مع وصول الرئيس سعد الحريري وعائلته الى العاصمة الفرنسية باريس والمتوقّعة خلال 48 ساعة كما اشارت المعلومات، تكتمل فصول «المبادرة» الفرنسية تجاه الازمة اللبنانية المتمثّلة بإستقالة الرئيس الحريري من الرياض منذ اثني عشر يوماً، التي تدرّجت من الزيارة «الخاطفة» التي قام بها الرئيس ايمانويل ماكرون الى الرياض بعد «سبت الاستقالة» ولقائه لساعات ولي العهد محمد بن سلمان ثم إيفاده امس وزير خارجيته جان ايف لودريان للقاء الملك سلمان الى ولي العهد واجرائه محادثات مع نظيره السعودي عادل الجبير وتتويجها بلقاء مع الحريري، الى المواقف الفرنسية التي اجمعت على اولوية عودة الرئيس الحريري الى بلده مع الدعوة الى عدم التدخل في شؤون لبنان.
لقاء الملك: بدأ لودريان نشاطه في الرياض بلقاء خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز في مكتبه في قصر اليمامة وزير الخارجية الفرنسي.
وفي بداية الاستقبال، نقل لودريان بحسب «وكالة الانباء السعودية» لخادم الحرمين تحيات الرئيس ايمانويل ماكرون فيما وجه الملك تحياته للرئيس الفرنسي. كما جرى خلال الاستقبال استعراض العلاقات الثنائية بين المملكة وفرنسا، وبحث الأوضاع في المنطقة.
وحضر الاستقبال، الأمير عبد العزيز بن سعود بن نايف بن عبد العزيز وزير الداخلية، وزير الدولة عضو مجلس الوزراء مساعد بن محمد العيبان، ووزير الخارجية عادل الجبير وسفير فرنسا لدى المملكة فرانسوا غويات.
ولي العهد: بعد ذلك، اجتمع ولي العهد الامير محمد بن سلمان بلودريان.
وأفادت «واس» بانه جرى خلال الاجتماع استعراض آفاق التعاون السعودي الفرنسي في مختلف المجالات، بالإضافة إلى بحث تطورات الحوادث في منطقة الشرق الأوسط وتنسيق الجهود تجاهها بما يعزز الأمن والاستقرار في المنطقة.
وحضر الاجتماع وزير الداخلية، وزير الدولة عضو مجلس الوزراء، وزير الخارجية، المستشار بالأمانة العامة لمجلس الوزراء احمد الخطيب، مساعد وزير الدفاع محمد العايش، المستشار في الديوان الملكي رأفت الصباغ، والسفير الفرنسي لدى المملكة، وعدد من المسؤولين الفرنسيين.
مؤتمر صحافي: ثم انتقل لودريان للقاء نظيره عادل بن الجبير في مقر وزارة الخارجية في الرياض.
وبعد محادثات ثنائية، عقدا مؤتمراً صحافياً مشتركاً رحّب الجبير في مستهله بنظيره الفرنسي الذي يزور المملكة حالياً، مؤكداً «ان المملكة وفرنسا تربطهما علاقة ممتدة منذ اكثر من 100 سنة»، مشيراً إلى «تطابق الروئ فيما يتعلق بالتحديات في المنطقة، سواءً ما يختص بالقضية الفلسطينة او لبنان وسوريا والعراق واليمن وتدخلات إيران في شؤون المنطقة، او فيما يتعلق بمواجة الإرهاب والتطرف، إضافة إلى رغبة البلدين برفع مستوى هذه العلاقات وتكثيفها في كل المجالات».
ولفت «إلى اجتماع الملك سلمان بالإضافة إلى اجتماع ولي العهد محمد بن سلمان مع وزير الخارجية الفرنسي، التي وصفها بالإيجابية والبنّاءة، وتعكس مكانة العلاقات التاريخية والاستراتيجية بين البلدين الصديقين».
