في هذه الاجواء المتراكمة ازمات ومع وتعذر الوصول الى تسويات ثمة مجال لملء الفراغ الشامل بموجات من السجالات العقيمة وتصاعد المواجهة السياسية والاعلامية التي اصابت في الصميم علاقات اهل البيت الواحد من جهة وحكومة المصلحة الوطنية المصابة بداء « سد جنّة» آخر الملفات الخلافية المتفجّرة على مائدتها من جهة ثانية الى جانب شظايا بعض المواقف التي اصابت الخارج واستدعت ردودا مباشرة عبر ديبلوماسيات بعض الدول، بدا ان جهوداً سياسية تبذل عبر أكثر من قناة لاحتواء مناخ الاضطراب السياسي الذي برز أخيرا مهددا بالوصول الى نقطة اللا عودة، وتلافيا للسقوط في المحظور. كل ذلك، فيما هاجس الامن وزعزعة الاستقرار يقضّ مضاجع اللبنانيين القلقين على مصيرهم، ذلك ان اي خضة او استهداف من شأنها ان تفجّر الاوضاع في ظل وجود نحو مليون ونصف مليون لاجئ سوري في لبنان.
اهتمام ديبلوماسي بكلام المشنوق
وابرز تجليات السجالات السياسية برز ظهر امس في سلسلة الردود على مواقف وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق الذي استقطب، كما افادت مصادر ديبلوماسية اهتمام السفارات المعتمدة في لبنان خصوصا من زاوية اشارته الى دور بريطاني في تسمية المرشح سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية وموافقة واشنطن والرياض، حيث طلب عدد من السفراء المعنيين في الملف اللبناني من مكاتبهم الاعلامية تفريغ مضمون المقابلة التي ادلى بها لبرنامج «كلام الناس» لا سيما الجزء المتعلق منها بهذا الموضوع. ولفت في السياق الرد السريع صباحا من المكتب الاعلامي للسفارة البريطانية التي اكدت على لسان مسؤول فيها «ان بريطانيا لا تدعم او تعارض اي مرشح محدد لرئاسة الجمهورية»، مضيفة في بيان: ان انتخاب رئيس للجمهورية هو قرار ومسؤولية اللبنانيين. نحن مستعدون للعمل مع رئيس جمهورية لبنان المقبل أياً يكن. كما ولا زلنا ندعو الى انتخاب رئيس في أقرب وقت».
السعودية: لا نتدخل
اما الرد الثاني فجاء من سفير المملكة العربية السعودية علي عواض عسيري الذي اكد ان بلاده لم ولن تتدخل في الشؤون الداخلية اللبنانية ولا سيما ملف رئاسة الجمهورية الذي تعتبره سياديا يعود للأشقاء اللبنانيين وحدهم حق القرار فيه»، موضحا أن «دور المملكة يقتصر على تشجيع المسؤولين اللبنانيين على ايجاد حل للأزمة السياسية وانهاء الشغور الرئاسي لينتظم عمل مؤسسات الدولة ويعبر لبنان الى مرحلة من الاستقرار والازدهار الاقتصادي بمعزل عمن يكون الرئيس الجديد».
جعجع لمحازبيه: حذار
وليس بعيدا، وفي ما يعكس رغبة بالتهدئة، سيما على محور معراب -بيت الوسط، بعدما بلغت السخونة السياسية ذروتها بين الرئيس سعد الحريري ورئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع وتداركا للأسوأ، علمت «المركزية» ان رئيس القوات اصدر امس مذكرة داخلية اوعز فيها الى جميع نواب ومسؤولي وقيادات وكادرات ووسائل الاعلام التابعة للحزب عدم التعرض لتيار المستقبل بأي شكل، حتى لو صدرت تصريحات ومواقف مضادة من جانبه. وشدد جعجع في مقدمة المذكرة على «ان العلاقة مع تيار «المستقبل» والرئيس سعد الحريري أبعد واعمق من تفاصيل تكتية».
