لحظات قليلة كانت كفيلة بقلب المشهد في مبنى إدارة «بلوم بنك» المركزي في الحمرا، رأسا على عقب، حيث كشف النّهار حجم الدمار الذي خلّفه التفجير الذي استهدف المصرف ليل أمس، تزامنا مع موعد الافطار، وقد حال هذا التوقيت الذي يبدو الى حد كبير «مدروسا» دون سقوط اصابات في الأرواح لتقتصر الاضرار على الماديات..
دمار في الداخل
داخل المبنى، فوضى وخراب عارمين. الزجاج متناثر في أرجاء المكاتب والغرف، الابواب مشلّعة، الكراسي والاوراق تطايرت بفعل عصف الانفجار، فيما تهاوت أجزاء كبيرة من السقف أرضا.
… والخارج
أما في الخارج، فواجهة المبنى الزجاجية تصدعت وتضررت بقوة. الا ان الطريق الذي قطع أمس بعيد الانفجار، أعيد فتحه ولو جزئيا اليوم، وقد دعت القوى الامنية المارة والسيارات الى توخي الحذر خوفا من تساقط ألواح زجاجية.
التحقيقات مستمرة
وفي حين انتقل موظفو المصرف الى مبنى آخر ملاصق لاستكمال عملهم كالمعتاد، استمرت التحقيقات لمحاولة كشف هوية منفذي التفجير… وفي السياق، أنهت الأدلة الجنائية امس مهمتها في موقع الانفجار حيث عملت على رفع الادلة منذ ليل أمس. في المقابل، تفاوتت المعلومات في شأن حجم العبوة، اذ أفاد بعضها ان وزنها بلغ 7 كيلوغرامات من المواد الشديدة الانفجار (TNT) في حين قال بعضها الآخر ان وزنها 8 كلغ… وفي حين أشارت المعطيات المتوافرة الى ان الفرضية الاقوى تدلّ الى ان التفجير حصل عن طريق ساعة التوقيت (Timer) وليس عبر جهاز لاسلكي، واصل المحققون ولا سيما عناصر شعبة المعلومات جهودهم لتحديد الجهة المسؤولة عن العمل التخريبي، حيث جمع المحققون افلام الكاميرات من المنطقة كلها وليس فقط من المصرف وتم سحب تسجيلاتها اضافة الى داتا الاتصالات في محيط المنطقة المستهدفة.
الروايات عن التفجير
ومع اشارتها الى ان التحقيق قد يستغرق بعض الوقت، كشفت مصادر أمنية أن هناك أكثر من رواية لكيفية حصول العملية، الأولى تقول ان شخصا ترجّل من سيارة لوضع العبوة، فيما تقول أخرى ان هناك سيارتين مشتبهاً فيهما مرّتا في المكان قبل الانفجار، واحدة قبل 7 دقائق من حصوله والاخرى قبل دقيقة واحدة، مشيرة الى ان العمل جار على تعقبهما وملاحقتهما، مشيدة بالتعاون اللافت بين الاجهزة والجيش لجمع المعلومات وسط جهد استثنائي وجدي يبذل لكشف ملابسات العملية… واذ لفتت الى ان تحليل مضمون أشرطة الكاميرات، لا سيما أنه يركّز على الدقائق التي سبقت وتلت التفجير، قد يساعد في المهمة، كشفت ان الاشجار المزروعة أمام المصرف شكّلت حاجبا منع كشف وجوه المنفذين لحظة زرعهم العبوة.
