شكّل تحرك وزارة الخزانة الأميركية بإعادة إدراج اسماء من «حزب الله» ضمن قائمة الأشخاص والمؤسسات التي تشملها العقوبات المفروضة على إيران، مادة دسمة في المناقشات الدولية حول انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي مع ايران.
واوضحت مصادر ديبلوماسية اميركية لـ»وكالة الانباء المركزية» «ان صدور العقوبات امر متوقع بعد تلويح الرئيس دونالد ترامب منذ بداية العام الجاري، وبدأ المسؤولون الايرانيون يتصرفون على اساس فرضية الانسحاب من «النووي»، بالتفاوض مع الروس والاوروبيين لابقاء ممرات النفط والغاز مفتوحة الى روسيا والاتحاد الاوروبي، بالتوازي مع مفاوضات جرت بين واشنطن والزعماء الاوروبيين منذ ما يقارب الخمسة اشهر، فكان الاقتراح الاوروبي بفرض العقوبات على ايران مع التوقيع على ملحق من دون الانسحاب من الاتفاق، الامر الذي رفضه الايرانيون على حد سواء، ولم يتمكن الجانب الاميركي بالتعاون مع الاوروبيين من التوصل اليه».
ولفتت الى «ان طهران التي لم يرق لها ما سمعته في مفاوضاتها مع الاوروبيين، عمدت الى تدارك العقوبات المتجددة بتجميد صرف الاموال للمنظمات التي تتبع لها وتعمل لصالحها ابرزها «حزب الله» الذي اريد منه اعتماد سياسة المواربة، لكن وزارة الخزانة تقوم بمهامها الدقيقة بتتبع الاموال ورصد مورديها الى تلك المنظمات واستهداف شبكات الدعم المالي التي يشتبه بتهديدها الأمن القومي الاميركي. وستتابع بوتيرة حاسمة دورها في تنفيذ العقوبات الاقتصادية ضد التهديدات الخارجية للولايات المتحدة، على رأسها التهديد الايراني ومعه «حزب الله» من خلال اعادة العقوبات على كيانات وشخصيات اخرى في اطار خطة طويلة الامد لتعزيز الأمن الوطني».
وكشفت المصادر الاميركية «عن مزيد من الاسماء ستُدرج تباعا حتى مطلع آب المقبل بناء على تعليمات ترامب الى وزارة الخزانة، وستضم القائمة المزيد من القياديين في «حزب الله»، بالتعاون مع شركاء الولايات المتحدة الدوليين منها الدول الـ 17 الاعضاء في مركز استهداف تمويل الإرهاب».
العقوبات على قادة «حزب الله» حسابات اقليمية
لا تأثير او تغيير في الواقع الداخلي
ابعد من ادراج العقوبات الاميركية والسعودية على حزب الله التي طاولت أعضاء مجلس الشورى من اعلى الهرم الى اسفله، بدءا من الامين العام السيد حسن نصرالله والشيخ نعيم قاسم، تارة في خانة ردات الفعل على نتائج الانتخابات النيابية واخرى في اطار الرسائل التحذيرية الموجهة الى السلطة عشية تشكيل الحكومة في محاولة لاقصاء الحزب عن الحكم، تؤكد اوساط سياسية ان لا علاقة للعقوبات التي باتت معهودة، ولم تغير شيئا في الواقع السياسي اللبناني منذ لحظة صدور الدفعة الاولى منها، بالاستحقاقات اللبنانية، الا من زاوية التذكير بوجوب احترام والتزام مبدأي النأي بالنفس وسحب بساط محاولة حزب الله فرض شروطه في التشكيل وحصر المهمة بالسلطة من خلال منحها ارجحية توزيع الحقائب.
وتعتبر ان مجمل العقوبات التي فُرضت على الحزب بدءا من توصيفه بالارهابي وصولا الى تحديد الاسماء القيادية لم ترتبط يوما بتطورات السياسة اللبنانية الداخلية، بل بقيت مربوطة بالتوقيت الاميركي والخليجي وحساباته الدولية والاقليمية البعيدة المدى. فواشنطن والرياض تدركان تماما تعقيدات الواقع السياسي اللبناني واشكالية وجود حزب الله المسلح وامتداداته العابرة للحدود التي اعلن الرئيس ميشال عون ان حل وضعه ليس بيد الدولة اللبنانية كونه مرتبطا بواقع اقليمي يعجزان هما بما يملكان من قدرات عن حله، فكيف بالاحرى بلبنان الغارق في ازماته على المستويات كافة؟
واذ تشير الى ان لا داعي للقلق جراء العقوبات، تلفت الى انها لا ترى جديدا فيها ولا تتوقع اي تداعيات بفعلها على لبنان السياسي، اذ ان الجميع مدركون لمبدأ وجوب التعاطي على اساس المساكنة مع الحزب الى حين بلوغ مرحلة الحل الاقليمي التي سترسي التسوية الكبرى لازمات المنطقة وحزب الله من ضمنها كأحد اذرع ايران العسكرية، وتبعا لذلك فهم يفصلون بين وجوده كمكون سياسي اساسي في الداخل غير ممكن تجاهله، لا سيما بعد الانتخابات النيابية التي اكدت التأييد الشعبي الواسع له في بيئته الشعبية بعدما منحته مع حركة امل 26 نائبا من اصل 27، وبين العقوبات المتجهة تصاعديا في حقه في الخارج. وتؤكد ان كل القوى المناوئة للحزب سلمت بمبدأ المساكنة الضرورية لابقاء مظلة الاستقرار مفتوحة فوق لبنان وتجنيبه شظايا الانفجارات في دول الجوار.
وعليه، تلفت الى ان المصلحة الوطنية العليا تفرض على الاطراف السياسية كافة ابقاء الامور على حالها وانجاز الاستحقاقات البرلمانية والحكومية على قاعدة مراعاة ما انتجته صناديق الاقتراع، بعيدا من العقوبات على الحزب الذي لا يرى تأثيرا عليه جراءها، فلا حسابات لديه في المصارف، على حد تعبير كبار قادته، خصوصا ان العقوبات لا تُقرن بمراسيم تنفيذية او خطوات عملية بل تبقى مجرد قوانين لا اكثر. ولا داعي لتحميل الامور لبنانيا اكثر مما تحتمل، او تضخيمها بحيث تصبح عرضة للاستغلال والتوظيف في مجال تشكيل الحكومة، بحجة ان من لا يؤيد مطالب الحزب يُدرج في خانة العدو المؤيد للسياسة الاميركية – الخليجية التي تستهدف لبنان. وتنصح في هذا المجال بإلابقاء على الانتظام المؤسساتي المعمول به حاليا والذي كفل تحقيق الكثير من الانجازات منذ انتخاب الرئيس ميشال عون حتى الساعة.