مع ارتفاع حرارة الطقس ارتفعت حرارة التطورات في المنطقة، ميدانيا وسياسيا، درجات اضافية دفعة واحدة في الساعات القليلة الماضية، في شكل ينبئ بالاسوأ اذا لم تسارع القوى الدولية لا سيما الولايات المتحدة وروسيا، عرابا التسوية المفترضة للملفات الملتهبة في الاقليم، الى استلحاق الوضع قبل خروجه عن السيطرة. فبينما كانت اسطنبول تلملم آثار انفجار هزها صباحا استهدف شرطة مكافحة الشغب، متسببا بمقتل 11 شخصا واصابة 36 اخرين بجروح، كان الرئيس السوري بشار الاسد يؤكد ان حلب ستكون المقبرة التي ستدفن فيها آمال وأهداف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، متعهدا بـ»مواصلة القتال في ما أسماه «الحرب ضد الإرهاب»، مضيفا في كلمة أمام البرلمان السوري الجديد «أؤكد لكم أن حربنا ضد الإرهاب مستمرة ليس لأننا نهوى الحروب.. هم من فرض الحرب علينا. لكن سفك الدماء لن ينتهي حتى نقتلع الإرهاب من جذوره أينما وجد ومهما ألبس من أقنعة.» وتابع «كما حررنا تدمر وكثيرا من المناطق سنحرر كل شبر من سوريا من أيديهم ولا خيار أمامنا سوى الانتصار، وإلا فلن تبقى سوريا ولن يكون لأبنائنا حاضر ولا مستقبل». ولم يغفل الاشارة الى «أننا لا ننسى ما قدمته المقاومة اللبنانية لسوريا في مجال مكافحة الارهاب».
هو الارهابي الاكبر
مواقف رئيس النظام السوري سرعان ما شرعّت ابواب الرد اللبناني العابر للحدود بكلام من العيار الثقيل، اذ اعتبر الرئيس سعد الحريري عبر «تويتر» ان «الأسد قال انه يريد ان يحرر كل شبر من سوريا من الارهاب، وهو اكبر ارهابي، وهو من صنع داعش واخواتها . من المؤكد ان الأسد يريد ان يشكر اسياده من ايران وحزب الله، والشيء الوحيد والاكيد هو أن الشعب سينتصر عليهم جميعا لانه على حق».
حرص دولي
وفي مقابل التصعيد الاقليمي، تجلى الحرص الدولي على ابقاء الساحة اللبنانية مستقرة ومحصنة في وجه الرياح الحارة التي تلفح محيطه، في دفعة مساعدات عسكرية أميركية اضافية تلقتها المؤسسة العسكرية. وفي السياق، زار القائم بالأعمال الاميركي السفير ريتشارد جونز امس قاعدة بيروت الجوية لمشاهدة عملية تسليم أحدث شحنة من المساعدات العسكرية الأميركية المستمرة إلى الجيش اللبناني، عبارة عن معدات متطورة لرسم الخرائط تبلغ قيمتها أكثر من 3.6 ملايين دولار من شأنها أن تحسن قدرة الجيش اللبناني على رسم التضاريس في لبنان، وفق ما أعلنت السفارة الاميركية في بيان، موضحة أن الصور التفصيلية التي تنتجها هذه المعدات ستعمل على تعزيز قدرات الجيش اللبناني على وضع عمليات التخطيط، وعلى حماية قوات الجيش فيما يستمر في اتخاذ إجراءات حاسمة ضد العناصر المتطرفة على طول الحدود اللبنانية».
