بعدما تعذر على اهل الحكم وقياداته السياسية بلوغ نقطة الوصول الى الاتفاق على قانون انتخابي مشترك، رحّل الرئيس نبيه بري الحوار الى اجتماعات ماراتونية في 2 و3 و4 آب المقبل. ولكن هذه المرة ليس فقط للقانون بل للبحث في سلة متكاملة في الملفات العالقة كافة في جلسات متتالية، يخشى مراقبون سياسيون ان تحرف طاولة الحوار الوطني عن وظيفتها الاساس فتحولها الى مجلس نواب ومجلس وزراء وهيئة تأسيسية لمؤتمر وطني ما دام كل الاطراف السياسيين ممثلين فيها.
فشلت طاولة الحوار اذا في التقدم ولو خطوة على طريق الاتفاق على قانون انتخابي جديد، فاكتفى أقطابها بعرض نظرتهم الى القانون العتيد، ولعلّ تصريح وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس لدى مغادرته الجلسة شكل خير دليل الى ما أفضت اليه المداولات في هذا الشأن إذ قال «الأمور مكانك رواح وكل فريق وراء متراسه». غير أن الحلقة المفرغة «انتخابيا» كسرها شبه اجماع تحدث عنه رئيس مجلس النواب نبيه بري، على اعتماد معايير قانون «فؤاد بطرس» قاعدة لأي قانون انتخابي جديد. سجلت مطالعة مطولة للرئيس فؤاد السنيورة تحدث فيها عن التنازلات التي قدمها تيار المستقبل لتسهيل وضع قانون انتخابي جديد، مشيرا الى أن حكومته كلّفت لجنة اختصاصيين لوضع قانون جديد فأبصر قانون «فؤاد بطرس» النور. أما رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل فاقترح اعتماد الدائرة الفردية مع الخروج من القيد الطائفي، وطالب باصلاحات كانشاء مجلس الشيوخ.
وتوالت المواقف من مبادرة بري اجراء الانتخابات النيابية أولا، فعبّر كل طرف عن رأيه فيها بحيث عكست المداخلات تباينا بين من يتمسكون بأولوية الانتخابات الرئاسية وعلى رأسهم تيار المستقبل، الكتائب والوزير بطرس حرب وبين من يشجعون الانتخابات النيابية أولا وأبرزهم التيار الوطني الحر (لكن وفق قانون جديد) و»حزب الله» ومن لا يمانعون الطرح الذي يمكن ان يضع حدا للمراوحة السياسية السلبية كالحزب التقدمي الاشتراكي.
كما تطرق النقاش الى ملف النفط والغاز فكان تشديد على ضرورة عقد جلسة وزارية لاقرار مراسيم المطلوبة لبدء التلزيمات. وتقرر عقد 3 جلسات حوارية متعاقبة في 2 و 3 و4 آب المقبل، ستخصص للنظر في جملة قضايا أبرزها الرئاسة، قانون الانتخاب والافكار الاصلاحية التي طرحت في هذا السياق ومنها انشاء مجلس للشيوخ، وعمل المؤسسات الدستورية، ما يعني ان خيار «الدوحة اللبنانية» أو «السلة الشاملة» الذي اقترحه بري ضمن مبادرته.
ويواصل «تيار المستقبل» و»حزب الله» حوارهما الثنائي الذي يعقد جولته الثلاثين غدا الخميس في عين التينة برئاسة الرئيس نبيه بري. واكد عضو كتلة «المستقبل» النائب سمير الجسر ان «الحوار يبحث في كل ما له علاقة بجدول اعماله التقليدي المتضمن بندين: تخفيف الاحتقان المذهبي وايجاد حلّ لازمة رئاسة الجمهورية، لكننا سنسعى الى «تحريكه» (جدول الاعمال) ليكون اكثر فاعلية، ذلك ان الاحتقان المذهبي مُهدد بالانفجار في اي لحظة، سنحاول قدر المستطاع «التخفيف» منه بواسطة جولات الحوار على رغم عدم معالجتنا لاسبابه الرئيسية»،
الحريري الى طرابلس
من جهة ثانية، يواصل الرئيس سعد الحريري جولته على المناطق مُستفيداً من شهر رمضان للتواجد بين جمهوره وانصاره، خلافاً لما دأب عليه في افطارات ماضية حيث كان يُنظّم افطارات للمناطق في بيروت (مجمّع البيال). ويتوجّه الحريري الى طرابلس الجمعة المقبل للمشاركة في الافطار الذي يُقيمه «التيار» في معرض رشيد كرامي الدولي في حضور فاعليات طرابلسية وشمالية.
