IMLebanon

استنفار سياسي غير مسبوق بانتظار عودة رئيس الحكومة المستقيل

اذا كان قصر بعبدا تحول خلية نحل لا تهدأ مع مشاورات واجتماعات مكوكية بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرؤساء السابقين للجمهورية والحكومة والمجلس النيابي، ورؤساء أحزاب وفاعليات سياسية، لبحث تداعيات الاستقالة، معتصما بالكتمان والصمت ازاء «المفاجأة – الصدمة»، فإن مقرات عدة أخرى لأقطاب سياسيين وروحيين بدت بدورها في حال استنفار دائم في مقدمها دار الفتوى، للاتفاق بين أبناء الفريق الواحد على موقف سني موحد مما يجري والتشاور مع مسؤولين سياسيين وديبلوماسيين في ما آلت اليه الاوضاع اللبنانية، فيما بدا لافتا ايضا لقاء وزير العدل سليم جريصاتي مع مسؤول وحدة الارتباط والتنسيق في حزب الله الحاج وفيق صفا بطلب من حزب الله.
الاولوية لعودة الحريري
وفي وقت اكد رئيس كتلة المستقبل النيابية الرئيس فؤاد السنيورة انه على تواصل مع الرئيس الحريري وقد اجرى اخر اتصال به مساء الاثنين مؤكدا ان الاولوية اليوم لعودته، انتقل الحريري من الرياض الى الامارات العربية المتحدة حيث استقبله ولي عهد أبوظبى الشيخ محمد بن زايد آل نهيان غادر منها الى السعودية مجددا. وافادت اوساط سياسية عربية لـ»المركزية» ان الحريري قد يجول في خلال اليومين المقبلين على عدد من دول الخليج من بينها البحرين والكويت، وقد تمتد جولته في الاتجاه الاوروبي حيث يلتقي مسؤولين في عدد من هذه الدول ويستمزج اراءهم في ما آلت اليه الامور على المستويين اللبناني والاقليمي، ويضعهم في صورة «الاعتداءات الايرانية « على المملكة ومفاعيلها المنسحبة على الواقع اللبناني. واكدت الاوساط ان السعودية لم تعد في وارد القبول بما تعتبره انتهاكات ايرانية متمادية بلغ آخرها مطار الملك خالد الدولي في قلب الرياض بصاروخ باليستي، وهي ستحرك كل اوراق الضغط التي تملكها لردع طهران عن عدوانها.
تكنوقراط حريرية؟!
وفيما يجمع المسؤولون في الدولة على اعتبار الوقت مبكرا للحديث عن قبول استقالة واجراء استشارات التكليف النيابية لتشكيل حكومة جديدة، في انتظار اتضاح مشهد الاستقالة المغلف بضبابية تعدم الرؤية السياسية الى الحد الاقصى، تحدثت مصادر ديبلوماسية اجنبية لـ»المركزية» عن سيناريو وحيد يمكن ان يلي مرحلة اتضاح الرؤية وعودة الحريري الى البلاد عنوانه اعادة تكليفه لتشكيل حكومة تكنوقراط بعيدة من السياسة، كخيار وحيد متاح في هذا الظرف بالذات وفي ضوء المعطيات المستجدة بفعل الاستقالة واسبابها ونتائجها، ذلك ان حكومة من هذا النوع لا تعيد الغطاء الرسمي لحزب الله الذي فتحت معه المواجهة على مصراعيها ولا عودة الى الوراء.
نزلت كالصاعقة
وبعيدا من اسباب ومفاعيل الاستقالة في حد ذاتها، اعتبرت مصادر سياسية مراقبة ان خطوة الحريري جاءت اشدّ وطأة على فريق 8 آذار من مفاعيل استقالة وزرائها التي اطاحت بحكومة الحريري حينما كان يهمّ بالدخول الى البيت الابيض للقاء الرئيس باراك اوباما. ذلك ان المواجهة التي حكمت المرحلة آنذاك كانت تؤشر الى امكان اقدام هذا الفريق على خطوة من هذا النوع فيما نزلت استقالة الحريري كالصاعقة على هذا الفريق وعلى العهد برمته لتضعه امام المجهول في لحظة اقليمية خطيرة، مؤكدة ان بمعزل عن السياسة يمكن اعتبار ان رئيس الحكومة رد لفريق 8 آذار الصاع صاعين.
