IMLebanon

الأموال الإنتخابية حرّكت قطاعات ورفدت السوق بالسيولة

كتبت ميريام بلعة:

ذهبت «سكرة» الإنتخابات البلدية وجاءت «فكرة» العبء الإقتصادي والإجتماعي الذي ترزح تحته القطاعات الإنتاجية والخدماتية كافة وبالتالي المواطن اللبناني المتأثر الأول من جمودها والمتضرر الأبرز من مؤشراتها السلبية التي لا تطاول الوضع الإقتصادي فحسب، بل المعيشي والحياتي على السواء.

وانعكاساً لهذا الواقع، أظهر التقرير الفصلي لمصرف لبنان بعنوان «دراسة حول أداء القطاعات الاقتصادية» Business Survey  للفصل الرابع من العام 2015 – يعرض من خلاله نتائج الإستطلاع المتعلق بعدد من المؤشرات الاقتصادية – تراجعاً ملحوظاً في إنتاج القطاع الصناعي، «وصولاً الى تسجيل فجوة سلبية بلغت 12% خلال الفصل الاخير من العام 2015، مقارنة بنسبة سلبية بلغت 5% في كل من الفصل الثالث من العام نفسه، والفصل الرابع من العام 2014» بحسب ما جاء في التقرير.

كذلك انخفض مؤشر اجمالي الطلب تحت خانة أداء القطاع الصناعي الى 13-% مقابل 11-% في الفصل الثالث من العام 2015 ، في حين تحسن كل من مؤشر الطلب من الخارج، وحجم الاستثمارات في القطاع الصناعي الى 14-% و7-% بالتتالي.

أما لجهة أداء القطاع التجاري، «فزادت الفجوة المتعلقة بحصيلة آراء مديري الشركات في ما خص حجم المبيعات المحققة في خلال الفصل الرابع من العام 2015 ، الى نسبة سلبية بلغت 17% في مقابل نسبة 2-% في الفصل الثالث من العام نفسه».

وفي ما يختص بقطاع البناء والاشغال العامة، «تراجعت حصيلة آراء مديري الشركات لجهة مجمل الاعمال وقطاع البناء الى 33-% و36-% بالتتالي، كذلك تقلصت حصيلة الآراء لجهة «الاشغال العامة» الى 28-% في الفصل الأخير من العام 2015 ، من 14-% في الثالث من العام نفسه».

لتحريك «خطة وزارة  الإقتصاد»

أمام هذه المؤشرات السلبية، ذكّرت مصادر اقتصادية فاعلة لـ»الشرق» بالرؤية الاقتصادية لوزارة الاقتصاد والتجارة لسنة 2016 ، مستعجلة السير بها «لما لها من أهمية في هذه الظروف الإقتصادية الحرِجة التي يمرّ بها لبنان في هذه المرحلة، والتي من شأن تطبيقها تحريك العجلة الإقتصادية ونمو نشاط القطاعات الإقتصادية كافة».

ولفتت إلى أن هذه الخطة شددت على ضرورة «الإسراع في انتخاب رئيس للجمهورية لإعادة إحياء المؤسسات والحياة التشريعية وإقرار قانون انتخاب جديد كي يتم على أساسه انتخاب مجلس نواب جديد، مشيراً إلى أبرز ما تتضمنّه الخطة:

– تصحيح الأوضاع المالية: يجب أن يتم التركيز على إعادة تقييم السياسة المالية للدولة عبر وضع أهداف واضحة تبنى عليها الموازنة Golden Rules ترافقها إصلاحات هادفة إلى توفير التوازن المالي وتحقيق أهداف الخطة الاقتصادية.

– إعادة إحياء ملف انضمام لبنان إلى منظمة التجارة العالمية.

– تحسين مناخ الأعمال المشجّع على الاستثمار والتجارة وحركة الرساميل الوافدة عبر تحديث التشريعات والأنظمة ذات الصلة وتفعيلها، وتطبيق الاستراتيجية الوطنية للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة الحجم وتفعيل الديبلوماسية الاقتصادية.

