىء من يظن ان ملف النفط والغاز سيمر من دون اشراف دولي ومن دون مناقصات شفافة».
وفي مقابل الدفع باتجاه تعطيل كل المبادرات، فقد لفت الانتباه أول من أمس اعلان النائب وليد جنبلاط ان «التسوية لانتخاب فرنجية رئيساً تعطلت او تأخرت محلياً بفضل تلاق عجيب غريب لقوى متناقضة شكليا على الأقل..».
وفي السياق وخلال احتفال أقامه الحزب الاشتراكي في عاليه فقد دعا وزير الزراعة أكرم شهيب ممثلا النائب جنبلاط الى «وجوب انجاح التسوية المطروحة بانتخاب رئيس للبلاد.. رحمة بالوطن الذي لم يعد يحتمل انتظار نتائج حروب المنطقة..».
الذكرى العاشرة لاغتيال تويني
على صعيد آخر، فقد أحيت عائلة تويني وجريدة «النهار» الذكرى السنوية العاشرة لاغتيال جبران تويني ورفيقيه اندريه مراد ونقولا فلوطي بصلاة لراحة أنفسهم ترأسها متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الارثوذكس المطران الياس عودة في كاتدرائية القديس جاورجيوس في بيروت أول من أمس السبت.. وقد حضر القداس حشد من السياسيين وممثليهم..
وإذ سأل المطران عودة في عظة «هل يستحق هذا البلد شهداءه؟ وهل اغتيل جبران ورفاقه لتذهب دماؤهم هدرا» فقد ذكر بإحدى مقالات تويني حين قال: «من يحاكم من في هذه الدولة الساقطة والمتورطة يا ترى؟.. لقد فقدت الدولة كليا صدقيتها حيال الشعب». وقال عودة: «مخجل ان هذا القول مازال ينطبق على وضعنا اليوم.. ونحن نسير من سيىء الى أسوأ، حتى أصبح المواطن يكفر بدولته وباتت القمامة تغزو الشوارع والطرق والدولة عاجزة عن ايجاد حل لها فكيف تجد حلاً لكرسي شاغر منذ شهور؟!.
واعتبر ان «لبناننا مسكين وهو بلا رأس، منذ ما يقارب التسعة عشر شهراً ومؤسساته الديموقراطية معطلة وشعبه يئن..».
وأكد اننا شعب يغتال مؤسساته بيديه يعطلها ثم يبكي عليها وسأل: «أليس النواب والوزراء والمسؤولون من الشعب؟. ولمَ لا يقومون بواجبهم»؟!
وعصراً أقامت «مؤسسة جبران تويني» مؤتمراً دوليا بعنوان «الصحافة العالمية ولبنان» في قاعة بافيون – رويال في مجمع البيال في حضور عدد كبير من الوزراء والنواب الحاليين والسابقين وشخصيات دينية وسياسية وصحافيين..
وتحدثت في كلمة الافتتاح كريمته ميشيل تويني، والاعلامي مرسيل غانم ونائب رئيس تحرير النهار نبيل ابو منصف..
الحريري: تضيع الأمانة اذا ضاع لبنان
وللمناسبة قال الرئيس سعد الحريري في تغريدة له عبر «تويتر»: «نفتقد الجرأة في القول والكلمة القاطعة بحد الصدق، ولأنه تشبه «النهار» فإن ذكراك لن تغيب وقسمك سيبقى مدويا في ضمير لبنان.. أنت وكل الشهداء قضيتكم أمانة بحجم وطن تضيع اذا ضاع لبنان».
ذكرى اغتيال اللواء الحاج
ولتقاطع تاريخ اغتيال تويني قبل عشر سنوات واللواء الركن فرنسوا الحاج، قبل ثماني سنوات، فقد أحيت عائلة الحاج قداساً لراحة نفسه، برعاية قائد الجيش العماد جان قهوجي، في بازيليك سيدة الأيقونة العجائبية للآباء العازاريين في الاشرفية وحضور عدد من الشخصيات..
وأكدت عظة القداس ان اللواء الحاج كان «قدّم حياته في اليوم الأول الذي دخل فيه الى السلك العسكري، والانفجار الذي استهدفه كان تتويجاً لحياة مقدمة..». مشيرة الى ان «الألم يكبر أمام عدالة طال مشوارها وعندما نشعر بأن البلد الى الوراء كأن الدماء من دون ثمن..».
روكز: لماذا قتل؟
واعتبر القائد السابق لفوج المغاوير العميد المتقاعد شامل روكز ان «هذا الجيل الجديد الذي يربى على صورة الشهيد فرنسوا الحاج يسأل لماذا قتل فرنسوا»؟! لافتاً الى ان «الجواب صريح، لأنك رفضت المتاجرة بالوطن ولم تنكسر أمام المغريات..».
وللمناسبة وبعد القداس أقيم حفل ازاحة الستار عن نصب تذكاري للواء الحاج، بدعوة من جمعية «لوغوس» في شارع الاستقلال في الاشرفية..
… هكذا احتفلت ضهور الشوير بالميلاد
وعشية عيدي الميلاد ورأس السنة، فقد أضاءت بلدة ضهور الشوير شجرة الميلاد «على طريقتها الخاصة» فتميزت احتفالاتها بوحدة كنسية وبالتنوع، إذ أنشدت الصلوات الاسلامية المسيحية داخل كنيسة المخلص في البلدة.. في حضور مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان ممثلاً بمفتي جبيل الشيخ غسان اللقيس، ووزير التربية الياس بو صعب واحزاب وقوى سياسية ومرجعيات روحية.
وفي كلمة له قال الوزير بو صعب «ان ما نراه اليوم في ضهور الشوير من مظاهر الوحدة هو أمر اعتدنا عليه في هذه البلدة، لأن أعيادنا دائماً واحدة.. هذا هو لبنان الذي نريد، لبنان المحبة والتسامح..» متمنيا لجميع اللبنانيين «ان ينعموا بالطمأنينة والسلام والاستقرار..».