الكباش الاقليمي – الدولي يشتعل في الجوار، وتحاول القوى المتصارعة، بالحديد والنار، فرضَ معادلات جديدة ونقضَ قواعد الاشتباك والشروط التي تحكّمت حتى الامس القريب، باللعبة السورية راسمة سقف وحجم كل طرف ضالع فيها. ويحاول لبنان الرسمي ابقاء البلاد بمنأى عن المواجهة المحتدمة على مرمى حجر منه. ومع ان المهمة هذه تبدو شاقة ودقيقة، خصوصا في ظل التهديدات الاسرائيلية للسيادة اللبنانية برا وبحرا، ولحزب الله، الا ان تحقيقها ممكن اذا عرفت الدولة كيف تحيّد نفسها عن الكباش، متفيّئة النأي بالنفس والشرعية الدولية، خصوصا وأن لبنان «ينعم» بموقف دولي داعم، الى الحدود القصوى، لأمنه واستقراره، سيسمعه مجددا من وزير الخارجية الاميركية ريكس تيلرسون الذي سيكون في بيروت الخميس المقبل.
موقف لبناني موحّد
والتطورات على الساحة الاقليمية من جهة، والمستجدات على الخط النفطي من جهة ثانية في ضوء اجتماعٍ الناقورة الاول الذي استُكمل امس، والطروحاتِ التي حملها معه مساعد وزير الخارجية الاميركية دافيد ساترفيلد الى بيروت، استدعت اجتماعا رئاسيا في القصر الجمهوري هو الثاني في أقل من أسبوع، ضمّ رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيسي مجلس النواب نبيه بري والحكومة سعد الحريري. اللقاء الذي خُصص في معظمه لتوحيد موقف لبنان الرسمي من التسوية النفطية التي تحاول واشنطن تسويقها لحل النزاع بين بيروت وتل أبيب، عشية وصول تيلرسون، انتهى، وفق ما تقول المصادر السياسية، الى اتفاق على التعاون مع اي وساطات لكن شرط الا يتنازل لبنان عن اي جزء من حقوقه النفطية. كما تم التفاهم على إبلاغ الديبلوماسي الاميركي رفض لبنان انشاء اسرائيل جدارها الفاصل على النقاط المتنازع عليها عند الحدود الجنوبية. وأشار الرئيس الحريري بعيد الاجتماع الى «أننا استعرضنا التحديات التي نواجهها وتناولنا زيارة ساترفيلد للبنان، وسنبقى على تشاور مع رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب كي يكون موقفنا موحدا ووطنيا في ما يخص اي تعديات على لبنان» مضيفا «هذا قرار اتخذناه في المجلس الاعلى للدفاع ومجلس الوزراء، واتجاهنا ان يكون موقفنا موحدا ازاء اي تعديات اسرائيلية على لبنان». أما المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم الذي شارك في جزء من اللقاء، فطمأن الى ان «الوضع الامني على الحدود مستتب».
مندرجات القرار 1701
وبعد أسبوع من الاجتماع الاول الاممي – اللبناني – الاسرائيلي، عُقد امس اجتماع استثنائي آخر في أحد مقار اليونيفيل في رأس الناقورة عرضت خلاله مسألة بدء اسرائيل ببناء الجدار الاسمنتي. وعُلم من مصادر مطلعة أن «الوفد اللبناني تمسك برفضه إقامة الجدار في النقاط الـ 13 المتنازع عليها». وقالت إن «القائد العام لليونيفيل مايكل بيري رأس الاجتماع وطلب من الطرفين الحفاظ على مندرجات القرار 1701 الذي ينظم الاستقرار على طرفي الحدود»، مشيرة الى أن «الوفد اللبناني برئاسة العميد خضر حمود، دعّم موقفه بالصور والخرائط والوثائق التي تؤكد ملكية لبنان للنقاط الثلاث عشرة المتنازع عليها».
الرئيس عون أكد ان لبنان أخذ قرارا بالدفاع عن أرضه في حال حصول اعتداء اسرائيلي عليها او على حقوقه في النفط. واضاف «لغاية الآن لم يحصل اعتداء، انما هناك تصاريح فقط، وهناك قوى تتدخل ديبلوماسياً وسياسيا للمساعدة على فض هذا الخلاف»، مشيرا الى ان «لا يمكن لاسرائيل ان تبني جدارا في اراضينا».
انتهت مرحلة الجفاء
في عين التينة: ودائما على خط تدعيم الوحدة الداخلية التي تساعد لبنان على رفع التحديات الكثيرة التي يواجهها، سُجّلت امس- وفي أعقاب عملية تبريد التوتر الناجحة بين الرئيس عون ورئيس المجلس- زيارةٌ لافتة لرئيس الحكومة الى عين التينة حيث استقبله الرئيس بري وأبقاه الى مائدة الغداء. وتأتي هذه الزيارة لتؤشر الى تجاوز العلاقة بين الرئاستين الثانية والثالثة مرحلة الجفاء التي دخلتها على خلفية توقيع الرئيس الحريري مرسوم الاقدمية لضباط دورة 1994، وتنبئ بطي صفحة الفتور الذي شابها في الاسابيع الماضية، معلنة عودة المياه بين عين التينة وبيت الوسط الى مجاريها الصحيحة.
الحق ليس على الطليان
وشهد السراي الكبير ورشة تحضيرية لمؤتمر روما 2 الذي حُسم موعده اليوم، حيث حدّده السفير الايطالي في لبنان ماسيمو ماروتي في 15 آذار المقبل. فبدعوة من رئاسة مجلس الوزراء، عقدت سلسلة إجتماعات تحضيرية للمؤتمر المقرر لدعم الجيش والقوى الأمنية والعسكرية، شارك فيها وزيرا الداخلية نهاد المشنوق والدفاع يعقوب الصراف واعضاء مجموعة الدعم الدولية للبنان وسفراء وممثلو الدول والمنظمات المشاركة في المؤتمر. وكانت مناسبة أكد فيها المشنوق «أننا نتطلّع الى اليوم الذي يصبح فيه السلاح غير الشرعي، كلّ السلاح غير الشرعي بإمرة الدولة وحدها دون سواها» (…).