أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين «انني أمرت ببدء عملية الانسحاب العسكري من سوريا»، مشيراً الى «انني أبلغت الرئيس السوري بشار الأسد بذلك».
وفي تصريح له، أوضح ان «بدء انسحاب الجزء الأكبر من القوات الروسية من سوريا سيكون الثلاثاء»، لافتاً الى ان «القوات الروسية في سوريا أوجدت ظروفا ملائمة لعملية السلام».
وأشار الى ان «القاعدة البحرية الروسية في سوريا ستستمر في العمل كما السابق».
من جهته ابلغ الاسد بوتين انه يأمل ان تفضي المفاوضات في جنيف الى حل يرتكز على ارضية صلبة.
في موازاة ذلك كثفت قوات لنظام السوري عملياتها العسكرية في المناطق التي تسيطر عليها تنظيمات إسلامية مسلحة، وتركز التصعيد خلال الساعات الـ24 الماضية في منطقة تدمر (وسط) بشكل خاص، حيث شن الطيران السوري عشرات الغارات. وفي الوقت ذاته ذكرت وزارة الدفاع الروسية أنها سجلت 14 انتهاكاً لاتفاق وقف إطلاق النار خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية.
وقال «المرصد السوري لحقوق الانسان»، إن «مناطق في تدمر ومحيطها تتعرض منذ ما بعد منتصف ليل أمس الاول، وحتى الآن لقصف مكثف بما لا يقل عن 200 قذيفة واسطوانة متفجرة وقذيفة صاروخية»، كما نفذت طائرات حربية أكثر من 80 غارة على المنطقة.
والى جانب القصف تواصلت الاشتباكات بين قوات الجيش وتنظيم «الدولة الاسلامية»- «داعش» في محيط المدينة الأثرية، ما أسفر عن مقتل ستة إرهابيين.
ويسيطر تنظيم «داعش» على مدينة تدمر منذ أيار العام 2015، وعمد مذاك الى تدمير العديد من معالمها الأثرية وبينها قوس النصر الشهير ومعبدي شمين وبل.
وبحسب مدير «المرصد السوري لحقوق الانسان» رامي عبد الرحمن، فإن عملية استعادة تدمر بدأت منذ أيام، حيث أقامت قوات الجيش تحصينات في المنطقة واستدعت تعزيزات ضخمة. إلا أن العملية «تحتاج الى وقت، ولا يمكن لقوات النظام ان تتقدم بسرعة كونها منطقة مكشوفة ومن السهل على تنظيم الدولة الاسلامية نصب كمائن فيها».
وأضاف عبد الرحمن: «بالتوافق مع روسيا، تركز قوات النظام قدراتها على الجبهات مع الجهاديين».
وأوضح أنه «خلال الإسبوعين اللذين سبقا الهدنة، قصفت الطائرات الحربية (الروسية والسورية) مناطق سيطرة الفصائل المقاتلة بنحو ثلاثة آلاف غارة وبرميل متفجر»، مشيراً الى ان «هذا العدد تراجع الى نحو 325 منذ 27 شباط».
وفي المقابل، بحسب قوله، «زادت بشكل كبير الغارات ضد الجهاديين».
والمعروف أن اتفاق وقف الأعمال القتالية، الذي دخل حيز التنفيذ في 27 شباط، يستثني المواجهات مع تنظيم «داعش» و»جبهة النصرة» ومجموعات «إرهابية» أخرى.
صعوبة توثيق
وفي جبهة أخرى، تقاتل قوات الجيش في ريف اللاذقية الشمالي (غرب) عناصر «جبهة النصرة» (ذراع تنظيم القاعدة في سوريا) وحلفائها بهدف استعادة الريف الشمالي، وبالتالي تمكين سيطرتها على كافة المحافظة الساحلية.
وتتركز المعارك حاليا في محيط منطقة تل كبانة المشرفة على مناطق واسعة من الريف الشمالي وعلى سهل الغاب في محافظة ادلب التي لا تبعد سوى سوى كيلومترات الى الشرق منها.