مباحثات عقيمة
وفيما الأجهزة تتفوق في تصديها للارهاب وتسطّر الانجازات في مجال حفظ الامن والاستقرار، يطبع التعثّر الملفات السياسية الداخلية عموما. وقد تظهّر هذا التخبط بقوّة امس في اجتماع اللجان النيابية المشتركة التي التأمت لمواصلة البحث عن قانون جديد للانتخاب. وقد دلّ ارجاء الاجتماع الثاني الذي كان محددا الخميس المقبل الى 22 الجاري، أي غداة اجتماع طاولة الحوار الوطني، الى حجم العقم الذي اتسمت به المباحثات وسط اقرار معظم المشاركين بأن القرار النهائي في مسألة قانون الانتخاب ليس في يد اللجان بل في جيب القوى السياسية. وكانت اللجان تابعت درس توزيع المقاعد على الدوائر من خلال المشروع المقدم من رئيس مجلس النواب نبيه بري وذاك المقدم من «القوات اللبنانية» وتيار «المستقبل» والنائب وليد جنبلاط، ونقاط الاختلاف الواردة في المشروعين. وكان تركيز على الدوائر الانتخابية وكيفية توزيع المقاعد عليها بين النظامين الاكثري النسبي وضرورة توحيد المعايير العلمية على الدوائر كافة».
وأوضح مقرر اللجان النائب روبير غانم أن «لا شيء يخفى في هذا البلد ولا نريد ان نكذب على الناس، القيادات السياسية هي التي تقرر واللجان النيابية تنفذ. لذا من الافضل ان ننتظر ما سيطرأ في طاولة الحوار باعتبار ان قانون الانتخاب سيكون من صلب جدول اعمال طاولة الحوار، وان شاء الله يتوصلون الى توافق واتفاق حتى نستطيع ان نكمل في اللجان المشتركة ونقرب وجهات النظر لبعضها البعض
سد جنة والنفايات
في مجال آخر، وفي ما يبقى بعض الملفات عالقا في شباك النقاش الوزاري للبت فيه في جلسة يوم غد الخميس الصباحية وابرزه سدّ جنة وقرار بلدية بيروت الاستغناء عن مطمر برج حمود ووضع حل خاص بالعاصمة، قالت مصادر سياسية مطّلعة لـ»المركزية» ان الحكومة ستبحث في جدول اعمالها السابق الذي لم يتسن البحث فيه في الجلسات الماضية ويتضمن 61 بندا. واشارت الى ان الرئيس تمام سلام اذا لم يطلب في بداية الجلسة وقف النقاش في ملف سدّ جنة، فانه سيؤكد مرة اخرى ضرورة التزام بنود جدول الاعمال، علما ان ملف النفايات وارد في البندين 5 و6 . واعتبرت ان مواقف القوى السياسية ازاء هذا الملف يكتنفها الغموض باستثناء كتلة وزراء حزب الكتائب التي كشفت عن موقفها المتشدد تجاه المطروح، سيما وضع كل الملف في يد متعهد واحد، واعتبارها ان كل التصنيفات وردم البحر والاثار البيئية المترتبة تفوق بأشواط مساوىء سدّ جنة. والامر سيفتح باب النقاش واسعا ويطيح امكانية الاجماع على اي قرار في هذا الخصوص. وسيعيد المجلس البحث في المناقصات، خصوصا ان ثمة مواعيد حددت لم يتم الالتزام بها، فيما هناك مواعيد منتظرة سيطرأ عليها تعديل.
كلام الحريري في الافطارات
في غضون ذلك، اوضح مصدر قريب من الرئيس سعد ان رئيس «المستقبل» سيفتتح افطارات رمضان لهذا العام لافطار الذي يقيمه غروب غد الخميس لرجال الدين، مشيرا الى ان مواقفه ستكون من وحي المناسبة، على ان يتحدث في السياسة في الافطار المركزي في البيال من بيت الوسط السبت المقبل.
نتانياهو في موسكو
من جهة ثانية، وصل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو الى موسكو امس حيث وضع اكليلاً من الزهور على قبر الجندي المجهول في جوار جدران الكرملين. نتانياهو الذي يزور العاصمة الروسية احتفالاً بالذكرى الخامسة والعشرين لاستئناف العلاقات الديبلوماسية بين البلدين، يلتقي الرئيس فلاديمير بوتين، والملف السوري من بين الموضوعات المدرجة على جدول أعمال البحث.