فيما الصمت يُخيّم على اجواء المسؤولين المعنيين بإدارة المرحلة المقبلة إزاء سلسلة العقوبات الاميركية – الخليجية التي تصدر تباعاً على شخصيات وكيانات بارزة في «حزب الله» وشركات مرتبطة بتمويله، لاسيما المعني المباشر بها «حزب الله» بدأت تُطرح خلف الكواليس وجدران الدوائر الحزبية والسياسية جملة تساؤلات اقرب الى الهواجس تحت عنوان «كيف سيواجه لبنان الرسمي «هجمة» العقوبات التي يبدو ان وتيرتها ستزداد في الايام والاشهر المقبلة؟ وهل يُمكن القفز فوقها وتجاهلها عشية انطلاق ورشة تجديد «حلّة» المؤسستين التشريعية والتنفيذية بعد انجاز الاستحقاق الانتخابي؟
لا شك ان مهمة الرئيس سعد الحريري في تشكيل حكومة العهد الاولى (باعتبار ان مسألة تكليفه باتت شبه محسومة) لن تكون سهلة مع صدور رزمة العقوبات. هي اصلاً متّجهة نحو التعقيد نتيجة الشهية المفتوحة والمُبكرة لدى معظم القوى السياسية في حجز حقائب محددة، فتأتي العقوبات معطوف عليها عدم «التمييز» بين الجناحين العسكري والسياسي بعدما جرى تصنيفه بالارهابي في مرحلة سابقة، لتزيد الطين الى تعقيدات التشكيل بلّة.
صحيح ان هذه العقوبات ليست بجديدة على «حزب الله»، اذ دأبت الادارة الاميركية على اختلاف من يتولاها سواء الديموقراطيون او الجمهوريون على اصدارها على دفعات انسجاماً مع تصنيفها له بالتنظيم الارهابي، الا ان الحديث في توقيتها لبنانياً، عشية انطلاق رحلة تشكيل الحكومة خلق جدلية اذ كيف ستضم الحكومة وزراء يُمثّلون حزباً يعتبره الغرب وبعض الدول العربية ارهابياً في وقت تقود هذه الدول حملات عسكرية لمحاربة التنظيمات الارهابية واخرى اقتصادية-مالية لتجفيف مصادر تمويلها؟
بحسب مصادر سياسية مطّلعة، فإن «الرحلة ستصطدم بحواجز عدة لعل ابرزها «تصلّب» «حزب الله» اكثر في مسألة حصته الوزارية بعد صدور العقوبات. فبرأيها «ستسلك الضاحية مساراً متشدداً في مفاوضات التشكيل، بحيث تصرّ على حصّة وازنة في الحكومة العتيدة بحصولها على حقيبة سيادية-خدماتية تُترجم مواقف الامين العام السيد حسن نصرالله بان الحزب سيتّجه الى الانخراط اكثر في الدولة وتعزيز المشاركة في وضع السياسات الاقتصادية والمالية ومحاربة الفساد».
غير ان المصادر نفسها اشارت في المقابل الى «ان هامش «التصلّب» لن يكون واسعاً امامه كثيراً، باعتبار ان الحزب المُحاصر في دائرة الضغوط الدولية اكثر فاكثر بحاجة لضمان غطاء الشرعية والمكوّنات السياسية من خلال وجوده في الحكومة. فالاسراع في تشكيل حكومة تتولى مفاوضات «تخفيف» وهج العقوبات عنه دولياً وعربياً يصبّ في مصلحته، خصوصاً ان معظم القوى السياسية حليفة كانت ام على خصومه تؤكد ان «حزب الله» مكوّن اساسي في النسيج الوطني ووجوده في الحكومة يعكس مبدأ الشراكة»، مرجّحةً «ان يلجأ «حزب الله» الى توزير شخصيات مقرّبة منه لا تشملها العقوبات لتجنّب تأخير التأليف، كما ستلجأ قوى اخرى مشاركة في الحكومة الى إسناد حصصها الوزارية الى اصحاب الخبرة ووضع الرجل المناسب في المكان المناسب، لان وضع البلد الاقتصادي والمعيشي لا يحتمل «ترف» الشروط والشروط المضادة والمواقف المتصلّبة».
واعتبرت المصادر «ان الحقائب السيادية، لاسيما تلك التي يتعاطى عبرها لبنان الدولة مع المجتمع الدولي، كالدفاع والاتصالات والداخلية، لن تكون من حصّة «حزب الله»، خصوصاً في ضوء «التحذير» الذي نُقل عن مسؤول في وزارة الخزانة الاميركية بعدم اسناد «حزب الله» حقائب اساسية يستطيع من خلالها تعزيز قبضته على لبنان».