أشاد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بالأجهزة العسكرية اللبنانية، كاشفاً عن تنظيم مؤتمريْن في فرنسا خلال الفصل الأول من العام المقبل، الأول لدعم الاقتصاد اللبناني، والثاني للبحث في مسألة النازحين السوريين، وأعلن أن «لبنان هو الآن وسيبقى، المتلقي الأول للمساعدات الفرنسية كردّ على أزمة اللاجئين السوريين ولمساعدتكم على تحمّل اعبائها»، مؤكداً استمرار بلاده في الوقوف الى جانب لبنان من خلال العلاقات الاقتصادية والثقافية واللغوية الثنائية بين البلدين.
في حين شدد رئيس الحكومة سعد الحريري من باريس، أن «دعم الجيش اللبناني يؤدي إلى تقوية الدولة ومؤسساتها وتمكينه من مكافحة الإرهاب الذي يهدد دولا عديدة»، وأمل في أن «يحقق المؤتمر المزمع عقده في إيطاليا لدعم الجيش، هدفه بالحصول على المساعدات المطلوبة»، معلناً أن «اللبنانيين يرغبون في استمرار التوافق وانتظام عمل المؤسسات، لأن في ذلك مصلحة للجميع». وعن موضوع عودة اللاجئين السوريين، أكد «طالما لم اُعطَ ضوءٌ أخضر من الأمم المتحدة من أجل عودة آمنة، فلن أفعل أي شيء. وطمأن إلى أن «ليس هناك أي قلق على المصارف أو الليرة اللبنانية، وأن هناك علامات تشير الى الانتعاش الاقتصادي كزيادة الحركة السياحية هذا الصيف بنسبة 15 إلى 20٪.
لقاء الحريري – ماكرون
وكان الرئيس الحريري توّج زيارته الرسمية لباريس بلقاء الرئيس الفرنسي في قصر الإليزيه حيث كان في استقباله عند المدخل الرئيسي، وبعدما أدّت له التحية ثلة من حرس الشرف، عُقدت خلوة بين الجانبين استمرت أربعين دقيقة، أعقبها اجتماع موسّع حضره عن الجانب اللبناني: القائم بالأعمال اللبناني غادي خوري، مدير مكتب الرئيس الحريري نادر الحريري، والمستشار بازيل يارد. وعن الجانب الفرنسي :مستشارو الرئيس ماكرون الكبار ومساعدوه.
وتم البحث في آخر تطورات المنطقة وانعكاسات الازمة السورية على لبنان، خصوصا ما يتعلق بتداعيات النزوح السوري وسبل مساعدة لبنان لمواجهة هذه الأزمة والنهوض بالاقتصاد اللبناني.
لقاء صحافي
وبعد انتهاء المحادثات، عُقد لقاء صحافي ألقى خلاله الرئيس الفرنسي الكلمة الآتية: «أودّ قبل كل شيء أن أشكر رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري على زيارته لباريس، وقد التقيت ايضاً عدداً من اعضاء الوفد اللبناني، وتبادلنا الحديث لبعض الوقت، كما أشكره على المناقشات والمباحثات المثمرة التي اجريناها. وكنا التقينا في بيروت في كانون الثاني الماضي في اطار حملة الانتخابات الرئاسية الفرنسية، ولم أنسَ اللقاء الحار الذي خصّني به، وأشكره بشكل خاص على ذلك اليوم».
العلاقة القوية
ان استقبالي رئيس الوزراء اللبناني اليوم في باريس، يرمز الى هذه العلاقة القوية بين بلدينا وأحيي هذه العلاقة الخاصة التي تتجذر ايضاً في كل المواضيع التي بحثنا فيها والمواضيع التي نريد ان نعززها في اطار هذا الوضع الاقليمي المتوتر الذي يواجهه لبنان ايضاً. أود هنا ان اقول وأؤكد لكم دولة الرئيس، ان فرنسا ستستمر بالطبع في الوقوف الى جانب لبنان وهذا سيحصل من خلال العلاقات الاقتصادية والثقافية واللغوية الثنائية بين البلدين والتي تحدثنا عنها مطوّلاً، والرغبة ايضا في هذا الاطار في استعادة مبادرات حسيّة، وسنستمر ونتابع هذا التعاون ايضا خلال زيارة الدولة التي سيقوم بها رئيس الجمهورية اللبناني ميشال عون الى باريس بعد بضعة اسابيع، وزيارة الدولة هذه ستكون الاولى منذ انتخابي، وهي ترمز ايضا الى العلاقات التي تربط بلدينا. خلال الاشهرالاخيرة خطا لبنان خطوات ومراحل مهمة في سبيل استعادة عمل المؤسسات وتم تشكيل الحكومة ووصل الرئيس عون الى سدّة الرئاسة، وبعد ذلك وخلال الفصل السابق، تم وضع قانون للانتخابات بعد انتظار. وعملتم كثيراً على ذلك مع الرئيس عون، كل ذلك ساهم في إيجاد الحلول للأزمة وللحياة الدستورية، والعودة الى الاوضاع الطبيعية. وانتم تستمرون ايضاً في اجراء اصلاحات مهمة، وأؤكد هنا كم ان فرنسا تعتبر هذه الاصلاحات ايضا اساسية، وبالتأكيد فإن اعادة تجديد مجلس النواب ستعتبر ايضاً ضمن اطار اعادة الزخم الى لبنان، وفرنسا مصرّة على متابعة ومرافقة هذه التحولات.
