أعلن رئيس الجمهورية العماد ميشال عون «انتصار لبنان على الارهاب»، وأهدى هذا النصر الى «جميع اللبنانيين الذين من حقهم ان يفاخروا بجيشهم وقواهم الامنية».
وتوجه الى قيادة الجيش بالتهنئة، والى العسكريين «صانعي النصر بالتحية»، معربا عن تمنياته «لو كان الاحتفال بالنصر اليوم تم مع رفاقكم المخطوفين، لكن عزاءنا الوحيد اننا وجدناهم، خصوصا ان معرفة مصيرهم كانت احد اهم اهداف المعركة»، مشيرا الى «اننا سنكون معهم في وداعهم، ولبنان سيبقى وفيا لهم ولشهادتهم».
وإذ نوه بـ»صمود اهالي المناطق الحدودية في ارضهم»، أكد أن «الاهتمام بهم سيكون مباشرا، والانماء سيكون هدفنا لتعزيز صمودكم وثباتكم في الارض»، مشددا على أن «الجيش اللبناني اثبت في هذه المعركة النظيفة انه الجيش القوي والوحيد الذي استطاع هزيمة داعش وطرده من ارضنا».
ودعا رئيس الجمهورية اللبنانيين الى «ألا يتركوا اجواء التشنجات السياسية والتجاذبات والتراشق بالتهم التي سادت في الايام الاخيرة تنسيهم انجاز الانتصار الذي تحقق»، مؤكدا أن «من واجبنا جميعا كمسؤولين واحزاب وشرائح اجتماعية مختلفة حماية هذا الانتصار وتثميره بالتقارب الوطني والبناء عليه للتطلع الى المستقبل ومواصلة حماية لبنان».
مواقف الرئيس عون جاءت خلال كلمة وجهها قبل ظهر امس الى اللبنانيين لمناسبة إنتهاء معركة «فجر الجرود» التي خاضها الجيش اللبناني ضد تنظيم «داعش» الارهابي على حدود السلسلة الشرقية وانتصر فيها عليه.
وكان سبق كلمة عون، لقاء مع وزير الدفاع يعقوب الصراف وقائد الجيش العماد جوزاف عون، اللذين اطلعاه على «مجريات إنتهاء المعركة والاوضاع الحالية في جرود رأس بعلبك والقاع وتمركز وحدات الجيش وانتشارها في تلك المنطقة».
رئيس الجمهورية: وبعد انتهاء اللقاء، توجه الرئيس عون بكلمة الى اللبنانيين، جاء فيها: «عندما انتقلت الى قيادة الجيش في اليرزة يوم السبت في 19 آب، وخاطبت الضباط والعسكريين على الجبهة، قلت لهم اننا ننتظر اعلان الانتصار على الارهاب. واليوم، اعلن انتصار لبنان على الارهاب واهدي هذا النصر الى جميع اللبنانيين الذين من حقهم ان يفاخروا بجيشهم وقواهم الامنية.
أهنئ قيادة الجيش على هذا الانجاز واحيي العسكريين صانعي هذا النصر.
انحني امام الشهداء الذين سقطوا في ساحة الشرف، واولئك الذين كانوا لسنوات خلت طليعة الشهداء الذين سقطوا بغدر الجماعات الارهابية نفسها. اقول للعسكريين خصوصا، كم كنا نتمنى ان نحتفل مع رفاقكم المخطوفين، لكن عزاءنا الوحيد اننا وجدناهم، خصوصا ان معرفة مصيرهم كانت احد اهم اهداف المعركة. سنكون معهم في وداعهم ولبنان سيبقى وفيا لهم ولشهادتهم.
تحية الى اهالي المناطق الحدودية الذين صمدوا ايضا في ارضهم وواجهوا الارهاب ومنهم من ذهب ضحيته. الى ابناء هذه المناطق اقول، ان الاهتمام بكم سيكون مباشرا والانماء سيكون هدفنا لتعزيز صمودكم وثباتكم في الارض.
اليوم اقول للبنانيين وللعالم اجمع، لبنان انتصر على الارهاب وكان نصره كبيرا ومشرفا. هذه البقعة التي كانت بؤرة للارهاب ومنطلقا للعمليات الانتحارية عادت الى حضن الوطن بفضل الجيش. اثبت الجيش اللبناني في هذه المعركة النظيفة انه الجيش القوي، الجيش الوحيد الذي استطاع هزيمة «داعش» وطرده من ارضنا، وتميز بهذه المعركة بمستوى القتال المهني الذي لفت انظار العالم.
الى اللبنانيين اقول، لا تدعوا اجواء التشنجات السياسية والتجاذبات والتراشق بالتهم التي سادت في الايام الاخيرة تنسيكم انجاز الانتصار الذي تحقق. اعلموا جيدا ان جيشكم الوطني حقق ما عجزت عنه حتى الان، جيوش ودول ما زالت تصارع الارهاب والارهابيين، ومن واجبنا جميعا كمسؤولين واحزاب وشرائح اجتماعية مختلفة، حماية هذا الانتصار وتثميره بالتقارب الوطني والبناء عليه للتطلع الى المستقبل ومواصلة حماية لبنان من انعكاسات ما يجري من حولنا والانكباب على المشاريع الاقتصادية والانمائية لملاقاة تطلعات اللبنانيين وآمالهم».
وعند انتهاء رئيس الجمهورية من القاء كلمته، قال: «سأترك الكلمة الآن الى حضرة العماد قائد الجيش كي يشرح لكم سير المعركة وكيف تحقق النصر خلالها».
