شدد رئيس الحكومة سعد الحريري على ان الإرهاب وباء لا دين له، داعيا العالم الى العمل معاً للقضاء عليه بشكل كامل، مؤكدا إلتزام لبنان بمكافحته ومطالبا بضرورة ان تتلقى وكالاته الأمنية الدعم المناسب لدحره. وإذ أشار الى ان استضافة اللاجئين السوريين تعتبر عمل خير أعاد التأكيد ان اللجوء السوري أرخى بظله على الإقتصاد اللبناني، ما يحتم المساعدة الدولية لمعالجة هذا الموضوع.
حمل الرئيس الحريري همّ اللاجئين من باريس الى برلين التي وصل اليها اليوم في إطار جولته الأوروبية يرافقه وزير الثقافة غطاس خوري والوزير السابق باسم السبع ومدير مكتبه نادر الحريري والتقى المستشارة الالمانية انجيلا ميركل في مقر المستشارية، وعقدا مؤتمرا صحافيا مشتركا استهلته ميركل بالقول: «إن انتخاب العماد ميشال عون رئيسا للجمهورية وتكليف الرئيس الحريري لتشكيل حكومة وحدة وطنية، كان في مصلحة الشعب اللبناني وجميع الأطياف الموجودة. نحن سعداء برؤية ذلك يتحقق نظرا إلى الوضع المعقد في لبنان.
واليوم سنتحدث عن استقرار الوضع السياسي، كما أننا سنتحدث عن عدد من الوقائع، ومنها أن لبنان يستضيف أكثر من مليون لاجئ سوري، وبالتالي يمكنكم تخيّل مدى العبء الإنساني المفروض، نظرا إلى حجم هذه الدولة وعدد سكانها. لذلك أود أن أعبّر عن احترامي وتقديري للشعب اللبناني لاستضافته هذا العدد الكبير من اللاجئين السوريين، خصوصا وأن الوضع في البلاد حساس جدا أصلا، وبالتالي فإنه تحدٍ كبير.
أضافت: «نحن نعتبَر ثاني أكبر دولة مانحة للبنان ونقدم دعما ماليا بلغ أكثر من 286 مليون يورو في العام المنصرم ونساعد لبنان في مواجهة هذه الأزمة، كما أننا نحاول أن نستخدم هذه الأزمة من أجل إنعاش الديناميكية الاقتصادية في المنطقة. المهمة الرئيسية هي مساعدة اللاجئين ولكن أيضا المجتمع المضيف، طالما أنه هو الذي يواجه عبء استضافة اللاجئين السوريين، وبالتالي فإن المجتمع الدولي يجب ألا يعالج مشكلة اللاجئين فقط بل أيضا الدول المضيفة».
وفي الغد سنشارك في المؤتمر الهادف إلى دعم سوريا في المستقبل والمنطقة ككل، وذلك في بروكسل وبمشاركة وزير الخارجية الألماني. ونحن نسعى إلى مواصلة تقديم الدعم للمنطقة ولشركائنا فيها، ومؤتمر الغد سيعقد تعقيبا على المؤتمر السابق الذي عقد في العام 2016».
وتابعت: «لا شك أن سوريا تشكل أكبر دولة مجاورة للبنان، ولذلك فإن عدد الدول المتأثرة مباشرة بالأزمة قليل مقارنة بلبنان، وعليه، فإنه حين نجري مداولاتنا يجب أن نحاول التوصل إلى آراء موحدة حول سبل التوصل إلى حل سلمي في سوريا. فقد رأينا أن الحل العسكري أدى إلى مزيد من سفك الدماء ومزيد من الصعاب والتحديات، ولم يساعد في حل المسألة».
وختمت قائلة: «وعليه فإننا سنتحدث أيضا عن العلاقات مع إيران والسعودية ودور قوى»اليونيفيل» التي بدأت عملها في العام 2006، ولذلك أود أن أشكر الرئيس الحريري مجددا على إتاحة الفرصة لإجراء هذه المحادثات الثنائية والمهمة جدا، وأؤكد دعمنا كحكومة ألمانية للبنان قدر الإمكان».
الحريري
من جهته، قال الرئيس الحريري: يسرني أن أكون هنا اليوم في برلين، وأتطلع إلى لقائي مع المستشارة ميركل حيث سأناقش معها التحديات العديدة التي تواجه لبنان والمنطقة. اليوم اللبنانيون الذين يبلغ عددهم 4 ملايين، يستضيفون 1.5 مليون نازح سوري، ونحو 50000 لاجئ فلسطيني، وهذا ما خلق ضغطا على اقتصادنا وبنيتنا التحتية ونسيجنا الاجتماعي. قياسا، فإن هذا يشبه كما لو أن الاتحاد الأوروبي يستقبل ٢٥٠ مليون لاجئ جديد ومن خلال استضافة 1.5 مليون نازح سوري إلى أن يتم ضمان عودتهم الآمنة إلى بلادهم، فإن لبنان اليوم يوفر خدمة عامة نيابة عن العالم. وسأكشف عن رؤية لبنان لتحقيق الاستقرار والتنمية غدا في مؤتمر بروكسل الذي تشارك ألمانيا في إعداده وإني أدين الهجوم الإرهابي الذي وقع في سانت بطرسبرغ وأعرب عن تعازي للشعب الروسي.
إن الإرهاب وباء لا دين له، وينبغي للعالم أجمع أن يعمل معا للقضاء عليه. كما أن لبنان ملتزم بقوة بمكافحة الإرهاب بكل أشكاله. ولتحقيق ذلك، فإنه يجب الاستثمار في الأجهزة الأمنية اللبنانية ودعمها. وسأبحث هذه المسألة مع المستشارة ميركل، وأشرح لماذا سيكون عائد مثل هذا الاستثمار جديراً بالاهتمام ومضموناً، وأنا أؤكد ذلك. وأود أيضا أن أشكر ألمانيا على التزامها الطويل الأمد بالمشاركة في قوات اليونيفيل في لبنان. إن الرجال والنساء في بلدكم يلعبون دورا بارزا في حفظ السلم والاستقرار في بلدي. إن لبنان يقدم نموذجا للتعايش والحوار للمنطقة، بل وللعالم. وهو اليوم واحة من السلام في منطقة متقلبة. وأنا سأناقش مع المستشارة ميركل كم هو مهم بالنسبة الينا أن تكون ألمانيا شريكا رئيسيا في الجهود الرامية إلى إبقاء بلدنا آمنا ومستقرا. ونحن نتشارك في نفس القيم، ونحتاج إلى التعاون الوثيق من أجل مواجهة العديد من الأمور المجهولة التي تنتظرنا».
غداء عمل
بعد ذلك عقد الرئيس الحريري والمستشارة ميركل اجتماعا جرى خلاله عرض التطورات في لبنان والمنطقة والعلاقات الثنائية، واستكملت المحادثات خلال غداء عمل أقامته ميركل على شرف الرئيس الحريري والوفد المرافق وحضره سفير لبنان في ألمانيا مصطفى أديب وعدد من المسؤولين الألمان.