الهدف ضرب الامن والاقتصاد من خلال المصارف تعقب سيارتين وتحليل اشرطة الكاميرات وتنسيق عسكري
الحدث خطير بالتأكيد وكل التحليلات والقراءات السياسية الهادفة الى تحديد المسؤوليات في التفجير الذي استهدف «بنك لبنان والمهجر»، تبقى دون مستوى الخطورة. فالعمل الارهابي المدروس بدقة شكلا ومضمونا رسم مزيجا معقّدا من الخلاصات يمكن توجيه بوصلتها في غير اتجاه انطلاقا من السؤال عن المستفيد الاول من «شيك» تسديد كرة النار في الملعب المصرفي. لكن وبغض النظر عن الجهة التي «تقامر» بأدق الملفات حراجة وخطورة، محلية كانت او اقليمية، لتوجيه رسائل او لتعميق هوة الخلافات التي كانت حتى ما قبل مساء الاحد مقتصرة على المواقف وردات الفعل، او حتى لمجرد زعزعة الامن ونثر بذور الفرقة بين اللبنانيين، المطلوب بالحاح وقطعا لطريق الفتنة، اذا كان ثمة من يسعى اليها، تجنيد الطاقات والجهود وتسخير قدرات الاجهزة الامنية الرسمية وغير الرسمية، ممن تمتلك مقدرات لا يستهان بحجمها اثبتت فاعليتها في محطات سابقة مماثلة، شبك الايدي لكشف المخطط ومنفذيه وابعاده، والا فان خلاف ذلك سيبقي باب التكهنات مشرّعاً على مصراعيه والشبهات تحوم في فلك كل معني بملف القانون الاميركي لتجفيف موارد حزب الله المالية. اسئلة بديهية واذا كان موقف وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق الذي اعتبر «ان التفجير الاخير يأتي من خارج سياق الانفجارات التقليدية التي شهدها لبنان في الفترة الاخيرة»، رسم جملة تساؤلات عن مقاصده، باعتبار ان السياق الذي اشار اليه هو التنظيمات الارهابية «داعش» واخواتها التي استباحت الساحة اللبنانية في مرحلة معينة قبل ان تضربها في الصميم الاجهزة العسكرية والامنية وتضبط خلاياها، فلا بد من التوقف عند جملة اسئلة بديهية يطرحها المراقبون السياسيون تبدأ من الهدف الذي اراد المفجرون بلوغه، فهل هو توجيه اصابع الاتهام الى حزب الله في اكثر الظروف ملاءمة نسبة لحرب المواقف التي يخوضها مع القطاع المصرفي والتي بلغت اوجها الاسبوع الفائت وتضييق الخناق عليه شعبيا، بعدما ضاق اميركيا عبر مصادره المالية وعربيا وخليجيا بوسمه بالارهابي ومحليا برفض انخراطه في الحرب السورية، بحيث يزيد اتهامه بالتفجير نقطة سوداء الى سجله السياسي والامني؟ ام انه كما بسّطه البعض رسالة مباشرة من الحزب الملتزم الصمت في انتظار بيان قد يصدر عنه، الى القطاع المصرفي لترهيبه وحمله على تخفيف اجراءاته والتزامه نصوص القانون الاميركي، علما ان تبني هذه الفرضية ليس بالسهولة خصوصا لمن يدرك استراتيجية عمل حزب الله وحنكته المفترض انها لا تدعه ينزلق الى هذا المستوى من السذاجة في التعاطي مع الملفات والايقاع بنفسه في عمليات من هذا النوع ستصوب اصابع الاتهام مباشرة اليه؟ المرحلة للوعي والحكمة وتؤكد مصادر وزارية مطلعة ان التفجير لا تقتصر مفاعيله على الحدث بذاته، بل توجب التعاطي معه وربما مع المرحلة التي تلي بكثير من الوعي والتبصّر والحكمة لمنع انزلاق البلاد الى الهدف المرسوم بدكّ آخر قلاعه الحصينة، الامن الذي ما زال يحظى بمظلة خارجية واقية والقطاع المصرفي الرائد في زمن الانهيارات والاخفاقات السياسية، بعدما تعذر ضربهما بوسائل اخرى، ولم تستبعد وجود ارتباط بين الحوادث الاخيرة وملف رئاسة