IMLebanon

الحريري: تجاوزنا قطوعا خطيرا جدا… وبيروت ليست مكسرا عصا

 

 

أقام رئيس اتحاد العائلات البيروتية الأسبق السيد محمد سنو حفل عشاء في منزله على شرف رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري، حضره نقيب الصحافة عوني الكعكي وشخصيات وفاعليات بيروتية وحشد من أبناء العائلة.

 

 

وجرى خلال الحفل التداول في الأوضاع العامة والقضايا المطلبية لأهالي العاصمة، والقى الرئيس الحريري كلمة في الحضور استهلها بالقول: «نحن اليوم أمام تحد كبير. هذه الانتخابات ليست كأي انتخابات حصلت في السابق، ففي هذه الانتخابات، لا نستطيع أن نقول لأنفسنا: لماذا علينا أن ننزل لنقترع، فاللائحة ستنجح في كل الأحوال. في هذه الانتخابات صوت واحد قد يحدث فرقا. لذلك التحدي كبير، وأنتم تعرفون أنه منذ لحظة استشهاد الوالد وحتى اليوم، وتيار المستقبل هو المستهدف. خلال 13 سنة كنا مستهدفين، والبعض يعتقد أنه بهذا القانون سيتمكن في مكان ما من أن يصغّر أو يقلّل من أهمية تيار المستقبل، ولكن ليس هناك سوى صناديق الاقتراع التي يمكنها أن تثبت غير ذلك».

 

 

وأضاف: «أمامنا تحد كبير. قد يكون البعض لم يفهم حتى الآن هذا القانون بشكل جيد. فكلما زاد التصويت وأقبل الناس على الاقتراع، كلما زادت حظوظ نجاحنا وعدم خرق لوائحنا. وقد رأيتم خلال عام، منذ بداية تشكيل هذه الحكومة، كم تمكنا من تحقيق إنجازات بفضل التوافق الموجود في البلد. ولنكن صريحين مع بعضنا البعض، هذا البلد لا يُدار إلا بالتوافق، فقد جربنا كل شيء، جربنا أن نختلف بين بعض البعض فماذا حدث؟ توقف البلد. جربنا أن يحكم فريق معين لوحده، فماذا حصل؟ كذلك كان هناك شلل. جرب فريق آخر أن يدير البلد وحده، والنتيجة نفسها. الآن، وللمرة الأولى لجأنا إلى نفس الأفكار التي كانت لدى رفيق الحريري، وهي أن يتحدث مع الجميع ويدوّر الزوايا. فالنظام السوري كان الخصم السياسي للرئيس الشهيد، لكنه تمكن من تحقيق ما أنجزه لأنه كان يدوّر الزوايا ويعض على الجرح أحيانا. فما الذي قمنا به نحن خلال هذه المرحلة غير ذلك؟».

 

 

وتابع: «هناك اليوم من يزايد علينا بأن موقفه عروبي أو ضد فلان أو فلان آخر. نحن قمنا بربط نزاع مع «حزب الله»، ونختلف مع الحزب في الأمور الاستراتيجية، ولكن هل يجب أن يجعلنا ذلك نوقف العمل في البلد؟ كلا. نستطيع أن نختلف في الأمور الاستراتيجية، ولكن علينا أن نتوافق على الأمور الداخلية، ولا شيء في البلد يمكن أن يتحقق إلا من خلال هذا التوافق. لذلك، سرنا في هذا الخط. وقد أتى من يزايد علينا، ويقول أنني أتخلى عن أهل السنّة، أو يدعي أن هناك توظيفات في الدولة تذهب لصالح هذا الفريق أو ذاك. أنا أقول لهؤلاء: في وظائف الفئة الأولى لا أحد يستطيع أن يأخذ حصة الآخر، فتوظيفات الفئة الأولى مقسّمة بالقانون والدستور. أما الفترة التي سادها الفراغ الرئاسي وما قبل، فأنا لا أتحمل مسؤوليتها. وبالفعل حصلت في تلك المرحلة خروقات، لكننا اليوم نحاول إصلاح كل هذه الأمور. هذا لا يعني أننا تمكنا من إصلاح كل شيء، كما أنه لا يعني أننا نفرّط بحقوق المسلمين».

 

 

وقال: «نحن مشروعنا وطني، وإذا كان هناك من لديه الكفاءة العالية، سواء كان مسلما أو مسيحيا، فهو يجب أن يكون في المكان الذي يستطيع من خلاله أن يساعد البلد. أما أن نأتي بأشخاص لمجرد أنهم من هذه الطائفة أو من ذاك المذهب فأنا ضد هذا المبدأ. الآخرون ربما يتعاملون بهذا الأسلوب، ولكن هل هو صائب؟ كلا هذا هو الخطأ. أنا أؤكد لكم أننا في البلد نريد أن نعيش سويا ونتشارك مع بعضنا البعض».

 

 

وأضاف: «بالنسبة إلى، بيروت عزيزة علي وهي التي تتحمل كل لبنان، وكأن كل لبنان يعيش فيها، لذلك بالتأكيد يجب أن تكون حصة البيارتة بالتعيينات أساسية. وبالفعل، تجدون أن للبيارتة الحصة الأكبر في وظائف الفئة الأولى. من هنا، علينا جميعا أن نتعاون ونعمل معا لكي نقوم بهذا البلد».