وما نحن في حاجة اليه، أود ان اقوله هنا بشكل واضح جدا، هو اننا نشجع اعادة تعزيز الدولة اللبنانية وضمن هذه الفلسفة سنضع سياستنا للتعاون الاقتصادي بين بلدينا والتطوير ومشاركة المؤسسات والشركات الفرنسية في لبنان، وتطوير تعاوننا الثنائي ومشاركتنا.
كذلك تطرقنا الى التحديات الامنية وبشكل خاص التهديد الارهابي الذي يشكّل ايضا موضوع اهتمام لبلدينا، وفي هذا الاطار أحيي ايضاً الاجهزة الامنية العسكرية اللبنانية التي تعمل من دون توقف لحماية لبنان من العنف الاعمى الذي يضربه، وحماية حدوده ايضا. وهذه القوى هي التي تحمي وتحافظ على قوة وسيادة بلادكم وعلى الدولة اللبنانية التي ذكرتها منذ لحظات. وهنا اجدد دعم فرنسا الكامل، وذلك من خلال قوات الطوارئ الدولية التي تم تجديد التفويض الممنوح لها. وكما تعلمون فإن فرنسا ساندت هذه المسألة بقوة، وهي منخرطة بها بشكل كبير ايضاً من خلال تواجد 800 جندي فرنسي ضمن اطار قوات الطوارئ وهذا بهدف متابعة تعاوننا في النواحي الامنية والعسكرية ولنتمكن مع شركائنا الايطاليين ايضا وعبركم، من مواصلة ما كنا قد بدأناه من خلال مؤتمر روما -2 الذي من الممكن ان يُعقد اذا تمكن الجميع من الانتهاء من وضع اللمسات الاخيرة عليه، وانا اعلم انكم ستزورون ايطاليا خلال الاسابيع المقبلة.
وتناولنا أيصاً ازمة اللاجئين ونتائجها على الاوضاع في لبنان جراء الاوضاع الاقليمية، ورأيت ذلك بأمّ العين في شهر كانون الثاني الماضي عندما زرت مخيّماً للاجئين، وشاهدت انخراطاً فعلياً للسلطات العامة اللبنانية ولشركائها لاسيما المنظمات غير الحكومية. فلبنان يستضيف 1.2 مليون لاجئ على أراضيه، ومقارنة بعدد السكان فيه فهذا يشكل عبئاً كبيراً والتزاماً كبيرين يظهران معاً التزام بلادكم الأخلاقي في المنطقة، وأهمية لبنان في استقرار كل المنطقة في الظروف التي نعرفها. يوجد 9 ملايين لاجئ في عدد من الدول المجاورة يعيشون اليوم خارج سوريا ولكنهم يشكلون جزءاً من حل الازمة، وأذكّر هنا بعناصر عدة، اولاً ان فرنسا ملتزمة كلياً في إطار التنسيق، بمكافحة الارهاب وستستمر في ذلك حتى نهاية الدرب، في العراق وسوريا مع تصميمنا على وضع حدّ لكل أشكال الارهاب في المنطقة. كما ان فرنسا ترغب وكما اعلنت عن ذلك قبل يومين، خلال مؤتمر السفراء، في اطلاق عمل ديبلوماسي لبناء السلام والاستقرار السياسي لسوريا وهذا شرط لا بد منه للعودة الى الوضع الطبيعي. وفي هذا الاطار، قمنا بمبادرة لتشكيل فريق اتصال يجمع كل الاطراف المعنية بالنزاع، ومن الواضح ان السوريين الذين يعيشون خارج سوريا والدول المضيفة لهم، هم جزء من هذا النزاع وسيكون لهم دور هام يلعبونه في اطار فريق الاتصال هذا. رغبتنا في ان نتمكن من إيجاد مخرج سياسي وعملية انتقال سياسية تسمح بالعودة الى الوضع الطبيعي واستئصال نهائي ودائم لكل اشكال الارهاب في هذه الدولة، واعادة عملية البناء السياسي. وفي هذا السياق، كررت لدولة الرئيس الحريري ان لبنان هو الآن وسيبقى، المتلقي الأول للمساعدات الفرنسية كردّ على ازمة اللاجئين السوريين ولمساعدتكم على تحمّل اعبائها، وانه سيشارك بشكل كامل في العملية الانتقالية.