الجمهورية. جمعية المصارف: اعتدنا التحديات وفي ما يشبه «حال طوارئ»، تحركت المصارف اللبنانية امس على أكثر من خط، محاولة استيعاب الرسالة القاسية التي وجهت اليها من جهة، واعادة ترتيب أولوياتها وتحديد الثوابت التي تحكم عملها من جهة ثانية. وعليه، تداعى أعضاء مجلس إدارة جمعية مصارف لبنان الى اجتماع استثنائي عقد قبل الظهر انتهى ببيان أكد أن «التفجير أصاب القطاع المصرفي بكامله، وأنه يهدف الى زعزعة الإستقرار الاقتصادي». واذ لفت البيان الى أن «مصارف لبنان اعتادت العمل في بيئة مليئة بالتحديات، وقد خرج القطاع المصرفي منها دائما أكثر متانة وسلامة»، أهابت الجمعية بـ «السلطات والأجهزة القضائية والأمنية كشف الفاعلين، كما نجحت في حوادث سابقة ما أكسبها بجدارة تقدير العالم أجمع». غير ان الجمعية بدت مصممة على المضي قدما في ما بدأته لجهة «قانون العقوبات الاميركي» حيث شددت على ان «المصارف تعمل وفق أعلى الممارسات المهنية وضمن القواعد السائدة في الأسواق الدولية، كما تخضع في لبنان للقوانين اللبنانية المرعية ولتعاميم مصرف لبنان حفاظا على مصالح جميع اللبنانيين». اجتماع السراي وبعيد الاجتماع، زار وفد من الجمعية حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، الذي انتقل وطربيه عصرا الى السراي واجتمعا بالرئيس تمام سلام في حضور وزير المالية علي حسن خليل ومستشار رئيس الحكومة الدكتور شادي كرم وكان عرض لتفجير فردان اضافة الى تطبيق قانون العقوبات المالية الاميركية على «حزب الله». ووصف سلام التفجير بانه جريمة ارهابية تمس بالامن القومي. وتوالت ردود الفعل على التفجير من الداخل والخارج. فرئيس مجلس النواب نبيه بري اعتبر «ان الايادي الآثمة التي سعت لارباك وزعزعة الوضع في لبنان بتفجير الامس انما تستهدف لبنان اولا وحزب الله ثانيا، قبل ان تصل شظاياه لاحد اهم مصارفنا لبنان والمهجر. ودانت الولايات المتحدة بشدة «التفجير الارهابي» الذي استهدف مصرف «بلوم» . وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الاميركية جون كيربي «نؤكد مجددا التزامنا القوي تجاه شعب لبنان واستقراره وأمنه». التحقيقات جادّة وفي ما يتصل بمسار التحقيقات فقد أنهت الأدلة الجنائية مهمتها في موقع الانفجار، حيث عملت على رفع الادلة منذ ليل الاحد. وتفاوتت المعلومات في شأن حجم العبوة، بين من افاد ان وزنها بلغ 7 كيلوغرامات من المواد الشديدة الانفجار (TNT) ومن اشار الى أن وزنها 8 كلغ… وفي حين أشارت المعطيات المتوافرة الى ان الفرضية الاقوى تدلّ الى ان التفجير حصل عن طريق ساعة التوقيت (Timer) وليس عبر جهاز لاسلكي، واصل المحققون ولا سيما عناصر شعبة المعلومات جهودهم لتحديد الجهة المسؤولة عن العمل التخريبي، حيث جمعوا افلام الكاميرات من المنطقة كلها وليس فقط من المصرف وتم سحب تسجيلاتها اضافة الى داتا الاتصالات في محيط المنطقة المستهدفة. ومع اشارتها الى ان التحقيق قد يستغرق بعض الوقت، كشفت مصادر أمنية أن هناك بضع رواية لكيفية حصول العملية، الأولى تقول ان شخصا ترجّل من سيارة لوضع العبوة، فيما تقول أخرى ان هناك سيارتين مشتبهاً فيهما مرّتا في المكان قبل الانفجار، واحدة قبل 7 دقائق من حصوله والاخرى قبل دقيقة واحدة، مشيرة الى ان العمل جار على تعقبهما.