IMLebanon

لاءات الحريري الثلاث … الى من يعنيهم الامر

 

بعيدا من بيان كتلة «المستقبل» النوعي نسبة لما تضمن من مواقف في غير ملف، تقدم الى واجهة المتابعة السياسية موقف الرئيس المكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري في رده على مطالعة وزير العدل سليم جريصاتي الأخيرة. ذلك انه اتسم بقساوة غير معهودة عكست تشددا وثباتا جاءا مثابة رسالة «لمن يعنيهم الامر» بعدم الرهان على تراجعه عن مسلماته ومعاييره المعروفه للتشكيل وتحذير من محاولة المسّ بصلاحياته، وهو ما عكسته دعوته رؤساء الحكومات السابقين إلى اجتماع عقد بعد حديثه بساعات قليلة، اكد المؤكد لجهة قطع الطريق على اي خطوة في هذا الاتجاه.

ففي جملة مقتضبة ابلغ الحريري رسالته «لا أحد يُحدّد لي مهلاً إلاّ الدستور اللبناني، وأنا لستُ معنياً بما يكتبه أي وزير يريد أن يقدّم شرحاً قانونياً بمفهومه، وإلا فإننا سندخل في متاهة لن ننتهي منها، أنا الرئيس المكلّف وسأبقى مكلفاً، وأنا من يشكّل الحكومة بالتعاون مع فخامة الرئيس، ونقطة على السطر.»

من خلال تدوير الزوايا

النقطة التي أنهى الحريري عبارته بها وضعت حدا، بحسب ما تقول مصادر سياسية مطّلعة لمحاولات الالتفاف عليه وحشره لدفعه نحو خيار الاستسلام والرضوخ لشروط يحاول بعض القوى السياسية فرضها في التشكيل، مستندا الى تجربة «التنازلات» التي قدمها الحريري سابقا في سبيل مصلحة الوطن، فيتخلى عن مطالب حليفيه «الاشتراكي» و»القوات» ويلبي طموحات الفريق الاخر لحصص منفوخة وثلث معطّل. بيد انه بموقفه هذا حدد لاءاته الثلاث: لا مهلة لمهمتي، لا لتحريف الدستور ولا اعتذار، راسما خريطة طريق لمسار تعاطيه مع التأليف، فالمهل ليس جائزا تحديدها للرئيس المكلف ما دام هو الاكثر مصلحة في ولادة الحكومة في اسرع ما يمكن وكون تسميته من معظم الكتل النيابية للتشكيل، فيها ما يكفي من الثقة به لعدم المماطلة وانجاز مهمته الوطنية على اتمّ وجه. الا ان التأخير بحسب المصادر متأت من الحرص على تشكيل حكومة وحدة وطنية ورفض منطق العزل والاقصاء عبر حكومة اكثرية يمكن تشكيلها خلال ساعات. فحكومة الوحدة تفترض باعا طويلا ونفسا شاقا لبلوغها من خلال تدوير الزوايا وحل عقد حزم المطالب والشروط المتأتية من مختلف الكتل السياسية. وتبعا لذلك فلا مهل لتأليف الحكومة لا في ايلول ولا بعد 5 او 6 اشهر، والحكومة ستولد حينما تذلل العقبات من طريق ولادتها.

لا ترجمة عملية لها

اما تحريف الدستور باجتهادات ومطالعات من «عنديات» بعض الوزراء والفقهاء الدستوريين فلا مكان لها في قاموس الحريري وقد قالها بالفم الملآن. عند هذه النقطة تحديدا تتوقف المصادر لتقول ان الرئيس المكلف وجه رسالته ليس الى الوزير سليم جريصاتي فحسب بل الى الجهة التي طلبت منه الدراسة على الارجح، وهي تعلم سلفا ان لا ترجمة عملية لها لكنها تستخدمها في اطار التهويل والضغط لتلبية مطالبها، لا سيما بعدما اظهر الحريري تمسكا بعدم التشكيل على حساب الحلفاء.

رهان خاطىء

يبقى الاعتذار الذي يشكل آخر دواء يتطلع اليه «المعرقلون»، بحسب المصادر، فكل من يراهن عليه، يفترض ان يعيد حساباته بعد كلام الحريري امس، فهو لن يعتذر ولن يدفعه احد الى الاعتذار، لا سيما بعدما استعاد الزخم في الشارع السنيّ بوقوف رؤساء وقيادات وفاعليات الطائفة صفا واحدا خلفه، وهي خدمة مجانية قدمها هؤلاء للرئيس الحريري، يفترض ان يُشكروا عليها.