IMLebanon

لا تسيّسوا القضاء  

معالي وزير العدل المحامي اللامع الاستاذ سليم جريصاتي رجل قانون جاء من مجلس الشورى بالإضافة الى أنه أحد أكبر المحامين.

لم أصدّق عندما علمت بأنّ وزير الطاقة الاستاذ سيزار ابي خليل الخبير في وزارته والذي يتمتع بسمعة ممتازة قد ذهب لزيارة صديقه وزير العدل ليشكو إليه ما يتعرّض له من حملات ظلم واتهامات باطلة من سياسيين وإعلاميين وأنه يطلب منه أن يساعده.

وما أثارني أنّ وزير العدل الذي نحترم قد قام بتحويل شكوى من وزير الطاقة سيزار ابي خليل الى النيابة العامة التمييزية التي بدورها مفروض عليها أن تستجيب لطلب الوزير أو في الحد الأدنى أن تراعي طلب الوزير.

وهنا أيضاً أستغرب أنّ الاستاذ سمير حمود القاضي المميّز والذي يتمتع بسمعة عطرة وله خبرة طويلة في القضاء ويعلم أيضاً أنّ مثل هذه القضية هي قضية مطبوعات، لذلك أستغرب كيف أنه لم يحلها الى محكمة المطبوعات.

والرئيس سمير حمود مدّعي عام التمييز يعلم جيداً أنّ محكمة المطبوعات هي المحكمة الوحيدة التي لها أن تنظر في هذه القضية.

أمّا في ما يتعلق ببراءة الوزير سيزار ابي خليل فالمحكمة هي التي تنظر في القضية وتعطي حكمها.

وما زلت لا أستوعب أنّ قاضياً مميزاً مثل القاضي سمير حمود يقبل أن يتسلم هكذا دعوى ولا ينصح الوزيرين بأنّ هذه القضية هي من اختصاص محكمة المطبوعات.

بالمناسبة لا بد من أن نوضّح للرأي العام لماذا يجب تحويل القضية الى محكمة المطبوعات.

بكل صراحة ووضوح القضية هنا هي قضية سياسية والاتهامات ناتجة عن أهداف سياسية لذلك وحسب القانون اللبناني فإنّ المحكمة لا تستطيع أن تكون العقوبة السجن وأقصى ما يمكن أن تكون العقوبة مالية.

والنظام اللبناني الذي نفاخر به ونقول إنّ لبنان مميّز عن العالم العربي كله بفضل الحريات من حرية التعبير الى حرية الانتخابات (…) ويستطيع أي مواطن أن ينتقد الحاكم في لبنان بينما لا يتجرّأ أي مواطن في أي بلد عربي أن يقول كلمة واحدة… لبنان ميزته بالحرية لذلك تجد في هذا البلد رئيس جمهورية سابقاً بينما في العالم العربي فالرؤساء إما على كرسي الرئاسة وإما هم في السجن أو تحت التراب.

لقد ناضل الصحافيون في العالم الحر لكي يحصلوا على هذه الميزة، ألا وهي ممنوع الحكم على صحافي يقول رأيه بالسجن ولكن يمكن مقاضاته وتغريمه مالياً… كذلك يحق للصحافي أن يحتفظ بكتم مصدر أي معلومة حصل عليها ولا يحق للقضاء أن يجبره على أن يفصح عن مصدر معلوماته.

وبهذه المناسبة أُنتج فيلم أميركي يروي قصة صحافية حاولت الشرطة استعمال أقسى انواع التعذيب والضغط عليها لكي يجبروها على الإعتراف بمصدر معلوماتها ولكنها رفضت وحدث أن بقيت في السجن لمدة زمنية طويلة وهي لا تزال ترفض، حتى أنّ زوجها طلقها وتخلّى عنها وحرمها أولادها وهي ترفض، الى أن جاء القانون الاميركي لينصف هذه البطلة التي استطاعت أن تنتزع للصحافيين هذا الحق! فكيف يمكن أن نتخلّى نحن عن هذه الميزة الديموقراطية؟!.

عوني الكعكي