التأمت الجمعية العمومية العادية السنوية الـ 54 لجمعية مصارف لبنان، وألقى في مستهل الجلسة رئيس الجمعية الدكتور جوزف طربيه كلمة لخص فيها «أهم منجزات مجلس الإدارة الحالي». ثم ناقشت الجمعية التقرير السنوي للمجلس للعام 2015 ووافقت عليه. وبعد الإطلاع والموافقة على تقرير مفوضي المراقبة حول حسابات الجمعية لسنة 2015، أبرأت ذمة مجلس الإدارة الحالي ثم ناقشت وأقرت الموازنة التقديرية لسنة 2017.
وأوجز الدكتور طربيه في كلمته: «أبرز التطورات التي رافقت عملنا، وما أنجزته جمعيتنا خلال السنة الأولى من ولاية مجلس إدارتنا الحالي». وقال: «في العام 2015، ظل الإقتصاد اللبناني على ضعفه المستمر منذ مطلع العقد الحالي بحيث تراجع معدل نموه الى نحو 1 في المئة بسبب مجموعة تطورات، بعضها داخلي، وأبرزها استمرار الفراغ الرئاسي وتعطل عمل السلطتين التنفيذية والتشريعية، وبعضها خارجي، يتعلق بالأحداث في المنطقة العربية خصوصا في سوريا. وقد انعكست هذه التطورات سلبا على الاستثمارات الداخلية والخارجية كما على حركة الاستهلاك. بيد أن استمرار تحويلات العاملين في الخارج والتسليفات المصرفية، على رغم التراجع الطفيف للأولى وتباطؤ نمو الثانية، ظلتا تساهمان، كما هي الحال دائما، في دعم الحركة الاقتصادية».
اضاف: «في موازاة ذلك، تراجع وضع المالية العامة في العام 2015 قياسا على العام 2014. وقد وازى العجز العام ما نسبته 7,8 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي وانخفض الفائض الأولي المحقق من 2,6 في المئة من الناتج في العام 2014 الى 1,4 في المئة في العام 2015. ومن جراء ذلك، زادت المديونية العامة بحيث وصل حجم الدين العام في نهاية العام 2015 الى 70,3 مليار دولار أميركي، ما استتبع ارتفاع نسبة الدين العام الإجمالي الى 138 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، في مقابل 134 في المئة في نهاية العام 2014».
لكنه أشار الى «أن الوضع النقدي في العام 2015 بقي مستقرا، مظهرا متانة لافتة رغم دقة الأوضاع العامة في البلاد. ويعود ذلك، من جهة، الى الإمكانات الكبيرة المتوافرة لدى الجهاز المصرفي (مصرف لبنان والمصارف) والى الإجراءات والهندسات المالية التي اتخذها البنك المركزي، بالتعاون الوثيق مع المصارف».
وتابع: «وبالإضافة الى مساهمتنا الفاعلة في الاستقرار النقدي، فقد استمرت مصارفنا في توفير التمويل للاقتصاد الوطني بحجم كاف وبكلفة متدنية قياسا على ما هو سائد في دول تتمتع بتصنيف أفضل بكثير لمخاطرها السيادية. فقد زاد حجم القروض للقطاع الخاص بما يقارب 3,3 مليارات دولار، أي بنسبة 6,5 في المئة وزاد تمويلنا للدولة بقيمة 448 مليون دولار، وأودعنا المصرف المركزي ما يوازي 7 مليارات دولار، بما قوى احتياطاته، لا سيما بالعملات الأجنبية، وبما انعكس استقرارا في سوق القطع. هذه الزيادة في التوظيفات البالغة 10,3 مليارت دولار خلال السنة الماضية إنما تم تمويلها من خلال نمو ودائعنا بما يزيد عن 7 مليارات دولار وزيادة رساميلنا بما يقارب المليار دولار، مع بقاء توظيفاتنا الخارجية عند مستوى 24 مليار دولار. في اختصار، وصل حجم التسليفات للقطاعين إلى ما يقارب 86 مليار دولار في نهاية العام 2015 موزعة بنسبة 44 في المئة للقطاع العام و56 في المئة للقطاع الخاص».
وتابع: «أما على صعيد المهنة المصرفية، فقد تعاونا مع مصرف لبنان لتطبيق مندرجات اتفاقات لجنة بازل للرقابة المصرفية، عبر تحقيق إلتزام المصارف العاملة في لبنان بمستوى من الملاءة يتخطى المعدل المطلوب عالميا، وقد بلغ 15,1 في المئة في نهاية العام 2015».
ولفت الى «أننا نتابع النقاش الجدي والمعمق مع اتحاد موظفينا، وهم جزء كريم من أسرتنا المصرفية حول تجديد عقد العمل الجماعي، بعدما وافق مجلس إدارة الجمعية على إنشاء صندوق التقاعد. وينصب الجهد حاليا، بتوافق الجانبين وبشكل حصري، على آلية تطبيق النظام الأساسي للصندوق وعلى توفير الإدارة الرشيدة له ضمانا لفاعليته واستمراره، ونأمل إنجاز موضوع الصندوق وتجديد العقد في أقرب فرصة استنادا الى التعاون الإيجابي القائم بين الطرفين».
وقال: «المصارف تؤدي دور الوسيط بين المودعين والمقترضين. وهي تؤدي هذا الدور باحتراز كبير، من جهة، حفاظا على المدخرات التي نحن مؤتمنون عليها، ومن جهة ثانية، حفاظا على مصلحة الطرف الآخر في المعادلة، عنينا به الأسر والمؤسسات وخزينة الدولة.
إن السلطات النقدية والرقابية، وهي الناظم لعملنا والمراقب له، تشهد على حسن أداء هذه الوظيفة ضمن أفضل المعايير الدولية. ودور الوساطة هذا نؤديه كذلك بين الداخل والخارج عبر المصارف العالمية المراسلة».
وأوضح انه «لمزيد من الحرص على السمعة الإقليمية والدولية للقطاع وعلى انتظام وديمومة تعامل مصارفنا مع النظام المالي العالمي، واصل مجلس الإدارة تطبيق خطة التحرك الداخلي والخارجي التي وضعها والتي تقوم على ثلاث ركائز متزامنة ومتكاملة هي:
أولا، حركة اتصالات محلية بسفراء الدول الكبرى والمؤثرة المعتمدين في لبنان.
وثانيا، حركة اتصالات دولية عبر زيارات مباشرة واجتماعات كثيفة مع شخصيات ذات نفوذ وتأثير في مواقع القرار داخل السلطات التشريعية والتنفيذية في الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا، لا سيما فرنسا وبريطانيا، كما في البنك الدولي وصندوق النقد وكبريات المصارف العالمية والمراسلة لمصارفنا؛
وثالثا، حملة إعلامية وإرشادية متمثلة خصوصا بإصدار نشرة دورية إلكترونية متخصصة على موقع الجمعية بهدف إبراز نشاطات القطاع المصرفي اللبناني على صعيد التزام مستجدات قواعد العمل المصرفي وبالمعايير الدولية في مجال مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، وإصدار سلسلة أدلة حول السياسات والإجراءات المتعلقة بهذا الموضوع، وبتطبيق قانون الإمتثال الضريبي الأميركي (فاتكا) وبالعقوبات الدولية، وحول أخلاقيات العمل وحماية الزبائن، بالتعاون مع شركة «ديلويت» ولجنة التحقق في الجمعية».