– تحفيز مبادرات القطاع الخاص والافادة من قدراته، علماً أن الشراكة بين القطاعين العام والخاص تشكل السبيل الوحيد المتاح حالياً في لبنان لتطوير اقتصاد ناجح وبيئة سليمة ونوعية حياة عالية ومجتمع متقدم من خلال:

– التمويل والنهوض بمشاريع البنية التحتية، خصوصاً في قطاعات الكهرباء والمياه والطاقة المتجددة والطرق والبيئة وغيرها من المجالات. توفير فرص عمل بأعداد كبيرة وبنوعية عالية ولكل طبقات المجتمع خصوصاً أن مشاريع البنى التحتية تعتبر من أفضل السبل لاستقطاب الكفايات اللبنانية. استقطاب الاستثمارات الخاصة اللبنانية والعربية والدولية فضلاً عن استقطاب الامكانات الفنية والادارية العالية التي يتمتع بها القطاع الخاص واستثمارها في تنفيذ مشاريع حيوية للاقتصاد اللبناني لا سيما مشاريع البنى التحتية التي تساهم في تحسين مناخ الأعمال في البلاد وإعادة الثقة بالكيان الاقتصادي.

–  معالجة تداعيات أزمة اللاجئين السوريين على لبنان، ومن المتفق عليه أن الخطوات الواجب اتخاذها في سياق معالجة التأثير السلبي للاجئين السوريين على الاقتصاد اللبناني يجب أن تتخذ على صعيد الحكومة وليس على صعيد وزارة وحدها، وهنا يفترض وضع آلية تعاون واضحة المعالم على الصعيد الداخلي من جهة ومع الدول المانحة والمنظمات الدولية من جهة أخرى.

– إقرار قوانين اقتصادية كموازنة سنة 2016 على أن تكون مبنية على خطة اقتصادية، وقانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص لتفعيل دور القطاع الخاص في القطاعات الاساسيّة كالكهرباء.

– إقرار قوانين إصلاحية في الإدارات العامة لمحاربة الفساد وزيادة الإنتاجية في جهاز الدولة الإداري.

– تحفيز مناخ العمل عبر تطبيق الاستراتيجية الوطنية للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة وسنّ وتحديث التشريعات اللازمة وتفعيل الديبلوماسية الاقتصادية. وهذه الإجراءات كفيلة بالمساعدة على تعزيز النمو ورفعه، لأنها توفر الثقة لدعائم الاقتصاد الأساسية أي الاستثمار والإستهلاك إلا أنها تتطلب تضافر جهود كل الوزارات القطاعية كالزراعة والصناعة والعمل وغيرها من الوزارات المعنية لكي تترجم فعلياً على الأرض وتعود بالفائدة على الاقتصاد.

تأثيرات الإنتخابات البلدية اقتصادياً

وفي المقلب الآخر، لم تغفل المصادر ذاتها الإعتراف بتأثير مرحلة التحضيرات للإنتخابات البلدبة بدورتها 2016، على الحركة الإقتصادية المناطقية، في ظل الركود المدقع المخيّم على الساحة الإقتصادية والإستثمارية في البلاد، إذ «ساهمت الانتخابات البلدية في دفع عجلة القطاعات الإقتصادية المختلفة، من حيث ضَخ كميات كبيرة من السيولة النقدية في الاسواق عشية موسم السياحة والإصطياف والموعود هذا العام بأن يكون أفضل من العام السابق، تعويلاً على آمال أهل القطاع بأجواء إيجابية على هذا الصعيد».

ولفتت إلى أن قطاع الطباعة كان المستفيد الأبرز من حيث طباعة اللوائح الإنتخابية وبرامج الترشح وصوّر المرشحين واللافتات المؤيّدة، وغيرها من العناصر التي تدخل في الحملات الإنتخابية.

واعتبرت المصادر أن أبرز ما حرّك جبهة السيولة، هو المبالغ التي أنفقت على بعض المقترعين لتحفيزهم على التصويت لمرشحين محددين ما أدى إلى ضخ سيولة في السوق اللبنانية، إلى جانب تشجيع اللبنانيين المتواجدين خارج لبنان لا سيما المغتربين على المجيء للمشاركة في العملية الإنتخابية، الأمر الذي شكّل عاملاً إيجابياً في زيادة معدل الإنفاق المالي الذي أرفد الوضع الإقتصادي الوطني بجرعة دعم هو في أمسّ الحاجة إليها.