يلوّح التيار الوطني الحر بتطيير الحكومة وقلب طاولتها على خلفية التمديد لقائد الجيش العماد جان قهوجي، تماما كما فعل العام المنصرم. أما النفايات، فتهدد باجتياح الشوارع مجددا خصوصا في المتن وكسروان في تكرار للواقع المأساوي الذي عاشه اللبنانيون أواخر تموز 2015 واستمر أشهرا قبل ان تتمكن الحكومة من وضع خطة للحل تقضي باقامة مطمرين صحيين مؤقتين في كوستابرافا وبرج حمود، ها هي تتعثر من جديد بفعل رفض حزب الكتائب «طمر ساحل المتن بالنفايات» الامر الذي قابله «الطاشناق» برفض استقبال مزيد من القمامة في المنطقة…
واذا كان التصعيد العوني لدى تأجيل التسريح الثاني، توقّف عند حدود التظاهر في محيط السراي وتعطيل عجلات الحكومة لأشهر، من دون أن يصل الى حد الاستقالة منها أو نسفها، فإن الانظار تتجه اليوم الى الرابية لرصد المدى الذي ستذهب اليه في مواجهة التمديد الثالث المرتقب لقهوجي. وفي وقت تضخّ اوساط برتقالية قريبة من رئيس تكتل التغيير والاصلاح النائب العماد ميشال عون في الأجواء المحلية رياحا ساخنة توحي بأن المعركة هذه المرة ستكون بلا سقف وعلى قاعدة «نكون او لا نكون» لانها وجودية، وأن «التيار» لن يتردد في مقاطعة الحوار الوطني وفي اسقاط الحكومة اذا لم يلمس ايجابية ما على صعيد التعيينات العسكرية أو في ملف الانتخابات الرئاسية التي يجب ان تكون ميثاقية وان توصل الاكثر تمثيلا للمسيحيين الى بعبدا، ذلك أن الواقع الذي وصلنا اليه لم يعد يحتمل مسكّنات بل يحتاج الى صدمة أو صعقة قوية لتغييره، تستبعد مصادر سياسية مستقلة أن يصل تصعيد «التيار» الى هذا الحد وترجح ان يبقى مضبوطا او «مدوزنا». فهو قد يحرك الشارع ويرفع الصوت وربما يعطل عمل الحكومة لفترة زمنية، كما فعل العام الماضي، الا انه لن يذهب أبعد، خصوصا اذا ما أخذنا في الاعتبار المواقف الغربية والدولية العديدة التي تؤكد دعم حكومة المصلحة الوطنية وتمسكها بالاستقرار اللبناني، غير ان المصادر لا تقفل الباب امام احتمال ان يقدم «التيار» على اتخاذ القرار الأصعب فيقلب الطاولة على الجميع على قاعدة «ربّ ضارة نافعة».
وتتوقع المصادر ان تنطلق في الكواليس قريبا حركة اتصالات ناشطة بين الاطراف السياسيين كلهم، هدفها انتاج صيغة «تسووية» تحمي الحكومة وتهدئ من غضبة «التيار» وربما تحاول اخراج لبنان من المأزق الذي يتخبط فيه، اذ يرجّح الاّ تنحصر مباحثاتها في ملف التعيينات فحسب، بل أن تشمل رئاسة الجمهورية وقانون الانتخاب والنفط والموازنة التي باتت منذ الامس في عهدة مجلس الوزراء.
وكانت سجلت في أعقاب المواقف «النارية» لرئيس التيار وزير الخارجية جبران باسيل، ليونة «عونية» تمثلت في اعلان النائب الان عون ان «هدفنا ليس تطيير الحكومة انما دعوتها للقيام بواجباتها». وقال ردا على سؤال عن امكان استقالة وزراء التيار من الحكومة، «انه احد الخيارات التي لم نصل اليها بعد». في الموازاة، دعا النائب عون في حديث اذاعي رئيس المجلس النيابي نبيه بري الى «تحويل الجلسة المقبلة للحوار لتفسير مفهوم الميثاقية ووضع قواعد لها تطبق على الجميع وليس على التيار الوطني، فالخلاص في البلد يكون بوضع سقف واحد للجميع».