مؤتمر للمستثمرين
وكي نحقق تقدما حقيقيا في هذا المجال، اود ان نتمكن خلال الفصل الاول من العام 2018 عقد مؤتمر للمستثمرين في باريس إذا رغبتم، يهدف الى جمع تمويل خاص للبنان وتمويل عام حكومي لمساعدة لبنان في تنميته الاقتصادية في كل المجالات التي ستسمح للبنانيين وللاجئين المعنيين، بالتطور من خلال مشاريع جديدة وتمويل مخصص لها. كذلك خلال الفصل الاول من العام 2018 نود ان ننظم مؤتمراً لعودة اللاجئين الى بلادهم بمشاركة الدول الرئيسية المستضيفة لهم في المنطقة، كي يؤخذ هذا الموضوع في الاعتبار بشكل كامل في العملية السياسية وفي المواكبة الاقتصادية والمالية للمنطقة، وان تكون هناك معطيات اساسية لاستقرار مستدام لسوريا وللمنطقة كلها(…)». واتفقنا مع دولة الرئيس على إعداد خريطة طريق للفرنكوفونية تتبنى عدداً من التدابير والاجراءات العملية لنشجع اكثر الفرنكوفونية في لبنان ولنعزز مكانته فيها، وللاستجابة للتطلعات المشروعة للبنانيين تجاهنا.
تجديد الشراكة
نحن مصممون على ان نضع هذا التعاون في المدى الطويل، خصوصا مع مشاركة كل القطاعات التي ذكرتها، كي يترجم العلاقة المتميزة بين البلدين. ان زيارة الدولة التي سيقوم بها الرئيس عون في 25 ايلول الجاري ستسمح بدون شك، بإعادة التاكيد على الارادة المشتركة لتجديد هذه الشراكة وترجمتها عمليا، ولمناسبة المؤتمرين اللذين ذكرتهما سأزور لبنان انا شخصياً عام 2018 لمتابعة واعادة اطلاق المشاريع التي نكون قد بدأناها معاً».
الحريري
ثم تحدث الرئيس الحريري فقال: ان زيارة فرنسا وباريس مصدر سعادة دائم لنا، وكذلك اللقاء بكم والعلاقة بين لبنان وفرنسا كانت دائما علاقة تاريخية وثقافية واقتصادية وفرنسا كانت دوماً الى جانب لبنان في الحرب الاهلية وفي السلم، واليوم كعادتها تقف فرنسا الى جانب لبنان. لقد تكلمتم عن كل المواضيع التي تطرقنا اليها، وهذه العلاقة بين بلدينا متميزة اليوم معكم سيدي الرئيس، وعلينا ان نعزز العلاقة في كل المجالات الثقافية والفرنكوفونية على وجه الخصوص(…)».
وأضاف: ان موضوع اللاجئين الذي تكلمتم عنه سيدي الرئيس صعب جدا بالنسبة للبنان، فنحن لدينا اكثر من 1.2 مليون لاجئ من سوريا، وهذا يشكل عبئاً كبيراً على الاقتصاد اللبناني وعلى الامن والبيئة ايضا، ويشكل تحدياً لكل القطاعات، واعتقد ان النهج الذي سنتبعه الآن هو نهج علمي حول سبل حل هذه المشكلة والعمل على ايجاد حلول حقيقية بالنسبة لمؤتمر المستثمرين ومؤتمر عودة اللاجئين، وهذه الفرص ستسمح لنا بحل هذ المشاكل.