جحيم سد «جنّة»
وفي مقلب السجال الحكومي، انهمرت امس المواقف حول سد جنة الذي استغربت مصادر وزارية العودة الى دوامة النقاش حوله ما دام أُقّر في مجلس الوزراء منذ سنوات، واستوفى حقه من الدراسات والتدقيق والتمحيص في جدواه، ففي حين اوضح وزير البيئة محمد المشنوق في ورشة عمل في اطار نشاطات يوم البيئة العالمي بمشاركة الجسم القضائي «اننا لا نستطيع السير بالسد إذا لم نتأكد من جدواه وعدم مخاطره، أكد وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل، في مؤتمر توضيحي وعلمي عن سد جنة، «ان المشروع استراتيجي والتعاطي معه يجب ان يكون على هذا الأساس». وقال: «لا أحد منا يقبل أن يضع في سجله مشروعا عرضة للخطر ويجب ان يكون هناك سبب اكبر من المحفزات لوقف العمل بسد جنة»، مشيرا الى ان «الحجج كثيرة والسبب واحد هو إيقاف المشروع»، موضحا انه «لم يثبت وجود فالق زلزالي في جنة، فلماذا الخوف من انهيارات فيما باقي السدود والبحيرات لا خوف عليها؟ وأعلن «ان موظفا كبيرا في الدولة يقر بتدخل رئيس حكومة سابق معه لعرقلة المشروع، فما هو الهدف واين هي المصلحة؟»
الرئاسة اسيرة طهران
في الاثناء، ووسط اخفاق كل الجهود السياسية الخارجية التي بُذلت في اتجاه طهران من اجل حملها على فك أسر الازمة الرئاسية اللبنانية، اكدت اوساط دبلوماسية لـ»المركزية» ان بعض زوار العاصمة الايرانية الذين عملوا بقوة على هذا الخط لا سيما من الاوروبيين، لمسوا لمس اليد ان لا مجال راهنا لعدول ايران عن تمسكها بورقة رئاسة لبنان، حتى ان احد كبار المسؤولين الايرانيين قال لسائله عما يطلبه مقابل الافراج عنها « اعطني سببا واحدا لوجود اسرائيل في الشرق الاوسط».
تطمينات رياض سلامة
في المقلب الآخر، أعلن حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، خلال حفل تكريمه من قبل متروبوليت بيروت وجبيل وتوابعهما للروم الملكيين الكاثوليك المطران كيريلس سليم بسترس ومنحِه وسام أبرشية بيروت المذهّب، «ان إيماننا قوي وراسخ بلبنان، وثقتنا قوية وراسخة بنظامه المالي والمصرفي الذي أثبت مناعة وحصانة وقدرة فائقة على مواجهة التحديات والتكيّف مع الأزمات». ولفت إلى أن «وضعنا المالي والنقدي قوي ومتين، وقطاعنا المصرفي في وضع صحي وسليم. الليرة اللبنانية مستقرة والفوائد كذلك»، مشيراً إلى أن التزام مصرف لبنان بالمصحلة الوطنية العليا هو التزام ايضاً بالقرارات والإتفاقات الدولية وتطبيق المعايير التي تحكم عمل المصارف والنظام المالي العام».
خامنئي يتهم واشنطن
اقليميا، صعّد المرشد الإيراني علي خامنئي لهجته حيال الغرب في خطاب ألقاه امس في الذكرى السابعة والعشرين لرحيل الامام الخميني، حيث أكد ان «الولايات المتحدة وبريطانيا الخبيثة والنظام الصهيوني المشؤوم (…) هي أكبر أعداء إيران»، متهما واشنطن «بعدم الوفاء بالتزاماتها في الاتفاق النووي الذي وقعته طهران مع القوى الكبرى في أيلول 2015. واعتبر خامنئي أن أي طرف «يثق بالولايات المتحدة يرتكب خطأ كبيرا وسيتلقى صفعة» من الأميركيين.
اجتماع باريس
مؤتمر السلام: أما الصراع الفلسطيني – الاسرائيلي، فحضر في فرنسا امس، اذ بدأ في باريس اجتماع لوزراء خارجية القوى الكبرى ودول عربية وغربية، لإعادة عملية السلام بين إسرائيل وفلسطين إلى جدول الأعمال الدولي وإيجاد أرضية مشتركة تسمح بجلوس الجانبين إلى طاولة التفاوض بحلول نهاية العام. وفي كلمته أمام المشاركين، قال الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند إن «خيار السلام يخص إسرائيل والفلسطينيين وحدهم ومبادرة فرنسا يمكن أن تساعد في توفير ضمانات لاتفاق دائم وثابت». ويضم اجتماع الوزراء في باريس اللجنة الرباعية للسلام في الشرق الأوسط التي تتألف من الولايات المتحدة وروسيا والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة. وتشارك فيه أيضا الجامعة العربية ومجلس الأمن الدولي ونحو 20 دولة، ولم يتم توجيه الدعوة لإسرائيل ولا فلسطين.