وبقيت محافظة اللاذقية الساحلية بمنأى عن النزاع الدامي الذي تشهده البلاد منذ منتصف آذار 2011، وتسبب بمقتل اكثر من 270 الف شخص. ويقتصر وجود الفصائل المقاتلة والاسلامية في ريفها الشمالي.
ويطرح استثناء «جبهة النصرة» صعوبات في توثيق الهدنة كونها تتواجد في محافظات عدة، وغالباً في تحالفات مع فصائل مقاتلة معظمها إسلامية.
ويقول عبد الرحمن: «من الصعب جداً تنفيذ الهدنة في مناطق تقاتل فيها جبهة النصرة الى جانب فصائل أخرى، اذ من الصعب معرفة الطرف الذي يحترم الهدنة. وستستخدم قوات النظام تواجد النصرة حجة لمواصلة القتال».
وقرب دمشق، تقصف قوات النظام منطقة مرج السلطان، حيث تعتبر «جبهة النصرة» القوة الاساسية فيها.
ولكن وكما في كافة النزاعات فإن المدنيين هم اكثر من يعانون.
وقال عبد الرحمن إن «النظام هدد بمحاصرة بلدة دير العصافير ومناطق اخرى قرب المرج، وحيث تتواجد نحو 2500 عائلة».
وقال قائد جماعة «الفرقة 13 المعارضة المسلحة، أحمد السعود، إن «جبهة النصرة» استولت على أسلحة خفيفة وذخيرة من جماعته المدعومة من الغرب، شمال غربي سوريا، لكنها لم تتمكن من الاستيلاء على أي صواريخ مضادة للدبابات من طراز «تاو».
وأضاف السعود: «النصرة لم تأخذ إلا أسلحة خفيفة وذخيرة. ومستودعاتنا كلها بخير ماعدا مستودع واحد أخذوه. الحمد لله التاو كله سليم والهاونات (المورتر) كلها سليمة».
وكان «المرصد السوري» قد أشار،الأحد، إلى أن «جبهة النصرة» استولت على قواعد وأسلحة من بينها صواريخ مضادة للدبابات أميركية الصنع من «الفرقة 13 « التي تقاتل تحت لواء «الجيش السوري الحر».
واتهمت الجبهة مقاتلي المعارضة بشن هجمات مباغتة على قواعدها في بلدة معرة النعمان، محافظة إدلب، شمال غربي سوريا، وقالت إن بعض مقاتليها احتجزوا.
وبعيداً عن مناطق الاسلاميين المتطرفين، لا يزال اتفاق الهدنة صامداً برغم خروقات محدودة.
خروقات
وبحسب حصيلة نظمت» بالاعتماد على تصريحات وزارة الدفاع الروسية، فقد تم انتهاك الهدنة 208 مرات.
وسجلت وزارة الدفاع الروسية، اليوم، خمسة انتهاكات في كل من اللاذقية ودرعا وانتهاكين في حلب وانتهاكا واحدا في كل من دمشق وحماه. وذكرت الوزارة أنه تم التوصل لاتفاقات هدنة مع خمس مناطق في محافظة حماه، خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية.
دي ميستورا: سنعود إلى مجلس الأمن في حال فشل المفاوضات السورية
موسكو تعول على أوسع تمثيل سوري في المفاوضات
أكد المبعوث الأممي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا أنه في حال فشل المفاوضات السورية سيعود إلى مجلس الأمن، في الوقت الذي عولت فيه موسكو على أن يكون تمثيل المعارضة فيها بأوسع مجال.
وأوضح دي ميستورا خلال مؤتمر صحافي في جنيف قبيل بدء المفاوضات امس، مشيرا إلى أن التفاوض سيبدأ مع وفد الحكومة السورية بعد أقل من ساعة، وأنه سيلتقي بكثير من الأطراف خلال الأيام المقبلة. وأعرب دي ميستورا عن أمله بأن تكون هناك إرادة حقيقية للاستمرار بالمفاوضات لأنه في حال فشلها سيرجع الأمر عندئذ إلى مجلس الأمن، على حد قوله.