وختم: أشكركم ايضا على دعمكم التجديد لقوات «اليونيفل» ولعمل المحكمة الدولية من اجل لبنان، وطالما كانت فرنسا داعمة لهذه المحكمة. ونشكركم ايضاً على كل الدعم الذي تقدمونه للجيش اللبناني، ونأمل ان تستمر هذه العلاقة وفي هذا الامل، وأتمنى ان نراكم قريباً في لبنان بين كل اللبنانيين الذين يكنّون لكم الكثير من المحبة.
لقاءات ومقابلات
وكان الحريري بدأ زيارته للعاصمة الفرنسية بلقاء عقده مع وزيرة الدفاع الفرنسية فلورانس بارلي في دارتها في باريس، في حضور الوفد المرافق وتناول اللقاء تقوية أوجه التعاون بين لبنان وفرنسا لا سيما على صعيد دعم الجيش والقوى الامنية اللبنانية.
كذلك زار رئيس الحكومة مجلس الشيوخ الفرنسي حيث استقبله رئيس المجلس جيرار لارشيه في حضور اعضاء الوفد اللبناني المرافق، وكان تبادل لوجهات النظر حول سبل التعاون بين لبنان وفرنسا في مختلف المجالات.
مقابلة مع «سي نيوز»: وخلال وجوده في باريس أجرت محطة «سي نيوز» مقابلة مع الرئيس الحريري، أكد في مستهلها «ان العلاقات بين لبنان وفرنسا تاريخية «، مشيرا الى ان «لبنان استطاع ان يحافظ على استقراره، على الرغم مما يجري في سوريا والعراق وليبيا.
واوضح ردا على سؤال ان الرئيس ماكرون سيساعد على تشجيع فرنسا والأوروبيين على حضور المؤتمرات الداعمة للبنان، وقال: مؤتمر في باريس عن الاستثمار في لبنان، وآخر لم يحدد مكانه بعد، سواء في فرنسا أو في بلد عربي حول موضوع اللاجئين. والثالث هو لدعم الجيش اللبناني ومن المهم جداً تعزيز الجيش والأجهزة الأمنية لمواجهة الإرهاب.
وعما اذا كان «داعش» عدوه ، قال الحريري: «بالطبع هو عدوّي أكثر مما هو عدو غيري، لأنني مسلم معتدل والإيديولوجية التي يدافع عنها «داعش» هي ضد جميع المعتدلين. كمسلم معتدل «داعش» هو عدوي الأول».
قيل له: اذا هناك إرهاب إسلامي يرمز إليه «داعش»؟ اجاب: «داعش» ليس الإسلام، ومجموعات مثل «داعش» و»النصرة» و»القاعدة» لا تمثل الإسلام الحقيقي. انها تحاول خطف الإسلام. هناك 1.8 مليار مسلم في العالم، وإذا كانت هناك مشكلة حقيقية مع الإسلام فستكون مع الـ 1.8 مليار. «داعش» هو مجموعة إرهابية تأخذ الإسلام كذريعة لتنفيذ جدول أعمالها السياسي.
وردا على سؤال، قال: «أنا مقتنع بأننا سنهزم «داعش» لأن العالم كله ضدهم بما في ذلك العالم الإسلامي. يجب أن نجد حلولاً سياسية حقيقية في العراق وسوريا على المدى الطويل».
وقال ردا على سؤال: «لطالما كنت مؤمناً بالجيش، إننا بحاجة الى تعزيز الجيش والمؤسسات الامنية ويجب على العالم مساعدتنا على القيام بذلك. إذا نظرتم حول العالم تجدون ان الإرهابيين موجودون في الدول الضعيفة. وكلما زادت قوة الدولة خفّت المشاكل مع هذه المجموعات الإرهابية».
وهل الجيش أم «حزب الله» هو مَن كسب المعركة في الجرود؟ اجاب الحريري: «جيشنا هو الذي ربح هذه المعركة وجيشنا هو الذي دخل جرد البقاع وطرد وحارب الإرهابيين. ذهبت إلى البقاع لأظهر أن الدولة حرّرت هذا الجزء من لبنان».
وهل حارب «حزب الله» «داعش» داخل سوريا من الجانب الآخر؟ أجاب: «نعم، بالطبع، مع نظام بشار الأسد».
وعن الهدنة وخروج مقاتلي «داعش» مع أُسرهم في سيارات مريحة ومكيّفة، قال:» سأشرح الأمر. بالنسبة إلي الأمر الأهم هو حماية جنودنا. تم اختطاف 9 جنود عام 2014، وأردت أن أعرف ما حدث لهؤلاء الجنود، هل كانوا أحياء أم لا، وأين دُفنوا، و»داعش» كانت تملك تلك المعلومات.