قائد الجيش: ثم ألقى قائد الجيش كلمة، شرح فيها سير المعركة، فقال: «قبل ان ابدأ بشرح مسار العملية العسكرية، اعلن اليوم باسم لبنان والعسكريين والشهداء الابرار وباسم ابطال الجيش اللبناني العظيم، انتهاء عملية «فجر الجرود».
اضاف: «هذه العملية التي بدأت فجر السبت 19 الشهر الحالي، كانت من اجل تحقيق هدفين: الاول طرد الارهابيين من الاراضي التي كانوا موجودين فيها في جرود رأس بعلبك والقاع والفاكهة، والثاني هو معرفة مصير العسكريين. وبدأت المعركة بمرحلة تحضيرية شملت تضييق الخناق على المسلحين. وكانت الساعة صفر يوم السبت، شملت مرحلتها الاولى، احتلال مجموعة من الاهداف. وكان الارهابيون في وجهنا، فإما ان يقتلوا وإما ان يفروا باتجاه الاراضي السورية. والمناورة التي قمنا بها من جهتنا، كانت من الغرب باتجاه الشرق بمعنى ان الحدود اللبنانية-السورية كانت تحت سيطرتهم، ونحن لم تكن لدينا سيطرة عليها بالقوى، فقمنا بتضييق الخناق عليهم من جهات ثلاث».
وتابع: «مع انتهاء المرحلة الاولى، انتقلنا الى المرحلة الثانية مع مجموعة اهداف ثانية، ومنها الى المرحلة الثالثة. وبقيت لدينا المرحلة الرابعة والاخيرة التي كنا قد خططنا لها ان تبدأ يوم الاحد من خربة داود الى وادي مرطبيا. وكانت بالنسبة الينا المرحلة الاصعب، لأن طبيعة الارض مختلفة وهي جبلية وكنا نعلم ان الارهابيين زرعوا فيها الكثير من العبوات، وكافة قواهم اما هربت باتجاه الاراضي السورية او تجمعت في هذه البقعة. وظهر لنا عائق ثان، وهو وجود عائلاتهم المدنية. ونحن كمؤسسة عسكرية نتقيد بالقوانين الدولية وشرعة حقوق الانسان، لذلك نعمل على تحييد المدنيين بقدر ما نستطيع.
واردف: «بدأنا هذه المرحلة يوم الخميس – الجمعة، وشهد يوم السبت قصفا مدفعيا على اهداف مركزة كي نتمكن قدر المستطاع من تحييد المدنيين وعدم الحاق الاذى بهم. وصباح الاحد عند السابعة، كان امر الانطلاق بالساعة صفر لانتهاء المرحلة الرابعة والاخيرة، اتصل بي المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم واطلعني ان الارهابيين وافقوا على وقف اطلاق النار بشرط معرفة مصير العسكريين. فكنا امام خيارين: اما مواصلة المعركة وعدم معرفة مصيرهم او القبول بالامر ومعرفة هذا المصير، بالاضافة الى الاخذ بالاعتبار ان ارواح العسكريين على الجبهة هم امانة في اعناقنا. فاذا كان بامكاننا ربح معركة من دون ان نخوضها يكون ذلك بمثابة الانجاز الاساسي».
وقال: «لقد سمعنا كثيرا في الايام الماضية هذا التساؤل: لماذا لم يواصل الجيش المعركة؟ انا افهم عاطفة الناس واقدر محبتهم، لكن هناك مسؤولية في عنقنا، ومن الاساس اذا كان في امكاننا ربح المعركة بكاملها من دون ان نخوضها، يكون ذلك بمثابة انجاز لنا. وصلنا الى هنا وهناك رفات تم انتشالها. والهدف الثاني للمعركة، بالنسبة الي لم يتحقق بانتظار نتائج فحوصات الـ DNA. ومع صدور هذه النتائج، اعتبر عندها ان الهدف الثاني قد تحقق. لكن العمليات العسكرية وفق المفهوم العسكري قد انتهت».
واعلن «انتهاء هذه العمليات، خصوصا ان وحدات الجيش المنتشرة في المنطقة دخلت بالامس الى خربة داود ووادي مرطبيا وقامت بعمليات تفتيش وتأكدت من خلوها من اي وجود للمسلحين».
واشار الى ان «من الناحية العسكرية، اشتركت في هذه المعركة عدة فرق، من القصف الجوي الى سلاح المدفعية والقوى التي تناور على الارض. وخطة المناورة التي وضعناها هي التي اثرت عليهم وفاجأتهم، إذ كانوا يتوقعون الهجوم من مكان فدخلنا عليهم من مكان آخر، كما استخدمنا الخدعة معهم، وحشدنا من جهات ثلاث ولم نجعلهم يعلمون من اين كان الجهد الرئيسي. وعنصر المفاجأة هذا هو الذي جعلهم يهربون. لذلك لم نر من توقيفات، فلا اسرى لدينا، فاما يقتل المسلح او يفر باتجاه الاراضي السورية».
وختم: «في النهاية لا يسعني الا ان اقول امرا واحدا: انا احيي ارواح الشهداء الذين سقطوا على ارض المعركة، متمنيا للجرحى الشفاء العاجل. بالأمس استشهد لدينا عسكري كان يخضع للعلاج في المستشفى نتيجة اصابته بحروق، فاصبح عدد شهدائنا سبعة. لا يمكنني الا ان احييهم وانحني امامهم، واكرر تمنياتي بالشفاء العاجل للجرحى على امل الانتهاء من هذا الملف وتحقيق الهدف الثاني قريبا ان شاء الله. لقد حقق الجيش الانتصار وبزغ فجر الجرود».