في اي حال الحكومة لن تجتمع قبل 8 أيلول المقبل، ومجريات الجلسة العتيدة من جهة وجولة الحوار الوطني المحددة في 5 أيلول من جهة ثانية، اضافة الى الجلسة الرئاسية في السابع منه، من حيث شكلها والمضمون، ستُساهم كلّها في رسم صورة عن توجهات الفريق البرتقالي وبالتالي عن مصير البلاد في المرحلة المقبلة، تأزما أو حلحلة، خصوصا ان الجلسة الوزارية المنتظرة من المقرر ان تحسم مسألة التمديد لقهوجي.
وسط هذه الاجواء، وبعد الاختلاف الواضح الذي تجلى بين التيار الوطني وحليفه «حزب الله» في مقاربة ملف التعيينات، يسعى الحزب الى تبديد مظاهر هذا التباعد وهو يحاول وفق ما تقول مصادر في تيار المستقبل «تبييض صفحته امام الوطني الحر، حكوميا ورئاسيا، عبر رمي كرة انتخاب العماد عون في ملعب «المستقبل». وكان عضو كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب نواف الموسوي أكد في عطلة الاسبوع ان «الرئيس سعد الحريري بدأ منذ فترة ليست ببعيدة بمسار الانفراج في اتجاه التيار الوطني وقد شجعنا هذه الاتصالات والمحادثات»، مضيفا «نحن من جهتنا قمنا بما يلزم وأكثر لإنجاح مسار الانفراج الذي يبدأ بانتخاب الجنرال عون رئيسا للجمهورية كمدخل لتفعيل بقية المؤسسات الدستورية. ولا نزال نعتبر أن المسار الذي بوشر به، هو الذي من شأنه أن يخرج لبنان من أزمة مؤسساته»، مشددا على ضرورة «أن يستكمل هذا المسار ونريد أن نتفاءل ونقول إنه لا يزال قائما».
وفي الانتقال الى أزمة النفايات، وبعد 4 أيام على اقفال مكب برج حمود، بدأت جبال القمامة ترتفع تدريجيا في معظم شوارع المتن وكسروان. وفي محاولة لايجاد حلول بديلة، عقد رؤساء عدد من بلديات المتن (الفنار، جديدة – البوشرية – السد، عين سعادة) اجتماعا في بلدية الفنار. وفي أعقابه، أُعلن عن الاتفاق على انشاء معمل للفرز في الوادي الصناعي في نهر الموت يتطلب تجهيزه 4 الى 6 أشهر، على ان يتم جمع نفايات المنطقة وتوضيبها حتى ذلك الحين في الموقع المذكور.
من جهة ثانية، أكد المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم، في عيد المؤسسة الحادي والسبعين، أن الاخيرة ستبقى «مؤسسة يحتذى بها في الامن الوقائي، ونموذجا مميزا في العمل الاداري المتطور». وطمأن الى أن «لبنان باق والارهاب سينهزم»، مضيفا «فيما منسوب المهمات ومعدلات الخطر في ارتفاع مستمر، سنبقى العين الساهرة على الحدود وفي الداخل لمكافحة الاعمال المخلة بالامن وكشف الخلايا الإرهابية بالمشاركة والتنسيق مع الاجهزة الامنية الاخرى، وتعقب كل من يتجرأ على لبنان وشعبه، لأن مهمتنا الأساس كانت وستبقى حماية الكيان».
على صعيد آخر، يعقد مجلس الامن الدولي غدا الثلاثاء جلسة في مقر الامم المتحدة في نيويورك من المتوقع ان يوافق خلالها على التجديد لقوات اليونيفيل الدولية العاملة في جنوب لبنان لولاية جديدة تنتهي في 31 اب 2017 من دون تعديل في قواعد الاشتباك.