قيل له: قمتم بالتفاوض قائلين «أخبرونا عن مكانهم وبعدها تستطيعون المغادرة»؟
ـ شنّ الجيش هجوماً كبيراً جداً ضدهم، وفي الساعة الثالثة فجراً رفعوا العلم الأبيض وقالوا انهم يريدون التفاوض. بدأنا التفاوض عندها لمعرفة مكان الجنود وعرفنا أنهم استشهدوا، فسمحنا لهم بالذهاب إلى سوريا.
سئل: في مقابلة مع جريدة «لو موند» قلتم من دون حل سياسي مقنع في سوريا، سيكون هناك أسوأ من «داعش». ماذا يعني ذلك؟ اجاب: «نعم. في العراق كانت هناك معركة ضد القاعدة، كان هناك الجيش العراقي والصحوة الذين قاتلوا مع الأميركيين ضد القاعدة وفازوا. والخطأ الذي ارتكبوه أنهم لم يجدوا حلا سياسيا حقيقيا بشراكة حقيقية بين الشيعة والسنّة والأكراد. بالنسبة إلي، ما حدث في العراق هو مثال سيىء لأنه في اليوم التالي وفي غياب حل سياسي حقيقي، عندما بدأ المالكي القتال ضد الصحوة لأخذ السلطة من السنّة، حصل ما هو أسوأ من القاعدة في وقت كنا نعتقد أن القاعدة هي الأسوأ».
وهل يستطيع بشار الأسد أن يبقى في الحل السياسي؟ أجاب الحريري: «يجب ان تكون هناك فترة انتقالية. بعد ذلك يقرر السوريون».
وعن لقائه المرتقب مع الرئيس الروسي في 13 أيلول، وهل ستقول له ان يكفّ عن دعم الأسد؟ قال: «المناقشات صريحة جدا بيننا وسنتحدث عن ذلك. وأعتقد أن العالم سيحاكم بشار الاسد وليس سعد الحريري».
وردا على سؤال ، قال الحريري: «إن سياسة الرئيس ماكرون واضحة جدا. هو يريد حلولا حقيقية في الشرق الأوسط ويرى الأدوار التي يلعبها الجميع في العراق وسوريا ولبنان. والتحدث مع إيران لا يعني تغيير السياسة الفرنسية. أعتقد أن فرنسا تحدثت دائما مع إيران. والانخراط اكثر مع إيران لإيجاد حلول للنزاعات بين إيران والدول العربية هو أمر إيجابي».
وأشار الى ان «هناك مساعدات سنوية من الامم المتحدة وتشارك أوروبا في المساعدات الإنسانية. المشكلة التي نواجهها اليوم ليست فقط اللاجئين السوريين، إنما أيضاً التوترات مع المجتمعات المضيفة (…)». إذا جاء لاجئ إلى أوروبا يحصل على 25 أو 30 ألف يورو سنوياً بينما يحصل في لبنان على ألف يورو. مع خطة الاستثمار في البنية التحتية، لا نريد 25 ألفاً، خطتنا تمتد على 7 إلى 8 سنوات هي استثمار 10 آلاف إلى 11 ألف يورو لخلق نمو في لبنان من شأنه أن يؤمّن العمل للبنانيين واللاجئين. إلى ذلك يجب أن نفكر في عودة اللاجئين إلى سوريا، إذا لم نعطِهم أملاً فيذهبون إلى التطرف.
قيل له: تحتفظ تركيا أردوغان باللاجئين الذين لم يعودوا يهددون أوروبا. وعندما لا تكون الأمور على ما يرام، يهدد أردوغان بالسماح لهم بالذهاب إلى أوروبا. أنتم لا تقومون بالابتزاز عينه؟ فأجاب: «لدينا علاقة جيدة جدا مع أوروبا وفرنسا ونحن لا نقوم بذلك. لكن يجب على أوروبا أيضاً أن تفهم أن لبنان لا يمكن أن يستمر هكذا وحده مع هذا العبء».
وهل تتوخى أجهزة الأمن الحذر حتى لا يكون هناك ارهابيون بين اللاجئين؟ اجاب: نحن نفعل كل ما في وسعنا لوقف هؤلاء الناس وهذا ليس بالأمر السهل، لأن الأساليب تتغيّر. لقد عانيتم في فرنسا. في لبنان تم القبض قبل شهر، على شخص دخل مسجداً محمّلاً بالمتفجرات وتم اعتقاله قبل أن يفجّر القنبلة.
