كتب عبد الامير بيضون:
بقيت التطورات الأمنية على الساحة اللبنانية، محور متابعات دقيقة داخلية وخارجية، سواء بسواء، بالنظر الى ما يمكن ان يكون خلف استهداف الجيش والقوى الأمنية في راس بعلبك، وجرود عرسال وعودة الحديث عن السيارات المفخخة، كما جاء في تحذير السفارة الاميركية.
وإذ سجل قصف مدفعي، قامت به وحدات الجيش في جرود عرسال لمنع تقدم مسلحين من الجرود المقابلة باتجاه الداخل اللبناني… فإن المواقف أجمعت على الوقوف الى جانب المؤسسة العسكرية والقوى الأمنية، التي تعرضت أمس لضربة موجعة تمثلت باغتيال مسؤول شعبة المعلومات في مرياطة – قضاء زغرتا – المؤهل أول غسان عجاج، في حادث اعتبر «رسالة للشعبة…».
وفي وقت، واصلت السفارة السعودية في بيروت تقبل التعازي في مسجد محمد الأمين برحيل الملك عبد الله بن عبد العزيز، حيث سجل حضور لافت لـ«حزب الله» بين المعزين تمثل بحضور النائبين نوار الساحلي وعلي المقداد… كما لوحظ توجه رئيس «تكتل التغيير والاصلاح» النائب ميشال عون الى الرياض، ومعه وزير الخارجية جبران باسيل، لتقديم التعازي…
حوار «المستقبل» – «حزب الله»
وسط هذه الانهماكات، وعلى ما هو مقرر، فقد استأنف «المستقبل» و«حزب الله» جلساتهما الحوارية في عين التينة مساء أمس، وهي الجولة الرابعة بين الفريقين، التي لم تخرج عن السياق العام المقرر لها، على رغم التطورات الحاصلة أمنياً، ابتداءً من الاعتداء الاسرائيلي على القنيطرة واستشهاد عدد من كادرات «حزب الله» و«الحرس الثوري الايراني»، الى هجمات المسلحين على مراكز الجيش في جرود راس بعلبك، وتمكن وحدات الجيش من صدهم واستعادة التلال التي وصلوا اليها، وما تركه ذلك من أسئلة وتساؤلات حول ما سيكون على موقف «حزب الله» حيث يتطلع الجميع الى ما سيكون عليه موقف الحزب في الكلمة التي سيلقيها الأمين العام للحزب السيد حسن نصر الله، في الثالثة من بعد ظهر الجمعة المقبل تكريماً للشهداء الذي قضوا في القنيطرة السورية…
… لعدم جعل لبنان ساحة
ووفق المعلومات التي حصلت «الشرق» عليها، فإن أجواء جلسة الحوار الرابعة لم تخرج عن السياق العام للجلسات السابقة، ودارت المداولات حول بندي الأمن بشكل عام، وتجنب الوقوع في فخ التصعيد الاعلامي والكلامي في المواقف، استكمالاً لمبدأ «تنفيس الاحتقان» الذي يعتبر بنداً أساسياً وأولياً في الحوار…
وأكدت مصادر لـ«الشرق» ان القرار في هذا لايزال ساري المفعول ومستمر على قاعدة أنه «قرار استراتيجي» لحماية لبنان، مع التشديد على عدم جعل لبنان ساحة مفتوحة على كل الاحتمالات الصعبة التي لا يحتملها… خصوصاً بعد الانذارات والمعلومات المتوافرة لدى جهات ديبلوماسية، ومنها السفارة الاميركية…
وفي هذا، فقد نقل عن مصادر متابعة، ان السفير الاميركي في لبنان ديفيد هيل نقل أخيراً الى كبار المسؤولين السياسيين (الرئيس سلام والوزير المشنوق) والعسكريين (قائد الجيش) رسالة وصفت بأنها «بالغة الدقة والوضوح تحذر من ان اسرائيل عازمة على الرد على أي عملية عسكرية قد يشنها «حزب الله» تستهدف المصالح الاسرائيلية…».
حوار جعجع – عون متقلب وعثرات
أما على خط الاعداد للقاء الموعود بين رئيس «التيار الوطني الحر» (الجنرال السابق) النائب ميشال عون، ورئيس «القوات اللبنانية» سمير جعجع، فإنه وعلى الرغم من ان الجلسات التمهيدية التي تعقد بين أمين سر «تكتل التغيير والاصلاح» النائب ابراهيم كنعان، ومسؤول جهاز الاعلام والتواصل في «القوات» ملحم رياشي، قاربت الخمس عشرة جلسة، فإن الدلائل والمعطيات تشير الى ان هذا اللقاء تعترضه عقبات عديدة، ولن يكون في وقت قريب – «هذا إن حصل». الأمر الذي يفسر معنى ان يعود رئيس القوات الى المواقف المتشددة باتجاه حلفاء عون، لاسيما «حزب الله» واتهامه الحزب، بأنه و«داعش» «وجهان لعملة واحدة… ووجود الواحد منهما يغذي الآخر…».