وطالب الجبير بإيجاد «وسائل» للتعامل مع «حزب الله» اللبناني، مؤكداً «وجود «خطوات فعلية» في هذا الصدد»، لافتاً الى «ان «حزب الله» وراء زعزعة الاستقرار في المنطقة»، ومشدداً على «ضرورة نزع سلاحه».
وعن وضع الحريري في الرياض، اوضح وزير الخارجية السعودي «انه يعيش في المملكة «بإرادته»، ويستطيع ان يغادرها «وقتما يشاء» وهو مواطن سعودي كما هو مواطن لبناني»، لافتا إلى ان «ادّعاءات الرئيس ميشال عون باحتجاز السعودية للحريري باطلة وغير صحيحة؛ فهو مواطن سعودي يعيش في المملكة بإرادته ويستطيع ان يغادر وقت ما يشاء».
واعلن ان «الأزمة في لبنان اساسها «حزب الله» الذي اختطف النظام اللبناني وهو يعرقل العملية السياسية في البلاد وهو اداة في يد الحرس الثوري الإيراني»، موضحا انه «إذا استمر «حزب الله» بهذا النهج فإن لبنان سيبقى غير مستقر، وهناك شبه إجماع في العالم على ان الحزب يجب التعامل معه بوسيلة اخرى وانه منظمة إرهابية من الطراز الاول ويجب عليه احترام «الطائف ونزع سلاحه»، ولفت إلى «مشاورات لمحاولة الخروج بخطوات تُعيد للبنان سيادته وتقلّص العمل السلبي الذي يقوم به «حزب الله»، ومشدداً على «ضرورة إيجاد وسائل للتعامل مع «حزب الله» وهناك خطوات فعلية بهذا الصدد».
وعن الأزمة السورية، قال الجبير «تم تحديد الاجتماع في شأن المعارضة السورية الاربعاء والخميس والهدف التوصل إلى رؤية موحّدة ليستطيع المبعوث الاممي ستيفان دي ميستورا ان يستأنف المفاوضات في جنيف».
بدوره، اعرب لودريان عن سعادته لوجوده مرة اخرى في السعودية، وقال «زيارتي تندرج تحت إطار الشراكة التاريخية مع السعودية»، مؤكداً «ان وجهات النظر الفرنسية السعودية تتطابق في كل ملفات المنطقة».
وقال «بحثنا في الملف اللبناني واجمعنا على استقرار لبنان، وفرنسا حريصة على ان يحافظ لبنان على استقراره وسيادته وان يكون بمنأى عن التدخلات الخارجية بشؤونه وان يتم احترام كل الطوائف المكوّنة لشعبه».
واشار الى «ان التحالف بقيادة السعودية اتخذ خطوات مهمة في تسهيل العمل الإغاثي في اليمن»، مضيفاً «ربحنا الحرب على «داعش» ويجب كسب معركة السلام ايضا».
وتابع «نشعر بقلق من تدخلات إيران ومن نزعات الهيمنة التي تبديها، وفرنسا قلقة من خطر البرامج الصاروخية الباليستية الإيرانية. تناولت مع الجبير الوضع الانساني في اليمن والاجراءات التي يجب اتخاذها لتصل المساعدات الانسانية في اسرع ما يمكن للشعب والتحالف بقيادة السعودية تبنّى تدابير بهذا الاتجاه».
واعلن لودريان «ان الرئيس سعد الحريري مدعو لزيارة فرنسا مع اسرته وسيلبي الزيارة متى يرى ذلك مناسبا»، موضحاً «اننا سنستقبله خلال زيارته إلى فرنسا كصديق».
لقاء الحريري: واختتم لودريان يومه السعودي بلقاء الرئيس الحريري في مقر إقامته في الرياض بحسب ما ذكرت وكالة «فرانس برس» التي حضرت بداية الاجتماع.
وقال الحريري ردا على اسئلة للصحافيين حول موعد ذهابه الى فرنسا بناء على دعوة من الرئيس ايمانويل ماكرون «افضّل الا اُجيب الان. سأعلن لكم ذلك» في وقت لاحق.