اختار الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله الرد على من ينتقدون التسوية التي أخرجت مسلحي «داعش» من الجرود اللبنانية – السورية الى دير الزور بأمان، عبر الدعوة الى «محاسبة القرار السياسي المتردد والجبان في الفترة السابقة الذي كان لا يعتبر «النصرة وداعش عدوا وسمح ببقاء العسكريين اللبنانيين في أيدي خاطفيهم»، فإن مصادر قيادية في قوى 14 آذار رأت في موقف الأمين العام هذا، محاولة لـ»تضييع الشنكاش» وتشتيت الانتباه المحلي عن حقيقة أن «الحزب» والنظام السوري قررا إنهاء الحرب على «داعش» في هذه البقعة من دون الانتهاء من التنظيم، علما ان تحقيق النصر عليه عسكريا كان محسوما، وهما فضّلا إبرام صفقة معه على الإجهاز عليه، لأكثر من سبب.
التسوية لتطويق الانتصار
توضح المصادر أن «حزب الله» اتخذ خيار ابرام «صفقة» مع «داعش» وأراد أن تطال مفاعيلها مباشرة عملية «فجر الجرود» التي يخوضها الجيش اللبناني في جرود رأس بعلبك والقاع، فتأكّد خلال اتصال أجراه نصرالله برئيس الجمهورية العماد ميشال عون عشية اعلان وقف اطلاق النار، أن المؤسسة العسكرية لن تواصل معركتها على الارض، فور كشف مصير العسكريين المخطوفين. وهكذا صار. والواقع، أن «الحزب» الذي ذهب نحو «التسوية» مع «جبهة النصرة» في الاسابيع الماضية وكان في طور التفاوض مع «داعش»، ما كان يناسب مصالحه أن يحقق الجيش انتصارا عسكرياً شاملا ونظيفا على التنظيم في الميدان، فانجازٌ كهذا كان من شأنه أن يبهّت معارك «الحزب» في الجرود ويعوّم في المقابل صورة المؤسسة العسكرية في الداخل ويلمّعها. أما ما حصل بعد «التسوية»، فحقق انتصارا للجيش طبعا، الا انه خفّف من وهجه.
الحقائق الضائعة
والمثير هو ان الجيش اللبناني كان يمكن ان يضع يده على كنز من الاسرار والمعلومات في حال أكمل حربه على «داعش» حتى النهاية. فمَن كانوا سيستسلمون من عناصر التنظيم وقياداته تحت وطأة العملية العسكرية، ومن كان يمكن ان توقفهم المؤسسة العسكرية خلال المواجهات، كان يمكن أن يكشفوا النقاب عن سيل من المعلومات والمعطيات في شأن مشغّليهم ومن حرّكهم، ومن أعطى الاوامر بتنفيذهم عمليات انتحارية وأمنية على الاراضي اللبنانية، وتضيف «غريب أن يرضى الحزب والنظام السوري بتضييع كنز ثمين كهذا، خصوصا ان أكثر من انفجار استهدف الضاحية الجنوبية وبعلبك والهرمل في السنوات الماضية».
التوقيت اقليمي وليس لبنانياً
على أي حال، وإزاء لوم نصرالله الدولة على عدم توفير الضوء الاخضر السياسي للجيش لتحرير الجرود عام 2014، تسأل المصادر لماذا لم يقدم «الحزب» على تحريرها في تلك الفترة وقرر التحرك بعد 3 سنوات»؟ قبل ان تشير الى ان أداءه هذا يؤكد ان ساعته مضبوطة على التوقيت الاقليمي لا اللبناني. فعشية التحولات الكبرى المرتقبة في الاشهر المقبلة سوريا، يتحرك «الحزب» لتزويد ايران والنظام السوري بأوراق القوة الميدانية والسياسية لتحسين شروطهما التفاوضية، ويريد استثمار معاركه في المنطقة لتكريس نفسه قوة اقليمية وازنة. أما على الصعيد اللبناني، فمسار الحزب سياسيا بعد تطورات الجرود واضح، بحسب المصادر «حرّرنا الجنوب عام 2000 والسلسلة الشرقية عام 2017 ما يعني اننا مقاومة فعلية وفعّالة وسلاحنا في خدمة المصلحة المحلية، وتاليا لا مسّ بمعادلة «الجيش والشعب والمقاومة». كما ان ما جرى يدل الى ان محور الممانعة انتصر مجددا على الارهاب المدعوم اميركيا واسرائيليا، وبالتالي لا بد من تعزيز خيار ربط بيروت بدمشق وطهران سياسيا»، وهذا ما سنتصدى له، تختم المصادر.