وأد المثالثة وعودة الروح الى “الطائف” والمناصفة
الاتفاق الذي سيوصل عون الى رئاسة الجمهورية يئد المثالثة ويعيد الروح الى «الطائف» والمناصفة
ابرز ما في اتفاق الحريري عون هو عودة الروح الى الصيغة اللبنانية المرتكزة الى اتفاق الطائف الذي أنهى حقبة سوداء من تاريخ لبنان الحديث وحربا أهلية لا يرغب اي لبناني في استعادتها ولو حتى في ذاكرته. فامتطاء رئيس المستقبل جواد المخاطرة بقاعدته الشعبية ووضع مستقبله السياسي على المحك، كما تقول اوساط سياسية، لم يكن قرارا سهلا، لكنه مفيد بالتأكيد، ذلك انه أعطى الضوء الاخضر لبدء تطبيق اتفاق الطائف فعلا لا قولا، اذ بدا ان «سيبة» التسوية الرئاسية واتفاق الازرق والبرتقالي انطلق من ثابتة اساسية قوامها تحصين الدولة وتثبيت النظام وقطع الطريق على كل محاولات تغيير معادلة المناصفة بين المسيحيين والمسلمين عبر الدعوة الى مؤتمر تأسيسي يعبّد طريق المثالثة التي يجاهر بعض القوى لا سيما في فريق 8 آذار بتأييدها.
«الى مكان مشترك»
ومع ان بنود الاتفاق بين الرابية وبيت الوسط لم تخرج الى العلن الا ان النزر اليسير الذي تسرب منها عبر كلمة الحريري أمس ثبت هذه النظرية . ففي معرض تفنيده اسباب الوصول الى خيار العماد عون قال الحريري حرفيا « نحن والعماد ميشال عون وصلنا في حوارنا أخيرا إلى مكان مشترك، إسمه الدولة والنظام. هو لا يريد للدولة والنظام أن يسقطا، ولا نحن نريد لهما ذلك. واتفقنا بصراحة أنّ أحدا لن يطرح أي تعديل على النظام قبل إجماع وطني من كل اللبنانيين. وهذا كلام ينطلق من إجماعنا الذي كتبناه في دستورنا، دستور الطائف، على أنّ لبنان وطن نهائي لجميع أبنائه، عربيّ الهوية والإنتماء، وأنّ كلّ اللبنانيين يرفضون التجزئة والتقسيم والتوطين…ووصلنا لاتفاق على تحييد دولتنا، الدولة اللبنانية، بالكامل عن الأزمة في سوريا. هذه أزمة نريد حماية بلدنا منها، وعزل دولتنا عنها»…
هي الخطوة الاولى
والى كلام الحريري جاء موقف رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع من الرابية امس ليثبت هذه القناعة، وفق الاوساط فهو قال في اعقاب لقائه العماد عون «ان هذه الخطوة هي الأولى على طريق تطبيق اتفاق الطائف، الذي لم يُطبق يوماً بشكل فعلي، هذا الاتفاق الذي نتمسك به إلى أبعد حد».
معطيات دولية؟
واستنادا الى الموقفين، تقول الاوساط «ليس مصادفة تقاطع كلام الحريري وجعجع عند نقطة الطائف وتنفيذه كضمانة لحقوق كل المكونات واشراكها في السلطة، لكن التحدي الاساسي والسؤال الذي يفرض نفسه هو كيف يمكن لعون ان ينفذ ما عجز عنه كل من سبقه من الرؤساء منذ العام 1990؟ وترجح في السياق ان يكون تأييد الحريري لرئيس تكتل التغيير والاصلاح مستندا الى معطيات دولية لم يكشف عنها النقاب، استشفها من مروحة لقاءاته الخارجية التي شملت دولا كثيرة وكلمة سر قد تكون أُبلغت اليه تتخطى الابعاد الرئاسية المحلية الى قرار دولي كبير بمساعدة لبنان على تنفيذ الطائف وتحصين لبنان في مواجهة شظايا حرائق المنطقة وادخاله حقبة جديدة تتماشى ومرحلة التسويات السياسية المقبلة على دول الجوار، ربما السير بتأييد خيار عون رئيسا هو المدماك الاول في هيكلها، خلافا لما يعتقد بعض من ذهب الى اعتبار قرار الحريري تنازلا وانسحاقا امام فريق الهيمنة على لبنان.a