لبنان «نأي بنفسه» عن القرار إنسجاماً مع موقف الحكومة
باسيل تحفظ عن «بيان القاهرة» لربطه «حزب اللّه» بـ «الإرهاب»:
نتضامن مع السعودية ولا نتدخل في شؤون أي دولة ولا نعرقل الإجماع العربي
القاهرة-تيريز القسيس صعب
جمعت القاهرة امس، تحت سقف الجامعة العربية وزراء الخارجية العرب، في جلسة غير عادية، لبحث الطلب السعودي بعد تعرض بعثاتها الديبلوماسية في طهران الى الاعتداء والتدخل الايراني في الشؤون الداخلية للميلكة.
مصادر ديبلوماسية عربية اكدت لـ»الشرق» ان اهمية الرسالة العربية اليوم ليس مسألة الادانة او الشجب بقدر ما هي اهمية التضامن العربي والتماسك العربي في مواجهة التدخلات الايرانية في المنطقة العربية.
واذ اعتبرت المصادر «ان السقف المطلوب للمرحلة المقبلة لن يتخطى الخطاب السياسي، وان ابواب الحوار مفتوحة على مصرعيها ضمن احترام الدول العربية لانظمة كل دولة وعدم التدخل في شوؤنها الداخلية».
وتوقعت المصادر نفسها «ان تكون المرحلة المقبلة مغايرة تماما لسابقاتها، آملة ان يكون بيان مجلس التعاون الخليجي، وبيان الجامعة عبرة ودرسا للتعاطي الدولي والاقليمي مع الدول العربية.
ووفق المعلومات الخاصة، فانه كان هناك حرص على اظهار الدعم للمملكة وان كان هناك بعض التحفظات غير المعلنة من قبل بعض الدول مثل العراق والجزائر.
اما في ما خص لبنان فان باسيل سجل «نأي لبنان» عن القرار انسجاما مع موقف الحكومة اللبنانية، واعترض على البيان لذكر حزب الله البناني وربطه في الاعمال الارهابية، فيما هو ممثل في الحكومة وفي مجلس النواب. لى الاعتداءات التي تعرضت لها بعثتها الديبلوماسية والقنصلية في الجمهورية الاسلامية الايرانية، واسمحوا لي ان اتلو لكم حرفية الموقف الرسمي اللبناني الذي صدر عنا بحسب الاصول اللبنانية:
«ان الموقف الطبيعي للبنان هو التقيد بالشرائع الدولية وعلى رأسها شرعة حقوق الانسان، وبالاتفاقات الدولية وفي صدارتها اتفاقيتي فيينا للعلاقات الديبلوماسية والقنصلية.
بمعنى ان لبنان يقوم على الديموقراطية والحريات العامة ويشجع عليهما، وعلى حرية التعبير، ولا يوافق اطلاقا على اي قمع لها. الا انه في الوقت ذاته لا يتدخل بالشؤون الداخلية لاي دولة عملا برغبته بعدم التدخل من قبل احد في شؤونه الداخلية، استنادا لميثاق جامعة الدول العربية ومبدأ سيادة الدول وقوانينها على ارضها. وبمعنى آخر ان لبنان يدين ويرفض الاعتداء على اي بعثة ديبلوماسية او قنصلية ويستنكر التعدي على طواقمها ويطالب بأخذ الاجراءات بحق المخالفين. الا انه في الوقت نفسه يعتبر ان امرا كهذا اذا حصل من خارج ارادة السلطات المعنية وتم اتخاذ ما يلزم من قبلها، فإن لكل دولة معنية الحق بتخطي هذا الامر او عدمه بناء (لاعتبارات كبرى سيادية خاصة بها تتعلق بمصلحتها الوطنية)».