واوضح مصدر في «المستقبل» لـ»المركزية» ان «الدعوات للافطار وُجّهت الى كل فاعليات طرابلس من دون استثناء، وان بلدية طرابلس الجديدة برئاسة احمد قمر الدين ستكون حاضرة». واذ اشار الى ان «وزير العدل المُستقيل اشرف ريفي لم توجّه إليه دعوة الى افطار غروب الجمعة»، اعلن ان «زيارة الحريري الى عاصمة الشمال ستستمر 3 ايام يلتقي في خلالها ابناء طرابلس والجوار»، رافضاً ربط زيارته الشمالية بنتائج الانتخابات البلدية في طرابلس التي فازت فيها لائحة «قرار طرابلس» المدعومة من ريفي».
اما الازمة الكتائبية ومتفرعاتها وشظايا قرار استقالة وزيريها من حكومة المصلحة الوطنية فحطت رحالها في الصرح البطريركي الذي زاره تباعا نائب رئيس حزب «الكتائب» الوزير السابق سليم الصايغ الذي وضع البطريرك مار بشارة بطرس الراعي في التطورات المتعلقة بالاستقالة. ثم زار الراعي وزير العمل المستقيل سجعان قزي الذي أطلعه على أجواء الإستقالة وأكد انه سبق أن التزم قرار الحزب بها مع تصريف الأعمال، وفوجئ بأن الحزب على رغم الإلتزام اتخذ القرار بصرفه نهائيا من الكتائب».
وكان قزي داوم أمس في مكتبه كالمعتاد، الا ان مصادر مواكبة اوضحت انه لن يشارك في جلسة مجلس الوزراء غدا، على رغم تلقيه الدعوة وجدول اعمال الجلسة. اما الجلسات اللاحقة اعتبارا من يوم الجمعة المقبل، فان مشاركته فيها ما زالت قيد الدرس على ان يحسم خياره خلال ايام.
اما الاستحقاق الرئاسي بشق مساعيه الخارجية، فحضر اعتبارا من أمس في باريس، قبل ان يمر «مرور الكرام» في جلسة الانتخاب الحادية والاربعين الخميس، مع وصول وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف حيث شارك مساء في حفل افطار أقامته سفارة بلاده، ويبدأ اليوم لقاءاته مع المسؤولين فيلتقي نظيره جان مارك ايرولت قبل ان يستقبله في الاليزيه الرئيس فرنسوا هولاند. وفي حين لا تتوقع مصادر عربية في باريس خرقا في جدار الازمة الرئاسية خلال لقاءات ظريف، تشير الى ان ايرولت وهولاند سيحثان رئيس الديبلوماسية الايرانية على بذل اقصى الممكن من اجل فك أسر رئاسة لبنان.
نصر الله يطل الجمعة
وسط هذه الاجواء، اتشحت بلدات الجنوب وقراه بالسواد حدادا على كوكبة من ابنائها الذين سقطوا في سوريا في حصيلة هي الاكبر منذ بداية المعارك، وصلت الى 25 مقاتلا من حزب الله، حسب ما كشف مصدر أمني لـ»المركزية». وفيما نعى الحزب المزيد من عناصره الذين سقطوا في معارك حلب ولم يستعد جثثهم التي ما زالت في ارض المعركة، وسط مساع لاستردادها، ترددت معلومات عن زيارة قام بها الامين العام للحزب السيد حسن نصرالله الى دمشق اخيرا وعشية اطلالته يوم الجمعة المقبل في ذكرى اربعين القيادي مصطفى بدر الدين.