لا تزال الايجابية تسيطر على الحراك المكوكي الدائر خلف الكواليس لإنضاج طبخة التسوية السياسية الجديدة التي ستنهي فصول استقالة الرئيس سعد الحريري وتعيد إطلاق عجلات مجلس الوزراء. وقد تمكّنت الاتصالات التي استمرت بين بيروت وباريس والرياض وطهران، وأشرفت عليها فرنسا، وفق معلومات «وكالة الانباء المركزية»، من حصر مفاعيل الموقف السعودي المتصلّب تجاه «حزب الله»، الذي عبّر عنه ليل اول أمس وزير الخارجية عادل الجبير وقال فيه ان «لبنان مختطف من دولة أخرى من خلال جماعة حزب الله الإرهابية»، وإن «إيران تواصل التدخل في شؤون غيرها من الدول»، مؤكدا أنّ «الحل في لبنان هو سحب السلاح من حزب الله الذي استخدم البنوك اللبنانية لتهريب الأموال».
ضمانات السعودية
وتحرّكت الديبلوماسية الفرنسية مجددا بعد كلام الجبير على خط الرياض – طهران، فدعت ايران الى وقف استفزازاتها للسعودية، وأبلغت الاخيرة ان ثمة توجها جديا لتطويق النفوذ الايراني في الميادين العربية. وبالتزامن، كان لبنان يوضح للمملكة ايضا أبعاد وخلفيات ما جاء على لسان رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيسي مجلس النواب نبيه بري والحكومة سعد الحريري، وقد نقل اليها ضمانات بأن التسوية الجديدة ستضع حدا لنشاط حزب الله خارج الاراضي اللبنانية، بعد أن أبدت الرياض قلقا من الاخلال ببنود الاتفاق في صيغته الثانية، على غرار ما حصل مع الاول. فطمأنت بيروت وباريس الهواجس السعودية وأكدتا لها ان الالتزام سيكون فعليا هذه المرة. ويبدو بحسب المصادر، أن موقفهما نجح في إقناع الرياض، فتخطّى قطار التسوية، بلا أضرار، المطبّ السعودي.
الحريري – باريس
وكانت اجتماعات الرئيس الحريري ووزير الخارجية جبران باسيل في باريس تواصلت لوضع اللمسات الاخيرة على التسوية الجديدة، برعاية فرنسية. وتركّزت جهود الرّجلين، وبالتنسيق مع بعبدا وعين التينة والضاحية، على صياغة سطور الاتفاق المنتظر لناحية «النأي بالنفس»، و»اتفاق الطائف» و»علاقات لبنان بمحيطه العربي». وتشير الى ان البيان العتيد يُفترض ان يبصر النور في الساعات القليلة المقبلة، ما لم يطرأ طارئ، على أن يتم التصديق عليه رسميا في جلسة لمجلس الوزراء يتوقّع ان تعقد قبل منتصف الاسبوع الطالع.
فرنسا تستعجل التسوية
وتقول المصادر ان فرنسا تستعجل الحلّ اللبناني، وتصر على ان يُنجز قبل 8 كانون الأول الجاري، التاريخ الذي دعت فيه الى اجتماع لمجموعة الدعم الدولي للبنان، على ان يشكّل فرصة لتزخيم الانطلاقة الجديدة لحكومة «استعادة الثقة»، خصوصا انه سيقرّ رزمة من المساعدات والهبات للبنان بقيمة 4 الى 5 مليارات دولار للمشاريع الاستثمارية والبنى التحتية.
والاّ… فالبند السابع؟!
أما اذا لم يتحقّق التوافق قبل هذا الموعد، وتعثّرت المفاوضات الجارية، فإن فرنسا تخشى، بحسب المصادر، أن يكون اجتماع «مجموعة الدعم» مقدّمة لنقل الملف اللبناني عموما وملف حزب الله خصوصا الى مجلس الامن الدولي، فيتم البحث في المنظمة الاممية، عن صيغة لانقاذ لبنان من المأزق السياسي الذي يتخبّط فيه، قد تتخذ هذه المرة طابعا اكثر صرامة على غرار «قرار» تحت الفصل السابع، يكون ملزما للدولة، قد يطال سلاح حزب الله.
ترميم التحالف
أما بعد عودة الحريري الى بيروت، فمن المتوقّع أن تنشط، بدينامية أكبر، قنواتُ التواصل بين معراب وبيت الوسط، لاعادة وصل ما انقطع بين الطرفين في أعقاب اعلان الحريري استقالته. وتقول أوساطهما لـ»المركزية» إن ثمة حرصا مشتركا على تبديد «غيمة الصيف» التي مرت في سماء العلاقة بين تيار المستقبل والقوات اللبنانية، حيث يُعدّ تحالفهما استراتيجيا وصمام أمان للدفاع عن العهد من جهة وعن سيادة واستقلال لبنان من جهة ثانية. وتشير الاوساط الى ان هذا المسار «الترميمي» يُفترض أن يتوّج بلقاء يجمع الرئيس الحريري ورئيس القوات سمير جعجع.