Site icon IMLebanon

فرص إحياء اتفاق معراب شبه معدومة… التأليف عالق في عنق زجاجة الازمة

أسبوع جديد ينضم الى اسلافه في عمر محاولات تشكيل الحكومة الحريرية الثالثة والاولى للعهد، كما اكد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، منذ تكليف الرئيس سعد الحريري في 24 ايار الفائت، من دون ان تسجل خطوات جدية ملموسة من شأنها اخراج المسار من عنق زجاجة التأزم. لا بل ان مجمل الخطوات التي سجلت في اتجاه احراز تقدم تنكفئ تدريجيا لمصلحة التأزم والعرقلة ما دفع رئيس مجلس النواب نبيه بري العائد من اجازته الصيفية الى وصف الوضع بـ»أكثر من سيئ»، ملوّحا بامكان توجيه دعوة الى جلسة عامة للمجلس النيابي لمناقشة الوضع، في سابقة تكاد تكون الاولى من نوعها في مجال الجمود الذي يحكم عادة تشكيل الحكومات. بيد ان عودة الرئيسين بري والحريري والوزير جبران باسيل، يفترض ان تحرك المياه الراكدة في مستنقع التشكيل او على الاقل تظهّر المسار الذي ستسلكه الأمور على خطي الأزمة الحكومية من جهة والمواجهة بين التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية من جهة اخرى، من خلال اجتماعات تعقد على المستوى الرئاسي خلال الساعات المقبلة، تحت عنوان التشاور في المستجدات الدراماتيكية ومحاولة انقاذ ما تبقى من هيكل العلاقات المتصدع بين القوى السياسية وتداعياته السلبية على عملية تشكيل الحكومة خصوصا، وعلى العهد عموما من خلال استنزاف رصيده.

غير مقفل بالكامل

ومع ان رئيس القوات سمير جعجع  ما زال متمسكا بآخر الحبال التي تمنع سقوط التفاهم، مؤكدا بذل اقصى الممكن لاعادة ترتيب الامور، ومتحدثا عن اشارات ايجابية من الوزير باسيل، فإن ساعات اليوم الاولى بعد العودة لم تبرز جديدا على هذا المستوى.

وفي هذا المجال، تحدثت مصادر متابعة عن ان المستوى الذي بلغه التأزم بين الطرفين بات يتطلب الكثير من الجهد، حتى لجمع جعجع- باسيل كما تمنى الرئيس عون اثر زيارة رئيس القوات الى بعبدا، ذلك ان مكان عقد اللقاء يشكل في حدّ ذاته اشكالية. الا ان افق المصالحة المأمولة لا يبدو مقفلا بالكامل. ففيما استوقفتها عودة التّهدئة الى نبرة «إعلام» الحزبين، تحدثت المصادر عن لقاءات عقدت في نهاية الاسبوع واخرى ستعقد بين معنيين بـ»تفاهم معراب» وحريصين على اعادة بث الروح فيه. وفي السياق اشارت المعلومات الى ان الوزير باسيل، الذي يغادر بيروت مجددا خلال الساعات المقبلة طلب من النائب ابراهيم كنعان التواصل مع وزير الاعلام لاعادة تحريك خطوط الحوار مع القوات.

التفاؤل المستدام

وسط هذه الاجواء، وفي اول موقف من عملية تأليف الحكومة بعد عودته من إجازته العائلية، قال الرئيس الحريري: «متفائلٌ دائما ولكن لا تعليق».

واشار ردا على سؤال عن تسريب «تفاهم معراب»، «يتشاجر الاخوة دائما ومن ثم يتصالحون».

وأفادت المعلومات ان الحريري أوضح ان المشكلة أصبحت معروفة وهي عند الآخرين ورئيس الجمهورية العماد ميشال عون مع اعادة تحريك خطوط التهدئة لان البلد بحاجة الى حكومة وهم مسؤولون عن ايجاد مخرج واعادة الامور الى نصاب الحوار السياسي الذي يصب في خانة التشكيل.