وهل تفكرون غالباً خلال عملكم، بوالدكم رفيق الحريري؟ اجاب: «بالطبع، لأنني أعتقد أنه حَكم لبنان باعتدال. أراد حلولاً عملية وقدّم العديد من التنازلات لصالح لبنان. وكلما أجد نفسي في موقف صعب، أسأل نفسي ماذا كان ليفعل مكاني؟».
وعن المتهمين باغتيال والده، قال: «هناك متّهمون وهناك محكمة. المتهمون أعضاء في «حزب الله». وننتظر صدور حكم العدالة».
مقابلة «لو موند»:
كذلك أجرت صحيفة «لوموند الفرنسية» مقابلة مع الحريري، استهلها بالحديث عن معركة الجرود، لافتا الى انه والرئيس ميشال عون «سمحنا للمسلحين بعبور الحدود، لكن نقلهم بالحافلات إلى شرق سوريا كان بقرار من «حزب الله» والسوريين.
قيل له: في معارك عرسال في تموز والقلمون في آب، لعب «حزب الله» دوراً أهم من الجيش. هل هذا طبيعي؟» اجاب الحريري:
ـ «هذا ما يعلنه «حزب الله» ولكن في الحقيقة كان الجيش اللبناني هو من لعب الدور الأكبر وقام بكل شيء. أعرف كيف قام الجيش بهجومه. لم نتصرف بطريقة عمياء وأخذنا الوقت الكافي لإعداد المعركة. وهذا هو السبب في مقتل خمسة جنود فقط. الأمر المهم بالنسبة إلينا أنه لم يعد هناك وجود لـ»داعش» في لبنان. تختلف الآراء والمواقف في ما يتعلق بـ»حزب الله» ودوره في لبنان، لكننا وصلنا إلى توافق: يتم وضع كل القضايا الإقليمية التي نختلف حولها جذرياً جانباً، كي لا تؤثر على عمل الحكومة والدولة والاقتصاد (…)».
وعن اتهام اسرائيل إيران بإقامة مصانع صواريخ سرية في لبنان موجّهة الى حزب الله، قال الحريري: «الإسرائيليون يعرفون جيداً أنه لا توجد مصانع للصواريخ في لبنان. وقد اعتادوا على حملات التضليل هذه. يقولون إن «حزب الله» يسيطر على لبنان وهذا ليس صحيحا. «حزب الله» موجود، فهو في الحكومة ولديه دعم في البلاد، ولكن هذا لا يعني أن «حزب الله» يسيطر على كل لبنان. مشكلتنا مع إسرائيل هي أن قادتها يتكلمون دائما عن الحرب والأمن وليس عن السلام. ومن لبنان أطلق الملك الراحل عبدالله عام 2002 مبادرة السلام العربية. وماذا فعلت إسرائيل حيالها؟ لا شيء (…)».
وعن الوضع المالي في لبنان وما اذا كانت هناك مخاوف في شأن النظام المصرفي، قال الحريري: «ليس هناك أي قلق على المصارف أو الليرة اللبنانية. يشكل الدين العام في لبنان 110 – 120٪ من الناتج المحلي الإجمالي، وقد استقر من خلال رفع الضرائب عام 2017. لكن مع 1.5 مليون لاجئ ونمو بنسبة 1.5٪، هذا صعب خصوصاً بالنسبة إلى الشباب، ومن بينهم 25٪ عاطلون عن العمل. هذا غير مقبول. يجب أن يكون نمونا أعلى من 5٪. ستشجع موازنة عام 2018 القطاع الخاص على الاستثمار في البنية التحتية لتعزيز النشاط. هناك علامات تشير الى الانتعاش الاقتصادي: إذ زادت هذا الصيف حركة السياحة بنسبة 15 إلى 20٪ (…)».
وعن سبب وقف المملكة العربية السعودية عقد المساعدات للجيش اللبناني واستثماراتها في لبنان؟ قال الحريري: «لم يكن في لبنان رئيس، وكانت هذه هي المشكلة. لقد أوقف الجميع خططهم وليس السعودية فقط. واليوم تعود الأمور الى مجراها. إذا تمكنا من التعبئة حول خطة الاستثمار، فإن المال الخليجي سيعود. أول زيارة قام بها الرئيس عون بعد انتخابه كانت للسعودية. نحن نعمل معهم لاستعادة الثقة وإعادة إطلاق صندوق المعدات العسكرية التابع للجيش اللبناني. وآمل أن يحدث ذلك».