وإذ نقل عن الرياشي قوله ان لقاء عون – جعجع «يشكل جزءاً من المسار وليس هو الهدف بحد ذاته…» فإن مصادر لفتت الى ان هذا اللقاء سيتوج المرحلة الأولى للحوار، والتي سيصدر عنها «بيان اعلان النيات…» على ان تستكمل «اللجنة الثنائية» (كنعان – رياشي) مهمتها لانجاز المرحلتين التاليتين تحت عنوان «إسترجاع حقوق المسيحيين في المجالات كافة، إضافة الى قانون الانتخاب ورئاسة الجمهورية…».
وأشارت المصادر الى ما سمي بـ«حرص الطرفين على العمل بوتيرة سريعة من دون تسرع»، خصوصاً ان ثمة هوّة كبيرة بين – عون وجعجع، كما بين الفريقين اللذين لا يشتركان في مشروع سياسي واحد…» ليخلص رياشي الى التأكيد على «اننا قررنا ان نمضي في حوارنا نحو تعميم المصلحة والفائدة على الوضع المسيحي عبر تحسين آداب التخاطب السياسي والانفتاح…».
كلام قاسم ليس في محله
إلى ذلك، وقبيل ساعات من جلسة الحوار الرابعة بين «المستقبل» و«حزب الله» فقد أثار كلام نائب الأمين العام لـ«حزب الله» الشيخ نعيم قاسم أول من أمس، عن معادلة «الجيش والشعب والمقاومة» جملة ردود فعل أجمعت على ان هذا الكلام ليس في وقته وليس في مكانه.
وفي هذا، اعتبر نائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري ان كلام قاسم «ليس في محله الآن ولا يساعد…» مشيراً الى أنه لمس من ممثلي «المستقبل» و«أمل» في الحوار مع «حزب الله» ان نتائجه «حتى الآن تسير في الاتجاه الصحيح…».
وفي الشأن الرئاسي وإذ دخل لبنان يومه الثامن والاربعين بعد المئتين من دون رئيس للجمهورية فقد استبعد مكاري أي «تطور في هذا الملف في المدى المنظور، لأنه (على حد قوله) لم يسلك بعد المسار الصحيح…»؟!
وفي السياق عينه اعتبر وزير العدل اللواء أشرف ريفي محاولة «حزب الله» احياء «المعادلة الخشبية» هي «للتذاكي والاختباء وراء المؤسسات العسكرية والأمنية…» وتدفيعها ثمن سياسة المغامرات والتبعية للنفوذ الايراني…».
وخاطب ريفي «حزب الله» قائلاً: «يكفي تذاكياً وهروباً الى الامام، فالوطن يعيش محنة تتطلب الدعم الكامل للجيش والمؤسسات الأمنية… أما السلاح غير الشرعي فهو مرفوض، وسنواجهه بسلاح الموقف…».
من جانبه أوضح عضو كتلة «المستقبل» النائب احمد فتفت ان «الحوار بين «المستقبل» و«حزب الله» طويل النفس والمدى، ولا نتوقع نتائج مذهلة في فترة قصيرة… إنما لدينا الاصرار على مواصلة هذا النهج في هذه المرحلة، طالما ان الحزب مواقف على التهدئة الداخلية وحماية لبنان قدر الامكان».
أسباب التأخير في تسليح الجيش
وعلى المقلب الآخر فقد دعا عضو «كتلة التنمية والتحرير» النائب هاني قبيسي الى «توفير الامكانات والدعم للجيش ليس بالسلاح فقط بل بالمال ليتمكن من زيادة عديده، لأن ما يجري في المنطقة مؤامرة تطاول كل الجيوش». لافتاً الى أنهم «يستهدفون الجيش اللبناني لأنه حليف المقاومة ولأننا آمنا بشعار الجيش والشعب والمقاومة في وجه العدو الصهيوني…».
بدوره تساءل عضو «كتلة الوفاء للمقاومة» النائب نواف الموسوي عن أسباب «التأخير في تزويد الجيش اللبناني بما يحتاجه من سلاح ملائم ومن ذخيرة كافية، وهو يتعرض لما يتعرض له…».
العسكريون المخطوفون… اتصالات مفتوحة
وبعيداً عن كل هذه المشهدية الموزعة بين الأمن والسياسة، فقد عادت قضية العسكريين المختطفين لدى «داعش» و«النصرة» منذ أول آب الماضي، الى التداول بعض الشيء… فبعد يوم على زيارة وفد الأهالي الى الرئيس ميشال سليمان. فقد لفت «الناطق باسم الأهالي» حسين يوسف الى ان المعطيات المتوافرة لدينا تفيد بأن المفاوضات مستمرة والاتصالات جارية، والوسطاء في الملف باتوا شبه معلنين». وكشف ان «الأجواء جيدة وايجابية» مستطرداً بالقول: «تخوفنا من تأثير سلبي لمواجهات رأس بعلبك على قضية أبنائنا، لكن ذلك لم يحصل…» مكرراً «الأمور تبدو تسير جيداً وفي الاتجاه الصحيح، ونأمل ان تستمر المفاوضات بهذا الزخم…» وكشف «ان الاتصالات مفتوحة دائماً… وان المقايضة مطلب ثابت للخاطفين وفي صلب المفاوضات… وان الضمانة بوقف قتل العسكريين قائمة». مؤكداً ان الرئيس سلام والوزير ابو فاعور واللواء ابراهيم يتابعون الملف…