واضاف: «ان هذه الاعتبارات الكبرى بالنسبة لنا هي اولوية محاربة الارهاب وبذل كل الجهود لذلك لا سيما تخفيف كل التوترات الاخرى وعلى رأسها التوتر السني -الشيعي، والعمل على التهدئة، لما في ذلك من مصلحة وطنية وقومية، عربية واسلامية ومسيحية، حيث ان المستفيدين من هكذا توتر يبقيان اسرائيل وداعش. ويعمل لبنان انطلاقا من سياسة حكومته ومن دوره الطبيعي المبدئي، على المساهمة في ارساء الحوار واعتماد الديبلوماسية بديلا من العنف والتحريض المذهبي كوسيلة لحل الاشكالات، وذلك احقاقا لمصلحة لبنان الوطنية في تجنيب مكوناته هكذا انقسامات وفي تجنيب المنطقة هكذا افرازات».
واردف باسيل: «ان هذا الموقف اللبناني يستند الى:
اولا: مصلحة لبنان العليا في الحفاظ على استقرار المنطقة والحفاظ على وحدته الداخلية كأولوية قصوى للحفاظ على استقراره الداخلي.
ثانيا: المواثيق والمعاهدات والقوانين والشرائع الدولية التي يلتزم بها لبنان.
– شرعة حقوق الانسان: ان لبنان هو بلد الحريات ويستنكر التعرض للحريات الا ان الحرية التي ينادي بها لبنان لا تعني العبث بالامن والسيادة، وحرية التفرد حدودها حرية الفرد الآخر وتقوم على الاخلاق والقيم، اما حرية المجموعات فحدودها قوانين الدولة وسيادتها والسلطة الشرعية المستمدة من خيار شعبها.
– معاهدتا فيينا للعلاقات الديبلوماسية والقنصلية: ان لبنان يدين انتهاك حرمة المباني الديبلوماسية والقنصلية للمملكة العربية السعودية في ايران وفقا لمعاهدتي فيينا ولا سيما المادة 8 من المعاهدة التي تقول: «تتمتع مباني البعثة بالحرية، لا يجوز ان تكون مباني البعثة او مفروشاتها او كل ما يوجد فيها من اشياء او كافة وسائل النقل عرضة للاستيلاء او التفتيش او الحجز لاي اجراء تنفيذي، على الدولة المعتمد لديها التزام خاص بإتخاذ كافة الوسائل اللازمة لمنع الاقتحام او الاضرار بمباني البعثة وبصيانة امن البعثة من الاضطراب او من الحط من كرامتها».
– ميثاق الجامعة العربية: ان لبنان يرفض اي تدخل بالشؤون الداخلية لاي دولة عربية من قبل اي دولة عربية، ولكن من منا يلتزم ذلك، فكيف من قبل دولة غير عربية وذلك بالاستناد الى المادة ؟ من ميثاق الجامعة التي تقول: «تحترم كل دولة من الدول المشتركة في الجامعة نظام الحكم القائم في دول الجامعة الاخرى، وتعتبره حقا من حقوق تلك الدول، وتتعهد بأن لا تقوم بعمل يرمي الى تغيير ذلك النظام فيها».
ودعا الى «التهدئة مع الحفاظ وبالاتفاقات الدولية وفي صدارتها اتفاقيتي فيينا للعلاقات الديبلوماسية والقنصلية على حقنا في ادانة ما حصل وحقنا في الدفاع عن سيادة دولنا ورفضنا اي تدخل في شؤوننا. ونؤكد على خيارنا في انتهاج الاساليب السلمية في حل النزاعات التزاما بالمادة الاولى من معاهدة الدفاع العربي المشترك التي تقول: «تؤكد الدول المتعاقدة، حرصا على دوام الامن والسلم واستقرارها وعزمها على فض جميع منازعاتها الدولية بالطرق السلمية، سواء في علاقاتها المتبادلة فيما بينها او في علاقاتها مع الدول الاخرى».
وختم: «لنقطع رأس الفتنة التي لن يستفيد منها سوى المتربصين بدولنا وشعوبنا، العدو الاسرائيلي العنصري من جهة والارهاب الداعشي التكفيري من جهة اخرى».