كما تحدث المبعوث الأممي عن أن الخطة البديلة في حال فشل هذه المفاوضات ستكون العودة للحرب، مبينا أن هذه الحرب ستكون أسوأ من سابقتها، على حد قوله.
وكشف دي ميستورا بأنه سيعمل على حجب الأخبار عن الإعلام المتعلقة بعملية المفاوضات، موضحا أن التصريحات الإعلامية ستكون بعد انتهاء المفاوضات.
وقال دي ميستورا في مؤتمر صحافي في وقت لاحق إن فشل مفاوضات جنيف سيعود بسوريا إلى مربع الصراع، مضيفا «لا أعرف بديلا عن الخطة الأولى». وأضاف المبعوث الأممي أن جوهر مفاوضات جنيف يتمثل في هيئة حكم والدستور والانتخابات الجديدة في سوريا.
وكان دي ميستورا أوضح في وقت سابق أن المفاوضات ستنطلق حتى الـ24 من آذار الجاري، بعدها تعلق، ومن ثم تستمر.
الجعفري:قدمنا لدي ميستورا
من جهته قال رئيس الوفد السوري إلى مفاوضات السلام في جنيف، بشار الجعفري، إن لقاء الوفد مع المبعوث الدولي إلى سوريا، ستيفان دي ميستورا، كان «إيجابيا وبناء».
وأضاف الجعفري:» نحن كوفد للجمهورية العربية السورية قدمنا لـ دي ميستورا أفكارا وآراء وهي عناصر أساسية للحل السياسي وأفكار من شأنها أن تثري جهوده السياسية».
ولفت الجعفري إلى أن «كل القرارات والتفاهمات تتحدث عن ضرورة تمثيل أوسع طيف من المعارضة السورية في الحوار».
من جانبه، أعلن دميتري بيسكوف السكرتير الصحافي للرئيس الروسي أن موسكو تعول على أوسع تمثيل سوري في المفاوضات التي تنطلق اليوم في جنيف، وعلى امتناع المشاركين فيها عن طرح شروط مسبقة.
وقال بيسكوف في مؤتمر صحافي إن «الجميع يريد أن يأمل في الأفضل، مع أنه من الواضح، أن لا أحد ينتظر طريقا سهلا أمامه، والأهم الآن هو أوسع تمثيل في المفاوضات، لكي لا يفشل أحد العملية التفاوضية».
وبين أنه «من المهم الآن أن تمثل كافة القوى السياسية السورية في المفاوضات، وكافة أقسام المجتمع السوري، بما فيهم الأكراد طبعا». وأضاف أنه «من المهم أن لا يقدم أحد شروطا مسبقة غير مبررة».
وتابع أن الكرملين يفهم أن المفاوضات في جنيف لن تكون سهلة، لكنه لا يفقد الأمل في أن تسفر عن نتائج إيجابية «في ضوء التغييرات الإيجابية الحاصلة نتيجة الهدنة».
ونوه دميتري بيسكوف بأن موسكو تعمل مع جميع الأطراف لتأمين أوسع تمثيل ممكن في المفاوضات، لأن ذلك سيؤثر على النتائج التي ستتمخض عنها.
كما اعتبر أن التعاون الروسي الإيراني حول التسوية السورية رفع التنسيق المشترك بين البلدين إلى مستوى جديد، مذكرا بأن موسكو وطهران لم توقفا التعاون بينهما أبدا، «ونحن نطور العلاقات الودودة على التوالي».
لافروف: اقتراحات فدرلة سوريا مزايدات والشعب السوري وحده من يختار شكل الدولة
قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إن الاقتراحات بشأن قيام نظام فدرالي في سوريا، تأتي في إطار المزايدات فقط، مشددا على أن الشعب السوري هو وحده من يختار نظام الدولة.