التحضير للمرحلة المقبلة
أما في بعبدا، فمازال رئيس الجمهورية العماد ميشال عون على موقفه في ما يتعلق يالتريث في قبول الاستقالة وعدم الذهاب إلى أي خطوة قبل أن يلتقي الرئيس الحريري شخصيا ويستمع الى ما لديه في هذا الخصوص. وبحسب ما اكدت مصادر القصر الجمهوري، فإن تصريف الأعمال يحتاج إلى وجود رئيس الحكومة في لبنان وتحديدا في السراي الحكومي. هذه الأسباب، اضافت المصادر، شرحها عون في لقاءات المشاورات التي عقدها أمس مع الشخصيات السياسية. وقالت «لا شيء في الدستور ينص على أن الاستقالة يجب أن تقدم بشكل خطي أو مباشر، فمجرد اعلانها من رئيس الحكومة، يعني أنها تمت. لكن وعلى رغم ذلك، فإن رئيس الجمهورية يصر على التريث واستيعاب الموضوع وتحضير الأرضية للمرحلة المقبلة.
في عين التينة
وشهد مقر الرئاسة الثانية في عين التينة حركة ناشطة لمواكبة المستجدات. فزارها عضو اللقاء الديموقراطي النائب وائل ابو فاعور، حيث التقى الرئيس نبيه بري موفدا من رئيس اللقاء النائب وليد جنبلاط، وغادر من دون الادلاء بأي تصريح. كما قصدها النائب غازي العريضي والسفير الروسي الكسندر زاسبكين.
حزب الله والتيار  الحر
وفي سياق الاتصالات الداخلية لمحاولة تكوين موقف من استقالة الحريري، برز تواصل بين التيار الوطني الحر وحزب الله، تمثّل في استقبال وزير العدل سليم جريصاتي، في مكتبه، مسؤول لجنة الارتباط والتنسيق في «حزب الله» وفيق صفا ومقرّر لجنة الادارة والعدل النيابية نوار الساحلي. وفي السياق، أكد جريصاتي ان الوفد سأل «عن النواحي الدستورية للاستقالة، وما يمكن ان ينجم عنها، والاحتمالات المتاحة لمعالجة آثار الاستقالة من الخارج». واذ أعلن «اننا اتفقنا على المقاربة التي اجراها فخامة رئيس البلاد لهذا الموضوع والتي أيدها رئيس مجلس النواب نبيه بري بعد خروجه من القصر الجمهوري، بأن ثمة متسعا من الوقت لانتظار عودة الرئيس الحريري سالما ان شاء الله الى بلده والاستماع الى ظروف هذه الاستقالة ثم اتخاذ الموقف المناسب». (…)
الحج الى دار الفتوى
ولليوم الثاني على التوالي، استمرت دار الفتوى محجاً لمختلف القوى السياسية من اجل التباحث مع مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان في ترددات «عاصفة الاستقالة» ولكَون دار الفتوى المرجعية الدينية للطائفة السنّية التي تتولى رئاسة السلطة الثالثة في الدولة. واعرب المفتي دريان امام زوّاره «عن تقديره لموقف الرئيسين عون وبري، بالتريث والتروي في معالجة الأزمة التي يمرّ بها لبنان بعد استقالة الرئيس الحريري»، وامل من جميع القوى السياسية «ان تتحلى بالمزيد من الصبر والحكمة لحل هذه القضية الوطنية».
زيارة الراعي الى المملكة
وأفيد ان زيارة البطريرك مار بشارة بطرس الراعي الى السعودية لا تزال قائمة حتى الساعة. وبحسب المعلومات فإنه سيجري مشاورات ويدرس قراره النهائي وموضوع تأجيل الزيارة من عدمه وذلك حسب تطور الظروف الداخلية، غير ان قرار الزيارة سيكون منسجما مع الرأي الرسمي للبنان.