الى أين يتجه لبنان بعد الاستقالة المفصلية للرئيس سعد الحريري التي ادخلت البلاد في حالة ضياع وحبس انفاس حيال تداعياتها المتعاقبة وملابساتها، والمرشحة للتفاقم في نهاية الاسبوع مع انعقاد الاجتماع الطارئ لوزراء الخارجية العرب الاحد المقبل في مقر الجامعة العربية في القاهرة، بدعوة من المملكة العربية السعودية للبحث في «ما تقوم به ايران من انتهاكات في المنطقة العربية والتي تقوّض الامن والسلم فيها وفي العالم بأسره»، وذلك تبعا لما سيتخللها من تطورات ومفاجآت، بحيث سيكون موقف لبنان على المحك فإما «ينفّس» الاحتقان بتأكيد التزامه سياسة النأي بالنفس ورفض اي اعتداء على الدول العربية، او يفجر العلاقة مع الاشقاء العرب فيرمي كرة نار استقالة الحريري في وجه المملكة، وقد اعتبر الوزير مروان حماده «ان الاحد هو يوم الانفجار الكبير» .
وفي ضوء تعذر رسم خط بياني أو سيناريو واضح ونهائي لنتائج الاستقالة، وسط ترجيح كفة الاحتمالات السلبية حتى اشعار آخر، قد يكون في الربيع المقبل، اذا اتيح للاستحقاق الانتخابي النيابي ان يُجرى، تبقى عيون اللبنانيين شاخصة نحو الرياض لاستقصاء معلومة تضيء على وضع الرئيس الحريري الذي لم يعد الى بيروت بعد، على رغم مراهنة البعض على عودة خلال ساعات، مستندين الى موقفه في الاطلالة المتلفزة التي الحقها اليوم بتغريدة قال فيها»يا جماعة انا بألف خير، وان شاء الله انا راجع هاليومين خلينا نروق وعيلتي قاعدة ببلدها المملكة العربية السعودية مملكة الخير».
الراعي مقتنع: بيد ان كلام البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي في اعقاب لقاءاته التاريخية في السعودية، جاء ليبدد شيئا من الالتباس الذي يغلف هذه القضية، اذ اكد بعد اجتماعه بالرئيس الحريري انه عائد الى لبنان بأسرع ما يمكن وقال في موقف فاجأ الكثيرين ومن شأنه ان يفتح نوافذ جديدة في تعقيدات الازمة: «انا مقتنع ليس فقط بأسباب الاستقالة بل بأنه يجب ان يحصل كلام بين الرئيسين عون وبري»،
لقاءات البطريرك: وكان البطريرك الماروني توّج زيارته للمملكة العربية السعودية بلقاء خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، في مكتبه في قصر اليمامة في الرياض حيث اعدّ له استقبال وفق البروتوكول الرئاسي، ثم زار ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز ، فرئيس الحكومة سعد الحريري ثم أمير الرياض فيصل بن بندر، وسط حضور وزاري.
فرنسا تتوسط لدى طهران: وفي موازاة مساعي وزير الخارجية جبران باسيل «الديبلوماسية» لكشف ملابسات استقالة الحريري، التي قادته امس الى بروكسل وفرنسا في اطار جولة ستشمل ايضا لندن وروما وبرلين وموسكو، حيث التقى الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون .
وعلمت «المركزية» ان باريس تقوم بوساطة لدى طهران لكف يد حزب الله في اليمن، باعتباره شرطا سعوديا اساسيا لاطلاق يد الرئيس الحريري، وتنطلق في وساطتها بالتنسيق مع الادارة الاميركية مولية الاستقرار الاقتصادي في لبنان الاهمية القصوى. من جهتها، كشفت اوساط مطّلعة لـ»المركزية» عن ان زيارة وزير الدولة لشؤون الخليج العربي ثامر السبهان بمعية سفير السعودية لدى لبنان وليد اليعقوبي اثمر تنازلا عن السقف المرسوم للتسوية السياسية في لبنان. واضافت ان واشنطن تعتبر الحريري احد ابرز الرجالات التي يمكن ان نبني معهم شراكة في المنطقة.
لا نأي بالنفس»: وفي انتظار عودة الرئيس الحريري لا يبدو ان «حزب الله» في وارد القبول بالشروط التي وضعها من اجل العودة عن الاستقالة وابرزها النأي بالنفس قولاً وفعلاً، حيث اكدت مصادره لـ»المركزية» «اننا ننأى بانفسنا عن نيكارغوا وكوريا الشمالية، وسألت «عن اي نأي بالنفس يتحدّثون وآلاف التكفيريين والارهابيين يتربّصون شرّاً ببلدنا وهم على مرمى حجر من لبنان؟ كيف انأى بنفسي عمّن يريد احتلال بلدنا؟ أارفع في وجهه «اعلان بعبدا» والقرارات الدولية؟ هذه المسألة مرتبطة بوجود لبنان ليس فقط بنا كـ «حزب الله» وشيعة بالتحديد»، لافتةً الى «ان لا بحث في مسألة خروجنا من سوريا، والحل بالابقاء على التسوية الحالية القائمة على مبدأ اساسي وهو ترك المسائل الخلافية جانباً والانصراف الى معالجة المشاكل اليومية الحياتية التي تهمّ اللبنانيين كافة، والرئيس عون «مُقتنع» بهذا الموضوع».