 

 

وختم الرئيس الحريري قائلا: «ما حصل خلال الأيام القليلة الماضية يؤكد أنه من غير المقبول أن تتحمل بيروت كل هذه الأعباء. فلماذا على بيروت أن تدفع الثمن عن كل من يخطئ؟ بيروت ليست مكسر عصا لأي كان. بيروت يجب أن تكون محمية من الجميع ومن أجل الجميع، لأن الجميع يعيش في بيروت. من هنا يجب أن يتوقف هذا الأسلوب، ولا يجوز أن يدفع أهل بيروت هذا الثمن. هذا أمر غير مقبول وأنا لن أقبل بذلك. لقد تجاوزنا قطوعا خطيرا جدا، فالكلام الذي سمعناه خلال الأيام الماضية أعادنا ثلاثين سنة إلى الوراء. ولكن الحمد لله، بحكمة فخامة الرئيس ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري تمكنا مجددا من الوصول إلى هذا التفاهم. هذا لا يعني أنك إذا رفعت صوتك فسيسمعك الناس، بل أنا برأيي أنه حين ترفع صوتك يتوقف الناس عن الاستماع إليك، في حين أنه علينا جميعا أن نسمع بعضنا البعض. لذلك، فإن الهدوء هو الذي يوصلنا إلى المكان الصحيح. أما الصراخ، فإلى أين أوصلنا؟ رأينا خلال المرحلة السابقة ورأينا قبل ثلاثين سنة إلى أين أوصلنا هذا الصراخ».

 

 

كلمة سنو

 

 

وكان الحفل استهل بكلمة لسنو رحب فيها بالرئيس الحريري وقال: «لبنان لا يبنى إلا بالحوار وتآخي والتفاهم والتوافق، وهذه هي قوته ومصدر غناه. والمصلحة الوطنية هي أولوية مطلقة، والتسويات لمصلحة الوطن هي من شيم الأقوياء. واليوم يدرك جمهورك الكبير على امتداد الساحة اللبنانية، أن مغامرة الإنقاذ لإنهاء الفراغ الرئاسي كانت تبصرا لقيامة الوطن من ثباته، وأعادت الحياة لمؤسساته الدستورية لتلبية احتياجات المواطنين على مختلف الصعد. فالزعيم السياسي الحقيقي هو الذي يستكشف للناس سبل الخلاص ويجد حلولا لأزماتهم، وليس الذي يبقى مسكونا بالماضي وأحكامه».

 

 

وثمن سنو حرص الرئيس الحريري على التخفيف من العجز في البلاد، وتوجه إليه بالقول: «نتفهم طلبك من كل الوزارات والإدارات العامة تخفيض موازنتها بنسبة 20% للعام 2018، لأن ارتفاع الدين العام بات ككرة ثلج يجرف معه مستقبل شبابنا وأحلامهم بمستقبل أفضل. ونشيد بخطوات حكومتك لتلزيم المربعين 4 و9 للتنقيب عن الغاز والنفط، لأن الآمال معقودة على هذا القطاع. ونتوقف بإعجاب أمام سعيكم للمشاركة في المؤتمرات الدولية بهدف دعم لبنان عسكريا واقتصاديا واجتماعيا، من خلال مشاريع إنمائية بقيمة 16.5 مليار دولار، والتي سنعكس إيجابا على الشعب اللبناني بأسره. كما ننوه بسعيك لتعزيز مساهمة المجتمع الدولي بأعباء النزوح السوري التي باتت ترهق كاهل الدولة اللبنانية».

 

 

وأضاف: «يتطلع البيارتة وسائر اللبنانيين إلى عملكم الدؤوب في الإسراع بإيجاد حل جذري وبيئي لمشكلة النفايات وتوفير المياه في فصل الصيف وإنهاء برامج تقنين الكهرباء ومحاربة الفساد وتوفير فرص عمل للشباب. فعليكم تعقد الآمال وبمثلكم تتحقق الأمنيات».

 

 

وتابع: «لقد بتنا قاب قوسين أو أدنى من الانتخابات النيابية، فنتمنى لك التوفيق في اختيار لوائح انتخابية تعكس صحة التمثيل على مساحة الوطن، ونتمنى أن تراعي في اختيارك للمرشحين من يتصف بالوفاء لخطك السياسي السيادي والثبات على نهجك الرشيد. وفي هذا المجال، ندعو البيارتة بشكل خاص واللبنانيين بشكل عام لأوسع مشاركة في الانتخابات النيابية المقبلة والاقتراع للوائح الحبيب ابن الحبيب الشيخ سعد رفيق الحريري، والانتباه لكيفية اختيار الصوت التفضيلي، حرصا على منع اختراق هذه اللوائح من قبل بعض الواهمين أو الناكرين. فهذه الانتخابات محطة وطنية هامة، لأنها ستحدد مدى قدرة اللبنانيين على استكمال بناء دولة القانون والمؤسسات وإنهاء دور الدويلة الرابضة في حاضرهم ومستقبلهم».

 

 

وختم قائلا: «بيروت معك، والشرفاء في كل لبنان معك. حماك الله وسدد خطاك فنجاحك عز لبيروت ومستقبل واعد للوطن».