باشر الرئيس الحريري امس ممارسة مهامه في السراي الكبير وتتهيأ الحكومة لخوض اختبارها السياسي الاول في اعقاب انتهاء عمليات التسلم والتسليم بين الوزراء السلف والخلف التي انطلقت بزخم امس، من خلال البيان الوزاري المفترض ان تتشكل اليوم لجنة صياغته وتعقد اولى اجتماعاتها اثر الجلسة الاولى لمجلس الوزراء في اعقاب الصورة التذكارية للحكومة في قصر بعبدا. ذلك ان هذا الاجتماع سيعكس المقاربة الاولى لممثلي القوى السياسية في الحكومة ويكشف النيات ازاء تسهيل العمل الحكومي ام عرقلته، على رغم ان التوقعات تذهب كلها في الاتجاه الاول بخلفية استكمال التوافق الذي أدى الى تأليف الحكومة، وتطابق البيان مع خطاب القسم في ثوابته السياسية والوطنية.
نسخة مجددة عن خطاب القسم ان أي خلاف في هذا الاطار مستبعد، اذ من المتوقع ان يكون البيان نسخة عن خطاب قسم رئيس الجمهورية، مشيرة الى انه سيتضمن ايضا شقا يعنى بالقضايا الحياتية واليومية وبالوضع الاقتصادي والمالي. كما سيتطرق الى قانون الانتخاب العتيد كون مهمة هذه الحكومة الاولى تبقى اجراء الانتخابات النيابية والتوصل الى قانون جديد. وفي السياق، قال مدير مكتب الرئيس الحريري نادر الحريري امس من السراي “أن يُرضي قانون الانتخاب الجميع أمر اساسي وارتضينا النسبية منذ سنتين باقتراح القانون الذي تقدمنا به مع الاشتراكي والقوات”.
مهمة محددة
وافادت مصادر سياسية مواكبة ان ثمة تفاهما مبدئيا على البيان الوزاري يرتكز الى تحييد لبنان عن صراعات الخارج والابتعاد عن القضايا الشائكة وفي مقدمها ملفات سلاح حزب الله وعودته من سوريا اضافة الى المحكمة الدولية، خصوصا ان مهمة هذه الحكومة محدودة في الزمان والهدف وأقصى المأمول منها انجاز قانون انتخابي جديد والبحث في الموازنة المغيّبة منذ سنوات وبعض الملفات الحياتية والخدماتية للمواطن.
لن يكون “هناك”
بيد ان اوساط التحالف المسيحي اعربت عن اسفها لكون البعض يتحدث بمنطق الاحجام والانتصارات واستخدام ادبيات تصور فريقا منتصرا على آخر في الحكومة ، وهو كلام غير واقعي يجافي الحقيقة تماما، خصوصا بوضع وزراء رئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر في مقلب فريق 8 آذار الذي يشكل اساءة للرئيس ميشال عون بعدما اكد مرارا انه سيكون على مسافة واحدة من جميع اللبنانيين، وخطابا القسم والاستقلال ابلغ دليل الى ذلك، كما ان اعلانه ان اولى زياراته للخارج ستكون الى الخليج دليل اضافي الى انه لن يكون في المحور الايراني لانه لو كان كذلك لزار طهران ودمشق اولا. واضافت: ان القصد من هذا الترويج هو احراج رئيس الجمهورية وضرب هيبة الرئاسة بفعل الشعور بأن عون الرئيس لم يعد عون الحليف، علما ان الحساب العددي يظهر ان هناك 11 وزيرا لـ 14 آذار و8 وزراء لـ 8 آذار، في حين ان فريق وزراء رئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر يضم 9 وزراء لا يمكن وضعه في اي ضفة سياسية، ولا وزراء ودائع لدى الرئيس. وابدت الاوساط خشيتها من ان يكون القصد من وراء العودة الى هذه التسريبات اعطاء اشارة سلبية الى المشاكسة داخل الحكومة بحجج وذرائع مختلفة، بحيث يعرقل الفريق الذي لم يتمكن من وقف انطلاقة العهد، مسيرة الحكومة. ودعت هذا الفريق الى الاقلاع عن محاولات تصوير امور وهمية وافشال العهد والحكومة.
«لسنا لقمة سائغة»
ووجه رئيس اللقاء الديموقراطي النائب وليد جنبلاط عبر حسابه على “تويتر” سهاما الى “النسبية”، فقال “من أين خرج فجأة الشعار بضرورة قانون انتخابي يؤمن سلامة التمثيل، وكأن النواب الحاليين لا يمثلون احدا”؟ مضيفا “لسنا بلقمة سائغة لتباع او تشترى على مذبح التسويات”. وتابع “كفى تنظيرا وتطبيلا حول نسبية ملزمة آتية ولازمة والا بطل التمثيل، لسنا بقطيع غنم ليسلم مصيره وسط هذه الغابة من الذئاب”، مشيرا الى ان “ميزة لبنان احترام وتأكيد التنوع فوق كل اعتبار” .
ترحيب دولي بالحكومة
واستمرت المواقف الدولية المهنئة بتشكيل الحكومة حيث رحبت إسبانيا “بتشكيل حكومة جديدة في لبنان. وجددت “التزامها الراسخ بالسلام والإستقرار في لبنان، كما جددت دعمها للحكومة اللبنانية في مهمتها الآيلة إلى تحقيق المزيد من التقدم والرفاهية لجميع المواطنين”. بدورها، رحبت وزارة الخارجية التركية في بيان ، “بتشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة نتيجة المشاورات التي أجراها رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري مع جميع الأطراف السياسية في لبنان”، واعتبرت “ان العملية السياسية التي بدأت مع انتخاب الرئيس الثالث عشر للجمهورية في لبنان ستستمر عبر الحكومة التي شملت جميع الاطراف”، مؤكدة ان “هذه التطورات تشكل مرحلة اساسية في تثبيت الأمن والاستقرار والسيادة في لبنان”. من جهتها رحبت بريطانيا بالتشكيل آملة ان تنجز الحكومة قانون الانتخاب وتجري انتخابات تراعي المعايير العصرية.