من جهته، وفور عودته الى بيروت فتح الرئيس بري ابواب عين التينة امام مشاورات سياسية مع مختلف الافرقاء، واستقبل للغاية وفدا من كتلة نواب بعلبك – الهرمل. اثر اللقاء قال الوزير حسين  الحاج حسن «اننا كحركة امل وحزب الله اكثر فريق يسهل تشكيل الحكومة وأقل فريق لديه مطالب». واوضح ان «الرئيس بري قلق من تأخر التأليف كما جميع اللبنانيين».

أما الوزير غازي العريضي الذي زار ايضا عين التينة، فغادر من دون الادلاء بأي تصريح واكتفى بالقول «الرئيس بري مسؤول».

كاغ تعود وزيرة

في مجال آخر، ابلغ رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وزيرة التجارة الخارجية والتعاون التنموي في هولندا سيغريد كاغ التي جالت على المسؤولين، ان الحكومة المقبلة ستولي عناية خاصة بالشأن الاقتصادي واستكمال عملية مكافحة الفساد، وذلك بالتزامن مع معالجة سائر المسائل التي تهم اللبنانيين في ظل الاستقرار الامني الذي تنعم به البلاد منذ اكثر من سنة ونصف السنة.

ورحب بالتعاون القائم بين لبنان وهولندا في المجالات الاقتصادية والتجارية، مؤكدا الحرص على تفعيل هذا التعاون وتطويره في المجالات كافة. وشكر لهولندا مشاركتها في مؤتمرات دعم لبنان التي انعقدت في روما وباريس وبروكسل، مقدرا الاستعداد الذي ابدته الوزيرة كاغ لاستضافة بلادها مؤتمرا لمتابعة ما توصل اليه المشاركون في مؤتمر «سادر» الذي انعقد في باريس. أما الوزيرة كاغ، التي شغلت قبل تعيينها في منصبها الوزاري، منصب ممثلة الامين العام للامم المتحدة في لبنان، فعبّرت للرئيس عون عن سعادتها للعودة الى بيروت وزيرة للتجارة الخارجية في بلادها، مستذكرة الظروف التي عملت خلالها في بيروت. وهنأت رئيس الجمهورية على نجاح الانتخابات النيابية وقرب تشكيل حكومة جديدة.

وعرضت لموقف بلادها الداعم لتعزيز التعاون مع لبنان في مجالات عدة، لاسيما في الشأنين الاقتصادي والزراعي لمواجهة التداعيات التي سببها نزوح السوريين الى لبنان منذ العام 2011، ولخبرة هولندا في مجالات التجارة والتدريب الزراعي، مؤكدة ان لبنان قادر على لعب دور ريادي في المنطقة لاسيما عند بدء عملية اعادة اعمار سوريا.

البخاري في موقعه

من جهة ثانية، وردا على المعلومات الصحافية التي تحدثت أمس عن استدعاء القائم بالاعمال السعودي وليد البخاري الى المملكة تمهيدا لتعيين ديبلوماسي جديد (ضابط برتبة لواء) مكانه في بيروت، تمنى مصدر مقرب من السفارة السعودية على وسائل الاعلام توخي الدقة قبل نشر اي خبر يتعلق بالقائم بالاعمال السعودي في لبنان الموجود في مكتبه ويتابع عمله كالمعتاد، على حد تعبير المصدر.

فرص احياء اتفاق معراب شبه معدومة

في حصيلة المواقف التي صدرت في اليومين الماضيين عن ميرنا الشالوحي ومعراب، يمكن استنتاج ان التفاهم الذي وُقّع بين الجانبين منذ عامين تقريبا، وقررت على اساسه «القوات اللبنانية» دعم ترشيح العماد ميشال عون لرئاسة الجمهورية، سقط في شكل شبه تام، ولم تبق منه الا المصالحة المسيحية – المسيحية التي أرساها، بعدما أظهر الطرفان حرصا مشتركا على الحفاظ عليها.

«التيار» يشرح موقفه..

