IMLebanon

الدورة الاستثنائية على نار … وقطار “النسبية” انطلق

بعدما بدأت القوى السياسية كافة، تستشعر بالأذى الذي سيلحقه عدم التوصل الى قانون انتخابات قبل 20 حزيران المقبل، يبدو أنه في الأيام القليلة المقبلة، سيظهر وبشكل حاسم، المسار النهائي الذي سيسلكه الملف الانتخابي. فإما يُصار الى الاتفاق على قانون جديد، أو تتم العودة الى «الستين» وقبل نهاية ولاية المجلس لئلا يقع في الفراغ ولو لساعات، في ضوء تنبيه حزب الله على لسان رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد من هذا التوجه.

غير أن التطورات التي سُجلت في اليومين الماضيين على الساحة المحلية، دلت الى تقدم أحرزته الاتصالات الانتخابية، حيث بلغ التفاهم حدودا لم يلامسها من قبل وفق ما تقول مصادر سياسية متابعة للمشاورات فبعدما باتت النسبية الكاملة المساحة المشتركة التي التقى فيها معظم الاطراف، نجحت المساعي المكوكية التي يضطلع بها نائب رئيس حزب القوات النائب جورج عدوان، في دفع التفاهُم الحاصل الى الامام، والذي كان متوقفا عند مستوى «النسبية الكاملة»، من خلال تحصيل موافقة شبه تامة من القوى الكبرى على اعتمادها لكن على أساس 15 دائرة، بما يرضي التيار الوطني الحر والقوات، اللذين يطالبان برفع عدد الدوائر لتأمين أفضل تمثيل. فخلال الزيارة التي قام بها عدوان الى عين التينة الجمعة، غاص مع رئيس مجلس النواب نبيه بري للمرة الاولى في تفاصيل النسبية وتقسيماتها الادارية وضوابطها، على مدى أكثر من ساعتين. وأبرز ما تحقق خلال المباحثات إعلان رئيس المجلس عدم ممانعته الدوائر الـ15، بعدما كان الاخير يتمسك بالدوائر الست أو بألا تتخطى الـ13.

وإذ تؤكد المصادر ان المشاورات التي استمرت بعد لقاء عين التينة، وشملت بعبدا والسراي ومعراب والرابية انتهت الى قبول مبدئي من الكل بصيغة الـ15 دائرة، تقول المصادر ان الاتصالات ستستكمل في الزخم عينه في الساعات المقبلة لاستكمال البحث في كيفية تقسيم هذه الدوائر وفي «الضوابط» الاخرى للنسبية التي ينادي بها الحلف المسيحي، وأهمّها نقل عدد من المقاعد من دائرة الى اخرى (الذي يبدو معقدا حتى الساعة) وكيفية وضع الصوت التفضيلي الذي بات شبه محسوم أن يكون على مستوى القضاء، لكن يبقى معرفة ما اذا كان سيوضع على اساس طائفي ام وطني. وتلفت الى ان المناخات ايجابية جدا لكن بما أن الشياطين تكمن في التفاصيل، لا يمكن ان نجزم بأن الاتفاق حتما حاصل ولا أن نفرط في التفاؤل نظرا الى التجارب السابقة، و»لن نقول فول تيصير بالمكيول».

ونتيجة للايجابية السائدة وافساحا في المجال امام مزيد من المشاورات لتدعيم التفاهم طارت الجلسة التشريعية التي كانت مقررة الاثنين المقبل في 29 الجاري وأعلن رئيس مجلس النواب اليوم إرجاءها «الى 5 حزيران المقبل بجدول الاعمال عينه». ولا تستبعد المصادر ان يتم خلالها اقرار التمديد التقني والقانون الجديد اذا كان التفاهم على تفاصيله قد أنجز في هذا التاريخ. في الموازاة، ترجّح المصادر ان يوقّع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، الذي برز تلّقيه اتصالا من بري ليل أمس، في الساعات القليلة المقبلة مرسوم فتح دورة استثنائية للمجلس، وقد بات على السكة بعدما وقّعه رئيس الحكومة سعد الحريري وأحاله الى دوائر القصر الجمهوري، بحسب المصادر.

ووسط هذه الاجواء، تؤكد أوساط التحالف المسيحي أن التنسيق بين طرفيه مفتوح ودائم وأن النائب عدوان يضع مسؤولي التيار في صورة المشاورات التي يجريها «أول بأول» وفي حين يبدي التيار تفاؤلا مشوبا بالحذر الى حين الاتفاق على ضوابط النسبية «التي لا نرفضها خصوصا بـ15 دائرة»، تأمل مصادر القوات خيرا وتؤكد أننا ذاهبون نحو قانون جديد اذا صفت النيات، بما يبعد عن البلاد والعهد أشباح الستين والتمديد والفراغ.

في غضون ذلك، تعتبر مصادر مستقلة مراقبة ان ما يتم البحث فيه اليوم، اذا ما كتب له النجاح، سيوصل الى قانون نسبي لكن «تسووي» يرضي جميع القوى السياسية الموالية والمعارضة. فهو لا يؤمّن لها أفضل «السكورات» النيابية وربما هذه نقطة قوّته. كما ان الجميع تنازل قليلا وتخلى عن سقوفه العالية للوصول اليه. فالحلف المسيحي و»المستقبل» تخلّيا عن «المختلط» وارتضيا النسبية الكاملة، فيما الثنائي الشيعي تنازل عن النسبية بدائرة واحدة أو بـ6 ووافق على 15 دائرة. واذ تؤكد ان الاتفاق سيكون من شأنه التعويض عن انطلاقة العهد المتعثرة وسيسجل نقطة ذهبية في رصيده، تقول المصادر ان مجموعة عوامل ساهمت في «عقلنة» مطالب القوى على مشارف 20 حزيران أبرزها التحذيرات الديبلوماسية من ان تجاهل الاستحقاقات الديموقراطية وتجاوز المهل سيقضي على الصيغة اللبنانية ويحول لبنان دولة مارقة، في ظل الوضع الاقتصادي المترنّح، وتداعيات الفراغ الذي سيكون شاملا وينعكس على الامن والاستقرار في البلاد.