ولفت لافروف خلال مؤتمر صحافي مع نظيره التونسي خميس الجهيناوي في موسكو امس إلى أن وقف إطلاق النار في سوريا لا يزال مستمرا، رغم بعض الخروقات.
كما أشار الوزير الروسي إلى أن التصريحات الراديكالية لبعض الأطراف المشاركة في الحوار السوري السوري في جنيف لا تساعد في التوصل إلى اتفاق، مضيفا أن التسوية السياسية للأزمة في سوريا يجب أن تراعي مصالح كل الأطراف بالتوافق بين الحكومة السورية وجميع المعارضين.
وفي الشان التونسي لمح لافروف إلى أن الحرب ضد الإرهاب يجب أن تدار بسياسة بعيدة عن ازدواجية المعايير ودون التدخل في الشؤون الداخلية للدول، مؤكدا وقوف روسيا مع تونس ضد التهديدات الإرهابية، مشددا على أن الحرب على الإرهاب يجب أن لا تتناقض مع القانون الدولي.
كما أضاف لافروف في افتتاح محادثاته مع الجهيناوي أن موسكو تتابع بكل إعجاب الحوار السياسي في تونس، مؤكدا دعم روسيا لجهود الحكومة التونسية الرامية إلى تحقيق الاستقرار.
وعبر لافروف عن ارتياح روسيا للإجراءات الوقائية التي اتخذتها تونس لحماية المناطق السياحية. مضيفا أن ازدياد التهديدات الإرهابية انعكس بشكل كبير في التعامل بين روسيا وتونس، مشيرا إلى أن أعداد السياح الروس في تونس انخفض بشكل ملحوظ في السنة الماضية.
وقال: «لقد عبرنا عن امتنانا لشركائنا التونسيين، على اتخاذهم الإجراءات الأمنية الضرورية ولضمان الأمن في المناطق السياحية».
وبخصوص الوضع في ليبيا وانعدام الأمن قال لافروف، إنه من غير المناسب القيام بأي عملية عسكرية في ليبيا، إلا بموافقة مجلس الأمن الدولي، وأضاف أن «أي تفويض محتمل لعملية ضد الإرهابيين في ليبيا يجب أن يكون محددا بوضوح بما لا يسمح بتفسيرات منحرفة أو خاطئة».
بدوره ثمن الجهيناوي دور روسيا في تنفيذ اتفاق وقف الأعمال القتالية وانطلاق الحوار السوري السوري، متمنيا أن يفضي إلى حل سياسي للأزمة، مشيرا إلى أن الإرهاب ظاهرة دولية ومكافحتها تتطلب تضافر جهود جميع الدول.
ردود فعل على اعلان الانسحاب الروسي
اعتبر وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير أنه «اذا قامت روسيا بسحب قواتها من سوريا فإن ذلك سيضغط على الرئيس السوري بشار الأسد لبحث انتقال سياسي سلمي في جنيڤ».
وأعلن وزير الدفاع الفرنسي جون إيڤ لودريان أن «روسيا توقفت عمليا عن قصف المعارضة السورية المعتدلة».
وتمنت المعارضة السورية «أن تنتقل روسيا إلى جانب الفريق الحقيقي والدائم في سوريا، لأن النظام يصارع ليبقى وهو زائل».
وفي ردها على انسحاب القوات الروسية من سوريا اشارت المعارضة الى «اننا نصدق ما نرى لا ما نسمع، ويهمنا نتائج المفاوضات وما تحمل للسوريين».
واكدت المعارضة انه لديها ثوابت تلتزم بها في المفاوضات وانها لا تعول على أوراق من الفريق الآخر.
ورأى المعارض السوري جورج صبرا انه من الطبيعي ان نتوقع انعكاسات ايجابية للانسحاب الروسي من الاراضي السورية على سير المفاوضات في جنيڤ والتي ستبدأ اليوم.