وتأكيدا لهذه القراءة، تقول مصادر في التيار الوطني الحر إن كانت لاتفاق معراب ظروفه ومعطياته وقد تبدّلت بقوة اليوم. اضافة الى ان «القوات اللبنانية» لم تلتزم بما تعهّدت به لناحية دعم العهد والوقوف الى جانبه، فعارضت وزراءه وعرقلت عملهم في غير محطة، من دون ان ننسى ترحيبها باستقالة الرئيس سعد الحريري من الرياض، قبل ان ترفع الصوت في وجه مرسوم التجنيس الذي وقعه رئيس الجمهورية شخصيا.

وعليه، بات من الضروري، مع تمسّكنا بالمصالحة، وضع هذا التفاهم ككل على الطاولة، والانطلاق نحو اتفاق «سياسي» جديد مع «القوات اللبنانية»، على ان يحصل ذلك بعد الانتهاء من عملية تأليف الحكومة.

… والقوات توضح موقفها

في المقابل، ترفض معراب هذه الاتهامات. وتقول أوساطها لـ وكالة الانباء «المركزية» إنها ساندت العهد في كل سياساته الكبرى وتوجّهاته الاستراتيجية، لكن هذا شيء، والعمل في الملفات الحياتية اليومية شيء آخر. فمعارضتُنا لمشاريع لم نر فيها ما يخدم الدولة والمواطن، يجب ان يُعدّ خدمة للعهد، لا خطوة ضده. وتتابع: «رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل أعلن شخصيا انه وحزب الله مختلفان على بند «قيام الدولة» الوارد في تفاهم مار مخايل المبرم بينهما. أليس من المستغرب ان يُبقي على الاتفاق هذا ولا يعيد النظر به على رغم التباعد بين طرفيه في مسألة جوهرية بهذا الحجم، فيما يقرر التخلي عن اتفاق معراب لان «القوات» عارضت صفقة البواخر وملفات معيشية محددة»؟! ثمة اذا، ما هو مخفي في موقف باسيل، تضيف اوساط القوات، الذي يبدو قرر الانتفاض على التفاهم بعدما أخذ منه ما يناسبه، وبعدما لمس ان حجم القوات اللبنانية الشعبي والسياسي يكبر، وهدفُه تطويقها ومحاصرتها لحسابات سياسية – شخصية…

وعلى رغم التشنج السائد، تقول مصادر سياسية مطّلعة إن التواصل بين عرابَي التفاهم، النائب ابراهيم كنعان ووزير الاعلام ملحم الرياشي، لم ينقطع وهو مستمر عبر لقاءات واتصالات بعيدا من الاضواء، لتبريد الساحة ومحاولة ترتيب لقاء بين قيادة الحزبين. وتشير الى ان ثمة مساعي أخرى تبذل في الموازاة لرأب الصدع، من قِبل بكركي، التي تحاول أيضا ترطيب الاجواء لانقاذ الاتفاق المسيحي – المسيحي. ومن غير المستبعد في هذا السياق، أن يتحرك سيّدها ليس فقط على خط التيار – القوات، بل أن يحاول ايضا توسيع اتصالاته فيجمع الاقطاب المسيحيين الاربعة، لتثبيت مناخات التعاون والتنسيق والتهدئة في البيت المسيحي ككل.

وفيما مآل هذه الجهود «التوفيقية» غير واضحة كون المشهد معقدا الى حد كبير، تقلل المصادر من فرص نجاح «إحياء» تفاهم معراب، وتقول ان جل ما يمكن توقعه هو وقف التصعيد بين طرفيه خدمة للمصلحتين المسيحية والوطنية. وفي رأيها، سينعكس التشنج، اذا بقي على حاله، سلبا على عملية تأليف الحكومة العتيدة، خصوصا أن الرئيس الحريري سبق وأظهر تفهما لمطالب معراب، فيما لا يمكن المرور مرور الكرام على الرسالة التي وجهها أمين عام مجلس النواب عدنان ضاهر، بعد تركه منصبه، الى النائب السابق أنطوان زهرا، مشيدا به وبأدائه، اذ قد تشكل ضمنا، من حيث توقيتها والمضمون، دعما غير مباشر من عين التينة لموقف «القوات» في الكباش الناشئ بينها وبين التيار، تختم المصادر.